|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77449
|
الإنتساب : Feb 2013
|
المشاركات : 320
|
بمعدل : 0.07 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الرحيق المختوم
المنتدى :
المنتدى العام
استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام 13
بتاريخ : 11-06-2014 الساعة : 04:38 PM
هل بإمكاننا في هذا الزمان أن نقضي على جبهة العداء للبشر و للأنبياء الربانيين؟
لابدّ لنا أن نعيش هذا الصراع إذ نحن بصدد إنهاء هذا الصراع لصالح جبهة الحق. فهذا هو سؤال زمننا المعاصر لنا، أن هل تقدرون على إنهاء هذا الصراع؟ هل تستطيعون أن تقضوا على ظاهرة العداء للأنبياء الربانيين؟ فإذا أردنا أن ننهي هذا الصراع فلابد أن نخوض في معمعته ونعيش أجواءه.
حتى لو كنّا لا نحتمل أننا نعيش أيام آخر الزمان في العصر الراهن، وحتى لو لم نر هذا العداء المستميت من قبل أعدائنا في هذا الزمان، وكنا نعيش قبل خمسمئة سنة مثلا، لوجب علينا أيضا أن نلتفت إلى حقيقة وجود العدوّ وأن لا ننس هذه الحقيقة وهي أن حياة الإنسان قد انطلقت من عداء إبليس لآدم وقد انطلقت حياة المجتمع البشري من الصراع الذي جرى بين هابيل وقابيل. ولو كنّا في زمن أمير المؤمنين(ع) كان يجب علينا أن نعلم بأننا أكثر أقوام التاريخ مظلومية مع أن الحق معنا. وقد تضاعفت مظلوميتنا في هذا الزمان وفي خضمّ هذه الأجواء والظروف التي نعيشها.
الآية الأولى التي أمر بها الله النبي للانطلاق في الدعوة العلنية تحكي عن صراع شديد
فبما أن ظاهرة العداء بين جبهة الحق وجبهة الباطل ظاهرة محورية ورئيسة في تاريخ حياة الإنسان، نحن أيضا نعطي الأولوية لهذا الموضوع في سلسلة دراستنا التحليلية لتاريخ الإسلام، فلابدّ أن نقف في دراستنا عند أسباب عداء البعض للنبي(ص) وأسلوبهم في عداوتهم. لقد أشرنا في الجلسة السابقة إلى الحسد كسبب رئيس لتبلور العداء، وأما في هذه الجلسة فنلقي نظرة إلى أصل الصراع والنزاع.
هل تعلمون ما هي الآية التّي تلقّاها الرسول(ص) من قبل الله سبحانه وتعالى وكانت هي المنطلق في دعوته العلنيّة؟ لقد أمر الله سبحانه النبي(ص) في مطلع الدعوة العلنية أن (فَاصدَع بِما تُؤمَرُ وَأعرِضْ عنِ المُشْرِكينَ)[الحجر/94] وكلمة «فاصدع» تحكي عن بداية صراع.
«الصدع» هو القطع في أمور مهمة أو صلبة ماديا أو معنويا. [راجع مفردات راغب وتحقيق المصطفوي]. وقد سمي القول العلني صدعا لكونه يسبب الفرقة والخلاف. فقوله: (فَاصدَع بِما تُؤمَرُ) فی الواقع إشارة إلى التصريح بكلام وحديث يؤدي إلى خلاف ونزاع. فهي عبارة تشتمل على طابع نفساني خاص، وهو تلك الخصومة التي تنتجها هذه الرسالة إن كشف الستار عنها وتم بلاغها بشكل علني. ولهذا في تتمة الآية قد تحدث الله سبحانه عن جبهة الخصم المتمثلة بالمشركين وقال: (وَأعرِضْ عنِ المُشْرِكينَ).
وفي الآية التالية يقول الله سبحانه: (إِنّا كَفَيْناَكَ المُسْتَهْزِئِين)[الحجر/95]. يعني منذ انطلاقة الدعوة، تحدث الله سبحانه عن المواجهة والمجابهة وضغوط الأعداء، فقد تحدثت هذه الآية المباركة عن بداية صراع شديد يبدأ بالاستهزاء والتمسخر والكلام المؤلم. ولهذا قال الله سبحانه في آيتين بعدها: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقولونَ)[الحجر/97] يعني أن المظلومية والمعاناة في مسار هذه المواجهة أمر طبيعي.
لابدّ أن نعيش أجواء الحرب والصراع
يقول المفسرون إن دعوة النبيّ(ص) العلنية قد بدأت بهذه الآية الكريمة، ومنذ بدء الدعوة العلنية بدأ العداء تجاه النبي(ص) وقد أشارت هذه الآيات إلى بعض جوانب هذا العداء والصراع. هذا هو القرآن الذي يحكي عن وجود العداوات والصراعات.
لقد رسمت الحياة البشرية في خضمّ صراع ونزاع، كما قد تبلور ديننا أيضا في أجواء نزاع ومواجهة، ونجد اليوم أن قد بلغ هذا النزاع إلى ذروته. لقد وعدتنا أحاديث النبي(ص) وأهل البيت(ع) أن هذا الصراع سينتهي في يومٍ، وقد ذكروا علامات لانتهاء شوطه، وها نحن نرى بعض تلك العلامات. فيا ترى هل سينتهي هذا الصراع في زماننا هذا؟ فإن كان كذلك، إذن سوف يبلغ هذا الصراع في زماننا إلى ذروته.
إن لم تخل الحياة من النزاع والعداوات، فهل يمكن للدين أن يكون خاليا عن النزاع؟ انظروا إلى السنين الثماني لدفاعنا المقدّس؛ بمجرّد أن قامت دعائم حكومة إسلامية في إيران، شنّ على شعبها حرب عالمية شرسة. لماذا فرضت علينا هذه الحرب؟ وكيف تقيّمون هذا الحدث على أساس التدبير الإلهي وألطاف الله الخفيّة؟ فإذا أردنا أن ننظر إلى هذه الحرب المفروضة بسذاجة، نقول: بدأ هذه الحرب عدوّ جاهل باسم صدّام وشغلنا بها لمدة ثمان سنين، ثم هلك. ولكن إذا أردنا أن نحلل هذه الحرب بمزيد من العمق والتمعّن، لابدّ أن نأخذ عبارة الإمام الخميني(ره) بعين الاعتبار، حيث كان يرى هذه الحرب أحد الألطاف الإلهية الخفية. لقد كان انتصار ثورتنا عبر مواجهة وعداء، وكذلك مرّت مرحلة استقرارها وتعزيزها في فترة حرب وصراع أشدّ. أفلا تدلّ هذه الحقيقة على ضرورة العيش بنَفَس الجهاد والصراع وأن نرى أنفسنا في مثل هذه الأجواء؟ حتى أن التسديدات الغيبية الإلهيّة باتت تظهر حولنا في خضمّ الحروب الظالمة والشرسة التي شنّها الأعداء ضدّنا، وقلّ ما نجد أمثالها في التاريخ.
يتبع إن شاء الله...
|
|
|
|
|