|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 70835
|
الإنتساب : Feb 2012
|
المشاركات : 312
|
بمعدل : 0.06 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
مرتضى علي الحلي
المنتدى :
منتدى العقائد والتواجد الشيعي
بتاريخ : 15-07-2013 الساعة : 07:22 PM
الشخصية الحقيقية للإنسان:
روح الإيمان التي أودعت في الإنسان هي الشخصية الحقيقية للإنسان, فقد ورد عنهم عليهم السلام:
أن للإنسان أربعة أرواح: روح الغضب, وروح القوة, وروح الشهوة, وروح الإيمان.
روح الغضب يشترك فيها مع الحيوان, وكذلك روح الشهوة, وهكذا روح القوة, أما الروح التي تميزه عن غيره من المخلوقات فهي روح الإيمان التي تمثل الشخصية الحقيقية له. في هذه الروح أودع الله تعالى جملة من الأساسيات التي يستطيع الإنسان بها تمييز الحقّ من الباطل, والحسن من القبيح. هنا اختلف المسلمون,
فقال بعضهم وهم الأشاعرة أن الإنسان عاجز عن تشخيص الحسن من القبح في الأشياء. ولا بدّ له أن يستعين بالشرع ليكتشف ذلك. فلا قبح ولا حسن إلا بمعونة الشريعة.
وقالت الإمامية أن الإنسان قادر على معرفة الحسن والقبح في الأشياء بغض النظر عن توجيهات الشريعة.
وهذا ما يشكل فرقاً مهماً في موقف هذه المسالك العقائدية من العقل ودوره في بناء العقيدة. نحن نعتقد بدور بالغ للعقل في هذه العملية, فهو قادر على الاستقلال في الفهم والتعرف على حسن الأشياء وقبحها, وبذلك يمكن الاستدلال على مبدأ التوحيد والنبوة وغيرها من المبادئ العقائدية. وبدون هذه الفكرة وهي (استقلال العقل بالحسن والقبح) لا يمكن الوصول إلى الفهم الصحيح للتوحيد والاثبات العلمي له ولبقية العقائد اللاحقة كالنبوة.
إن غاية ما يمكن الاستدلال به على صدق النبي هو المعجزة التي يأتي بها, وذلك لأننا نقول عادة:
أن من القبيح على الله تعالى أن يظهر المعجز على يد الكاذب, وهذا يستبطن اعترافاً مسبقاً بأن هناك قبيحاً ندركه قبل ثبوت نبوة النبي, أما لو كان الأمر كما يقول الأشاعرة, وأنه لا قبيح إلا ما قبحه الشرع, فكيف نحكم بقبح إظهار المعجزة على يد الكاذب والمفروض أننا نتحدث في مرحلة ما قبل ثبوت نبوة النبي وقبل ثبوت أوامر ونواهي للشريعة عن طريقه. كيف لنا أن نعرف القبيح من الحسن قبل أن يثبت لنا نبوة هذا النبي, وإذا لم تكن نبوته ثابتة إلى الآن كيف لنا أن نعرف قبح اظهار المعجزة على يد الكاذب؟ إذن.. مع ما يقوله الأشاعرة لا يمكن إثبات نبوة النبي عن طريق المعاجز.
نعم على ما يذهب إليه الإمامية يكون الأمر واضحاً إذ يكون هناك اعتراف مسبق بقدرة عقلية مستقلة في إدراك الحسن والقبح تقضي بقبح إظهار المعجزة على يد الكاذب ومن ثمّ يثبت صدق نبوة النبي.
بطلان قول الأشاعرة:
من الشواهد على بطلان قول الأشاعرة الذي يلغي دور العقل.. هو أن من يعيش في الغاب من القبائل البدائية, مع أنها لم تطلع على الشرائع الإلهية ولم يصلها شيء من التوجيهات الشرعية, هي مع ذلك تعيش وفقاً لجملة من القوانين, من يخون عقوبته كذا, ومن يقتل عقوبته كذا, هذا يعني أنهم يدركون أموراً لا بدّ أن يلتزم بها وأموراً لا بدّ من الابتعاد عنها, وهذا تعبير آخر عن الحسن والقبيح. فلو كان الإنسان فاقداً للشعور بالحسن، وفاقداً للشعور بالقبيح لما استطاع أبداً أن يقنّن أيّ قانون، ولما كان عنده أيّ موقف في الحياة، لكننا نجد أولئك أصحاب مواقف يكرهون شيئاً ويحبون آخر، فهم يشعرون أن أموراً معينة تدخل في الجيّد وأموراً أخرى تدخل في السيئ، هذا شاهد!
الشاهد الآخر:
إننا بأنفسنا لو عرض علينا بعض الأمور (غير المنسجمة مع الفطرة السليمة) وقيل هذا حلال أتتقبل نفوسنا ذلك؟ الشارع المقدس لو قال: يجوز لك سلب الآخرين حقوقهم, شيءٌ قبيح جداً، لا يتقبل الإنسان أن يفكر فيه فضلاً عن ارتكابه, المؤمن الذي يعيش هذه الحالة حتّى لو فُتح له المجال لا يفعل، هناك أمور نحن نشعر بقبحها، هذه لم تأتِ من الشريعة، الشريعة جاءت بدور مكمل، أما هذا فأساساً هو مركوز في داخل الفطرة. نرجع إلى حديثنا:
هذه النقطة _ نقطة الفطرة _ التي يرجعنا إليها أهل البيت عليهم السلام هي أسلوب أهل البيت عليهم السلام، أسلوب يثبت الناس على مبدأ أخلاقي من جهة ومبدأ عقائدي من جهة أخرى، لأن العقائد تنبثق من ذلك، وذلك ما نسميه (القبح والحسن العقليين) مسألة تُبحث في العقائد بشكل مفصّل، وهي محل خلاف بيننا وبين الأشاعرة.
|
|
|
|
|