عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية عابر سبيل سني
عابر سبيل سني
شيعي حسيني
رقم العضوية : 63250
الإنتساب : Dec 2010
المشاركات : 6,772
بمعدل : 1.28 يوميا

عابر سبيل سني غير متصل

 عرض البوم صور عابر سبيل سني

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : عابر سبيل سني المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 25-12-2013 الساعة : 09:20 AM




وفي (ص 11) عدَّ الشيخ ابن عبد الوهاب (مجدداً لدين الإسلام حيث وضع المنهج الصحيح الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صلى الله عليه وسلم..)، حيث يتحوّل مؤسس المذهب الى وارث عقدي وتاريخي للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد جاء تحت عنوان: آثار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص11):
ـ نشر التوحيد ومحاربة الشرك والبدع.
ـ تحكيم شرع الله في أنحاء الجزيرة.
وفي الجانب التعليمي والثقافي:
ـ نبذ التعصب المذهبي والعودة بالأمة الى مصادر الدين الحق ـ الكتاب والسنة ـ وكتب السلف الصالح.
إذاً بات واضحاً أن العقيدة الصحيحة هي ما جاء بها محمد بن عبد الوهاب، وأن ما سبقها وما عداها لا يكتسب صفة العقيدة الصحيحة ولا يدخل في أهل السنة والجماعة، دع عنك في جماعة المسلمين، من أي مذهب كانوا.
وفيما يلي سوف يتأسس الدين وفق الرؤية التوحيدية كما صاغها الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
في الدرس الثاني من مقرر (التوحيد) يجري الحديث عن التوحيد وأنواعه. ويبدأ كما هي العادة بوضع التعريف الشرعي للتوحيد كما وضعه ابن عبد الوهاب وهو: إفراد الله بالربوبية والالوهية والأسماء والصفات. ثم ينتقل تلقائياً للحديث عن أنواع التوحيد (ص19): توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية ويسمى (توحيد العبادة)، وتوحيد الأسماء والصفات، ولا بد من الإيمان بها جميعاً، فمن آمن بواحد منها دون الباقي لم يكن موحداً.
وعلى أساس تعريف التوحيد وأنواعه، ينقسم الناس على ثلاثة أقسام (ص21):
ـ الموحدون: فاستقاموا على هذه الفطرة، وأقروا الله بربوبيته وألوهيته.
ـ وأما المشركون: فقد انحرفوا عن هذه الفطرة، فلم يقرّوا إلا بربوبيته وأنكروا توحيد الألوهية.
ـ وأما الملحدون: فأنكروا الربوبية والألوهية، إلا أنهم في باطنهم يقرِّون بتوحيد الربوبية..
فالموحدون هم أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والمشركون هم غالبية المسلمين وأما الملحدون فبعضهم من المسلمين وبعضهم من غيرهم، كما سيأتي.
ولأن التوحيد هو أساس الدين، وأصله، ومرتكزه، وركنه الأصيل، فلابد أن تكون لأهل التوحيد مكانة متميّزة تليق بالعقيدة نفسها.
في الوحدة الثانية بعنوان: ( مكانة التوحيد وأهله)، وتحت عنوان فرعي: (توحيد العبادة هو الأساس الذي تبنى عليه جميع الأعمال)، جاء في (ص29): (مهما اجتهد المرء في العبادات، وصرف في أدائها من الأوقات، فإن الله لا يقبلها منه إلا إذا كانت مبنية على التوحيد).
ولكن: أي توحيد؟ إنه التوحيد بأنواعه الثلاثة كما جاء في الأدبيات الوهابية.
وحتى يميّز أهل التوحيد عن سواهم، فإنه يفرد صفاتهم، كما جاء في الدرس السادس (ص47):
ـ أنهم لا يشركون بالله: فهم يحذرون الشرك صغيراً كان أو كبيراً.
هي صفة تختزل باقي الصفات، وترسم حداً فاصلاً بينهم وبين الآخر، في ضوء معرفتنا السابقة واللاحقة لخصائص أهل التوحيد وخصائص أهل الشرك. وهناك صفات تبدو ثانوية وربما ساذجة، كتلك المستندة على الحديث النبوي (ص49):
ـ أنهم لا يسترقون، أي لا يطلبون الرقية، مع أنها جائزة، لقوة توكلهم على الله.
ـ أنهم لا يكتوون، أي لا يسألون غيرهم أن يكويهم بالنار للعلاج مع أن الكي جائز، لقوة توكلهم على الله.
ـ أنهم لا يتطيرون، أي لا يتشاءمون بالطيور ونحوها، لأن التطيّر شرك.
ـ أنهم على ربهم يتوكلون.
تبدو شروط الانتماء للإسلام ليست هي كما قرأها المسلمون في التاريخ أو في الكتب القديمة، فقد اكتشفوا أن الدعوة المفتوحة التي أطلقها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأن يقول الناس لا اله الا الله يفلحوا، ليست هي ذاتها لدى الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه، فثمة شروط ثمانية لا يعلم إلى أي مرجعية تحيل أو أي سيرة تضيء.
يقول مقررو الكتاب: كلمة التوحيد «لا إله إلا الله» لها فضل عظيم، لكنها لا تنفع قائلها إلا إذا اجتمعت فيها ثمانية شروط (ص 58) ومن بينها:
ـ الكفر بالطاغوت المنافي للإيمان بالله: فلا بد لمن قال: «لا اله الا الله» من أن يتبرأ من كل معبود سوى الله وإلا لم تنفعه هذه الكلمة، لأنه لم ينكر الشرك.
ـ العلم المنافي للجهل: فيعلم أن معنى «لا اله الا الله» هو: لا معبود بحق إلا الله، وبهذا يعلم أن عبادة ما سوى الله باطلة.
ـ اليقين المنافي للشك: بأن يعتقد أنه لا معبود بحق إلا الله، لا يشك في ذلك، فإن شكّ فهو غير مسلم.
ـ الاخلاص المنافي للشرك: بأن لا يقصد بقول هذه الكلمة أيَّ غرض من أغراض الدنيا، وإنما يقصد رضا الله وحده.
ـ المحبة المنافية للبغضاء: فيحبُّ هذه الكلمة، ويحب ما تدل عليه من توحيد الله، ويحب الموحدين العاملين بها، ويبغض ما ينافيها من الشرك.
ـ القبول المنافي للرد: بأن يسلم بقلبه لما توجبه من عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه.
وبالتأمل في هذه الشروط التي تغيب عن أدبيات المذاهب الاسلامية قديماً وحديثاً، تجدها من خصوصيات المذهب الوهابي، ولا تخرج عن حدي الايمان والكفر.
ولأن التعليم الديني الرسمي يتمحور في مجمله وتفصيله حول عقيدة التوحيد، فإن كل ما يلي ذلك مجرد تفاصيل.
فقد جاء في كتاب الطالبة لمقرر (التوحيد) للصف الأول المتوسط الصادر عن وزارة التربية والتعليم، وفي الفصل الثاني للسنة الدراسية 1433 ـ 1434/ 2012 ـ 2013، في الدرس الأول: إثبات أسماء الله وصفاته والنهي عن الإلحاد فيها.
وتحت عنوان: عقيدة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته، يراد التأسيس للنوع الثالث من التوحيد، أي توحيد الاسماء والصفات، ويتمّ تعريفه (ص13):
فلو أن شخصاً أو طائفة لم تؤمن بالجهوية أي تحديد جهة وجود الله سبحانه، كالقول بالاستواء على العرش أو أنه في السماء، أو أنه يسمع بآلة، ويرى بآلة، وله ساق، وغير ذلك من الصفات الجسدية، فينطبق عليه صفة الشرك أو الكفر بصفة من صفات الله سبحانه..
فالالحاد في أسماء الله كما جاء في الكتاب (ص14) هو: (هو الميل بها عما تدل عليه من المعاني الحقيقية العظيمة، إلى معان باطلة). أي أن يتم حمل كل الأسماء والصفات الواردة في القرآن على أنها حقيقة لا يمكن تأويلها، مثل كلامه سبحانه وتعالى لموسى فإنما كلّمه بآلة وكذا باقي الحالات.
وهنا يبدو التمايز بين المؤمن والملحد واضحاً في النوع الثالث من التوحيد، حيث جاء تحت عنوان: أنواع الإلحاد ومنها (ص15):
1 ـ إنكار شيء من الأسماء، أو مما دلت عليه من الصفات، كمن ينكر إسم الرحمن.
وفي حقيقة الأمر، أن الخلاف ليس متعلقاً بكون الله هو الرحمن أم لا فذاك عليه إجماع المسلمين قاطبة، وإنما يدور الخلاف حول الصفات الأخرى التي يتم حملها على معانيها المادية، كالسميع والبصير والاستواء على العرش وغيرها.
وفي الوحدة الخامسة من الكتاب: الدعوة الى التوحيد، ينتقل واضعو المقرر بالطالبة من التعليم الى الدعوة، حيث يراد منها أن تتحوّل الى داعية لعقيدة التوحيد، بحسب المفهوم الوهابي، وليست مجرّد متعلّمة. فقد جاء من أهداف الوحدة (ص25):
ـ أن يبين الطالب فضل الدعوة الى التوحيد.
ـ أن يبين الطالب أهمية البدء بالدعوة الى شهادة (أن لا اله الا الله).
ـ أن يحرص الطالب على الدعوة الى التوحيد.
فكما يبدو ان الهدف من الكتاب هو تخريج دعاة فحسب.. ويبدو ذلك واضحاً أيضاً في العناوين اللاحقة. فتحت عنوان (طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة)، يحدِّد الكتاب أصول طريقة الرسول (ص) في الدعوة (ص27) مثل: الاخلاص والعلم والحكمة والصبر. ثم ينتقل الى وسائل الدعوة في عهد الرسول ص ومنها: الخطابة والوعظ.
ومن الوسائل (ص28): كتابة الرسائل الى الملوك والزعماء والى وجهاء الناس والاهالي يدعوهم الى الله ويبين لهم شرعه، وإرسال الدعاة، والقدوة الحسنة، وضرب الامثال.
ثمة ما تستدعيه هذه الوسائل، فهي تذكّر بطريقة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الدعوة للإسلام وسط المشركين، وهو ما يراد إسقاطه على الواقع الذي عاشه الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأهل دعوته، حيث يتقمص الشيخ شخصية النبي. يضيف المقرّرون وسائل عصرية للدعوة ومنها (ص28): وسائل الاتصال الحديثة، ووسائل الاعلام، والمؤسسات والجمعيات ونحوها.
وعلى غرار دعوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في قومه من المشركين، يراد استنساخ الوضع في كل زمان.. ويقدم الكتاب (ص31): أدلة وجوب البدء بالدعوة الى شهادة أن لا إله الا الله، من القران والسنة.
الصدع بالدعوة بات إذاً مهمة الطالب والطالبة من أهل السنة والجماعة، أي من أتباع مذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب. فهناك أسباب تدعو الى الاضطلاع بهذه المهمة، وكما جاء في الدرس الثاني (ص46): أسباب الهداية وموانعها، ومن موانعها الجهل، حيث جاء ما نصّه (ضلَّ كثير من الناس عن الطريق المستقيم، بسبب جهلهم بالحق ـ وإن علموا ما علموا من الدنيا ـ فوقعوا في الشرك والبدع والخرافات والمعاصي).
وكيما يعمل الطالب/ الداعية على هدى فلا بد أن يتسلّح برؤية كونية، في سبيل وضع خارطة عمل مناسبة. فقد حدّدت الوحدة السابعة بعنوان (معنى الشرك وأنواعه) طائفة أهداف منها (ص49):
ـ أن يذكر الطالب معنى الشرك ويبيّن خطره.
ـ أن يجتنب الطالب الشرك ويحذر عواقبه.
ـ أن يذكر الطالب أنواع الشرك من حيث مناقضته لأصل التوحيد وكماله.
ـ أن يحدد الطالب سمات المشركين.
ـ أن يمثّل الطالب لبعض صور الشرك في الواقع المعاصر.
وأكّد الدرس الأول من الوحدة السابعة: الشرك وأنواعه، على الانواع الثلاثة للتوحيد: توحيد الربوبية، توحيد العبادة، توحيد الاسماء والصفات.
وفي أنواع الشرك (ص51): الشرك الأكبر وهو تسوية غير الله بالله في ربوبيته، أو عبادته، أو أسمائه وصفاته.
ويذكر من الأمثلة على الشرك في العبادة: أن يسجد للقبر أو الصنم.
ونتيجة الشرك الأكبر (ص52): يحبط جميع الأعمال، يخرج عن ملّة الإسلام، ويوجب الخلود في النار.
ويحدد الدرس الثاني: صفات المشركين، الذين لا يحتاج الطالب/الطالبة الى مزيد جهد كيما يكتشف من هي الجهات المعنيّة سواء كانت خارج نطاق الاسلام أو في داخله. فمن صفات المشركين المذمومة كثيرة، ومنها (ص54):
ـ الغلو: وهو تجاوز الحد المشروع ومنه تعظيم أحد من الخلق.. والغلو من أعظم أسباب الوقوع في الشرك قديماً وحديثاً.
لمزيد من التحديد، يلفت عنوان: من مظاهر الشرك في عصرنا (ص56) الى الجهات المعنيّة:
ـ دعاء غير الله.
ـ الذبح لغير الله، كالذبح للأصنام والقبور والأحجار.
ـ الطواف بالقبور والأضرحة والأوثان.
وحين تطبيق هذه الأمثلة نصبح أمام طوائف من المسلمين يراد الحكم عليهم بالشرك. لا بد من التذكير أن هذه المظاهر لا تصبح شركية ما لم يتم تعريفها بطريقة محددة، بصرف النظر عن الواقع الخارجي، أي بصرف النظر ما اذا كان هناك من يسجد لغير الله، أو يذبح لغير الله، أو يطوف بالقبور والاضرحة والاوثان كتعبير رمزي عن عبادة غير الله!
يكاد واضعو المقرر الافصاح عن الجهات المعنيّة بالشرك، لفرط ما أسهبوا في ذكر أوصافهم بما يدّل عليهم. فتحت عنوان فرعي (فتنة القبور ص58) جاء:
(من أعظم الطرق الموصلة الى الشرك الفتنة بالقبور، فإن الغلو في القبور وأصحابها هو الذي جر الناس في قديم الزمان وحديثه الى الشرك ولذا حمى النبي صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد، فنهانا أن نجعل قبره عيداً، أي: مكاناً يجتمع عنده للعبادة، لأن القبور ليست محلاً للعبادة. فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن جعل قبره عيداً ـ وهو قبر سيد الأولين والآخرين ـ فقبر غيره أولى بالنهي، كائناً من كان).
وهنا يرد السؤال: فهل يحتاج قرار إخراج قبر النبي من مسجده أكثر من هذا، وكذلك هدم قبته!
تتعدد مداخل الحديث الى الشرك. ففي الوحدة الثامنة: الرياء وإرادة الإنسان بعمله الدنيا، جاء في الدرس الأول: شروط قبول العبادة، حيث يتم تقسيم الناس (ص65) الى:
1 ـ المشرك: وهو من أشرك في عبادة الله غيره، فهذا لم يحقق شروط قبول العبادة.
2 ـ المبتدع وهو الذي عبد الله، لكنه أحدث عبادة من عنده، ليست في دين الله، فهذا قد يوجد عنده الإخلاص، ولكن لم توجد عنده المتابعة.
3 ـ المتِّبع: وهو الذي عبد الله وحده، وتمسّك بسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا قد حقق شروط قبول العبادة: الإخلاص والمتابعة.
فبينما يندرج أغلب المسلمين في خانة المشركين، بسبب المواصفات المتخيّلة التي تفترضها مقررات التوحيد في التعليم الحكومي، من قبيل زيارة القبور، والدعاء لها، والسجود للأموات، وطلب الحاجات منهم.. فإن وحدهم أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب هم المتّبعون المخلصون.
وهذا ما يكشف عنه النص التالي حين يتحدث عن سوء الظن بالله تعالى، ويقول ما نصّه (ص73):
(وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختّص بهم وفيما يفعله بغيرهم ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته وموجب حكمته وحمده).
لا يكف واضعو مقرر التوحيد عن تسمية الأشياء بأسمائها تدريجاً، والالتفاف على ما أخفاه التنقيح لضخ المزيد من الأمثلة كيما يتعرف الطالب/ الطالبة على هوية الفرقة والطائفة المقصودة عبر ذكر أوصافها..
في مقرر (التوحيد) المخصّص لطلاب الصف الثاني المتوسط، والصادر عن وزارة التربية والتعليم، وفي الفصل الدراسي الأول للسنة الدراسية 1434 ـ 1435/2013 ـ2014، يرد ذكر الفرق بين المساجد ومعابد المشركين، ويقول ما نصّه (78):
لا مشابهة بين المساجد ومعابد المشركين ..محرّفة مبدّلة.
وهنا لا يحمل الفرق بين المساجد ومعابد المشركين على ما القسمة النمطية أي بين المساجد والكنائس المسيحية واليهودية أو حتى المعابد الهندوسية، وإنما تستوعب القسمة حتى مساجد المسلمين المصنّفين في خانة المشركين.
من صور الشرك التي يعالجها مقرر (التوحيد) سلوك المسلمين إزاء رسول الله المصطفى محمد صلى الله عليه وآله. ففي المقرر الخاص بطلاب الصف الثاني المتوسط، وفي الفصل الدراسي الثاني، للسنة الدراسية 1434 ـ 1435/2013 ـ2014، وفي باب التبرّك (ص56)، حيث يقسّم التبّرك الى مشروع وممنوع. والمشروع منه هو ما كان في حياته صلى الله عليه وآله وسلم (ص57):
ـ التبرك بذات النبي صلى الله عليه وسلم وآثاره في حياته أو بآثاره بعد موته (وقد اندرست آثاره، وأما غيره فلا يتبرك به، ولهذا لم يؤثر عن السلف التبرك بأفاضل الصحابة رضى الله عنهم والتابعين).
ـ التبرك بما ورد من الأقوال والأفعال المشروعة..
ـ التبرك بالهيئات المشروعة.
ـ التبرك المشروع ببعض الأمكنة..
ـ التبرك ببعض الأزمنة..
ـ التبرك ببعض المأكولات والمطعومات.
من أحكام التبرك المشروع: يثبت بالدليل الشرعي ولابد من اتباعه حرفياَ.
التبرك الممنوع (ص58): التبرك فيما لم يأذن به الشرع. وحكم هذا التبرك يختلف بحسب اعتقاد صاحبه:
ـ فإن اعتقد أن ذلك الشيء يمنح البركة فهذا شرك أكبر، وهذا حال المشركين.
ـ وأما ان اعتقد أن زيارة ذلك الشيء والتمسح به، سبب لحصول البركة من الله، فهذا شرك أصغر لأنه تعلق بشيء لم يجعله الشرع سبباً للبركة.
حين يذكر وصف (المشركين) فلا يقصد بهم غير المسلمين فحسب، فقد ينضمّ إليهم كثير من المسلمين، ولكن لضرورة التنقيح تلوذ الهيئة المسئولة عن وضع المقررات بالمواربة والتمويه..
وفي السياق نفسه يأتي تسليط الضوء على الغلو في الأنبياء والأولياء والصالحين. فقد بدأ مقرر (التوحيد) لطلاّب الصف الثالث المتوسط، وفي الفصل الدراسي الاول للسنة الدراسية 1434 ـ 1435/2013 ـ2014، بوحدة الغلو لتحقيق الأهداف التالية (ص9):
بيان معنى الغلو، والاستدلال من الكتاب والسنة على ذم الغلو، والاستنتاج بأن الغلو في الصالحين قد يفضي الى الكفر، والتحذير من الغلو في المخلوق، وذكر صور الغلو في الانبياء، والتحذير من تعظيم القبور والتعلق بها، والتحذير من دعاء الأموات، وتطبيق مفهوم الغلو وأحكامه على ما يواجه الطالب من مواقف.
وفي باب (أسباب الغلو) يذكر عدّة أسباب من بينها:
ـ تعظيم قبور الصالحين بالبناء عليها (وهذه ظاهرة في بلاد المسلمين عامة وينسحب على قبر النبي صلى الله عليه وسلم).
والحكم في ذلك: الكفر.
وفي باب صور الغلو (ص16):
ومنها الغلو في الانبياء عليهم السلام ومثاله:
ـ الغلو في خاتم الانبياء عليه السلام.
وأمثلة ذلك (ص17):
ـ الغلو فيه صلى الله عليه وسلم باعتقاد أنه يعلم الغيب.
ـ الغلو في مدحه صلى الله عليه وسلم.
ـ الغلو في قبره صلى الله عليه وسلم.
ويمضى المقرر في تنضيد قصة الغلو في قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، بالقول أنه حذّر أمته من الغلو في قبره وتجاوز القدر المشروع حتى لا يعبد ومن صور ذلك التحذير (ص18):
ـ التحذير من أن يتخذ قبره مسجداً. الخ
ـ سأل الله عز وجل بألا يجعل قبره وثناً يعبد من دون الله..
ـ نهى صلى الله عليه وسلم أن يتخذ قبره مزاراً يعتاد الناس زيارته في أزمنة محددة..
وفي الجواب عن سؤال: ماذا يشرّع للمسلم عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟
يحدد واضعو المقرر للمسلمين عامة ما يجب فعله حين يأتون لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله: المشروع للمسلم فيما يتعلق بقبر النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوره ويصلي ويسلم عليه صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه، ولا يعتاد زيارته في أزمنة محددة، ولا يجوز أن يسافر بقصد زيارته إذ لا تشد الرحال الا الى المساجد الثلاثة (المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى).
ثم يضيف (ص19): ومن الأخطاء العظيمة والأمور المحرمة أن يتوجه بعض الزائرين لقبره صلى الله عليه وسلم فيدعونه صلى الله عليه وسلم من دون الله فهذا شرك بالله، كما لا يجوز أن يقصد دعاء الله عزوجل عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أراد أن يدعو فإنه يتجه للقبلة ويدعو الله عز وجل.
وهنا يبدو التوصيف مشوّهاً، فليس هناك من مسلم يزور قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يدعوه من دون الله، بل الدعاء لله وحده لا شريك له. فالآية الكريمة: (..ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً)، كفيلة بتوضيح أن الاستغفار هو لله وحده، وأنه هو التوّاب الرحيم، وأن استغفار الرسول صلى الله عليه وآله لا يجعله ربّاً بل هو خاتم أنبيائه وأقرب خلقه إليه، وهو شفيع الأمة، وإن من احتجّ على أن طاعته صلى الله عليه وآله تكون في حياته، بحسب المقطع الأول من الآية (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله..)، والصحيح أن طاعته في حياته كطاعته بعد مماته لأنه نبي الاسلام، الذي به ختم الله الأديان، وأن سنته باقية الى قيام يوم الدين.
من الواضح أن مقرر (التوحيد) في كل المراحل الدراسية، يعكس العقيدة الوهابية في زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يخفي نيّته في إخراج قبره من المسجد، كما هو واضح في النص السابق، بل يعتبر إن قصد زيارة قبر المصطفى من باب الشرك، وهو يعكس بأمانة عالية موقف مشايخ المذهب، حتى أن الشيخ ناصر الدين الالباني قطع عهداً على نفسه بعدم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله، بذريعة أن الزيارة بدعة.
سوف يظهر ذلك بوضوح في باب زيارة القبور، حيث يذكر أحوالها (23):
ـ يضع الزيارة اتباعاً للسنة، بالدعاء للميت، وتذكر الآخرة في خانة سنّة يؤجر عليها.
ـ التمسح بالقبر والصلاة عند القبر، في خانة بدعة ووسيلة الى الشرك.
ـ دعاء الميت والاستغاثة به، والذبح له، واعتقاد أن الميت أو القبر ينفع أو يضر، في خانة: شرك أكبر.
وهنا ينطلق واضعو المقرر من تصوّر نمطي يفترض أن زيارة المسلمين للقبور هي لدعاء الميت والاستغاثة به والاعتقاد بأنه ينفع ويضر، وبالتالي فإن غالبية المسلمين واقعون في الشرك الأكبر!
ومن صور الغلو كما يذكرها المقرر (ص23،24،25):
ـ اتخاذ القبور مساجد، ببناء المساجد على القبور أو دفن الموتى في المساجد، وقصد الدعاء عند القبر أو الصلاة عنده.. ـ شد الرحال بقصد زيارة القبور..
ـ التبرك بالقبر بالطواف به والتمسح به..
ـ دعاء صاحب القبر والاستغاثة به، واللجوء اليه لقضاء الحوائج وزوال الكربات، وهذا شرك أكبر.
ـ رفع القبور..
ـ تجصيص القبور.
ـ اسراجها وتزيينها.
ومن الغريب ما جاء في النتيجة، فالمقرر يؤسس لحكم الكفر ثم يعتبر الحكم ذاته من صور الغلو. كما في النص التالي:
(كلما ابتعد الناس عن عصر الرسالة، كثر المخالفات الشرعية، وقل العلم بالدين، وهذا أنتج صوراً عديدة من الغلو والجفاء.
ومن صور الغلو المعاصرة (ص25):
ـ تعظيم الأولياء والصالحين، الأحياء والأموات.
ـ تكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم.
تناقض يعكس أن من قرر تنقيح المناهج هو نفسه المنتمي للمدرسة الفكرية المتشدّدة نفسها، ولكن أراد أن يستجيب لطلب الدولة الخاضعة لضغوطات خارجية بكون مناهجها التعليمية مسؤولة عن تنشئة التطرّف فاضطر لإقحام جملة تكاد تكون خارج السياق، بدليل ما سبق وما لحق.
في باب مفاسد الغلو يذكر عدداً منها (ص26):
1ـ أن المغلو فيه إن كان حياً، فإنه يزهو بنفسه ويعجب بها بسبب الغلو فيه.
2ـ أنه يقود الى الوثنية وتأليه البشر، كما في قصة قوم نوح، وكما وقع من بعض الغلاة في الصالحين.
5ـ انتشار البدع في المجتمعات الاسلامية.
فالمقرر يسرد مبررات التكفير، أوصافاً، وصوراً، ونماذج ثم بعد أن يصدر حكم الكفر على من تنطبق عليه مواصفات الكافر، يضع الحكم نفسه في باب الغلو، ثم يعود لاحقاً لنهج التكفير في الأبواب اللاحقة، وكأن التحذير من الغلو ليس سوى جملة اعتراضية أو خارج السياق التكفيري الذي رسمته كل مقررات التوحيد في منهج التعليم الرسمي.

---------------------------

يتبع الجزء 2





توقيع : عابر سبيل سني


اذا الشعب يوما أراد الحياة

فلابد ان يقتدي بالحســــين
من مواضيع : عابر سبيل سني 0 الوهابية دين الفتنة والخوف من البشر
0 سؤال: لماذا ترك النبي المنافقين ولم يفضحهم
0 فتوى من ولي الطواغيت والاستكبار العالمي
0 شبهة يصلحه الله وليس يصلح الله أمره
0 لا تصلوا على آل محمد في التشهد لأنها أصبحت من شعار الشيعة