عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية عابر سبيل سني
عابر سبيل سني
شيعي حسيني
رقم العضوية : 63250
الإنتساب : Dec 2010
المشاركات : 6,772
بمعدل : 1.29 يوميا

عابر سبيل سني غير متصل

 عرض البوم صور عابر سبيل سني

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : عابر سبيل سني المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-10-2013 الساعة : 09:11 PM





- الدستور العثماني الحديث، انتصار مؤقت للحريّات:

وبعد اعادة صدور الدستور العثماني في عام 1908م، وصعود الاتحاديين للحكم في الاستانة (اسطانبول)، تشددت السلطات ازاء تجارة العبيد في ولاية الحجاز، امتثالا لبنود الدستور.

وصدر فرمان، نُشر في صحيفة تقويم الوقائع (Taqvim-i Veqayi) في الثلاثين من اكتوبر 1909م بالتأكيد على منع تجارة العبيد والتأكيد على حريتهم اياً كان لونهم او جنسهم – بحسب الدستور – وان اي مخالفة لذلك يُعد بمثابة جريمة يُعاقب عليها القانون.

لكن مع عام 1910م يفيد تقرير للخارجية البريطانية بأن تجارة العبيد في الحجاز كانت لا تزال رائجة – وان بإستتار- خوفاً من التشديد الحكومي الأخير. ويسمّي التقرير اسماء التجار الذين يعملون في تجارة العبيد في ميناء جدة، كان أبرزهم؛ سعيد قاسم الصعيدي، ووكلائه: باسودان الحضرمي، والصافي الحضرمي.

- ما بعد الثورة العربية؛ الشريف وتجارة العبيد:

وعادت التجارة للازدهار من جديد مع قيام الثورة العربية الكبرى التي انطلقت من مكة في 1916م ضد الاتحاديين. لكن الشريف حسين، ملك الحجاز وقائد الثورة، سيقوم بعد اقل من ثلاث سنوات – في عام 1919م- باغلاق سوق العبيد الشهير في مكة الذي يحمل اسم “دكة الرقيق”، وفي البدء في التضييق على نشاط التهريب.

وبزغت ازاء الترتيبات المحلية واغلاق اسواق ودكك الرقيق بدائل مبتكرة لبيع وتسويق العبيد في مدن الحجاز. كان العبيد بعد هبوطهم لأرض الميناء يوزَعون على منازل الدلالين في جدة الذين يقومون بدورهم ببيعهم سراً، لا في سوق او مزاد علني، وانما بالدلالة المباشرة.

وارتفع سعر العبد الذكر مع حلول عام 1921م في جدة الى ستين جنيهاً استرلينياً. اما العبدة المؤهلة بالقيام بأعباء المنزل فوصل سعرها الى مائة جنيه استرليني.



ومع ديسمبر 1921م عادت تجارة العبيد لسابق عهدها مع تراخي السلطات. ويفيد تقرير المايجور مارشال، قُنصل بريطانيا، الذي بعثه الى قيادة البحر الاحمر في بورسودان، بأنه لم تعد للحكومة الحجازية الهاشمية القُدرة على السيطرة على تجارة العبيد، ولا مُلاحقة المهربين، حد ان بعض رجال الجُمرك الفاسدين يُقدِمون بين فينة وأخرى على تلقي رسوم جمركيّة رسمية على شحنات العبيد، وآخرها شحنة قادمة من اليمن محمّلة بعشرين جارية حبشية – تماماً مثل الايام الخوالي قبل الدستور العثماني!

وبيع الشاب عثمان آدم -16 سنة- من قِبل آدم عبدالله البرناوي في جدة الذي كان قد احضره من سواكن للعمل معه ثم حينما تقاعس باعه بـ44 جنيهاً. وتم البيع بواسطة الشيخ محمد جبركاني احد شيوخ البرنو، فيما كان الدلّال الشيخ ادريس مالك الذي تحصّل على عمولة البيع ومقدارها أربع جنيهات.

كان من وجهاء الجاليات الافارقية المستقرّة في مكة من يتوسط ويعمل دلالاً في بيع العبيد المجلوبين من افريقية، وكثيراً ما كانوا يتخذون اساليب المراوغة والحيلة.

وفي موسم حج عام 1921م، اُختطف عبد مرافق لأحد ميسورات السودان وتدعى عيشة يوسف. اختطفه منها في جدة احمد محمد ابوبكر. وحين ارادت استعادته توسطت لدى شيخ البرنو في مكة محمد فونتامي الذي افادها بوفاة مالِك العبد، وان العبد اصبح من الآن ملكا للشريف ودفع لها تعويضا. وذهبت عيشة الى المدينة المنورة وتزوجت فيها، وحين عادت الى جدة وجدت عبدها السابق قد سُلّم من الفونتامي الى شيخ آخر للبرنو تمهيدا لبيعه لمصلحة الأول.

وفي رسالة من نائب القنصل في جدة للقيادة في بورتسودان بتاريخ 10 يناير 1922م، تفيد بوصول اعداد كبيرة من الاطفال الاثيوبيين المخطوفين للحجاز، وبشكل يومي. ورُصد في الأول من يناير وصول 37 طفل، وفي الثاني من يناير 45 طفل، وفي الرابع من يناير 5 اطفال. وصلوا جميعا من ميناء تاجورة في الصومال الفرنسية (جيبوتي)، حيث تم شحنهم بالسنابيك الى ميدي في اليمن عبر شيخ ميناء ميدي الشيخ عبدالمطلق، وفي ميناء حبل عبر الشيخ سعيد بن مساعد، احد وسطاء تجار عبيد الدنقلة بين سواحل ارتريا وتجار الحجاز.

وفي جدة كان يستقبل الاطفال المهربين السيد عبدالحميد ابن عبدالمطلوب بعد ان ترسو سنابيكهم في الرويس او جنوب جدة حيث مقبرة النصارى، خارج السور. وكان تهريب العبيد ممنوع رسميا لكن يجري غض البصر عنه مقابل رشوة مقدارها 3 جنيهات ونصف عن العبد.

وفي الحالات القليلة التي يجري اخطار السلطات بالعمليات وتقوم بمداهمتها، يجري اعتقال المتورطين عبر شرطة جدة المحلية.

وكان شيوخ تجارة العبيد في ميناء تاجورة – وهي احد مقاطعات جيبوتي الست: علي احمد، حسن محمد، داود خنبشي وجرّات العبلي.

وفزع الصحفي العربي/الامريكي أمين الريحاني ابان زيارته للحجاز وعسير في انحاء عام 1922م من تفشي داء العبودية.. فكتب وهو في تهامة تغلفه مشاعر الاحباط: “كنت أؤمل، على فرض وجود الرقيق والنخاسة، ان تكون الحكومة ناهضة للأمر متعقبة المجرمين، ساعية في محق هذه التجارة المستنكرة، الأثيمة، فوجدتها في الحجاز وعسير نائمة -وا اسفآه- او متناومة، او عاجزة. بل وجدت الحكومة أحيانا حليفة الرعاع”.

والى جانب دكّة الرقيق في سويقة، كان هناك دكك للرقيق في كل من المدينة والطائف، وسوق للرقيق في جدة على بعد خمسين مترا من دار القنصلية البريطانية. فيما كان سوق عرد في تهامة احد اعظم اسواق الرقيق، وكان سوق ميدي مركزاً لتصدير العبيد الى عقبة اليمن والعسير وجدة. يقول امين الريحاني: “واذا اراد أحد السادة الأدارسة شراء جارية حسناء يجئ الى ميدي فلا تضل خطاه ومناه”.

ووجد الريحاني بشئ من الأسف، “ان في الحجاز من يحللون ويحبذون النخاسة ومنهم من يأسف انها غير مستمرة ويلعن المراقبة البريطانية”.

وفي التاسع من مايو 1922م اخبر السير اوليفانت من الخارجية البريطانية الشريف حسين ان حكومة الملكة لن تدخل في اتفاقية ثنائية مع دولته ما لم تشدد القبضة ضد تجارة العبيد.

وفي رسالة من قائد البارجة كورنفلاور الى الشريف الحسين في 22 يونيو 1922م، نجده يدعوه للتعاون في الغاء العبيد من جديد.

الحسين ابدى امتعاضه من النظام الحالي للرق ولكنه كان يبرر بأنه كزعيم اسلامي يصعب عليه الغاء ما تجذر في الثقافة الاجتماعية للحجاز من شيوخ البادية وأعيان الحضر – فهو يكتفي بألا يُنكر ولا يؤيد. يقول المايجور مارشال، قنصل بريطانيا، انسجاماً مع تبريرات الحسين، بأنه يجب ان تكتفي حكومة بريطانيا بانتزاع ادانة أخلاقية من الحسين للرق.

واعتبر المايجور مارشال في رسالة الى الخارجية البريطانية في 29 مايو 1922م، انه ليس من الموضوعية الحكم الأخلاقي ضد الشريف ازاء ثقافة تجذرت في التربة الحجازية والعربية لقرون.

وكان من الاوروبيين في جدة من تورط في تلك الممارسة. فالقنصل الايطالي استقدم عبدة من ارتريا، وطبيب هولندي معروف يقيم في جدة اشترى جارية حبشية في نوفمبر 1921م مقابل سبعين جنيهاً ذهبياً استرلينياً.

وتعاونت السلطات المحلية في الحجاز مع الطلبات البريطانية لتحرير رعاياها – يعود ذلك لنشاط وزير خارجية الحجاز، الشيخ فؤاد الخطيب.

وكان القنصل البريطاني يرسل بأسماء وجوازات من يعتقد انهم تجار للعبيد، للخارجية الحجازية التي كانت ترد على الاستفسارات بشكل فوري.

في السادس والعشرين من ديسمبر 1922م، اشتبه القنصل بخمس تجار يحملون الجواز الحجازي من اصول حبشية كانوا في اتجاههم عبر ميناء جدة الى عدن: سراج بن بكر، عربو بن محمد، محمد وحمزة بن ثاني، وعلي بن عبدالله – وكلهم في عقد الثلاثينات، ولكنه عاد وأكد انه لا يملك اي دليل ادانة ضدهم.

وكان كثير من مهربي العبيد في تلك الفترة أحباش يحملون جوازات سفر حجازية يحصلون عليها بالحيلة او بالرشوة، مثل علي بن عبدالله الحبشي، حامل جواز حجازي رقم 11/1060 بتاريخ 26-6-1341هـ.

وصالح بن ابراهيم الحبَشي، حامل جواز حجازي رقم 3/237 بتاريخ 14/1/1342هـ. واسمه الأصلي صالح ابراهيم تراب، والده ابراهيم تراب، حبشي يحمل الجنسية الفرنسية، من كبار تجار العبيد في تاجورة. كان صالح قد هرّب الى جدة في يونيو/يوليو 1923م، مائة وثلاثين عبداً، منهم ستون امرأة، تتراوح اعمارهم ما بين 10 و 25 سنة، عبر سنبوك “فتح الخير” الذي يملكه علي محمد من خوخة اليمانية، حيث استلم شُحنتهم احد اخوته الصغار في جبل الشِحر باليمن، وانتقل بها صعوداً على ظهور الجمال الى جدة حيث التقاه اخوه صالح ووالده ابراهيم الذي التحق بهما من ميناء مصوّع. وقد بيع عبيد ابراهيم تراب المجلوبون الى جدة بأربعين الى سبعين جنيه للفرد.

كانت السلطات الفرنسية تحاول الحد من التجارة البغيضة المنطلقة من سواحلها. وقبض على المُهرب ادريس بن عبدو الحبشي، حامل جواز حجازي رقم 2/200 بتاريخ 11 المحرم 1342هـ، حال وصوله الى ميناء جيبوتي، وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات مع خمسة تجار حبوش آخرون يحملون جوازات حجازية كان من ضمنهم صالح تراب الذي تلقى حكماً بالحبس مدته ثلاث سنوات.

وفي مايو 1923م، لاذ آدم بن يحيى من أهل الفاشر الى القنصلية البريطانية.

جاء آدم لمكة في 1917م وهو لايزال طفل حر تم خطفه من بلاده، وبيع الى رئيس شرطة مكة منصور بن زاهر، وظل يعمل في خدمته ست سنوات، وحينما طلب منه اعتاقه او بيعه، باعه على احد شيوخ حجاج الجاوا من المكيين، ثم استرده واخبره بانه سيبيعه لشخص اكثر وجاهة على أمل اعتاقه. وفي غضون ذلك التحق به في مكة عمه عبدالله بن محمد، والشيخ جبريل وكلاهما من وجهاء الفاشر، سعياً منهما لضمانه واثبات أصوله الحرة.

في السادس والعشرين من مايو 1923م، قدّم وزير خارجية الحجاز فؤاد الخطيب اعتذاره للحكومة البريطانية واعتمد اخلاء سبيل آدم للسودان على الفور.

- القنصل البريطاني بولارد - عهد من الترصد لمقتني العبيد:

عُيّن ريدر بولارد قنصلاً ومعتمداً بريطانياً في جدة في يونيو 1923م وبقي معتمداً حتى حصار السعوديين لجدة، قبل ان يترك منصبه لنائبه المستر جوردان، قبل سقوط جدة بأشهر معدودة في يد جيوش ابن سعود.

كان بولارد سادس معتمد قنصلي رفيع يجري تعيينه في الحجاز بعيد اندلاع الثورة العربية الكبرى التي تحالف فيها شريف مكة مع البريطانيين.. ولم يكن بولارد مثل القناصل المخضرمين الذين جرى تعيينهم عقب الثورة مباشرة، من امثال الكولونيل سيريل ويلسون، الذين عبّروا عن تجربة طويلة وعميقة في فهم الذهنية الشرقية واحترام مطامح العرب وتطلعاتهم. بولارد، على النقيض، كشف عن موقف عدائي اتسم دوماً بالصلف والتكبر الاستعماري.

اشتهر بولارد بمعاندته لمطامح الشريف السياسية حتى اتسعت الهوة بينهما، واتخذ من حوادث اقتناء وانتهاك معاملة العبيد مدخلاً واسعاً لملاحقة الشريف واعوانه وكبار التجار في الحجاز، وان كان من الانصاف ان نذكر ان كثيراً من مواقفه اتسمت -ولو ظاهرياً- بالإنسانية. بولارد لاحقاً في مذكراته التي حملت عنوان: “الجِمال يجب ان ترحل” (The Camels Must Go)، اعترف بأن الوضع بين الحسين وبريطانيا “كان مثالاً من امثلة العداء بين الشرق والغرب. وهو عداء كثيرا ما ينشأ بسبب ان كل طرف من الطرفين ينظر الى الأمور من وجهة نظر مختلفة”.

وتُظهر وثائق الخارجية البريطانيّة، ان بولارد انتظر عاماً كاملاً قبل ان يتبنى النبرة الضارية ضد اقتناء الحجازيين للعبيد.. يعود ذلك لموقف الشريف حسين المتعنّت ازاء توقيع الاتفاقية البريطانية-الحجازية الذي كان يتطور بشكل طردي.

كان الشريف حسين، يشعر بابتزاز البريطانيين له في تسييسهم لموضوع الرقيق على اراضيه. واضطر الحسين الى مواجهة ما لمس بأنه استغلال سياسي لموضوع الرقيق من قبل البريطانيين، بتسييس مُضاد.

وفي حادثة شهيرة، أمر فوراً باعتاق عبد سوداني فقط حينما كان بائعه المتورط سوداني آخر يحمل الرعويّة البريطانية، يريد بذلك خلق انطباع للبريطانيين بأن ممن يمارس تجارة العبيد أيضا ممن ينضوون تحت رعويتهم، وان ذلك لا يقف على رعايا الحجاز.

ولربما نجح الشريف في خلق ذلك الانطباع، حد ان القنصل بولارد في رسالة منه الى رمزي ماكدونالد، وزير الخارجية البريطاني(ورئيس الوزراء البريطاني فيما بعد) في الحادي عشر من يونيو 1924، أقرّ بأن الرعايا البريطانيون من هنود مكة يمارسون بيع وشراء العبيد في مكة وجدة مثل الرعايا الحجازيين تماماً، وهو يستأذن منه استدعائهم جميعا من مكة فرداً فرداً للتبيّن ما ان كان من يعمل في دورهم عبيد ارقاء حقاً ام مجرد عمال أحرار يعملون بالأجرة.

بولارد اقترح بدوره ان تمنح التابعيات الحجازية، للمطالبين بها من المهاجرين الهنود القدامى في مكة، دون ندم او تردد، كونهم قد استعرقوا في الحجاز بما يكفي، وانصهروا في تركيبة المجتمع الحجازي حتى انهم باتوا يمارسون أغاليظهم الاجتماعية ذاتها، بحسب تعبيره.

وبدأ الحسين، مع معاندة البريطانيين له في مطالبه بتسويات عادلة في كل من سورية وفلسطين، بالتعنت ازاء قبول القنصليات الأجنبية لأي لاجئين من العبيد.

وفي احد المراسلات بين حكومتيّ الحجاز والخارجية البريطانية كانت تعترض الأخيرة على الرسوم الجمركية المفروضة على العبيد في ميناء جدة، فجاء الرد في جهة أخرى تماماً حول ضرورة تقديم تسوية عادلة في سورية ضد الانتداب الفرنسي.

وخفت نشاط لجوء العبيد الفاريّن من ملاّكهم الى القنصليات الأجنبية، لتعنت السلطات الحجازية ازاء ذلك.

لكن في الخامس من اغسطس 1924م لجأت امرأة تدعى “مؤمنة” مع ابنتها الصغيرة وهي من اهل السودان الانجليزية الى دار الاعتماد البريطاني (القنصلية) في جدة تطلب تحريرها وترحيلها الى وطنها – خارقة بذلك السكون الطويل. ومؤمنة كانت قد وصلت الى مكة قبل عام عن طريق بائعها في جدة محمد باعقومة وهو سوداني. فارسل بولارد الى الشريف حسين في مكة في 13 اغسطس لاصدار اوامره الى قائم مقامه في جدة لتحريرها.

باعقومة كان قد فلت من الاعتقال في جيبوتي الفرنسية وعاد الى جدة من جديد حيث قبض عليه في قضية بيع امرأة اخرى حتى ان القنصل البريطاني عبر عن استيائه من تراخي الفرنسيين عن ضبط سواحلهم في رسالة امعتاض وجّهها الى القنصل المؤقت الفرنسي في جدة السيد كلال وهو من اصل جزائري. فارسلت الخارجية الفرنسية من باريس رسالة الى السفير البريطاني في باريس في 23 سبتمبر 1924م للتفاهم المشترك حول التعاون بين قنصلية البلدين في جدة للحد من تجارة العبيد.

كان الحسين في أواخر عهده حاسماً في منع قبول القنصليّات الأجنبية في جدة لأي حالة لجوء من الرقيق، مع وعود صارمة منه بملاحقة المهربّين. ونحن كلما اقتربنا من لحظة تنحي الحسين عن العرش ورحيله الى المنفى نلمس ازدياد حساسيته ازاء القضايا “السيادية”. يقول بولارد الذي عاصر آخر ستة عشر شهراً للشريف حسين وهو في العرش، كمعتمد قنصلي في جدة: “طيلة ستة عشر شهراً قبل تنحي الشريف حسين، فقط امرأة واحدة لجأت للقنصلية بطفلها [وهي مؤمنة السودانية] – البقية كانوا يرتعبون من الحسين ومن قبضته الحديدية وكانوا لايجرؤون على الاقتراب منا”.

واخذت قضية اختطاف فتاتين جاويّتين مسيحيتين وتهريبهما لمكة أبعاداً دولية. الفتاتان كانتا في طريقهما الروتيني لأحد جزائر ارخبيل الملايو، لكن سمساراً حضرمياً اعترض طريقهما واختطفهما الى سنغافورة ومنها الى مكة، حيث بيعتا بمقابل 500 جنيه استرليني للفتاة، لندرة الجاريات الجاوّيات آنذاك وشدة الطلب عليهن. ووصلت الفتاتان، كما تشير وثائق الخارجية البريطانية، الى نفر من آل شيبي، وان كنّا لا نعلم بالبيع ام بالاهداء – وآل الشيبي من اقدم عائلات مكة وأكثرها وجاهة بعد عائلة الشريف. وحينما وصل الأمر للسفارة الهولندية اخطرت بدورها فؤاد الخطيب، وزير الخارجية الحجازي، الذي اصيب بانهيار عصبي جرّاء ذلك الخبر، كونه يأتي في وقت حرج على الدبلوماسية الحجازية التي كانت تواجه خطراً حدودياً عسكرياً محدقاً يشي بزوال دولتها. ومرر الخطيب الخبر بطريقته للشريف حسين، وكان الخطيب يريد تخفيض الخسائر الدولية، فاستشاط الشريف غضباً واعتذر بحرارة للهولنديين وامر باطلاق الفتاتين وبتوبيخ المتورط من آل الشيبي بشكل معلن وصارم، لرغبته في اظهار ان عدالته تنسحب على الجميع.

وبعد تنازل الشريف حسين، ورحيله الى المنفى، تقاطر العبيد الى مبنى القنصلية البريطانية في جدة طلباً للعتق والترحيل الى بلادهم الأصلية. يؤكد بولارد في وثيقته التي حررها من 16 صفحة الى وزير الخارجية البريطاني: “لحظة رحيل الحسين الى منفاه بميناء العقبة تقاطر العبيد على القنصلية البريطانية، مع أقلية ارترية لجأت للقنصلية الايطالية”.

وفي الثامن عشر من ديسمبر 1924م حررت القنصلية البريطانية فردين لجئا اليها، بعثتهما الى ارتريا عبر جيبوتي، وكانا: بشير (واسمه الحقيقي ارصوره) عمره 12 سنة، ومالكه السابق: الشريف عبدالله مهنّا، وفرج (واسمه الحقيقي عنبر عبدالله) من اهل الفاشر في الطرف البريطاني-المصري ومالكه السابق: احمد الصبحي من عربان قبيلة حرب، وقد وصل الى سواكن في 25 ديسمبر 1924م، بعد عشرين عاما قضاها في إسار العبودية.

واذا كان الشريف حسين، في آخر سنواته، قد تعامل مع دعاوي اطلاق العبيد ولجوءهم للقنصليات الأجنبية بجدة بحساسية شديدة، فاننا نلمس في المقابل نبرة اعتذارية من افراد طاقمه الوزاري والاداري المقرب.

ونلاحظ وجود محاولات نبيلة من فؤاد باشا الخطيب وزير خارجية الحجاز، وعبدالملك الخطيب سفير (مُعتمد) الحجاز بمصر، وناجي الأصيل، سفير (مندوب) الحجاز في لندن، وأبناء الحسين؛ علي وفيصل وعبدالله، لطي ملف الرق في الحجاز.. لكن جهودهم بعثرتها أولويات أخرى منها القضية الحدودية مع ابن سعود وشبح الحرب الذي كان يخيّم على الأجواء، وتضعضع الاوضاع الأمنية في نواحي القبائل الحجازية الساخطة على سلطة الهاشميين خارج المدن المركزية، وتأجيل توقيع الاتفاقيات بين البريطانيين والحكومة العربية الهاشمية في الحجاز نتيجة تصلّب الحسين حول بعض البنود التي كان يراها تخدش سيادته على الاراضي العربية وتخل بوعوده لأهالي فلسطين وسورية.

وفي اغسطس 1924م تورطت امرأة مكيّة في قضية تهريب للرقيق تناولتها الصحافة الدولية بشئ من الاثارة. كانت تلك السيّدة المكيّة تمكث في جاوى، عند احد عائلاتها المحلية الميسورة التي استعانت بها لتعليم بناتها اللغة العربية وتعاليم الإسلام، وحينما همّت للعودة لمكة طلبت منها العائلة ان تصطحب معها احدى بناتها لتقضي فريضة الحج معها، لكن السيدة عند وصولها الى مكة ادعت ان الفتاة من أملاكها وعاملتها على هذا الاساس. ووصل اخو الفتاة المختطَفة للحج، وحاول سراً تهريبها لكن السلطات اوقفته في بحرة (في الطريق بين مكة وجدة) واعادت الفتاة لمنزل سيدتها التي تمسّكت بها.

كانت صحيفة الديلي كرونكل البريطانية قد نشرت في السادس من نوفمبر 1924م، عبر مراسلها الجديد في البحر الأحمر – ومقره السويس، مستر جورج رينويك، تقريراً لافتاً تحت عنوان ساخط: “رعايا بريطانيون عبيداً للعرب” .. كشف فيه عن ممارسات الخطف التي تجري في الاراضي البريطانية في آسيا وافريقيا لعبيد يُباعون في الجزيرة العربية. وذهب التقرير الى ان تلك التجارة انما “تحظى بتشجيع ملكي من الحسين.. حيث ان احد وزراء حكومته يملك وحده 14 عبداً.. بل ان الحسين، نفسه، وهو في طريقه الى منفاه اصطحب معه عبيده الأفارقة”.

وارسل السيّد ناجي الأصيل الى السيد ماليت في الخارجية البريطانية، رسالة يعبّر فيها عن استيائه عما قرأه في صحيفة الدايلي كرونكل عن تجارة العبيد في الحجاز.. مؤكداً موقفه الشخصي المناهض لتجارة العبيد ومعلنا ترحيبه للتعاون مع وزير الخارجية الجديد في اضافة بند في اتفاقية الحجاز وبريطانيا تُبطل ممارسة العبودية.

لكن مكة كانت اثناء ذلك قد سقطت في يد جيوش الإخوان ضداً على حكامها الهاشميين الذين تراجعوا الى حصون جدة. وتواصلت القنصلية الهولندية مع الخارجية السعودية وممثلها آنذاك الشيخ فؤاد حمزة، الذي كان يواجه امتحانه الدولي الأول في قضية الرقيق الحجازي، فوافق على الفور على اطلاق سراح الفتاة الجاويّة لكنه امر بتسوية لمصاريف سكن ومعيشة الفتاة في مكة تُدفع لسيّدتها.

وفي عام 1924 صعد نجما: المنشي احسان الله وهو مسؤول قنصلية بريطانيا في مكة، والسيد يوسف خان من وجهاء مكة من أصول هندية، وكانا يقاومان، بكل استنارة، ممارسة الرق في مكة.

ومع انتقال الحكومة الهاشمية من مكة الى جدة، وانتقال العرش من الحسين الى ابنه علي، بدأت مساعي بولارد لملاحقة ملاّك العبيد في الحجاز تأخذُ أبعاداً دولية.

ومع بدايات حصار جدة ارسل بولارد رسالة الى الحاكم المدني لولاية البحر الاحمر هاويل اسك، في 20 يناير 1925م، يخبره انه لن يقوم باستقبال اي من العبيد اللاجئين الى دار القنصلية على الفور كونه لايريد ان تمتلأ القنصلية بالعبيد الفارين في وقت حرب مما سيعقد المساعي الدبلوماسية، لكنه في المقابل سيتقيد بما نصت عليه اتفاقية بروكسل الأخيرة في الغاء الرق، باعتاقهم واطلاقهم احراراً في جدة – ولكنه اعترف بعدم جدوى ذلك كون العبيد المعاتيق يعودون الى ملاكهم السابقين تحينا لأفضل فرصة لترك الحجاز الـى بلادنهم الأصليّة.

واعلن بولارد بأن اول مسألة سيفاتح فيها ابن سعود عند سقوط جدة هي حثّه على الغاء العبودية. لكن بولارد اعترف بضعف موقفه التفاوضي، كون التقارير الصادرة مؤخرا من جنوب افريقيا تفيد بمهازل يقيمها ابناء جلدته البيض ضداً على السود، لكنه قرر انه سيركّز علـى قضية الغاء الرق في الحجاز من منطلقات انسانية صرفة لا مُسيّسة.

وكان بولارد يتنبأ بسقوط جدة الحتمي في يد جيش الاخوان، وهو لم يكن يخفي بغضه للعائلة الهاشمية في الحجاز.

واعترف بولارد بأن الملك الجديد علي بن الحسين، كان نظرياً اكثر تحررا وانفتاحا من والده، وبانه ضد تجارة العبيد.

وكان علي، قد استهل ولايته الدستورية على ما تبقى من اراضي الحجاز، باعطاء وعود للقنصلية البريطانية تقضي بتحرير كل الرق الموجودين في الحجاز، وإبطال تجارة العبيد ومعاقبة ممارسيها، حال انتهاء الأزمة القائمة واسترداد سلطاته لعافيتها. ثم اصدر قراراً نافذاً من حكومة الحجاز الدستورية يمنح العبيد حق الجوء للقنصلية البريطانية من جديد، خلاف التصلّب الذي ابداه والده.

ومع مارس 1925م واشتداد أزمة حصار جدة، لجأت بعض عوائل الحجاز الميسورة الى مصر طلباً للسلامة واعلاناً للحياد. وارسل بولارد القنصل البريطاني في جدة الى المعتمد السامي البريطاني بالقاهرة في العاشر من ابريل يناشده بايقاف كل من يصطحب عبيده معه وبأن يرغمه بقوة القانون على اطلاق سراحهم.

كان الفارون من الحجاز يذهبون الى موانئ مصر والسودان كمجموعات عائلية تضم عشرين فرداً في المعدّل يرافقها خدم شخصيّون يدخلون مصر بجوازات “خدم” – لكن بولارد كان يصّر على ان هؤلاء رقيق تم شراؤهم.

واخبر القنصل الهولندي في جدة، بولارد، بأن المطوّف الحجازي المعروف، السيّد محمد نور جوخدار يصطحب معه جارية جاوية اسمها “موار” اعيد تسميتها بنعيمة وانها تعمل عنده كجارية، وأن نور جوخدار في طريقه للسويس مع عائلته. فطالب بولارد من حاكم السويس تعقبّه ومعاقبته.

وفي رد من حاكم السويس في الثاني والعشرين من ابريل 1925م الى قنصلية جدة.. أفاد بانه جرى تعقب الشيخ محمد نور جوخدار وتحديد مقر اقامته بفندق الحميدية بالسويس حيث كان يقطن مؤقتاً كلاجئ سياسي مع عائلته وخدمه ومن ضمنهم نعيمة، منذ الخامس من مارس 1925م قادمين علـى متن الباخرة الايطالية إلتريسو. لكنهم وجدوا بعد اجراء التحقيقات سلامة موقفه، ورضا نعيمة التام بأوضاعها.

وأقرّ الشيخ الجوخدار في سير التحقيقات، بأنه اشترى نعيمة كجارية قبل عامين، من تاجر الحبوب الجدّاوي مصطفى اسلام مقابل خمسين جنيه استرليني، ثم منحها حريتها، وقام بتوظيفها لديه للخدمة المنزلية بناء على طلبها ومقابل راتب شهري قوامه 3 ريالات مجيدية، وانه لا يعرف والديها وان كان يظن انهما يقطنان في جاوى. واقرّت نعيمة، وهي شابة في الخامسة والعشرين، بأن اسمها الفِعلي موار، وانها ولدت في جزر الهند الهولندية وانها حينما كانت في الخامسة اختطفت عبر امرأة اسمها رحمة وهي التي قامت بتهريبها الى مكة حيث مكثت معها اثني عشر عاما ثم بيعت لأخت الشريف حسين التي باعتها بدورها للتاجر مصطفى إسلام ومنه لمحمد نور جوخدار. وان اسم والدها محمد طاهر من بوقس، وهو من رعايا هولندا. وان ابن مالكها السابق كان يتسرى بها. أما محمد نور جوخدار فقد اعتقها لوجه الله وان معاملته لها انسانية ونبيلة. وأكدّت بانها حرة بشكل تام وانها لا تريد ان ترفع اي دعوى وانها ترغب في الاستمرار كعاملة مع بيت جوخدار.

وأرسل بولارد الى مُفوّض الشرطة في بومباي في 29 يونيو 1925م يطالبه بتعقب أسرة الحاج عبدالله علي رضا، قائمقام جدة، ووكيل شركتيّ البواخر: ترنر مورسون وخطوط ناسا للملاحة البحرية في جدة – التي رحلت بحراً الى بومباي، يرافقها سودانيتان وامرأة يمنية اسمها “صفرار”، وحبشيّان هما: ريحان وتحسين – يعتقد بولارد بأنهم رقيق. كما طالب بولارد في ذات الرسالة بتشديد الرقابة على عوائل التجار الحجازيين القادمين الى كراتشي وبومباي هرباً من الحرب العامة، وضرورة التأكد من ان مرافقيهم الافارقة مجرد خدم يعملون مقابل أجرة متفق عليها لا رقيق.

وفي رد من شرطة بومباي في 26 اغسطس 1925م أفادت بتحرّيها الواقعة، لكنها برأت ساحة عائلة علي رضا كون الجوازات التي حملها الخمسة المذكورون تشير الى ان وظائفهم “عمال منزل” والى اقرارهم الشخصي بذلك، كما أكد مأمور الشرطة الى صعوبة اثبات عكس ذلك في اي محكمة هندية.

وحاول سكرتير المستعمرات في سنغافورة ملاحقة تاجر الأخشاب الشهير ومتعدد الجنسيات السيّد ابراهيم عمر السقاف على خلفية بلاغات من شرطة بنانغ حول تهريبه لفتيات صينيات صغيرات من سنغافورة الى مكة.

كان السيّد (الداتو) ابراهيم، اكبر ابناء السيّد عمر السقاف، يتحدر من عائلة حضرمية الأصل استعرقت بين مكة وسنغافورة، ولها اعمال تمتد على طول امتداد فضاء المحيط الهندي الكبير. والسقّاف على امتداد ثروته وجاهه كان محسناً كبيراً، ينشط في مجال تبني الفتيات الصينيات الفقيرات لتحسين شروط معيشتهن.

وفي 17 مايو 1924م، تابع سكرتير المستعمرات بلاغ اختطاف فتاتان صينيتان اسمهما مهجة ووهبة واعمارهن 16 و17 على التوالي، عبر السيد سالم بن شيخ السقاف، وثبت مع التحقيقات انهما كانتا ابنتان له وزوجه نور بنت طاهر السقاف بالتبني وانهما انتقلتا للعيش في قصر ابراهيم السقاف في المعابدة في مكة. وعبثاً حاول السكرتير اثبات انهما مسترقتان – الا انه عاد واعترف انه لا يملك اي دليل ادانة ضد السيد السقاف.

وكان الصينيات مرغوبات للتسري عند العرب حيث تصل اسعارهن الى مائتي جنيه كما في عمريّ مهجة ووهبة.

وفي الثاني من يونيو 1925م ارسل القنصل بولارد من داخل سور جدة رسالة الى سلطان نجد، عبدالعزيز ال سعود يطلب منه تحرير مجموعة من الحجاج النيجيرين من رعايا بريطانيا الذين كانوا في طريقهم من المدينة الى جدة سيراً على الأقدام عندما أغارت عليهم جماعة من البدو وخطفتهم واستعملتهم كعبيد في ميناء القضيمة، وانهم محتجزون الآن في قصر بين رابغ وجدة في منطقة اسمها الخريبة [بئر مبيريك] من املاك شخص اسمه عبدالله. فابدى الطرف السعودي تعاوناً في ذلك.

وهربت “زهرة” من منزل آمنة بنت محمد الفضل في 23 يوليو 1925م ولجأت الى القنصلية البريطانية في جدة وطلبت اللجوء السياسي وارسالها الى وطنها السودان/فاشر. وقد ارسل المعتمد البريطاني رسالة بذلك في اليوم التالي الى الشيخ فؤاد الخطيب.

وتسببت حادثة “زهرة” في احتجاج بعض الأهالي النافذين ضد تراخي حكومة الشريف علي.

وفي السادس والعشرين من اغسطس 1925م، في أوج حصار جدة، طلب الملك علي من نائب القنصل البريطاني المستر جوردان التوقف عن استقبال اللاجئين، غير انه وعد بابطال العبودية تماماً بعد انتهاء الحرب، بيد انه لا يريد اضعاف موقفه مع التجار والمحليين في الوقت الحالي. وارسل المستر جوردان، وكان اكثر تفهماً من بولارد لوجهة نظر الملك علي، الى القيادة البريطانية في السودان مؤكداً موقف الملك علي المناهض للعبودية، انما المشروط بنظرة واقعية. “الملك علي لا تروقه مظاهر العبودية المنتشرة، لكنه ايضا اقرّ بصعوبة الغاء ذلك بشكل قاطع لتجذّر الممارسة لقرون، فيما المسألة ينبغي مباشرتها برفق وتدريج، وانه نظرا لخصوصية المسألة، فانه يريد تجّنب اصدار اي قرارات قد تضعف من شعبيته اثناء الأزمة السياسية المندلعة .. لكنه وعد بالغاء الرقيق فور استقرار الحجاز وانجلاء أزمته”.

لكن الخارجية البريطانية التي كانت قد رجّحت موقفها في الحرب لصالح ابن سعود، لم تعطي بالاً لمطالب الملك علي. وفي تلغرام من الخارجية البريطانية، الى نائب القنصل أبدت الخارجية عدم اقتناعها بالمبررات التي ساقها الملك علي، وأفادت بأن القنصلية يجب ان تستمر في استقبال اللاجئين وفي ارسالهم الـى ميناء سواكن بعد تحريرهم.

وفي سبتمبر 1925م لجأ السوداني “بلال” الى القنصلية البريطانية هارباً من مالكه الشيخ دخيل الله، والأخير تاجر مواد غذائية بشارع قابل التجاري، فوضعت القنصلية بلال في احد البواخر الراحلة لسواكن، غير ان دخيل اتهم بلالاً بسرقة صندوق جواهر منه، فطالبت الخارجية الحجازية عبر فؤاد الخطيب باعادته من الباخرة للمثول امام قاضي المحكمة الشرعية، ولكن لمماطلة المحكمة، بعد احدى عشر يوماً، من اصدار اي حكم، قام جوردان بتحدي السلطات الحجازية وترحيله الى السودان.

وكتب جوردان في 14 سبتمبر شارحاً الى الخارجية البريطانية: “لقد اضحى من عادات ملاك العبيد اتهامهم بالسرقة عند فرارهم والحصول على احكام في صالحهم من المحكمة الشرعية، التي تنحاز دوما للملاّك”.

كان ذلك التضعضع والارتباك المتصاعد من طرف القيادات والمؤسسات والأهالي كناية صريحة عن أفول عهد على الحجاز، وبداية عهد سياسي جديد.

في 21 ديسمبر 1925م سُلمت مفاتيح جدة سِلماً الى السلطان ابن سعود، وبعدها بأيام اُعلن عن تأسيس الكيان الجديد “مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها” وهو بداية العهد السعودي على كامل أراضي الحجاز.




يتبع

توقيع : عابر سبيل سني


اذا الشعب يوما أراد الحياة

فلابد ان يقتدي بالحســــين
من مواضيع : عابر سبيل سني 0 الوهابية دين الفتنة والخوف من البشر
0 سؤال: لماذا ترك النبي المنافقين ولم يفضحهم
0 فتوى من ولي الطواغيت والاستكبار العالمي
0 شبهة يصلحه الله وليس يصلح الله أمره
0 لا تصلوا على آل محمد في التشهد لأنها أصبحت من شعار الشيعة