|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 209
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 843
|
بمعدل : 0.12 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
منهل
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 27-08-2006 الساعة : 05:39 PM
-الصراحة :
من صفات ابي الاحرار الصراحة في القول ، والصراحة في السلوك ففي جميع فترات حياته لم يوارب ولم يخادع ، ولم يسلك طريقا فيه أي التواء ، وإنما سلك الطريق الواضح الذي يتجاوب مع ضميره الحي ، وابتعد عن المنعطفات التي لا يقرها دينه وخلقه ، وكان من الوان ذلك السلوك النير أن الوليد حاكم يثرب دعاه في غلس الليل ، وأحاطه علما بهلاك معاوية ، وطلب منه البيعة ليزيد مكتفيا بها في جنح الظلام ، فامتنع ع وصارحه بالواقع قائلا :
يا أمير إنا أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، بنا فتح الله وبنا ختم ، ويزيد فاسق فاجر ، شارب الخمر ، قاتل النفس المحرمة ، معلن بالفسق والفجور ومثلي لا يبايع مثله...
وكشف هذه الكلمات عن مدى صراحته ، وسمو ذاته ، وقوة العارضة عنده في سبيل الحق .
ومن الوان تلك الصراحة التي اعتادها وصارت من ذاتياته أنه لما خرج إلى العراق وافاه النبأ المؤلم وهو في أثناء الطريق بمقتل سفيره مسلم ابن عقيل وخذلان أهل الكوفة ، فقال للذين اتبعوه طلبا للعافية لا للحق :
قد خذلنا شيعتنا فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه ذمام.
فتفرق عنه ذوو الاطماع ، وبقى مع الصفوة من أهل بيته لقد تجنب (ع) في تلك الساعات الحرجة التي يتطلب فيها إلى الناصر الاغراء والخداع مؤمنا ان ذلك لا يمكن أن تتصف به النفوس العظيمة المؤمنة بربها والمؤمنة بعدالة قضيتها .
ومن الوان تلك الصراحة أنه جمع أهل بيته وأصحابه في ليلة العاشر من المحرم ، فاحاطهم علما بأنه يقتل في غد ويقتل جميع من كان معه صارحهم بذلك ليكونوا على بصيرة وبينة من أمرهم ، وأمرهم بالتفرق في سواد ذلك الليل ، فأبت تلك الاسرة العظيمة مفارقته ، وأصرت على الشهادة بين يديه .
تدول الدول ، وتزول المالك ، وهذه الاخلاق الرفيعة أحق بالبقاء وأجدر بالخلود من كل كائن حي لانها تمثل القيم العليا التي لا كرامة للانسان بدونها .
5-الصلابة في الحق :
أما الصلاة في الحق فهي من مقومات أبي الشهداء ومن أبرز ذاتياته فقد شق الطريق في صعوبة مذهلة لاقامة الحق ودك حصون الباطل ، وتدمير خلايا الجور .
لقد تبنى الامام (ع) الحق بجميع رحابه ومفاهيمه ، واندفع إلى ساحات النضال ليقيم الحق في ربوع الوطن الاسلامي ، وينقذ الامة من التيارات العنيفة التي خلقت في أجوائها قواعد للباطل ، وخلايا للظلم ، وأوكارا للطغيان تركتها تتردى في مجاهل سحيقة من هذ الحياة رأى الامام (ع) الامة قد غمرتها الاباطيل والاضاليل ، ولم يعد ماثلا في حياتها أي مفهوم من مفاهيم الحق ، فانبرى (ع) إلى ميادين التضحية والفداء ليرفع راية الحق :
وقد أعلن (ع) هذا الهدف المشرق في خطابه الذي ألقاه أمام أصحابه قائلا :
ألا ترون إلى الحق لا يعمل به ، والى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله.
لقد كان الحق من العناصر الوضائة في شخصية أبي الاحرار ، وقد استشف النبي (ص) فيه هذه الظاهرة الكريمة فكان - فيما يقول المؤرخون - يرشف دوما تغره الكريم ذلك الثغر الذي قال كلمة الله وفجر ينابيع العدل والحق في الارض .
6-الصبر :
من النزعات الفذة التي تفرد بها سيد الشهداء الصبر على نوائب الدنيا ومحن الايام ، فقد تجرع مرارة الصبر منذ أن كان طفلا ، فرزئ بجده وامه ، وشاهد الاحداث الرهيبة التي جرت على أبيه ، وما عاناه من المحن والخطوب وتجرع مرارة الصبر في عهد أخيه ، وهو ينظر إلى خذلان جيشه له ، وغدرهم به حتى ارغم على الصلح ، وبقي معه يشاركه في محنه وآلامه ، حتى اغتاله معاوية بالسم ، ورام أن يوارى جثمانه بجوار جده فمنعته بنو امية فكان ذلك من أشق المحن عليه .
ومن أعظم الرزايا التي صبر عليها أنه كان يرى انتقاض مبادئ الاسلام ، وما يوضع على لسان جده من الاحاديث المنكرة التي تغير وتبدل شريعة اللهه ومن الدواهي التي عاناها أنه كان يسمع سب أبيه وانتقاضه على كل هذه الرزايا والمصائب .
وتواكبت عليه المحن الشاقة التي تميد بالصبر في يوم العاشر من المحرم فلم يكد ينتهي من محنة حتى تطوف به مجموعة من الرزايا والام ، فكان يقف على الكواكب المشرقة من أبنائه وأهل بيته ، وقد تناهبت السيوف والرماح أشلاءهم فيخاطبهم بكل طمأنينة وثبات :
" صبرا يا أهل بيتي ، صبرا يا بني عمومتي ، لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم .
وقد بصر شقيقته عقيلة بني هاشم ، وقد أذهلها الخطب ، ومزق الاسى قلبها فسارع اليها ، وأمرها بالخلود إلى الصبر والرضا بما قسم الله .
ومن أهوال تلك الكوارث التي صبر الامام عليها أنه كان يرى أطفاله وعياله وهم يضجون من ألم الظمأ القاتل ، ويستغيثون به من أليم العطش فكان يأمرهم بالصبر والاستقامة ، ويخبرهم بالعاقبة المشرقة التي يؤل اليها أمرهم بعد هذه المحن الحازبة .
وقد صبر على ملاقاة الاعداء الذين ملئت الارض جموعهم المتدفقة وهو وحده يتلقى الضرب والطعن من جميع الجهات قد تفتت كبده من العطش وهو غير حافل بذلك كله .
لقد كان صبره وموقفه الصلب يوم الطف من أندر ما عرفته الانسانية يقول الاربلي :
شجاعة الحسين يضرب بها المثل ، وصبره في الحرب أعجز الاوائل والاواخر.
إن أي واحدة من رزاياه لو ابتلى بها أي انسان مهما تدرع بالصبر والعزم وقوة النفس لاوهنت قواه واستسلم للضعف النفسي ، ولكنه (ع) لم يعن بما ابتلي به في سبيل الغاية الشريفة التي سمت بروحه أن تستسلم للجزع أو تضرع للخطوب يقول المؤرخون :
إنه تفرد بهذه الظاهرة ، فلم توه عزمه الاحداث مهما كانت وقد توفى له ولد في حياته فلم ير عليه أثر للكآبه فقيل له في ذلك فقال ع :
" إنا أهل بيت نسأل الله فيعطينا ، فاذا أراد ما نكره فيما نحب رضينا " لقد رضى بقضاء الله واستسلم لامره ، وهذا هو جوهر الاسلام ومنتهى الايمان .
7-الحلم :
أما الحلم فهو من أسمى صفات أبي شهداء (ع) ومن أبرز خصائصه فقد كان فيما أجمع عليه الرواة - لا يقابل مسيئا باسائته ، ولا مذنبا بذنبه ، وإنما كان يغدق عليهم ببره ومعروفه شأنه في ذلك شأن جده الرسول (ص) الذي وسع الناس جميعا باخلاقه وفضائله ، وقد عرف بهذه الظاهرة وشاعت عنه ، وقد استغلها بعض مواليه فكان يعمد إلى اقتراف الاسائة إليه لينعم بصلته واحسانه ، ويقول المؤرخون :
إن بعض مواليه قد جنى عليه جناية توجب التأديب فأمر (ع) بتأديبه ، فانبرى العبد قائلا :
يا مولاي ، إن الله تعالى يقول : " الكاظمين الغيظ.
فقابله الامام ببسماته الفياضة وقال له خلوا عنه ، فقد كظمت غيظي.
وسارع العبد قائلا والعافين عن الناس.
قد عفوت عنك.
وانبرى العبد يطلب المزيد من الاحسان قائلا والله يحب المحسنين
" أنت حر لوجه الله.
ثم أمر له بجائزة سنية تغنيه عن الحاجة ومسألة الناس .
لقد كان هذا الخلق العظيم من مقوماته التي لم تنفك عنه ، وظلت ملازمة له طوال حياته .
8-التواضع :
وجبل الامام الحسين (ع) على التواضع ومجافاة الانانية والكبرياء ، وقد ورث هذه الظاهرة من جده الرسول ص الذي أقام اصول الفضائل ومعالي الاخلاق في الارض ، وقد نقل الرواة بوادر كثيرة من سمو أخلاقه وتواضعهه نلمع إلى بعضها :
1-انه اجتاز على مساكين يأكلون في (الصفة) فدعوه إلى الغداء فنزل عن راحلته ، وتغذى معهم ، ثم قال لهم :
قد أجبتكم فأجيبوني ، فلبوا كلامه وخفوا معه إلى منزله ، فقال (ع) لزوجه الرباب :
اخرجي ما كنت تتدخرين ، فاخرجت ما عندها من نقود فناولها لهم.
2-مر على فقراء يأكلون كسرا من أموال الصدقة ، فسلم عليهم فدعوه إلى طعامهم ، فجلس معهم ، وقال :
لولا انه صدقة لاكلت معهم ثم دعاهم إلى منزله ، فاطعمهم ، وكساهم ، وأمر لهم بدراهم.
لقد اقتدى (ع) في ذلك بجده الرسول (ص) وسار على هديه فقد كان - فيما يقول المؤرخون - يخالط الفقراء ويجالسهم ويفيض عليهم ببره واحسانه حتى لا يتبيغ بالفقير فقره ولا يبطر الغنى ثراؤه .
3-وجرت مشادة بين الحسين وأخيه محمد بن الحنفية ، فانصرف محمد إلى داره وكتب اليه رسالة جاء فيها أما بعد :
فان لك شرفا لا أبلغه ، وفضلا لا أدركه ، أبونا علي لا أفضلك فيه ولا تفضلني ، وأمي أمرأة من بني حنيفة ، وأمك فاطمة بنت رسول الله (ص) ولو كان ملء الارض مثل أمي ما وفين بأمك ، فاذا قرأت رقعتي هذه فالبس رداءك ونعليك وسر الي ، وترضيني ، واياك أن أكون سابقك إلى الفضل الذي أنت أولى به مني.
ولما قرأ الحسين رسالة أخيه سارع اليه وترضاه وكان ذلك من معالي أخلاقه وسمو ذاته .
|
|
|
|
|