عرض مشاركة واحدة

ابو مصطفى البهادلي
عضو جديد
رقم العضوية : 76794
الإنتساب : Dec 2012
المشاركات : 23
بمعدل : 0.01 يوميا

ابو مصطفى البهادلي غير متصل

 عرض البوم صور ابو مصطفى البهادلي

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : ابو مصطفى البهادلي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-07-2013 الساعة : 04:23 PM



[الأهتمام بالعلم]
واحاديث وصية رسول الله وتَرِكَته –كتاب الله والعترة- جاء في كثير منها لفظ (الثقلين) فُعبِّر عنها بــ(حديث الثقلين) وقد ورد أيضاً في ألفاظ مختلفة وأسانيد متعددة، منها: قال رسول الله صلى الله عليه وآله «ألا أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين: أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي».([1])
وقد أفرد السيد علي الحسيني الميلاني بحوثاً حول حديث الثقلين، تولى مركز البحوث العقائدية([2]) طبعها على شكل كراس صغير بعنوان (حديث الثقلين) متوفر على صفحات شبكة الإنترنت.. وهو بحث مختصر، موضوع بإسلوب علمي شيق، يجذب القارئ بعذوبة صياغته، ويضيف له المعلومة بجزيل مصادره، ننصح الأخوة بقرائته.
وإن كُنّا نأسف شديد الأسف على بعض شبابنا –الأغلب منهم- الذين لا نجد في قلوبهم لذة المطالعة والقراءة، ولا رغبة في التزود من علوم أهل البيت عليهم السلام، فساعاتهم – أي شبابنا- تائهة بما لا يستفيدون، وضائعة بما لا ينفعهم عند السؤال بين يدي الله تبارك وتعالى.. فيستيقظ احدنا صباحاً ويضع رأسه على الوسادة ليلاً وحينها يسأل نفسه: هل بالفعل إنتهى اليوم بتمامه؟ اربعة وعشرون ساعة بتمامها غادرتني؟ ام ان هذا كله مجرد حلم لا أكثر؟ ماذا قدمتُ لنفسي اليوم؟ هل قمتُ بعمل صالح؟ علم مفيد؟ وفي مقابل هذه الأسئلة يوجد سؤال حقيق بالفطن أن يُسلب لذة الراحة والنوم حينما يقدمه بين يدي نفسه: وكم أقترفتُ من الآثام اليوم؟ كبائر الذنوب وصغائرها، من غيبة وبهتان وكذب وحسد و..الخ، وكم ضاعتْ من الساعات لا أعرف كيف وأين انقضت؟ هذا إن اعتاد الفرد منا على سؤال نفسه ومحاسبتها قبل أن تُحاسَب!!
وفي عبارات جميلة وصياغة فنية رائعة وبحروف من ذهب يكتب شيخنا المقدس الكفعمي رحمه الله تعالى واصفاً ساعات اليوم وكيف تتجسم للإنسان في يوم الحساب، فيقول قدس سره: (يُنشر للعبد –عن- كل يوم أربع وعشرون خزانة، بعضها فارغة وبعضها ملآنة: فإذا فُتحت له خزانة الحسنات والمراضي والمثوبات، ناله من الفرح والسرور والبهجة والحبور، بمشاهدة تلك الأنوار، التي هي وسيلة عند الملك الجبار، ما لو وزع على أهل النار، لأدهشهم ذلك الفرح عن ألم السعار([3]) وإن فتحت له خزانة العصيان، والغيبة والبهتان، غشاه من نتنها وظلامها، وأصابه من شرها وآلامها، ما لو قسم على أهل النعيم، لنغص عليهم التنعيم، وإن فتحت الفارغة من الأعمال، الموصوفة بالتكاسل والاهمال، لِـحقه الحزن العظيم، على خلوها من الثواب الدائم المقيم).([4]) وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
إذ كنت أعلم علماً يقينا *فَلِمَ لا أكون ضنيناً بها
بأن جميع حياتي كساعة* واجعلها في صلاح وطاعة
وفي إطار الدعوة إلى العلم والتعلم؛ يقول صاحب الذكرى علي أمير المؤمنين عليه السلام: «يا كُمَيلَ بنَ زياد، إنّ هذه القلوبَ أوعيَة، فخَيرُها أوعاها، فاحفَظْ عنّي ما أقول لك: الناسُ ثلاثة: فعالِمٌ ربّانيّ، ومُتعلِّمٌ على سبيلِ نجاة، وهَمَجٌ رَعاع، أتباعُ كلِّ ناعِق، يَميلُون مع كلِّ ريح، لم يستضيئوا بنورِ العِلم، ولم يَلجأوا إلى ركنٍ وثيق»([5]) فإن دققنا النظر في هذا الحديث وأخذ منا وقتاً يسيراً في التأمل والتفكير؛ سنقف على حقيقة (الهمج الرعاع) نستعيذ بالله تعالى مِنْ أن نُدرج تحت صنفهم.
فَمَنْ هم الهمج الرعاع؟ هم: أتباعُ كلِّ ناعِق، يَميلُون مع كلِّ ريح.
كيف وصل بهم الأمر هكذا؟ لم يستضيئوا بنورِ العِلم، ولم يَلجأوا إلى ركنٍ وثيق.
أولاً: لم يستضيئوا بنورِ العِلم، فلم يكونوا من الصنف الأول (فعالِمٌ ربّانيّ) فالعلماء الربانيون هم الذين أستضائوا بنور العلم الذي ينير الطريق إلى الله تبارك وتعالى.. ثانياً: ولم يَلجأوا إلى ركنٍ وثيق، فلم يكونوا من الصنف الثاني: (ومُتعلِّمٌ على سبيلِ نجاة) لإن المتعلم يلجأ إلى ركنٍ وثيق أي الى العلماء فيقتفي أثرهم.. فيجلس المتعلم في مجالس درسهم وتحت منابر نُصحهم ووعظهم ويقرأ ما تخطه أناملهم.
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «الناس يغدون على ثلاثة: عالم ومتعلم وغثاء، فنحن العلماء، وشيعتنا المتعلمون، وسائر الناس غثاء»([6])والغثاء هو الهشيم الجاف الذي تراه فوق السيل، بمعنى المجتمع من هنا وهناك بلا علاقة وارتباط ومشابهة([7])، فشيعة علي عليه السلام حليفهم العلم إقتداءً بإمامهم أمير المؤمنين وسيد الموحدين الذي كان متعلماً وتلميذاً منذ أيام حياته الأولى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتزود من عِلْم النبي المرتبط بالعليم الأعلى، لم يفارق عليٌ منبرَ النبي وخطبه، ولم يتغيب عن مجالس درسه، وله مع النبي خلوات علمية ذكرها المؤرخون في كتبهم وأحصوها في مواضع شتى؛ فلم يترك علياً صلوات الله تعالى عليه الإرتواء من منهل الصفاء والنقاء حتى اليوم الآخر من حياة المعلم الأول رسول الله صلى الله عليه وآله، فعن عبد الله بن عمر قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي توفي فيه: ادعوا لي أخي،قال: فأرسلوا إلى علي عليه السلام فدخل فوليا وجوههما إلى الحايط وردا عليهما ثوبا فأسرَّ إليه والناس محتوشون وراء الباب فخرج علي عليه السلام، فقال له رجل من الناس: أسرَّ إليك نبي الله شيئاً؟ قال: نعم أسرَّ إلي ألف باب في كل باب ألف باب،فقال: وعيته؟ قال عليه السلام: نعم وعقلتُ».([8])
وكما كان متعلماً فهو العالِم الذي يدعو الناس للتزود من علمه، وقد تناقلت الأجيال كلمته الخالدة «سلوني قبل أن تفقدوني» التي لطالما كررها هنا وهناك، وفي هذا الموقف وذاك، وكان عليه السلام يتأوه بحثاً عن المتعلمين! ففي حديث طويل للإمام الصادق عن الإمام الباقر عليهما السلام يقول فيه: «.. ولم يجد جدي أميرُ المؤمنين عليه السلام حَمَلَة لِعِلمه حتى كان يَتَنفس الصُعداء ويقول على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين الجَوانح مني علماً جماً، هاه هاه، ألا لا أجد من يحمله، ألا وإني عليكم من الله الحجة البالغة».([9])
------------------
هوامش
([1] ) صحيح مسلم. باب من فضائل علي رضي الله عنه: ج7 ص123.
([2]) بادر مركز الأبحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني - مد ظله – إلى اتخاذ منهج ينتظم على عدة محاور بهدف طرح الفكر الإسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن، ومن هذه المحاور: عقد الندوات العقائدية المختصة، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكريها المرموقين، التي تقوم نوعا على الموضوعات الهامة، ولأجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الإنترنت العالمية صوتاً وكتابة، وأخذت طريقها للطبع والنشر على شكل كراريس تحت عنوان سلسلة الندوات العقائدية بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنية اللازمة عليها.(من مقدمة الكراس-بتصرف).
([3] ) السعار بالضم: حر النار وشدة الجوع أيضا، وسعرناهم بالنبل: أحرقناهم، قاله الجوهري
([4] ) الشيخ الكفعمي. محاسبة النفس: 39
([5] ) نهج البلاغة: الحكمة 147.
([6])المجلسي. بحار الأنوار: ج1 ص187.
([7]) السيد الشيرازي. تقريب القرآن: ج5 ص659. في تفسير قوله تعالى: { فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} سورة الأعلى: 5.
([8])المجلسي. بحار الأنوار: ج55 ص157.
([9])المجلسي. بحار الأنوار: ج3 ص225.

يتبع..


من مواضيع : ابو مصطفى البهادلي 0 سلسلة البحوث المنبرية : علي والقرآن
0 سؤال: موقع بيع الكتب الشيعية؟؟؟
0 القتل اسرع من ركض البراذين، ومن السيل إلى صِمره
رد مع اقتباس