|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 50367
|
الإنتساب : May 2010
|
المشاركات : 299
|
بمعدل : 0.05 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
د. حامد العطية
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 01-10-2013 الساعة : 04:25 AM
الأخت الفاضلة نهر دجلة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمنيت لو وضعت تعليقك محل مقالي لأن مقالي مجرد سفسطة لا يغني ولا يشبع وما تفضلت به من حقائق هي الجديرة بالاهتمام والتقصي والتحليل. الكثيرون يشاطرونك الاستنتاج بوجود مشكلة جذرية تولدت منها كل هذه الظواهر المنحرفة وهي انحلال المنظومة القيمية للمجتمع العراقي وتشوه الشخصية العراقية نتيجة عهود القهر الطويلة والحروب الضروس والاحتلال الأجنبي والإرهاب والفقر والتخلف الثقافي. لو وقعت واحدة من هذه الأحداث الجلل على مجتمع لرأيته متصدعاً فما بالك عندما تجتمع كلها.
أتفق معك تماماً في أن التغيير في نفوس العراقيين مطلب ضروري وأساسي لحدوث التغيير المجتمعي المنشود، ولكن ما يحدث في العراق ليس بالضرورة عقاب رباني، فقد يكون ببساطة نتيجة منطقية لضعف الالتزام بالغايتين العظمتين للإسلام أي الإحياء والإصلاح واهمالهم للوسيلة الكبرى في تحديد وتصحيح مسار حياتهم وهي التعلم، بما في ذلك التعلم من الأخطاء، فاحتلال صدام للكويت نتج عن حربه على إيران وحرب تحرير الكويت لم تكن لتحدث لولا احتلال الكويت والحصار الاقتصادي هو ما كسبته أيدي العراقيين أيضاً ولولا ما حدث في الثمانينات والتسعينات لما وجد الأمريكيون وحلفاؤهم التبرير لاحتلال العراق والسعي إلى اضعافه وتقسيمه في 2003 ولأن أكثرية العراقيين اعتبروا الاحتلال الأمريكي تحريراً أو اختاروا عدم مقاومته وتركوا ذلك لمن هو غير جدير بهذا الشرف من إرهابيين وبعثيين فرض عليهم الأمريكيون نظاماً سياسياً مفسداً، وسعوا لايقاع الفرقة والعداوة بينهم تمهيداً لتقسيم بلادهم، باختصار العراق وأهله يحصدون ما زرعت أيديهم من أخطاء رهيبة، ولا عذر للعراقيين هنا بأنهم كانوا تحت سطوة حكم دكتاتوري ظالم، ففي 1968م استطاع صدام حسين ومعه زمرة من رفاقه الفاسقين قلب نظام الحكم واستلام السلطة، فأين كان المخلصون الطيبون من العراقيين؟ كانوا نياماً وقد أسلموا مصائرهم للمغامرين الأشقياء من أمثال صدام، وما أشبه حالهم اليوم بأحوالهم البارحة عندما سقط القصر الجمهوري بيد شرذمة من البعثيين، هم ساكتون على الرغم من الكوارث التي تقع على رؤوسهم كل يوم، وأقصى ما يتمنون أن يعود أحباؤهم إليهم آخر النهار على أرجلهم لا محمولين في التوابيت، هم ما زالوا نياماً على الرغم من الحرية والديمقراطية والزيارات المليونية.
أختي الفاضلة أنا من ألد أعداء القبلية سواء تلك الماكثة في الأرياف أو البوادي أو الزاحفة على المدن وكذلك العقلية البدوية التي ما زالت مهيمنة على فكر وسلوك الكثير من المدنيين، وقد ضمنت كتابي عن مدينتي الشامية وصفاً للمجتمع القبلي وسلبياته مما أثار سخط بعض أفراد عائلتي وعشيرتي الذين اطلعوا على محتوياته، وفي كتابي الانحرافات الأربعة جادلت بأن العرب فضلوا أو قدموا قبيلتهم وعصبيتها وأعرافها على قيم وأخلاقيات وشريعة الإسلام واعتبرت ذلك واحداً من الانحرافات الأربعة الكبرى التي اخرجت الدعوة الاسلامية من مسارها الصحيح، وحال العراق اليوم مثل أي مجتمع تترسخ فيه القبلية يتأرجح بين جاذبية قوتين: البداوة أو القبلية وأعرافها وتخلفها من جهة والمدنية المتحضرة والتي يقدم لنا الاسلام الأصيل أكمل نموذج لها من جهة أخرى، ونشهد في العراق الحاضر وكما بينت في وصفك الدقيق انحساراً للمدنية وتمدداً للقبلية بأبشع صورها، وفي تقديري المتواضع يبحث الفرد عن مقومات البقاء من آمن ووسائل عيش فلو وفرتها له المدنية لنفض عقله ويديه من أدران القبلية لكن كما تفضلت فما دامت الدولة فاسدة فمن المتوقع أن ينحرف مواطنوها، وهكذا سيبقى العراقيون يرقصون على حافات قبورهم ما دام قادتهم الذين صوتوا لهم ينقرون على طبول التخدير ويرددون الأهازيج القبلية والطائفية الفارغة.
معذرة على الاطالة ودمت بألف خير
أخوك
حامد
|
|
|
|
|