|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 78571
|
الإنتساب : Jun 2013
|
المشاركات : 2,162
|
بمعدل : 0.50 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الباحث الطائي
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 23-06-2014 الساعة : 08:26 AM
على حافة الظهور (12)هل بعث المهدي رسولا ممهدا؟!
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة على محمد وآله
سنة تكذيب الرسل
عرفنا ان منطق المتغير/ والثابت يحول مشهد الوجود إلى أمثال متغيرة وسنن ثابته، وتجري السنن على الاخرين كما جرت على الأولين.
وباعتبار مثل الماضي: "ومضى مثل الاولين" يجسم ثابت السنة بصورة محسوسة: "فقد مضت سنة الاولين"، ما يجعل مثل الماضي اصل ينسخ تشابه شبهه في الحاضر:"اذا تشابهت الامور اعتبر اخرها باولها"، كما يستند اليه في التنبوء بما سيجري في المستقبل: "استدل على ما لم يكن بما قد كان فان الامور اشباه". كما يقول الإمام علي(ع).
ومثال ذلك، ان تكذيب الاقوام سنة تتكرر على مر الزمن، وذلك باعتبار ان الاقوام يتمسكون بالمألوف وينكرون التجديد، ولان الاصلاح هو نقض للمألوف وابداله بجديد اصلح، يرفض ويناهض: "واذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا: بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أو لو كان آباءهم لايعقلون شيئا ولايهتدون".
فدعوة: "اتبعوا ما أنزل الله!"، هي المعرَّفة بدعوة الاصلاح: "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله". وهي دعوة توصف ب"ذكرا محدثا"، تكسر المألوف وتتجاوزه، وهذه الدعوة الاصلاحية المجددة تثير العجب والادهاش: "بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم! فقال الكافرون: هذا شيء عجيب!".
وموقف مقاومة الدعوة الاصلاحية المحدثة، يقصها قوله تعالى: "وانطلق الملأ أن امشوا واصبروا على الهتكم ان هذا لشيء يراد، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا الا اختلاق (: ابتداع)، أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب".
هذه الدعوة للتمسك بالموروث والمألوف وما ينجم عنه من الدفع والمقاومة لحركة الاصلاح والتجديد هي التي تتظاهر في صورة تكذيب كرر نفسه عبر الاجيال، واجهته كل الحركات الرسولية، وهذا ما يجعل التكذيب الذي يعيد نفسه مع كل دعوة اصلاحية يعتني القران بسرده ليلفت النظر اليه اعتبارا :
* ولقد كذب اصحاب الحجر المرسلين
*كذب اصحاب الايكة المرسلين
*كذبت قوم نوح المرسلين
*كذبت عاد المرسلين
*كذبت ثمود المرسلين
*كذبت قوم لوط المرسلين
*كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الاوتاد وثمود وقوم لوط واصحاب الايكة اولئك الاحزاب
*وان يكذبوك فقد كذب امم من قبلكم كل كذب الرسل.
من جانب اخر، يعبر التكذيب عن حالة من الطغيان في الذات، تمثل نوعا من الدفاع عنها حماية للمصالح والجاه والمنصب، قد يتخفى فيتخذ في الظاهر دفاعا عن المبادئ والقيم ولكنه في الباطن هو دفاع عن الذات والمصالح الطبقية والشخصية. يذكر القران هذا الظاهر والباطن بالقول:
"وانطلق الملأ أن امشوا واصبروا على الهتكم ان هذا لشيء يراد، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا الا اختلاق، أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب".
فالدعوة التي مشى بها الملأ يروجون لها بين الناس تؤكد على الصبر والتمسك بالمثل الاعلى المقدس الذي يعمل الملأ وكلاء له وتوصف الدعوة الاصلاحية بالمختلقة التي لم يسمع بها من قبل. بينما يكشف خاتمة الخطاب الباطن : "أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب". لتعبر عن الحسد، كما عبر عن ذلك صراحة بالقول :"لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما اوتي رسل الله الله اعلم حيث يضع رسالته!".
لذلك فان رسل المهدي يتعرضون للتكذيب ذاته، وهذا التكذيب بالنسبة للعامة هو تمسكا بالمالوف واتباعا للاباء والكبراء، وبالنسبة للملأ فان التكذيب ناشئ عن حسدهم ودفاعهم عن مصالح الطبقة والمصالح الشخصية التي تتضرر بظهور الرسول ..
ولتقريب الفكرة كيف يفكر الملأ وعليَّة القوم بمصالحهم ومناصبهم وكيف تعمل المطامح على حجبهم وتصنع تكذيبهم لنضرب مثلا من التاريخ يوصف كيف كذب الرهبان بالرسول محمد، ففي الخبر:
"لما كتب رسول الله(ص) الى ملوك العرب والعجم وبعث الى القبائل واهل الكتاب .. ارسل الى أساقفة نجران يدعوهم الى رفض الاقانيم والانداد والالتزام بالتوحيد وعبادة الله تعالى. فلما قرا الاسقف الكتاب فزع وارتاع وقام وقعد وشاور اهل الحجى والراي منهم ...فاجتمع رايهم على ان يبعثواوفدا ياتي رسول الله فيرجع بخبره . فوفدوا اليه في ستين راكبا وفيهم ثلاثة عشر من اشرافهم وذوي الراي والحجى منهم العاقب والسيد واسقفهم الاول وحبرهم وامامهم وصاحب مدراسهم وهو الاسقف الاعظم الذي شرفه ملك الروم ومولوه وبنوا له الكنائس وبسطوا له الكرامات لما بلغهم من علمه واجتهاده في دينه!.
فلما توجهوا الى رسول الله جلس الاسقف على بغلة والى جنبه اخ له يقال له كرز قال: تعس الابعد! (يريد محمد).
فقال له الاسقف: بل انت تعست!
فقال له: ولم يا أخ؟!
فقال: والله انه النبي الذي كنا ننتظره!
فقال كرز: فما يمنعك وانت تعلم هذا ان تتبعه؟
فقال: ما صنع بنا هؤلاء القوم شرفونا ومولونا واكرمونا وقد ابو الا مخالفته، ولو فعلت نزعوا كل ما ترى!!
لقد كانت المصالح هي التي تمنع الاسقف الاول وحبرهم وصاحب مدراسهم من الايمان بالرسول الذي ايقن بانه وعد الله الذي قامت الايات والبينات على اثباته! فلما علم اخوه كرز بذلك اضمره حتى اسلم، فلم تكن له مصالح تحجبه عن الايمان بالرسول.
ان التاريخ يعيد نفسه ليحجب قومنا عن الايمان برسول المهدي، فيكذبه الناس نزوعا مع مألوفاتهم وطاعة لسادتهم وكبراءهم، ويكذبه الملأ من الكبراء حسدا من عند انفسهم وطلبا للجاه والشرف والمنصب والمال والاتباع، فالرغبة تمنعهم عن التنازل عن الدنيا وزخرفها والمنصب يأسرهم عن التنازل عن العوائد التي يمنحها لهم "فلقد احلولت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها!".
لذلك فان الوعي بالسنن يجعلنا من الملأ على حذر عظيم -لاسيما عندما يتعلق الامر برسول المهدي- فالسنن تشير الى ان الملأ يكذبونه وياخذون بتضليل الناس عنه حسدا من عند انفسهم، ويتهمونه بالكذب ويرمونه بالسحر والجنون بهتانا وطغيانا، بغية شيطنته وتنفير جمهور الناس منه، كما فعل الاولون حذو النعل بالنعل!
لذلك يتطلب الامر من كل فرد قادر على البحث ان يقرأ ويبحث ويتحرى الحقيقة بنفسه وبصورة دقيقة يتفكر ويحاور ويستشير ويجادل ويقارن ويوازن يمحص الاقوال والادلة ولايتبع الملأ من السادة والكبراء اتباعا اعمى، ولنتذكر عبرة القرآن، التي ينقلها عن الخاسرين: "ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فاضلونا السبيل"!.
والى حلقة قادمة انشاء الله ...
|
|
|
|
|