|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 63250
|
الإنتساب : Dec 2010
|
المشاركات : 6,772
|
بمعدل : 1.30 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
عابر سبيل سني
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 23-02-2014 الساعة : 12:23 PM
الســـر يكمــن فـي وعــي النـــاس
وبهذا المعنى، فالمحاولة الخبيثة التي تحاول من خلالها السعودية تأليب الرأي العام العربي والإسلامي “السني” ضد “الشيعة” لمحاصرة إيران وحلفائها خدمة لأمريكا وإسرائيل ليست بجديدة، وإن تبدلت الأساليب والأدوات واختلفت المحطات، لأنها بدأت كما هو معلوم منذ نجاح الثورة الخمينية سنة 1979، التي أرعبت السعودية ومشيخات الخليج وكل الأنظمة العربية العميلة، واعتبرت في حينه بداية لمرحلة جديدة تبشر بإنبعاث الأمة من جديد، تبدأ من تحرير الإنسان من ظلام الجهل إلى نور المعرفة، وتحرير القرآن من سجن رفوف المسجد إلى رحابة الشارع ليمشي بين الناس في الأسواق، ينشر العلم والمعرفة، ويبشر بعصر الأنوار العربية والإسلامية من منطلقات ثورية ثقافية وإيمانية، من شأنها أن تحول الشعوب المستضفة إلى سيل عارم يجرف أنظمة الظلم والخيانة والفساد والإستبداد من سماء العالم العربي من الماء إلى الماء.
وكان طبيعيا أن تُحارب هذه الثورة الفتية التي إعتبرت أخطر ما حدث في بركة مياه العرب الآسنة منذ قرون، حيث نجح الإمام الخميني فيما فشل فيه مصلحون كبار من أمثال الأفغاني ومحمد عبده، وعجز عن تحقيقه قادة كبار كجمال عبد الناصر.. فأعلت مملكة الجهل والظلام السعودية بإيعاز من الغرب وإسرائيل الحرب بالوكالة على الثورة الفتية في طهران، ورّطت فيها الرئيس ‘صدام حسين’ لثمان سنوات، وخلفت الكثير من الدم والحزن والدموع والخراب، إلى أن إنتهى الأمر بتدمير العراق وإنهيار الدولة بكامل مؤسساتها بما في ذلك الجيش.
ومن مكر التاريخ، أن إيران التي لم تطلق رصاصة واحدة في الحرب الحضارية الأولى على العراق، هي من ظفرت بأرض الرافدين هدية مجانية من السماء، ليتحول العراق إلى حليف عربي كبير وعمق إستراتيجي خطير لا يقدر بثمن، يضاف إلى سورية التي فرت من غدر مصر السادات في حرب أكتوبر 73، ومكر الخليج الذي كان يسعى لتركيعها وإدخالها إلى حضيرة أدوات أمريكا وإسرائيل، فارتمت دمشق في الحضن الإيراني الذي شعرت فيه بقمة الإخلاص والوفاء، خصوصا حين قررت الثورة الإيرانية جعل قضية فلسطين على رأس أولوياتها الإستراتيجية، وفي صلب ثوابتها الدينية والأخلاقية، وجوهر سياستها الداخلية والخارجية، بعد أن تاجر بها العرب في سوق المزايدات السياسية، وباعوها للصهاينة مقابل ضمان عروشهم.
ثم استمرت مملكة الشر الوهابية بتنسيق وثيق مع الصهاينة في تل أبيب بالتحريض العلني والتآمر السري على إيران، سواء من خلال إستغلال الخطاب الديني المذهبي لتخويف “السنة” من “الشيعة”، وتقديمهم على أنهم كفرة ومجوس وما إلى ذلك… أو من خلال محاولة زعزعة أمن وإستقرار الجمهورية الإسلامية الصاعدة بالإرهاب، وحث الغرب على محاصرتها وتشديد العقوبات عليها، لعرقلة مسيرة ثورتها المجيدة، وإفشال تجربة نهضتها الواعدة، إلى أن تقرر أن يطال التحريض المذهبي “حزب الله” المقاوم لإسرائيل، وإتهامه بأنه يمثل الذراع العسكرية لإيران في لبنان.
وقد ساعد منسوب الجهل الكبير المتفشي في الأمة، في تظهير الخطاب المذهبي العدائي البغيض ضد الشيعة، و وجد له سوقا رائجة في النفوس المكبوتة والعقول المتكلسة، كما ساهمت أنظمة عربية عميلة وفاسدة تقتات من المساعدات السعودية وتدين بالولاء للبيت الأسود بواشنطن على تكريس هذه الثقافة الخبيثة في أوساط شعوبها.
وما هي إلا سنوات قليلة، حتى غزت شوارع العالم العربي مظاهر لم يعهدها الناس من قبل، فكثر أصحاب اللحى الطويلة، ونشطت خلايا نشطة من الدعاة المشبوهين، يزورون البيوت الآمنة تحت شعار الدعوة إلى الله، يأمرونهم بالصلاة وهجر الدنيا، وتشجعون الشباب الفقير على العودة للعيش في قبيلة قريش زمن الجاهلية الأولى، وترك الموسيقى والفن والتماثيل والتلفزيون والسينما ونبذ كل مظاهر الحضارة الغربية الكافرة، واستبدالها بمظاهر الجهل والبداوة، مقابل تمويل مشاريع صغيرة، كعربة بيع خضر أو فواكه، ثم الهجرة في الله إلى دول خليجية وأسيوية وعلى رأسها السعودية وباكستان، للإطلاع على أحوال الأمة، وتجديد دماء شبابها بالتمرس على أدبيات الدعوة من خلال دورات تدريب مكثفة يؤطرها دعاة محترفون.. في هذا الوقت الضائع، كان الإرهاب يصنع على نار هادئة من المغرب إلى أندونيسيا.
ثم جاءت حرب تموز 2006 لتقلب كل المعادلات وتفشل رهان الوهابية والصهيونية على كي الوعي العربي والإسلامي، ولتضيف إلى عقدة النكبة والنكسة، الشعور بالهزيمة النفسية المركبة، باعتبار أن الهزيمة قدر لا راد له، وأن إسرائيل التي لم تقهرها الجيوش العربية مجتمعة من قبل، لا يمكن أن تنتصر عليها منظمة مغامرة شيعية صغيرة، حتى لو كان إسمها “حزب الله”.
غير أن سنة الله جرت بعكس ما راهنت عليه السعودية وإسرائيل والغرب من ورائهما، فقضى أمره بأن ينصر حزبه ويهزم أحزاب “يهوه”، ليكشف للأمة أن “إسرائيل” هي أهون من بيت العنكبوت كما قال صادقا إمام المقاومة، وأن فئة مؤمنة قليلة نصرها الله على جيش عرمرم مسلح بأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا العسكرية في مجال القتل والدمار برا وبحرا وجوا، وأن النصر والهزيمة بيد الله دون سواه، وأنه وحده ينصر من يشاء من عباده المخلصين الذين يتوكلون عليه، فيثبت أقدامهم ويقوي قلوبهم حتى لو جمع المنافقون الموثورون حلفاء الشرق والغرب ضدهم.
فجأة تبدل المشهد في العالم العربي وفي الغرب أيضا.. وبما يشبه المعجزة، ألّف الله بين قلوب المسلمين من طنجة إلى جاكرتا.. فرح عارم إجتاح الأمة قاطبة وأحيا في قلوبها أملا جميلا كان قبل ظهور “حزب الله” حلما مستحيلا.. فخرجت مظاهرات مليونية في العواصم العربية والإسلامية لتحتل الشوارع بهتافات النصر وأعلام حزب الله وصور سيد المقاومة.. حتى في أوروبا وأمريكا الجنوبية خرج الأحرار من غير العرب والمسلمين ينتصرون لـ”حزب الله” في لبنان..
حينها كنا لا نسمع حديثا في الإعلام أو بين الناس في المقاهي والصالونات والأسواق سوى عن معجزة “حزب الله”.. فجأة، أدرك المسلمون أن الله القدير هو الفاعل في التاريخ، وأن معجزات السماء لم تنقطع عن أهل الأرض بإنقطاع الرسل والرسالات، بدليل أن العالم إستفاق على ميلاد ظاهرة جديدة تشبه الأسطورة في الضاحية الجنوبية لبيروت إسمها “حزب الله”، وفهم المؤمنون معنى قوله تعالى: { وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْب اللَّه هُمْ الْغَالِبُونَ }.
خديعة الحرب الشيعية – السنية
اليوم، وبرغم فشل الإديولوجية الوهابية وأدواتها الإرهابية من “قاعدة” و “داعش” و”جبهة النصرة” و “الجبهة الإسلامية” وحوالي 100 فصيل من كتائب تكفيرية أخرى جندتها السعودية لإسقاط سورية وهزيمة حزب الله في لبنان، بدعوى القضاء على المد الشيعي في المنطقة، غير أن السعودية لم تستسلم بعد، وتصر على إستمرار مغامراتها الإجرامية على الأرض، وتضخ المزيد من الإرهابيين والسلاح في العراق وسورية ولبنان، وفي نفس الوقت، تجند المزيد من الأقلام المأجورة لتتولي مهمة تزييف الوعي من خلال تزوير الوقائع، وإلباس الحق بالباطل، وإدعاء ما لا يقبله عقل ولا يسلم به منطق، لعل آخره ما سمعناه من إتهام للنظام السوري بصناعة الإرهاب في سورية والمنطقة بأكملها، حيث إعتبروا أن “داعش” التي صنعتها السعودية وتبناها ‘الظواهري’ في العراق وبلاد الشام، هي صنيعة سورية بمجرد أن تمردت “داعش” على أميرها الأعلى، عراب الإرهاب الدولي في باكستان ‘الظواهري’، ورفضت الإنصياع لتعليمات أسيادها من ضباط مخابرات واشنطن وتل أبيب، وأولياء نعمتها من أمراء الزيت في الرياض. وعلى الإنسان أن يكون غبيا حقا لتصديق مثل هذا العهر الذي يفتقد لأبسط مقومات المنطق السليم.
أحد أعمدة هذه الأقلام المسمومة، المدعو ‘خالد الدخيل’، كتب يقول في آخر مقالاته: “بعودة النشاط العسكري للتنظيم ‘الحوثي’ في شمال اليمن، وبنجاحات لاحظها الجميع على مقربة من الحدود الجنوبية للسعودية، يكتمل ما بات يعرف بالحراك الشيعي في المشرق العربي. يتكامل هذا النشاط مع التدخل العسكري لـ ‘حزب الله’ اللبناني في سورية، والنشاط السياسي الذي لا يتوقف لجمعية ‘الوفاق’ في البحرين، ومع سياسات حكومة المالكي ‘حزب الدعوة’ في العراق، التي تعمل وفقاً لأجندة بدأت بعد الغزو الأميركي، وتتناغم مع النفوذ الإيراني في هذا البلد العربي”.
ثم يتساءل بخبث: “ما الذي يجمع بين هذه التنظيمات التي تقف خلف هذا الحراك؟”.. ومن دون أن يترك للقارىء فسحة التمييز العقلي يجيب بتحامل وقح يحمل في مفرداته نثانة التحريض المذهبي فيقول: “يجمع بينها ثلاثة أمور: أولها أنها تنظيمات دينية، بأجندة دينية، وذات هوية شيعية مغلقة. ثانياً أنها تعبّر عن حقوق سياسية، انطلاقاً من انتمائها المذهبي، وليس من هوية وطنية جامعة. ثالثاً أنها مرتبطة في شكل أو آخر، أو بدرجة أو أخرى بإيران”.
وفي هذا ملخص لحقيقة الصراع الدائر اليوم بالمنطقة، والتي تحاول السعودية تصويره وكأنه صراع ديني ببعد مذهبي تتزعمه إيران في اليمن والبحرين وسورية والعراق ولبنان ضد المسلمين السنة الكرام.
لكن المعظلة التي تواجه هذا الأكاديمي الغبي، هو عدم قدرته على الجواب عن سؤال بديهي بسيط، يخطر ببال كل من يقرأ مثل هذا الطرح المضلل، وهو: من هم هؤلاء “السنة” الذين يستهدفهم شيعة “إيران” في اليمن، والبحرين، والعراق، وسورية ولبنان؟…
وهنا، يقع صاحبنا في المصيدة، ومن حيث يدري أو لا يدري، يعتبر الطائفة السنية الكريمة طائفة “إرهابية” حين يلحق بها تنظيم “القاعدة” المجرم وكل الجماعات التكفيرية التي تتقاسم معها الإديولوجية الوهابية التلمودية، ويقارنها بما يعتبره ضمنا عنف وإرهاب الطائفة الشيعية الكريمة، فيقول:
“على الجانب الآخر، ومن حيث إن الطائفية هي علاقة بين أكثر من طرف، فهناك تنظيمات سنّية مقابلة تشبه مثيلاتها الشيعية في المواصفات والأهداف، بل وفي ممارسة التقية أيضاً. أمثلة هذه التنظيمات تشمل ‘القاعدة’ و’طالبان’ و’السلفية الجهادية’، وأخيراً ‘جيش محمد’ و’جبهة النصرة’ و’داعش’ … الى آخره”.
وبذلك يكون هذا الأكاديمي السعودي الذي فقد عقله، قد نجح في إثبات عكس ما يدعيه علم الكيميائية من إستحالة خلط الماء بالزيت، لأنه ومن دون مقدمات، إعتبر أن الإجرام الوهابي التي تصنعه حكومته لا يختلف في شيىء عن مقاومة حزب الله الشريفة.
لكنه، ومن باب حجب نور الشمس بالغربال، يعتبر أن ما أسماه بالتنظيمات “السنية” المتطرفة هي سيدة أمرها، لها أهدافها الخاصة وإستقلالية قرارها ولا تخضع في مهامها لأجندة دول بعينها، في محاولة منه لتبرأة مملكة الشر الوهابية، ضدا في قناعات العالم أجمع، من صناعة الإرهاب وتغذيته وتمويله ودعمه والإستثمار فيه بمليارات الدولارات بهدف تخريب الإسلام، وتفتيت الأوطان، ودجين الشعوب بالرعب والخوف، خدمة لأمريكا وإسرائيل.
فيقول مثلا: “تختلف هذه التنظيمات السنية عن مقابلها الشيعي بأنها ليست مرتبطة بدولة سنّية بعينها”، هكذا، ضدا في تصريح هيلاري كلينتون أمام مجلس الشيوخ المشار إليه أعلاه، ومنشأ هذا الاختلاف وفق ما تفتق عنه ذهنه المشوش بالتحوير والتزوير: “أنه ليست هناك دولة سنّية واحدة تمثل الجميع، كما كانت عليه الحال أيام دولة الخلافة”. سبحان الله، ها هو ‘الدخيل’ يكتشف فجأة المبرر الشرعي الذي يبعد عن السعودية شبهة صناعة الإرهاب، لأنها ليست “خلافة” كما يقول، لكنه يتجاهل الحديث عن أن الفكر التكفيري الذي ينتج الإرهاب يقوم على العقيدة الوهابية التي ترعاها مملكة الزيت التي يدافع عنها.
وإذا كان مثل هذا التبرير يراد منه إقناع الناس، بأن السعودية لا تمثل “السنة”، لأنها ليست دولة “خلافة” كما يؤكد، فلماذا يصر حكامها الخونة، على أن مملكتهم هي من تمثل “السنة” في العالم العربي والإسلامي من دون منافس، بحكم خدمتهم للحرمين الشريفين، وبعد أن إختزلوا الإسلام ومذاهبه الفقهية ومدارسه الفكرية وتياراته الصوفية والفلسفية كلها في الديانة الوهابية التي لا تختلف في شيىء عن الديانة اليهودية المحرفة؟.
إن ما ينتظر السعودية في سورية في القادم من الأيام هو فوق ما تتصور، وقد حان موسم الحصاد لتقطف زهور الشر الذي زرعت بذوره في المنطقة والعالم، لأن سورية أعدت للأردن وإسرائيل والسعودية خطة جهنمية لا تخطر على صناع الإستراتيجيا في واشنطن وتل أبيب.
فإما تسوية بين السعودية وإيران لإخماد نار الفتنة في سورية ولبنان والمنطقة، وهو المرجح وفق عديد المؤشرات، أو بداية العد العكسي لإنهيار السعودية و زوال إسرائيل في حال ركب أوباما رأسه وقرر إعطاء الضوء الأخضر للهجوم على دمشق من الأردن، خصوصا بعد أن تبين أن التحالف الإيراني التركي جدي وستظهر نتائجه تباعا في المدى المنظور.. وهذا هو المخطط الذي ستنحدث عنه في المقالة المقبلة بحول الله، والذي تخشى أمريكا من تداعياته على مصالحها في المنطقة.
|
|
|
|
|