عرض مشاركة واحدة

ابومحمد العلوي
عضو نشط
رقم العضوية : 76917
الإنتساب : Jan 2013
المشاركات : 164
بمعدل : 0.04 يوميا

ابومحمد العلوي غير متصل

 عرض البوم صور ابومحمد العلوي

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : ابومحمد العلوي المنتدى : منتدى القرآن الكريم
Waz6
قديم بتاريخ : 26-07-2013 الساعة : 02:58 PM


آية ...لا ينال عهدي الظالمين
بسم الله الرحمن الرحيم
(( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ))(سورة البقرة / الآية 124)
هذه الآية الكريمة من الآيات الدالة على عصمة أئمة اهل البيت(عليهم السلام) وفيها مطالب كثيره وبحوث نفيسة وبإذن الله تعالى سوف يتم التعرض بإيجاز الى بعض ما قاله العلماء في بعض مطالبها (واستغفر الله عن كل قصور وتقصير, فإنشاء الله هو غير متعمد وانما ناجم عن جهلي وقلة وعائي )
والان لنتعرض بإيجاز الى بعض المطالب المتعلقة بهذه الآية الكريمة عسى ان نصل بحول الله وقوته الى صوره من صور معاني هذه الآية الكريمة وكما يلي :
اولا ـ قوله تعالى : ((..قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ..))
فهنا المنصف يرى بوضوح من قوله تعالى: ((..قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ
إِمَاماً ..) ان الإمامة جعل الهي , وليس لنا امكانية وحق اختيار من نشاء منا وتنصيبه اماما علينا
قال الامام علي الرضا بن الامام موسى الكاظم بن الامام جعفر الصادق بن الامام محمد الباقر بن الامام علي السجاد بن الامام الحسين السبط بن الامام علي المرتضى بن ابي طالب (عليهم السلام):
هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الامه فيجوز فيها اختيارهم ؟
ان الإمامة اجل قدرا واعظم شأنه واعلى مكانا وامنع جانبا وابعد غورا من ان يبلغها الناس بعقولهم او ينالوها بآرائهم او يقيموا اماما باختيارهم .
ان الإمامة خص الله عز وجل بها ابراهيم الخليل(عليه السلام) بعد النبوة . والخلة مرتبه ثالثه وفضيله شرفه بها وأشاد بها ذكره فقال :
((اني جاعلك للناس اماما )) , فقال الخليل (عليه السلام سرورا بها
((ومن ذريتي)) , قال الله تبارك وتعالى : ((لا ينال عهدي الظالمين)) فأبطلت هذه الآية امامة كل ظالم الى يوم القيامة وصارت في الصفوة ,
ثم اكرمه الله تعالى بان جعلها في ذريته اهل الصفوة والطهارة فقال : ((ووهبنا له اسحاق ويعقوب نافله وكلا جعلنا صالحين()وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا واوحينا اليهم فعل الخيرات واقام الصلاة وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين))(سورة الانبياء/الآية 73)
فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها الله تعالى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال جل وتعالى : ((ان اولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين))
فكانت له خاصه , فقلدها(صلى الله عليه وآله ) عليا بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله فصارت في ذريته الاصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان بقوله : ((وقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله الى يوم البعث فهذا يوم البعث ))(سورة الروم/ الآية 56) فهي في ولد علي خاصه الى يوم القيامة اذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله)
(عن اصو الكافي ج1 كتاب الحجه)
والآن لفهم صوره من صور هذا المطلب نذكر ما يلي :
1ـ معنى من معاني الجعل الالهي
في الصحاح
جَعَلْتُ كذا أَجْعَلُهُ جعْلاً ومَجْعَلاً .
وجَعَلَهُ الله نبيَّاً ، أي صيّره .
وجَعَلوا الملائكة إناثاً ، أي سمَّوهم .
( الصحاح في اللغة ج1 ص93 (جعل) )
وقال الشيخ فخر الدين الطريحي (تفسير غريب القرآن ص451)
جعل يكون بمعنى : خلق ك‍ ( جعلنا من الماء )
وبمعنى : صنع ك‍ ( جعل الليل سكنا )
وبمعنى : صير ك‍ ( جاعلك للناس إماما )
و ( جعلناه قرانا ) قيل : بمعنى صيرناه
والجعل : التسمية أيضا قال تعالى : ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ) أي سموا ووصفوا
2 ـ الإمامة :
تمت الإشارة بإذن الله تعالى الى الإمامة في آية الطاعة المباركة وللمزيد من التوضيح نشير هنا الى ما يلي :
قال الامام علي الرضا بن الامام موسى الكاظم (عليهما السلام) :
ان الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين .
ان الإمامة اس الاسلام النامي وفرعه السامي .
بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيء والصدقات , وامضاء الحدود والاحكام , ومنع الثغور والاطراف .
الامام يحل حلال الله ويحرم حرام الله ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله ويدعو الى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنه والحجه البالغة
(الشيخ علي الرباني عن اصول الكافي ج1 كتاب الحجه)
قال العلامة جار الله الزمخشري في الكشاف :
الإمام اسم من يؤتم به على زنة الإله ، كالإزار لما يؤتزر به ، أي يأتمون بك في دينهم ..
قال الماوردي:
اما بعد , فان الله جلت قدرته ندب للامه زعيما خلف به النبوة وحاط به المله وفوض اليه السياسة ليصدر التدبير عن دين مشروع وتجتمع الكلمة على رأي متبوع فكانت الإمامة( الاحكام السلطانية ص3 (مقدمة الكتاب ) ـ للماوردي تصحيح محمد حامد الفقي عن الطبعة المصرية مكتب السلالم 1406هج )
قال الشيخ ناصر مكارم شيرازي ( الامثل في تفسير كتاب الله المنزل ج1ص366) :
الإِمامة ـ بعبارة موجزة ـ هي منزلة القيادة الشاملة لجميع المجالات المادية والمعنوية والجسمية والروحية والظاهرية والباطنية .
الإِمام رئيس الدولة وزعيم المجتمع ومعلم الأخلاق وقائد المحتوى الداخلي للأفراد المؤهلين .
فهو بقوّته المعنوية يقود النفوس المؤهلة على طريق التكامل .
وبقدرته العلمية يعلم الجهلة .
وبقوّة حكومته أو أية قوّة تنفيذية اُخرى يطبق مبادي العدالة
ـــــــــــــــــــــــــــــ*ــــــــــــــــــــ ــــــــــ*ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الفرق بين النّبوة والإِمامة والرسالة
قال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي :
يفهم من الآيات الكريمة والمأثور عن المعصومين ، أن حَمَلة المهمات من قبل الله تعالى لهم منازل مختلفة :
1 ـ منزلة النّبوة : أي إستلام الوحي من الله ، فالنبي هو الذي ينزل عليه الوحي، وما يستلمه من الوحي يعطيه للنّاس إن طلبوا منه ذلك .
2 ـ منزلة الرسالة: وهي منزلة إبلاغ الوحي ، ونشر أحكام الله , وتربية الأفراد عن طريق التعليم والتوعية .
فالرّسول إذن هو المكلف بالسعي في دائرة مهمته لدعوة النّاس إلى الله وتبليغ رسالته ، وبذل الجهد لتغيير فكري عقائدي في مجتمعه .
3 ـ منزلة الإِمامة: وهي منزلة قيادة البشرية ، فالإِمام يسعى إلى تطبيق أحكام الله عملياً عن طريق إقامة حكومة إلهية وإستلام مقاليد الأمور اللازمة . وإن لم يستطع إقامة الدولة يسعى قدر طاقته في تنفيذ الأحكام .
بعبارة اُخرى ، مهمة الإِمام تنفيذ الأوامر الإِلهية ، بينما تقتصر مهمة الرّسول على تبليغ هذه الأوامر . وبتعبير آخر أيضاً، مهمة الرّسول ، إراءة الطريق ، ومهمة الإِمام «الإِيصال إلى المطلوب» (إضافة إلى المهام الثقيلة الاُخرى المذكورة).
من نافلة القول أن كثيراً من الأنبياء كنبيّ الإِسلام عليه أفضل الصلاة والسلام حازوا على المنازل الثلاث، كانوا يستلمون الوحي، ويبلغون أوامر الله، ويسعون إلى أقامة الحكومة وتنفيذ الأحكام، وينهضون ـ بما لهم من تأثير روحي ـ بمهمة تربية النفوس(انتهى).
وقال سيد محمد حسين الطباطبائي(تفسير الميزان ج1ص154)
..الإمام هو الذي يقتدي و يأتم به الناس ، و لذلك ذكر عدة من المفسرين أن المراد به النبوة ، لأن النبي يقتدي به أمته في دينهم ، قال تعالى (( و ما أرسلنا من رسول ، إلا ليطاع بإذن الله ))(سورة النساء الآية 63) لكنه في غاية السقوط .
أما : أولا ـ
فلأن قوله: إماما ، مفعول ثان لعامله الذي هو قوله : جاعلك و اسم الفاعل لا يعمل إذا كان بمعنى الماضي ، و إنما يعمل إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال فقوله ، إني جاعلك للناس إماما ، وعد له (عليه السلام) بالإمامة في ما سيأتي ، مع أنه وحي لا يكون إلا مع نبوة، فقد كان (عليه السلام) نبيا قبل تقلده الإمامة ، فليست الإمامة في الآية بمعنى النبوة ذكره بعض المفسرين .
و أما : ثانيا ـ
.. أن قصة الإمامة ، إنما كانت في أواخر عهد إبراهيم (عليه السلام) بعد مجيء البشارة له بإسحق و إسماعيل ، و إنما جاءت الملائكة بالبشارة في مسيرهم إلى قوم لوط و إهلاكهم ، و قد كان إبراهيم حينئذ نبيا مرسلا، فقد كان نبيا قبل أن يكون إماما فإمامته غير نبوته .
و منشأ هذا التفسير وما يشابهه الابتذال الطارئ على معاني الألفاظ الواقعة في القرآن الشريف في أنظار الناس من تكرر الاستعمال بمرور الزمن و من جملة تلك الألفاظ لفظ الإمامة ، ففسره قوم: بالنبوة و التقدم و المطاعية مطلقا ، و فسره آخرون بمعنى الخلافة أو الوصاية ، أو الرئاسة في أمور الدين و الدنيا - و كل ذلك لم يكن - فإن النبوة معناها:
تحمل النبإ من جانب الله و الرسالة معناها تحمل التبليغ ، و المطاعية و الإطاعة قبول الإنسان ما يراه أو يأمره غيره و هو من لوازم النبوة و الرسالة ، و الخلافة نحو من النيابة ، و كذلك و الوصاية ، و الرئاسة نحو من المطاعية و هو مصدرية الحكم في الاجتماع و كل هذه المعاني غير معنى الإمامة التي هي كون الإنسان بحيث يقتدي به غيره بأن يطبق أفعاله و أقواله على أفعاله و أقواله بنحو التبعية ، و لا معنى لأن يقال لنبي من الأنبياء مفترض الطاعة إني جاعلك للناس نبيا ، أو مطاعا فيما تبلغه بنبوتك، أو رئيسا تأمر و تنهى في الدين ، أو وصيا ، أو خليفة في الأرض تقضي بين الناس في مرافعاتهم بحكم الله .
و ليست الإمامة تخالف الكلمات السابقة و تختص بموردها بمجرد العناية اللفظية فقط ، إذ لا يصح أن يقال لنبي - من لوازم نبوته كونه مطاعا بعد نبوته - إني جاعلك مطاعا للناس بعد ما جعلتك كذلك ، و لا يصح أن يقال له ما يئول إليه معناه و إن اختلف بمجرد عناية لفظية ، فإن المحذور هو المحذور، و هذه المواهب الإلهية ليست مقصورة على مجرد المفاهيم اللفظية ، بل دونها حقائق من المعارف الحقيقية، فلمعنى الإمامة حقيقة وراء هذه الحقائق .
والذي نجده في كلامه تعالى: أنه كلما تعرض لمعنى الإمامة تعرض معها للهداية تعرض التفسير، قال تعالى في قصص إبراهيم (عليه السلام): (( و وهبنا له إسحاق و يعقوب نافلة و كلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ))(سورة الأنبياء / الآية 73) ، و قال سبحانه: (( و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون ))(سورة السجدة / الآية 24) ، فوصفها بالهداية وصف تعريف ، ثم قيدها بالأمر، فبين أن الإمامة ليست مطلق الهداية ، بل هي الهداية التي تقع بأمر الله ، و هذا الأمر هو الذي بين حقيقته في قوله : (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء))( سورة يس / الآية 83) , و قوله : (( و ما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ))( سورة القمر/ الآية 50 )، و.. في الآيتين أن الأمر الإلهي و هو الذي تسميه الآية المذكورة بالملكوت وجه آخر للخلق ، يواجهون به الله سبحانه ، طاهر مطهر من قيود الزمان و المكان خال من التغير و التبدل و هو المراد بكلمة - كن - الذي ليس إلا وجود الشيء العيني ، و هو قبال الخلق الذي هو وجه آخر من وجهي الأشياء ، فيه التغير و التدريج و الانطباق على قوانين الحركة و الزمان..
و بالجملة فالإمام هاد يهدي بأمر ملكوتي يصاحبه ، فالإمامة بحسب الباطن نحو ولاية للناس في أعمالهم ، و هدايتها إيصالها إياهم إلى المطلوب بأمر الله دون مجرد إراءة الطريق الذي هو شأن النبي و الرسول و كل مؤمن يهدي إلى الله سبحانه بالنصح و الموعظة الحسنة ، قال تعالى: (( و ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء" و يهدي من يشاء ))(سورة إبراهيم / الآية 4) ، و قال تعالى: في مؤمن آل فرعون، (( وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ ))( سورة غافر / الآية 38 ) ، قال تعالى : (( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ))( سورة التوبة / الآية 122 )، و سيتضح لك هذا المعنى مزيد اتضاح .
ثم إنه تعالى بين سبب موهبة الإمامة بقوله: (( لما صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون)) الآية" فبين أن الملاك في ذلك صبرهم في جنب الله - و قد أطلق الصبر - فهو في كل ما يبتلي و يمتحن به عبد في عبوديته، و كونهم قبل ذلك موقنين ، و قد ذكر في جملة قصص إبراهيم (عليه السلام) قوله: (( و كذلك نري إبراهيم ملكوت السموات و الأرض و ليكون من الموقنين ))( سورة الأنعام / الآية 75 )، و الآية كما ترى تعطي بظاهرها: أن إراءة الملكوت لإبراهيم كانت مقدمة لإفاضة اليقين عليه ، و يتبين به أن اليقين لا ينفك عن مشاهدة الملكوت كما هو ظاهر قوله تعالى: (( كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم))(سورة التكاثر/ الآية 6 )و قوله تعالى(( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))(سورة المطففين/الآية 14 ) , (( كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ))(سورة المطففين/ الآية 15) - إلى أن قال - ((كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ))(سورة المطففين/ الآية 18)، ((َمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ))( الآية 19 )(( كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ))(الآية 20) , ((يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ))(سورة المطففين/ الآية 21) وهذه الآيات تدل على أن المقربين هم الذين لا يحجبون عن ربهم بحجاب قلبي و هو المعصية و الجهل و الريب و الشك، فهم أهل اليقين بالله ، و هم يشهدون عليين كما يشهدون الجحيم .
و بالجملة فالإمام يجب أن يكون إنسانا ذا يقين مكشوفا له عالم الملكوت - متحققا بكلمات من الله سبحانه - و قد مر أن الملكوت هو الأمر الذي هو الوجه الباطن من وجهي هذا العالم، فقوله تعالى: يهدون بأمرنا، يدل دلالة واضحة على أن كل ما يتعلق به أمر الهداية - و هو القلوب و الأعمال - فالإمام باطنه و حقيقته ، و وجهه الأمري حاضر عنده غير غائب عنه ، و من المعلوم أن القلوب و الأعمال كسائر الأشياء في كونها ذات وجهين ، فالإمام يحضر عنده و يلحق به أعمال العباد ، خيرها و شرها ، و هو المهيمن على السبيلين جميعا ، سبيل السعادة و سبيل الشقاوة .
و قال تعالى أيضا: (( يوم ندعوا كل أناس بإمامهم))(سورة الإسراء / الآية 71 ) و.. تفسيره بالإمام الحق دون كتاب الأعمال ، على ما يظن من ظاهرها ، فالإمام هو الذي يسوق الناس إلى الله سبحانه يوم تبلى السرائر، كما أنه يسوقهم إليه في ظاهر هذه الحياة الدنيا و باطنها، و الآية مع ذلك تفيد أن الإمام لا يخلو عنه زمان من الأزمنة، و عصر من الأعصار، لمكان قوله تعالى: كل أناس...
ثم إن هذا المعنى أعني الإمامة ، على شرافته و عظمته ، لا يقوم إلا بمن كان سعيد الذات بنفسه ، إذ الذي ربما تلبس ذاته بالظلم و الشقاء ، فإنما سعادته بهداية من غيره ، و قد قال الله تعالى: (( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى ))(سورة يونس / الآية 35 ).
و قد قوبل في الآية بين الهادي إلى الحق و بين غير المهتدي إلا بغيره ، أعني المهتدي بغيره ، و هذه المقابلة تقتضي أن يكون الهادي إلى الحق مهتديا بنفسه ، و أن المهتدي بغيره لا يكون هاديا إلى الحق البتة.
و يستنتج من هنا أمران:ـ
أحدهما: أن الإمام يجب أن يكون معصوما عن الضلال و المعصية ، و إلا كان غير مهتد بنفسه ، كما مر كما ، يدل عليه أيضا قوله تعالى: (( و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلوة ، و إيتاء الزكوة و كانوا لنا عابدين))(سورة الأنبياء / الآية 73 ) فأفعال الإمام خيرات يهتدي إليها لا بهداية من غيره بل باهتداء من نفسه بتأييد إلهي ، و تسديد رباني و الدليل عليه قوله تعالى: ((فعل الخيرات)) بناء على أن المصدر المضاف يدل على الوقوع ، ففرق بين مثل قولنا: و أوحينا إليهم أن افعلوا الخيرات فلا يدل على التحقق و الوقوع ، بخلاف قوله (( و أوحينا إليهم فعل الخيرات)) فهو يدل على أن ما فعلوه من الخيرات إنما هو بوحي باطني و تأييد سماوي .
الثاني: عكس الأمر الأول و هو أن من ليس بمعصوم فلا يكون إماما هاديا إلى الحق البتة.
و بهذا البيان يظهر: أن المراد بالظالمين في قوله تعالى، (( قال و من ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)) مطلق من صدر عنه ظلم ما ، من شرك أو معصية، و إن كان منه في برهة من عمره، ثم تاب و صلح .


من مواضيع : ابومحمد العلوي 0 أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام)
0 اقوال في الامام محمد الباقر(عليه السلام)
0 حديث الدار (حديث الانذار)
0 حديث المنزلة
0 قالوا في الامام جعفر الصادق(ع)
رد مع اقتباس