|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 82198
|
الإنتساب : Aug 2015
|
المشاركات : 1,630
|
بمعدل : 0.44 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
صدى المهدي
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : اليوم الساعة : 09:24 AM
وللإجابة على السؤال الآنف يمكن أن يقال:
نعم هناك عوامل(ظ¢ظ¢) تساعد على ولادة أمل جديد بوجود فئة اجتماعية تنتمي إلى مدرسة دينية ربَّما تحمل في كنف أفكارها وسيرتها أملاً يُسرِع بتطبيق العدل المفقود في العالم والتمهيد لقبول أفكاره وطرحه، وتلك العوامل هي:
العامل الأوَّل: سيرة العلماء والحوزات العلمية:
لو تتبَّعنا سيرة علماء الطوائف الدينية سنجد أنَّها إمَّا منعزلة تماماً عن شعوبها والواقع الذي تعيشه، وهي في وادٍ وأتباعها في وادٍ آخر، ومثاله المسيحية والبوذية وبمجموعهما يُشكِّلون أغلبية أبناء بني البشر.
وإمَّا هم تحت تصرف الحكومات الجائرة وهي تتحكَّم بهم تحكّماً كاملاً، بل حتَّى تنصيب كبار العلماء يتمُّ بمرسوم جمهوري أو ملكي، ناهيك عن السيطرة الاقتصادية، ولا يتعدّى رجل الدين هناك أكثر من كونه موظَّف حكومي، وهو يسير في ركب الحاكم فإن كان الحاكم شرّيراً وأكثرهم كذلك، فيجب على العلماء شرعنة شرّهم واستدراج شعوبهم وحثّهم على مسايرة الحاكم، ومثال على ذلك علماء السعودية والخليج عموماً، والأزهر بدرجة أقلّ تقريباً. وقد أطلقوا طبقة من المشايخ من ذوي المعالم غير الواضحة يُحرِّكون بهم الجهلة ويُغرِّرون بهم بحثِّهم على جهاد الكفّار، والمعنيين بهؤلاء الكفّار هم مئات ملايين المسلمين الذين يشهدون الشهادتين، وأكبر تأثير مباشر على الدين عموماً وسمعته وعلى أتباعهم هي فوضوية تلك الفتاوى التي تصدر من جهات تدَّعي العلم وعدم ضبطها ضمن أُطُر علمية واضحة.
وبعد الوعي المتزايد لدى شعوب العالم من جهة والوازع الفطري للدين لدى الإنسان أخذت وظيفة هؤلاء العلماء تتضاءل وتصغر وتتباين في عقول وقلوب هؤلاء الأتباع. فالوازع الديني الفطري النزيه والنوراني في وادٍ وممارسات ما يُسمَّون بعلماء في وادٍ آخر.
وأمَّا علماء أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام فقد أدهشوا العالم بحكمتهم ووسطيَّتهم وإنسانيتهم ودرءهم لكثير من الفتن وحفاظهم على مقدرات أبناء الديانات والمذاهب الأُخرى، وأقرب دليل على ذلك هو موقف المرجعية العليا المتمثِّلة بالسيِّد السيستاني (دام ظلّه الوارف) في حفاظه على أبناء المذاهب الأُخرى، حتَّى اشتهر توصيفهم بـ (أنفسنا) على كثير من الألسن، ووقوفه إلى جنب أتباعه وغيرهم في قبال كلّ من أراد تحريف مصالحهم، ودعمه لأبناء المناطق التي طالتها يد الإرهاب من أبناء المذاهب والديانات الأُخرى غير خفيَّة على المتتبِّع كاليزيديين والمسيحيين وغيرهم.
وكذلك مواقف كلّ زعامات الطائفة الأساسيين من الوحدة وجمع الكلمة بين أبناء الدين الإسلامي، وخير شاهد على ذلك هو إقامة المهرجانات والتجمّعات ذات الطابع التوحيدي، من قِبَل قيادة الجمهورية الإسلاميَّة، وغير بعيد عنّا موقف الشهيد الصدر الثاني حين أمر أتباعه بإقامة صلاة الجمعة الموحَّدة.
وكذلك مواقف الشهيد الصدر الأوَّل والسيِّد موسى الصدر الذي انفتح على أبناء الديانات الأُخرى، تفهّماً ومشاركةً لهمومهم ومشاكلهم.
وكثير من المحاولات والمواقف من حوزات وعلماء أتباع أهل البيت عليهم السلام التي تصبُّ في بثِّ روح الأُخوَّة والوحدة مع باقي المذاهب الإسلاميَّة والتعاون والتسامح مع باقي أبناء الديانات الأُخرى. كيف لا وذاك صوت قائدهم وإمامهم علي بن أبي طالب عليه السلام ينادي: «الناس صنفان إمَّا أخ لك في الدين أو شبيه لك في الخلق»؟
فإذا كان الأتباع من العلماء بهذه الروحية العالية والحكمة البالغة يتعاملون مع باقي الطوائف، فكيف بقائدهم الكبير وإمامهم الموعود؟
العامل الثاني: السيرة الطيّبة للفصائل العسكرية الشيعية:
تباين أفكار وسلوك الفصائل المسلَّحة التي تدَّعي ارتباطها بالسلام. فالمتتبِّع لعقيدة وأفعال الوهّابية منذ نشأتها وبعد استتباب أُمورها في الحجاز حيث بدأت نشاطها الإرهابي في العراق وقتلت آلاف العراقيين في غزوات الإخوان بهجومهم على كربلاء والنجف وبادية السماوة، وما فعلته في أفغانستان وما تفعله اليوم في كثير من بلدان العالم الإسلامي تحت مسمّيات كثيرة كالإخوان في بداية انتصار الوهابية والقاعدة وطالبان والتوحيد والجهاد والنصرة وبوكو حرام وليس آخرها داعش.
وما قامت به هذه القطعان غير خافٍ على أحد من قتل الأطفال والنساء وتشريد الشعوب ومخالفتها لأبسط تعاليم الدين القويم وتكفيرهم لأُمَّة المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلم بأجمعها تقريباً إلَّا من سار في ركبهم المنحرف.
ومن جهة أُخرى لو تتبَّعنا منهج وسلوك الفصائل المسلَّحة التي تتَّبع أهل البيت عليهم السلام في العقيدة لا نجد لها أيّ موقف عدائي ولا يُعمِّمون معركتهم لغير عدوّهم المعلن والمحدَّد، وهو إمَّا مغتصب لأرض أو معتدّي على نفس أو مقدَّس من مقدَّساتهم، وقد استطاعت هذه الفصائل أن تكسب احترام متابعيها من أبناء الثقافات الأُخرى، باتِّزانها وخُلُقها الرفيع وشرفها في إدارة المعارك، وصمودها من أجل تحقيق أهدافها، تلك الأهداف التي تقرّها كلّ الشرائع الإنسانية والسماوية.
العامل الثالث: سيرة الأئمَّة الأطهار عليهم السلام:
وهذا هو أهمّ العوامل وأكثرها تأثيراً، حيث ورد عن الأئمَّة عليهم السلام في هذا المعنى:
عن الهروي، قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: «رحم الله عبداً أحيا أمرنا»، فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟ قال: «يتعلَّم علومنا ويُعلِّمها الناس، فإنَّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتَّبعونا»(ظ¢ظ£).
إنَّ سيرة أئمَّتنا عليهم السلام وخصوصاً المشهورون منهم كأمير المؤمنين والإمام الحسين عليهما السلام، قد ألهمت أحرار العالم من مفكّرين وثوّار وأُدباء المعنى الحقيقي للحرّية وعشق العدل وأسمى معاني الإنسانية حتى دوَّن بعضهم هذه الاعترافات، إمَّا في قصائدهم أو غيرها، ومن أمثلة تلك الشهادات ما سطره الأديب المسيحي المعروف (بولس سلامة):
لا تَقُل شيعةٌ هواةُ عليٍّ * * * إنَّ كلَّ منصفٍ شيعيا
هو فخرُ التاريخ لا فخرَ شعبٍ * * * يصطفيه ويدَّعيه وليَّا
ذِكره إن عرى وجومَ الليالي * * * شقّ في فلقة الصباح نجيَّا
يا عليَّ العصور هذا بياني * * * صغتُ فيه وحيَ الإمام جليَّا
يا أميرَ البيان هذا وفائي * * * أحمدُ اللهَ أن خُلِقْتُ وفيَّا
جلجل الحقُّ في المسيحي حتَّى * * * صار من فرط حُبِّه علويَّا
أنا من يعشق البطولة والإلهام * * * والعدل والخلق الرضيّا
فإذا لم يكن عليٌّ نبيَّاً * * * فلقد كان خُلْقه نبويَّا
أنت ربٌّ للعالمين إلهي * * * فأنلهم حنانك الأبويا
وأنلني ثواب ما سطرت كفّي * * * فهاج الدموع في مقلتيا
سفر خير الأنام من بعد طه * * * ما رأى الكون مثله آدميا
يا سماء اشهدي ويا أرض قرّي * * * واخشعي إنَّني ذكرت عليَّا
ولعلَّ خلاصة ما ينفعنا في المقام هو قوله:
أنا من يعشق البطولة والإلهام * * * والعدل والخلق الرضيّا
النتيجة:
مع اتِّحاد هذه العوامل وانتشارها ولَّدت وستولد انطباعاً إيجابياً لدى طبقات مهمَّة من العالم.
وهذا الانطباع الإيجابي سيترك بطبيعة الحال احتراماً راسخاً للجهة التي نبعت منها تلك العوامل، والتي يكون الإمام المهدي عليه السلام قائدها الفعلي الأعلى، وهو من يطرح تلك الأفكار الجديدة. وإنَّ هذه الجهة الوحيدة في التاريخ لم تُعْطَ فرصة القيادة العامَّة للبشرية، فقد جاء عن الأئمَّة عليهم السلام، عن أبي جعفر عليه السلام أنَّه قال:
«دولتنا آخر الدول، ولن يبقَ أهل بيت لهم دولة إلَّا ملكوا قبلنا لئلَّا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله (عزَّ وجلَّ): (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف: ظ،ظ¢ظ¨]»(ظ¢ظ¤).
ومن نتائج هذا الانطباع الطيّب أيضاً، عن خطِّ مدرسة أهل البيت عليهم السلام، هو بقاء أو ولادة الأمل في نفوس وعقول طالبي العدل في العالم بوجود احتمال جديد بقيادة الإنسانية نحو سعادتها.
|
|
|
|
|