|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 82198
|
الإنتساب : Aug 2015
|
المشاركات : 1,478
|
بمعدل : 0.42 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
صدى المهدي
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
بتاريخ : 11-12-2024 الساعة : 08:41 PM
لتواصل بين الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وشيعته:
وعليه، فلابد من بقاء الصلة والرابطة، والمحافظة عليها بيننا وبين الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وتواصلها بمختلف العناوين تذكيراً وسلوكاً، فإنه مما يستحب للمؤمن أن يجدد البيعة له في كل صباح تذكيراً للنفس وتأكيداً عليها، كما ورد في دعاء العهد:
«اللهم إنّي أُجدد له في صبيحة هذا اليوم، وما عشت به في أيامي، عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي، لا أحول عنها ولا أزول، اللهم اجعلني من أنصاره وأعوانه، الذابين عنه، المسارعين في حوائجه، الممتثلين لأوامره، المحامين عنه، المستشهدين بين يديه»(٢٤).
كما أن الله تعالى لا يقبل من المسلم صلاة ولا صياماً، ولا حجاً ولا زكاة، ولا فرضاً ولا جهاداً، دون معرفة الإمام (عليه السلام) والبيعة له؛ لأن قبول هذه الأعمال منوط بالإيمان به (عليه السلام) ومعرفته، إذ يُفترض أن من لوازم معرفة الإمام (عليه السلام) أن يتولد عند الإنسان باعث نفسي في أداء الفروض الشرعية الإسلامية، وباعث عَملي للتحرك نحو ذلك؛ اقتداء به (عليه السلام) والتمسك والسير على نهجه القويم، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ألا وإِنّ لِكلّ مأموم إِماماً يقتدي به، ويستضيء بنور علمه»(٢٥)، والالتزام بمساره الثابت بدعوته إلى الله تعالى وما يلازمها، والتمسك بتطبيق ما بلَّغ به الإمام (عجّل الله فرجه) وآباؤه الطاهرون، من الأوامر والنواهي على أرض الواقع، والتسليم المطلق له، والبحث عن مراده فيما يحب ويكره والعمل به؛ لأنه (عجّل الله فرجه) ظل الله في الأرض، وأَنَّه الطريق الأبلج والحجة الإلهية على الناس؛ وذلك بتتبع الأخبار والمرويات التي تحكي عن أقوال الإمام (عجّل الله فرجه) وسيرته وأحواله، وعن آبائه الطاهرين (عليهم السلام)، فهذا جزء من أداء حق الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
لا أن يكون معنى الاقتداء به (عجّل الله فرجه) مجرد لقلقة لسان وتباهٍ بالكلام، وحكاية أماني ورغبات، خالية من أي أثر حقيقي على أرض الواقع، ولا تأثير لها في سلوك الشخص ولا مسيرته، مع الله تعالى ولا في المجتمع.
ومن أبرز توجيهاته -ما بيناهُ سالفاً- من رفض كل مدّعٍ للسفارة والنيابة الخاصة عنه، والتمسك بالعلماء الأعلام الورعين الأتقياء، الذين بهم يحفظ الدين والمذهب، ويصان الإنسان، ويُحفظ من الفتنة والضلالة، وسوء العمل والمنقلب، فطريق معرفة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، هو طريق لمعرفة الله تعالى والالتزام بحدوده وأحكامه.
انتظار الإمام المهدي (عجّل الله فرجه):
كما أن من أهم حقوق معرفة الإمام (عجّل الله فرجه) التي في ذمة المؤمن به شخصاً ووجوداً، هو انتظار الفرج بخروجه المحتوم والنصر على الظالمين والدعاء له بذلك.
قال الإمام الكاظم (عليه السلام): «أفضل العبادة بعد المعرفة انتظار الفرج»(٢٦).
وقال الإمام الجواد (عليه السلام): «أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج»(٢٧).
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إِنَّ أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج»(٢٨).
بل ورد أنَّه من أفضل الجهاد، كما قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «أفضل جهاد أمتي انتظار الفرج»(٢٩).
كما يستحب كثرة الدعاء له بالفرج، فقد روي عنه (عجّل الله فرجه): «أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإِن ذلك فرجكم»(٣٠).
إن على الشيعة أن يكونوا من الثابتين الصابرين، فلا يأخذهم اليأس ولا الملل من طول الانتظار، فإن هذا الأمر لا يأتي إلّا بعد يأس(إياس)، «لا والله لا يأتيكم حتى تميزوا، لا والله لا يأتيكم حتى تمحصوا، ولا والله لا يأتيكم حتى يشقى من شقي، ويسعد من سعد»(٣١). فهنيئاً للثابتين، فإن أفضل العبادة انتظار الفرج.
ومن رسالة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) إلى والد الشيخ الصدوق (رحمه الله)، منها:
«وعليك بالصبر وانتظار الفرج فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج، ولا يزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي الذي بشر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما مُلئت جوراً وظلماً، فاصبر»(٣٢).
وحيث إنَّ مفهوم الانتظار من أبرز مصاديقه وأصدقها يتمثل في انتظار فرج العَالم مِنْ المحرومين والمضطهدين والمستضعفين، بخروج الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وإقامة دولة العَدل الإلهية على الأرض.
وأمّا موعد ظهور الفرج، فإِنَّه موكول إلى أمر الله تعالى، قال الإمام الباقر (عليه السلام):
«كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون»(٣٣).
وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) إذ دخل عليه مهزم، فقال له: جعلت فداك أخبرني عن هذا الأمر الذي ننتظر، متى هو؟
فقال: «يا مهزم كذب الوقاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المُسَلِّمون لأمرنا وطاعتنا وانتظار قائمنا»(٣٤).
هذا، وتجد من الروايات في انتظار فرج قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والحث على ذلك الشيء الكثير، وقد أعد الله تعالى للمنتظرين الصادقين المقام الرفيع والأجر العظيم؛ لثبات نفوسهم واطمئنانهم بخروجه ونصره على الظالمين ولو بعد حين، بما أعطاهم الله تعالى من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به غيبته (عجّل الله فرجه) عندهم بمنزلة المشاهدة واليقين في نفوسهم، منها:
عن أبي عبد الله (عليه السلام) يقول:
«من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن هو مع القائم في فسطاطه».
قال: ثم مكث هنيئة ثم قال:
«لا بل كمن قارع معه بسيفه»، ثم قال:
«لا والله إلّا كمن استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)»(٣٥).
وسألَ سائل الإمام الباقر (عليه السلام): أخبرني بدينك الذي تدين الله تعالى به أنت وأهل بيتك؛ لأدين الله تعالى به؟
قال (عليه السلام): «إن كنت أقصرت الخطبة فقد أعظمت المسألة، والله لأعطينك ديني ودين آبائي الذي ندين الله تعالى به، شهادة أن لا إله إلّا الله وأن محمداً رسول الله، والإقرار بما جاء به من عند الله، والولاية لولينا، والبراءة من عدونا، والتسليم لأمرنا، وانتظار قائمنا، والاجتهاد والورع»(٣٦).
وعن الإمام زين العابدين (عليه السلام):
«إن أهل زمان غيبته، القائلون بإمامته، المنتظرون لظهوره، أفضل أهل كل زمان؛ لأن الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسيف، أولئك المخلصون حقاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله سراً وجهراً»(٣٧).
وقال (عليه السلام): «انتظار الفرج من أعظم الفرج»(٣٨).
وغير ذلك كثير من الروايات الحاثة على انتظار الفرج بقائم آل محمد (عليهم السلام)، وقد اقتصرنا على هذه الروايات روماً للاختصار.
وهذه الروايات وغيرها تؤكد وتدلل على القناعة التامة بجدارة الحل الإسلامي كمنهج عبادة وحياة لقيادة العَالم، بقيادة الإمام المنتظر مهدي هذه الأمة (عجّل الله فرجه)، وقدرته على حَلِّ مشاكل هذا العَالم بما تتهيأ له من الظروف والإمكانات والرجال، ليفتح أبواب العدالة والسعادة للعَالم أجمع.
فمعنى الانتظار هو استراتيجيَّة إلهية وتخطيط سماوي بآلية عِبادية لبناء الإنسان وتكامله، والوصول به نحو تكامل الذات والروح، مُقدمة للارتقاء به نحو بذل الجهد والاجتهاد على مستوى التطبيق العملي؛ وإقامة الهدف المنشود لإقامة دولة العدل الإلهية، بالاستعداد وتهيئة النفس، بعد الإيمان بالإمام (عجّل الله فرجه) ومعرفته، مما يترتب على ذلك سلوك عمليٌ، واقعي فعلي، بل إلى كل ما يبعث في الإنسان روح المسؤولية، ويوقظ فيه روح العقل، ويفتح طاقات الإنسان الكامنة في إقامة دولة العدل الإلهي، فتكون المسؤولية أكبر والتَّهيُّؤُ لذلك أعظم، ولا يأخذه اليأس إلى ذلك، بل لابد أن تكون قيم الثبات والصمود والصبر والإيمان راسخة في النفس مهما طال الأمد وقست القلوب وكَثُرَ المشككون.
وقد بنى ركيزةَ الانتظار ومَهَّدَ لها رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والأئمة الأطهار (عليهم السلام)، حتى أرسى (عجّل الله فرجه) دعائمها بعد غيبته الكبرى، كمسار استراتيجي لشيعته، لكي لا يُنسى ذِكره، ولا يُهمل أثره في نفوس شيعته ومواليه.
هذا، وإنَّ هناك كثيراً من العناصر التي تُعد من مقومات الانتظار الحقيقي التي تبني روح الإنسان المؤمن، وتتكامل بها شخصيته، وتقوى صلته بإمامه وتواصله، منها:
- الاستعداد التام والتَّهيُّؤُ العملي لانتظار الفرج صباحاً ومساءً، والجِدّ في الانتظار وعدم التغافل، ولا يكون مجرد لقلقة لسان وذكر أحاديث عابرة.
- اِستحبابُ كثرة الدعاء للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بالفرج، فإن أعظم الفَرج هو انتظار الفرج، والتصدق عنه (عجّل الله فرجه).
- الصبر على الانتظار وعدم اليأس من الفرج مهما مَرَّت المصاعب والأحداث، وتطاولت الأيام والدهور، فعن أبي بصير قال: قال الصادق (عليه السلام):
«طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا، فلم يزغ قلبه بعد الهداية»(٣٩).
- التورُّع عن محارم الله تعالى، والتمسك بنهج أهل البيت (عليهم السلام)، والتزين بمحاسن الأخلاق، قال الإمام الباقر (عليه السلام):
«لِيَعنْ قويُّكم ضعيفَكم، ولِيعطف غنيكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصيحته لِنفسه، واكتموا أسرارنا، ولا تحملوا الناس على أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً فردوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فيه فقفوا عنده، وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، وإذا كنتم كما أوصيناكم، لم تعدوا إلى غيره، فمات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا كان شهيداً، ومن أدرك منكم قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدواً لنا كان له أجر عشرين شهيداً»(٤٠).
- تحصين قواعد الشيعة وتثقيفها ورعايتها بالمعرفة بما يدفع عنهم آراء المتخرصين في إلقاء الشبهات والتشكيك بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وعقائدهم.
- التمسك بولاية أهل البيت (عليهم السلام) والبراءة من أعدائهم والثبات على ذلك، وأن لا يكون متردداً مضطرباً شاكاً. ومن معاني التمسك بولايتهم معرفتهم بأنهم اثنا عشر إماماً وخليفة، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم المهدي القائم محمد بن الحسن العسكري (عليهم السلام)، الذي بخروجه يتمّ الفرج، والإيمان بعقيدة المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) وغيرها.
- أن لا يكون انتظار الإمام القائم (عجّل الله فرجه) انتظار الكسالى والخاملين.
- أن لا يكون انتظاره انتظار المتفرج الذي لا يهمه شيء، ولا يعنيه من الأمر إلّا نفعه الشخصي الآني.
- أن لا يكون انتظاره انتظار اتكال بل أن يكون انتظار توكل واستعداد وبناء.
فإنَّ على أمثال هؤلاء أن يبحثوا عن ساحة بعيدة عن منهج أهل البيت (عليهم السلام) ولينتفعوا في حياتهم بغيرهم لا بهم (عليهم السلام).
وقال تعالى: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ * وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ﴾ (هود: ١٢١-١٢٢). فإِنَّ المؤمن المنتظر حقاً هو الذي يُمهد للنصر، ويَستعد للفتح مع الإمام القائم (عجّل الله فرجه)، ويتجهز لذلك اليوم فكراً وسلوكاً وعملاً.
لا أن ينتظر انتظار العاطلين البطالين؛ ليأتيه النصر والفتح مُنحة سماوية خالصة من دون ثمن ولا جِدٍّ ولا اجتهاد؛ فإنه مطرود.
فبهذه المسارات الاستراتيجيَّة الثلاث، التي رسمها الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، حافظ على كيان شيعته ومواليه ثابتاً متماسكاً، وجعل الترابط والتواصل الروحي قائماً بينه وبينهم إلى أن يأذن الله تعالى له بالخروج، إنَّه سميع مجيب.
|
|
|
|
|