عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية جعفر المندلاوي
جعفر المندلاوي
مشرف المنتدى الثقافي
رقم العضوية : 68149
الإنتساب : Sep 2011
المشاركات : 6,661
بمعدل : 1.34 يوميا

جعفر المندلاوي غير متصل

 عرض البوم صور جعفر المندلاوي

  مشاركة رقم : 20  
كاتب الموضوع : د. حامد العطية المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-07-2013 الساعة : 03:42 AM


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تواصلا مع ما تم تداوله من آراء وتصورات من الاخوة الاكارم ،، عن صورة العراق عام 2040 ،، وتلبية للدعوة الكريمة في إثراء الفكرة ادناه بعض الملاحظات أظنها تقترب من موضوع البحث ،، مع التحية لصاحب الفكرة ولكل من يعمل لنهضة العراق من كبوته :

المقدمة
تمتاز الشخصية العراقية ، بلون من الخصوصية في مزاجيتها وعقليتها وتفكيرها ، تشكلت عبر مراحل تاريخ العراق بكل قسوته وطبيعة الصراعات التي مر بها وآثارها عليها ، حتى ان الاسكندر المقدونى الذي فتح العراق عام 331م شكى لإستاذه ارسطو الشخصية العراقية وانها صعبة المراس ، بقوله : (لقد اعياني اهل العراق، ما اجريت عليهم حيلة الا وجدتهم قد سبقوني الى التخلص منها، فلا استطيع الايقاع بهم، ولا حيلة لي معهم الا ان اقتلهم عن آخرهم). فرد عليه ارسطو ينصحه : (لا خير لك من ان تقتلهم، ولو افنيتهم جميعا، فهل تقدر على الهواء الذي غذى طباعهم وخصهم به).
وحال أمير المؤمنين عليه السلام ليس عنّا ببعيد مع هذا المجتمع وهو بلا شك أعدل حاكم عرفته البشرية حين إضطرته الظروف السياسية الى التمركز في الكوفة أيام خلافته ،، فيصفهم بقوله : (فَيَا عَجَباً ! وَاللهِ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيَجْلِبُ الْهَمَّ مِن اجْتِمَاعِ هؤُلاَءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَن حَقِّكُمْ! فَقُبْحاً لَكُمْ وَتَرَحاً حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً يُرْمى يُغَارُ عَلَيْكُمْ وَلاَ تُغِيرُونَ، وَتُغْزَوْنَ وَلاَ تَغْزُونَ، وَيُعْصَى اللهُ وَتَرْضَوْنَ! فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ (الصّيف) قُلْتُمْ: هـذِهِ حَمَارَّةُ الْقَيْظِ ، أَمْهِلْنَا يُسَبَّخُ عَنَّا الْحَرُّ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ قُلْتُمْ : هـذِهِ صَبَارَّةُ الْقُرِّ أَمِْهلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا الْبَرْدُ; كُلُّ هذَا فِرَاراً مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ; فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ تَفِرُّونَ ; فَأَنْتُمْ وَاللهِ مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ!يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلاَ رِجَالَ! حُلُومُ الاَْطْفَالِ، وَعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ وَلَمْ أَعْرِفْكُمْ مَعْرِفَةً، وَاللهِ، جَرَّتْ نَدَماً وَأَعَقَبَتْ سَدَماً (ذمّاً). قَاتَلَكُمُ اللهُ! لَقَدْ مَلأتُمْ قَلْبِي قَيْحاًوَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً، وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاساً، وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ وَالْخذْلاَنِ; حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ: إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِب رَجُلٌ شُجَاعٌ، وَلكِنْ لاَ عِلْمَ لَهُ بِالْحَرْب. / نهج البلاغة خطبة 27 ) . بلحاظ إن الحروب القاسية الثلاثة التي خاضها الامام ومقتله فيما بعد وأولاده كان في العراق .
وعلى مر التاريخ كان العراق مسرحا للصراع، إما في قضايا داخلية ، او مع دول أقليمية. وهذا ما أثرّ بشكل أو بآخر في إيجاد هذه الشخصية وتطبعه بتلك الطباع ، فهو سهل لدرجة الإنقياد وصعبٌ لدرجة التمرد .
فنحن الآن نبحث في كيفية تطويع هذا المجتمع بكل الوانه للنهوض بالعراق من كبوته ووضعه الحالي الذي لا يحسد عليه ، وهو منغمس في شجونه وشؤونه بعد أن وضعوه في دوامة من الصراعات وكثرة النكبات مما جعل العراقي لا يفكر سوى في لقمة عيشه وتوفير الآمن له ولعائلته .
وقبل الحديث عن العراق يجدر ان نشير الى بعض معطيات التاثير الدولي والاقليمي اللذان لهما بصمات واضحة شئنا أم أبينا لآسباب ليست غائبة عن الآذهان ، ولآن هذا التاثير سيمتد الى أمدّ غير قصير ، أو على الآقل الى ان تضمن تلك الدول مصالحها التي دعتها الى التدخل في الشأن العراقي .

الرؤية الامريكية لمستقبل العراق
لَم يكُن للتدخل الأمريكي في العراق سنة 2003 سوى فضيلة واحدة هي إسقاط النظام الديكتاتوري وإنهاء حكم البعث البائد ، ويُخطئ من يظن أكثر من ذلك ، بل الوقائع أثبتت أن هذا التدخل القى بالعراق في آتون الصراعات والتجاذبات الداخلية والاقليمية بعيدة المدى ما دامت الولايات المتحدة هي تمسك بخيوط اللعبة في العراق وفي الشرق الاوسط وفي العالم عموما .
وبما أن جماعات الضغط اليهودية لها كلمتها الفصل في القرار الامريكي الخارجي ، فستكون اسرائيل والادارة الامريكية حاضرتان في التأثير على مسار الاحداث في العراق ولزمن ليس بقليل - وخاصة وأنها ترى ان لها الفضل في إزاحة النظام الديكتاتوري من العراق - الاّ إذا شملتنا العناية الآلهية وتجاوزنا عنق الزجاجة الامريكية .
يقول هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الاسبق وعجوز دبلوماسيتها وعميدها ومنظرها لما يقارب من خمسة عقود ، والمؤثر الفاعل في قراراتها الخارجية بالخصوص تجاه العراق والشرق الاوسط ، ففي مقاله عن العراق المنشور في الواشنطن بوست ؛ يضع كيسنجر مسارات عمل الولايات المتحدة في العراق لمرحلة ما بعد الانسحاب الامريكي ، حيث يؤكد على محورية العراق في الشرق الاوسط وستراتيجيته طوال الالفية الماضية كلها وسيبقى كذلك للالفية الحالية ، بما له من موارد اقتصادية هائلة وضخمة جدا ومؤثرة على صعيده الاقليمي والدولي ايضا .
ويرى كيسنجر أن العراق تاريخيا وسيبقى مستقبليا يمّثل الخط الفاصل بين عالمي الشيعة والسنة في العالم الاسلامي ، بل انه البلد الذي يمر من خلال مركزه وعاصمته خط التوازن بين هذين القطبين ، وإن ما يحدث في العراق من متغيرات سيؤثر بشكل مباشر على التوازن النفسي لحركات الاسلام السياسي الثوري وبامكانه ان يحسم معركة الولايات المتحدة والعالم مع هذا الاسلام السياسي الصاعد ، في اشارة واضحة لتنامي القدرات النووية الايرانية .
وينهي هنري كيسنجر مقاله ببضع تصورات عن مستقبل العراق نوجزها بالآتي :
1 : كان ولم يزل العراق يشكل مرتكز التوازن بين ايران الشيعية وباقي دول الخليج الفارسي السنية ، وحتى عندما كان حكم السنة في العراق ديكتاتوريا على يد صدام حسين الا انه كان يوفر نوعا من التوازن مع ايران.
2 : لا يبدو ان العراق الديمقراطي القائم اليوم بامكانه ان يضمن حالة التوازن ضد ايران ، لاسيما ان استمر حكم الشيعة الاكثرية الذي لا يبشر بانه سيوفر نوعا من التوازن المطلوب أميركيا ضد ايران ، وباستمرار هذا الاكتساح الشيعي للحكم في العراق فلا يمكن الاتكاء على بروز توازن للسنة داخل العراق .
3 : اذا ما سارت الامور في العراق لصالح القوى العراقية الشيعية فسيؤثر على استقرار الشرق الاوسط ، وبالتالي يضع الادارة الامريكة امام خطر مواجهة الأتصال الشيعي العراقي الايراني لأعادة التوازن بين البلدين ، والا ستقع الكارثة.
تعليق:
هذا الكلام ينطوي على خطورة كون العقل الأميركي يلوح لامكانية إقناع سنة العراق في إعادة دورها المسلوب في الحكم مقابل حماية مصالح اسرائيل والولايات الأميركية لتعيد التوازن مع ايران ، ولا نستبعد ان يناط هذا الدور بالاكراد لكبح جماح القوة الشيعية الناهضة في العراق ، وبما ان ضمان المصالح الصهيونية وتفوقها العسكري في المنطقة ، يتوقف على إحداث أي تغيير يضعف القوة الشيعية ، فلا مانع من تهيئة أي بديل آخر يضمن لهم مصالحهم في المنطقة ، وواضح من خلال النقاط التي طرحت والمحاور التي اثيرت ان هناك سعي صهيوني - سعودي لحث الولايات المتحدة على تقبل فكرة (التوازن) في العراق وايجاد عراق يقف بالضد من الغول النووي الايراني الذي يرعب اسرائيل اليوم ، لا معه . فضلا عن اللعبة تتطلب تشويه الصورة الديمقراطية العراقية وربما وأدها خشية تاثيرها على المحيط الاقليمي للعراق .

دول الاقليم والعراق
إستكمالاً لدائرة التدخل الامريكي نشير الى التدخلات الاقليمية ، وأولى تلك المعطيات أن دول الطوق كلها ومعها اسرائيل لا يروق لها أي تقارب حقيقي بين العراق وايران اذا كان الشيعة في سدة الحكم في العراق ، وهذه واحدة من أهم أسباب التوتر والإرباك الذي يشهده العراق منذ 2003 الى الآن ، ومنها إفتعال الازمات وإلقاء اللائمة على الحكومة الشيعية ، والمشهد السياسي العربي الآن يبين ذلك بوضوح ، ليس في العراق فحسب بل وحتى في لبنان وسوريا والبحرين أيضا.
فتركيا وجدت في ضعف العراق (الشيعي ) وبدعم من الخليج ( السني) ، فرصة لإعادة مجدها الآفل وحلم الامبراطورية العثمانية الذي لا زال يراود العقل التركي ، وعادت تمارس دورا محوريا ضد ايران (دولة المذهب الشيعي) المنافس التاريخي العتيد لأخذ زمام المبادرة في المنطقة والخليج تحديدا.
ومن جانبها لعبت إيران تاريخيا أدوارًا مختلفة وفاعلة . ففي عصر الحضارات القديمة وصلت جيوشها إلى مصر الفرعونية واحتلتها مرتين. كذلك صمدت إيران أمام الغزو اليوناني الذي قام به الإسكندر الأكبر، كما أنها كانت دولة الشرق العظمى في مواجهة الروم في العصور الوسطى. وقد دخلت إيران الإسلام فعدلت الكثير وأضافت الكثير في الفقه والفكر الإسلاميين قبل عدة قرون من دخول المذهب الشيعي الاثنا عشري إليها في بداية القرن السابع عشر. ومن الناحية الجيو- سياسية تعتبر إيران دولة خليجية تمتد على طول الساحل الشرقي للخليج .
وقد واجهت إيران موقفًا استثنائيًا في رؤيتها لأمنها القومي عندما دفعت الولايات المتحدة بالعراق ليربك ثورتها الفتية من خلال الهجوم على إيران عام 1980، فكان ذلك في الواقع استفتاءً عالميًّا وإقليميًّا على مدى تقبل المنطقة والعالم لهذه الثورة. ولكن وبعد وقف الحرب مع العراق وانتهاء الحرب الباردة في تسعينات القرن الماضي بدأ نجم إيران الاستراتيجي في السطوع ، خاصة بعد تورط العراق في غزو الكويت وتعرضه لمسلسل العقوبات والانكفاء نحو الذات وكانت أقوى الضربات التي تعرض لها هي الحرب الاخيرة عام 2003التي أنهكت العراق تماماً.
كلّ هذه الاحداث خدمت أيران خدمة تاريخية ، فبعد ان أستبعد العراق من الساحة وظلّ الى الآن يداوي بجراحه ولم تندمل بعد ، أصبحت إيران هي اللاعب الأساسي في الملفات العربية بداية بالعراق ثم في لبنان وسوريا والخليج العربي، وحتى اليمن والمغرب العربي ، وأصبح الفشل الأمريكي في هذه الملفات يترجم إلى مكاسب إيرانية، بل ان النجاح اينما حالف الشيعة فان العالم يعزوه الى التأثير الايراني وقوة نفوذه في المجتمعات العربية.
لذا تطرح ايران نفسها كطرف فاعل في المنطقة بأسرها مقابل محاولات تقويض نظامها من قبل الولايات المتحدة ، فأصبحت القضايا الإقليمية محكومة بشكل أو بآخر بالعامل الإيراني فهو عامل حاسم في مستقبل العراق ، خاصة مع غياب الدور العربي تماما لإحتضان العراق ، بل بالعكس عمد بعض العرب على إقحام العراق بحرب طائفية وصراعات فئوية مرة باسم الدين ومرة باسم العروبة بتحريض من الولايات المتحدة واسرائيل ، حتى غدا العراق جسدا بلا روح .
وفي الجزء الجنوبي هناك حراك خليجي يعمل في الخفاء بقيادة السعودية للحيلولة دون نهوض العراق واستقراره في ظل الحكم الحالي .

المشهد العراقي من الداخل
إن أسوأ الآثار التي خلفتها الحرب الأخيرة على العراق أن عطلت وظائف الدولة العراقية الاقتصادية والسياسية والخدمية بعد حل المؤسسات العسكرية والأمنية مما أدت الى انهيار الوضع الأمني والعسكري والاقتصادي بشكل مخيف ، وظهور المليشيات المسلحة وقُوى تمارس العنف بالخفاء ، فضلا عن تحول العراق الى ساحة صراع دولي لتصفية الحسابات بين أجهزة المخابرات العالمية .
وأخطر تلك الآثار هو تراجع الهوية الوطنية مقابل تنامي الانتماءات الفرعية المذهبية والعرقية، والاعتماد على المحاصصة الطائفية والاثنية في ادارة البلاد، وانتشار الفساد بكل أشكاله السياسي والمالي والإداري، مع تفاقم العجز التام لأطراف العملية السياسية في حسن إدارة الشأن العام، أو إدارة الاختلافات المحلية في ظل غياب رؤية إستراتيجية شاملة للنهوض بالواقع العراقي.
ان التجاذبات السياسية والمصالح الفئوية والنظرة الضيقة لمصلحة العراق وضعف الشعور بالمسؤولية الوطنية للسياسيين العراقيين ، أدى الى ضعف أداء الحكومة المركزية وضعف مساحات التحرك لديها ، بلحاظ الضغوط والمصالح الدولية والاقليمية وإمتداداتها داخل العراق ، هذا الضعف في الادارة قد يؤدي بالقادة الإقليميين إلى فصل مناطقهم المستقلة ذاتياً تاركين العراق دولة بالاسم فقط، وقد لوّح البعض لهذا الخيار على منصات ساحات التظاهر في الانبار وصلاح الدين ، وهذا الاحتمال يمكنه أيضاً ان يؤدي إلى إراقة دماء إذا رفضت بغداد الاعتراف بهذه الحدود، أو إذا بدأت تلك الأقاليم في الاقتتال داخلياً على الأراضي المشتركة.
وإذا الامور خرجت من السيطرة لا سمح الله ، يمكن ان يحدث انقلاب من قبل بعض الشخصيات السياسية والمسؤولين العسكرين وبرعاية امريكية ايضا بزعم ان الحكومة الحالية تعرض البلاد للخطر ويجرى اعلان احكام خاصة والغاء الدستور لفترة طارئه مما يدخلها فى فترات عنف وتستمر دوامة العنف واى من هذه النتائج سيكون كارثيا على العراق وشعبه الذي يئن من ماساوية الوضع الامني المنفلت ، ولا زال منذ عقود يعطي الدماء ولا يوجد في الافق ما يجعله يطمئن لرؤية عراق خال من العنف ، دون الإلتفات الى من يحكمه ، فالقناعة التي وصل لها المواطن أن أمنحموني الآمان والخدمات ولا يهم من يكون في راس السلطة .
فضلا عن تراجع قيم الانتماء للوطن بحيث أصبح لدى معظم المواطنين إحساس بالغربة الداخلية بسبب عدم شعوره بحماية الدولة لأمنه وأمانه إلى جانب إحساسه بعدم حصوله على ثمار التنمية المفقودة وتنامي الكسب غير المشروع ، وغياب المشروع الوطني والاجتماعي الذي يستنفر الطموحات والجهود الوطنية نحو البناء والإنتاج مقابل التهميش والإقصاء السياسي وغير السياسي فسح المجال أمام الانحرافات والجرائم وتحقيق الكسب غير المشروع.

الرؤية الإستراتيجية ومتطلبات النهوض:
إن الرؤية الوطنية للنهوض بالواقع العراقي والاستراتيجية الوطنية يجب ان تتركزعلى :
1- البنية السياسية: من خلال تعديل الدستور وتلافى كافة النواقص والعيوب والثغرات الموجودة فيه حالياً وتنظيم قانون الأحزاب خصوصاً فيما يتعلق بتحديد مصادر التمويل للنشاط الحزبي وعدم السماح بالتسليح لأي قوة حزبية، وأن تكون الأحزاب سياسية غير مذهبية أو دينية أو أثنية.
2- البنية الاقتصادية: باعادة النظر بالاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط من خلال إعادة تأهيل وتنظيم (شركة النفط الوطنية) وتوسيع نطاق نشاطها الاستثماري، إلى جانب حصر استثمار وعوائد استثمار الحقول النفط العراقية بين الحكومة المركزية وإيقاف ومنع كافة أشكال السرقة أو التجاوز على الحقول النفطية والانابيب الرابطة والحقوق السيادية للبلد من قبل أي جهة كانت. وكذلك إعادة وتأهيل وإنتاج المصانع المعطلة وتوفير كافة مستلزمات تحديقها وتطويرها، وتحديد الصناعات التحويلية الجديدة مع الاستفادة من إمكانات وخبرات مؤسسات التصنيع العسكري وتحويلها إلى أنشطة صناعية مدنية. وإصدار القوانين والتشريعات اللازمة لحماية الصناعة الوطنية حتى تتمكن من الوقوف على قدميها ثم توسيع حصتها السوقية الداخلية ومن ثم الخارجية بعد أن تتمتع بالقدرة التنافسية اللازمة مع الصناعة الأجنبية.
ومن جهة اخرى ايلاء الزراعة اهتماما خاصا أفقياً وعمودياً من خلال التوسع في المساحات المزروعة وتشجيع زراعة الحبوب وخصوصاً القمح والشعير وباستخدام التكنولوجيا الحديثة لزيادة الإنتاجية، وتوفير كافة مستلزمات واحتياجات المزارعين للنهوض بهذا القطاع وكذلك قطاع الثروة الحيوانية وبما فيها السمكية.
واخيرا الالتفات الى البنية التحتية وقطاع الخدمات: وتشمل التعليم بكافة مراحله علماً بأنه يمثل مفتاح النهوض المستقبلي ، والنهوض بالقطاع الصحي وقطاع الإسكان والنقل والمواصلات، والصرف الصحي والمياه والكهرباء والقطاع المصرفي وغيرها.
3- البنية القانونية: إذا كان العدل تتضمنه القوانين والتشريعات فإن العدالة تعني تطبيق العدل، وهذا التطبيق يحتاج إلى جملة من الشروط بما فيها توفر الأجهزة القضائية والأمنية اللازمة لتطبيق القانون، لذلك فإن من أهم أولويات إصلاح ونجاح البنية القضائية هو استقلالها ونزاهتها وكفاءة القضاة وجدارتهم القانونية، وتوفر أجهزة أمنية مساندة ومنفذة للأوامر وقرارات السلطة القضائية، ولعل في مقدمة أولويات السلطة القضائية هو مجابهة الفساد بكل اشكاله مجابهة حازمة، والمساهمة في تحقيق الأمن والأمان للمواطنين.
4- البنية الاجتماعية: توفير شبكة الأمان الاجتماعي من خلال حزمة قوانين وتشريعات توفر الضمان الصحي والضمان الاجتماعي، والرواتب التقاعدية والإعانات الاجتماعية (للبطالة) وتحديد الأجور الدنيا والعليا – وتحديد سلم وفئات الرواتب وإلغاء كل أشكال التمييز في الدخول والمكافئات والحوافز والمناصب الإدارية إذا كانت تتعارض مع الاستحقاقات المنصوص عليها قانوناً وبما يضمن نزاهة وخبرة وكفاءة الجهاز الإداري الحكومي.
5- البنية العسكرية والأمنية.

التجربة اليابانية
هذه المرتكزات وما يتصل بها وغيرها،ستمكننا من صنع مستقبل مشرق. وخاصة اذا ما إعتمدنا التجربة اليابانية في النهوضوالتي تعد التجربة اليابانية رائدة في مجال النهوض بعد ان خططت وعملت واخلصت ، لرؤيتها الاستراتيجية : فوضعت شعارين لنهضتها (1- جيش قوي ليابان غنية) (2- تقنية غربية بروح يابانية) ، وذلك خلال الفترة (1868 – 1912) وفي عام 1868 بدأ إمبراطور اليابان بعد الاستعانة بحاشية قدرها (4000) شخصية متميزة من ذوي الاتجاهات المختلفة والمتنورة، بإعلان مبادئ بتاريخ 14/آذار/ 1868 وبنص الإعلان على:
أ) أولوية المصلحة العامة.
ب) المساواة بين اليابانيين.
ج) توحيد السلطتين المدنية والعسكرية.
د) البحث العلمي واكتساب الثقافة والتعليم العصريين من أي مكان في العالم.
هـ) استخدام التكنولوجيا والمعرفة في بناء ركائز الإمبراطورية اليابانية.

عوامل ايجابية :
1. تطلعات العراقيين لاستعادة دورهم الريادي والمتميز بين شعوب المنطقة وهو دافع معنوي ونفسي فعال بشرط استقرار الوضع السياسي وانخفاض حدة الانقسامات الطائفية والإثنية.
2. النمو السكاني الذي يعني اكتفاءاً في العمالة، كما سيوفر أحد الشروط الضرورية لنمو الاستثمارات ونشوء سوق محلية واسعة نسبياً للخدمات والمنتجات الوطنية.
3. وفرة الموارد الطبيعية ومن أهمها النفط بشرط ترشيد وتقنين الاستفادة منها والتوجه نحو استغلالها محلياً وتحويلها إلى منتجات صناعية بدلاً من تصديرها كمواد خام مما سيساعد في ايجاد قطاع صناعي نامي.
4. الأراضي المتاحة للزراعة والتي ينبغي تطوير وترشيد الزراعة فيها واعتماد المحاصيل وطرق الزراعة المناسبة في ضوء شح المياه واحتياجات السكان والأسعار العالمية.
5. تحلية مياه الخليج لاستعمالها في سد الاحتياجات المنزلية والصناعية.
6. وجود المراقد الدينية التي يقصدها الزوار وضرورة تنمية ما يسمى بالسياحة الدينية لتكون أحد مصادر الدخل والاستثمار والتوظيف كما هو حال الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية.
7. الاستفادة من موقع العراق الجغرافي وانشاء الطرق ووسائط النقل لتسهيل انتقال البضائع والافراد عبر الأراضي العراقية.
8. المرجعية الدينية (صمام الآمان) والتي وقفت على مسافة من كل العراقيين بلا استثناء ، فوجود المرجعية الواعية في العراق عامل مهم وحاسم في دعم عمليات النهوض لانها ترى أن كل ابناء الشعب العراقي في سفينة واحدة اسمها العراق وعلى الجميع حمايتها من الغرق.
----------------------------
ملاحظة : تم الاستفادة من البحوث التالية بتصرف :
- كيف ترى الولايات المتحدة مستقبل النظام فى العراق خلال المرحلة القادمة / شبكة البصرة تشرين الاول 2012/ فلاح ميرزا .
- رؤية استشرافية لمستقبل العراق / إعداد الأستاذ الدكتور ناظم محمد نوري الشمري.

توقيع : جعفر المندلاوي
إِلهي هَبْ لِي كَمَالَ الانْقِطَاع إِلَيْكَ، وَأَنْرِ أَبْصَارَ قُلوبِنَا بِضِياءِ نَظَرِها إِلَيْكَ
حَتّى تَخْرِقَ أَبْصَارُ القُلوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ إِلَى مَعْدِنِ العَظَمَةِ وَتَصِيرَ أرْوَاحُنَا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ
من مواضيع : جعفر المندلاوي 0 كلاب أدنى الأرض
0 عنوان الإباء (علي الأكبر)
0 شهيد السجن
0 الصحابة في ميزان الحسين
0 سرُّ الهدى
رد مع اقتباس