[حيدر الموسوي]

· ان وقوع قرص القمر وقت الغروب قريبا جدا من الافق وقت رصده يؤدي الى خفوت اضاءته بشكل كبير جدا .فنلاحظ اننا لا نستطيع النظر الى الشمس وقت الظهيرة لكن يمكن النظر اليها وقت الغروب ,لان اشعة الشمس وقت الظهيرة لكن يمكن النظر اليها وقت الغروب ,لان اشعة الشمس في وضع الغروب تسير مسافة اكبر في الغلاف الجوي وهذا مما يؤدي الى توهين وتشتت اشعتها ولا يصلنا منها الا القليل وهذا ما يحدث للهلال ايضا فالغلاف الجوي عند الافق كفيل بان يشتت جميع اضاءة الهلال فلا نعود نراه .
نستنتج مما سبق ان قرص الشمس يجب ان يكون على ارتفاع مناسب عن الافق وان يبتعد مسافة كافية عن قرص الشمس حتى تزداد نسبة اضاءته ,ولكي يبتعد عن تاثير ضوء الشمس فيتضح سطوعه .
اذا حدث الاقتران قبل غروب الشمس وغرب القمر بعد غروب الشمس لكن تعذر رؤية الهلال لاحد الاسباب الثلاثة السالفة الذكر فان الرؤية تسمى غير ممكنة .وقد لاحظنا من كل ما سبق ان الله تبارك وتعالى جعل من حركة القمر الدؤوبة هذه حركة جلية واضحة لتحديد الاشهر الاثني عشر مما يجعل التقويم الهجري تقويما سهلا يمكن ان يشهده ويستنتجه بسهولة مل من الانسان البسيط العامل والمتعلم والعالم والذكر والانثى على حد سواء لذا كانت الرؤية المجردة هي التوجه المباشر والذي يمكن لكافة البشر القيام به ثم تاتي بعد ذلك الرؤية بالاجهزة البصرية بالاضافة الى الحسابات الفلكية الدقيقة ومن المعلوم ان منذ بداية العصر الاسلامي تم وضع معايير تتحدث عن امكانية رؤية الهلال او عدمها .
وهناك معايير كثيرة لرؤية الاهلة منها :
1) البابلي :تكون رؤية الهلال ممكنة اذا زاد عمره لحظة غروب الشمس عن 24 ساعة وغروب الهلال بعدها ب 48 دقيقة وهو معيار جيد جدا.
2)البتاني :تكون رؤية الهلال ممكنة اذا كان انخفاض الشمس لحظة غروب القمر بين 9 و10 درجات تحت الافق اي ممكن حصول الرؤية قبل غروب القمر ما بين الشفق المدني والبحري(الشمس اسفل الافق من 6 الى 12 درجة).
3)محمد الياس:هذا المعيار يربط بين بعد القمر عن الافق وفرق الاتجاه الافقي (البعد الزاوي) وهو يعطي امكانية رؤية بالعين المجردة فقط وحدد اقل ارتفاع 5 درجات .
4)معيار شيفر (فلكي معاصر): ادخل العوامل الجوية في عين الاعتبار بالاضافة الى الابعاد الفلكية وهو من افضل الافكار .
5)معيار يالوب :وقد وضعه البريطاني يالوب (وهو مدير مرصد كرينتش ورئيس لجنة الازياج الفلكية -التابعة للاتحاد الفلكي الدولي )حيث يربط معياره بين فرق الارتفاع الزاوي المركزي للشمس والقمر مع سمك الهلال حيث قسم امكانية الرؤية الى :
1)ممكنة بالمرقب والمنظار فقط .
2)قد تحتاج الى منظار او مرقب .
3)ممكنة بالعين المجردة في حالة صفاء السماء كليا .
4)ممكنة بسهولة بالعين المجردة.
وبناءا على ارصاد لمئات السنين لم تثبت رؤية الهلال يقل عن المعايير التالية :
1) هلال بالعين المجردة :
لم ير هلال بالعين المجردة يقل عمره عن 15 ساعة و24 دقيقة وهذه ملاحظة العالم يلويوس شميت عام 1871 .
2)هلال يشاهد بالمنظار :
فاصغر هلال تمت رؤيته عمره 12 ساعة و42 دقيقة .
3)هلال يشاهد بالمرقب الفلكي :
هلال عمره 12 ساعة و7 دقائق وتمت رؤيته من قبل الراصد ستام يوم 20\1\1996 عن طريق مرقب قطره 8 بوصات.

معيار المكث :
1) بالعين:لم ير بالعين المجردة هلال يقل مكثه عن 22 دقيقة .
2)بالبعد الزاوي :لم ير هلال يقل بعده الزاوي عن 7 درجات .

اذن لتحديد بداية الشهر القمري الشرعي يجب تحديد الشروط اللازمة التي تسمح للعين المجردة بتمييز هلال الشهر الجديد ,وهناك عوامل كثيرة تؤثر على عملية الرؤية هذه اهمها :
1)عمر الهلال وبعده الزاوي عن قرص الشمس .
2)ارتفاع الهلال عن مستوى الافق وقت الغروب .
3)بعد القمر عن الارض .
4)طبيعة الظروف الجوية وشفافية الهواء .
ان العاملين الاول والثاني هما الرئيسيان في تحديد القدرة على الرؤية ,اما الفقرة الثالثة فتاثيرها قليل ,حيث ان بعد القمر عن الارض يتغير بحدود 4% ولا يؤثر ذلك على قابلية الرؤية بشكل كبير ,اما الفقرة الرابعة فتعتمد على العديد من العوامل المحلية في وقت الرؤية

هناك اسلوب جديد لبحث احتمالية رؤية الهلال من عدمها لكن لا زال غير معروف على نطاق واسع هو الخط الزمني القمري الدولي international lunar dateline ويرمز له i.l.d.l. فالهلال يمكن ان يرى في مكان ما دون ان يعني ذلك امكانية رؤيته في جميع الاماكن الواقعة على نفس خط الطول وذلك لوجود خط زمني ياخذ شكل المنحني على سطح الكرة الارضية الى الغرب من هذا المنحني يمكن ان يرى الهلال ,لكن الى الشرق منه لا يمكن رؤيته وقريبا من هذا الخط على كل من جانبيه توجد منطقة عدم تاكد صغيرة يمكن اولا يمكن رؤية الهلال فيها وتقدر تلك المنطقة بحوالي 10 درجات شرقا وغربا .
وقد اكتشف هذا الخط وقام بتسميته العالم الفلكي الدكتور محمد الياس من ماليزيا وعبر هذا الخط المنحني قسم العالم الى 3 مناطق تتحد في رؤية الهلال وهي الامريكتان ,واوربا, وافريقيا, وغربي اسيا ,وشرقي اسيا ,والمحيط الهادي ,وقد وضع في كتابه (الاوقات والقبلة ) QIBLA&TIMES الذي صدر عام 1984 البيانات اللازمة لرسم ILDL لمدة 25 سنة ,تمت تجربة هذا الخط الزمني ومقارنة نتائجه مع الرؤية الفعلية لاكثر من 10 سنوات في اكثر من دولة اسلامية وقد اثبت دقة هائلة في التنبؤ ,حيث انه يعتمد على القاعدة الشرعية لبداية الشهور الهجرية ,وهي رؤية الهلال وليس المحاق ,ورغم الدقة التي اصبحت تحققها اساليب الحساب الفلكي فانه لا يمكن التغاضي عن الرؤية الشرعية .

دقة الحسابات الفلكية :
لقد تمكن العالم الفلكي براون في نهاية القرن التاسع عشر من وضع جداول مفصلة لتحديد حركة القمر ,ثم تمكن الباحثون الفلكيون في القرن الحالي من تصحيح هذه الجداول ووضعها بصيغة معادلات يمكن استخدامها لتحديد موقع وحركة القمر , ثم تمكن الباحثون الفلكيون في القرن الحالي من تصحيح هذه الجداول ووضعها بصيغة معادلات يمكن استعمالها لتحديد موقع القمر .وبعد انتشار الحاسبات الالية فقد قام بعض الفلكيين المسلمين بتطوير برامج للحاسب الالي لتحديد زمن غروب الشمس بالدقة المطلوبة ,بعد ذلك يتم تحديد موقع الهلال استنادا الى معادلات المشتقة من الجداول براون لحركة القمر .
منذ اقدم العصور لقد برز من الفلكيين المسلمين الذين تطرقوا الى موضوع استخدام الحساب الفلكي العديد من العلماء اشهرهم البتاني 850-929 م والبيروني 973-1048 م ونصير الدين الطوسي 1274-1298 .

وفي القرن الماضي قام اللواء المصري محمد مختار باشا 1846 - 1897 بتاليف كتابه القيم "التصنيفات الالهامية في مقارنة التواريخ الهجرية بالسنين الافرنجية والقبطية من سنة 1الى سنة 1500" وقد تم تحقيق ودراسة وتكملة هذا الكتاب من اخرين جاؤوا من بعده وقد تم نشر الطبعة الاولى منه عام 1400 -1980 عن طريق المؤسسة العربية للدراسات والنشر في مجلدين .اما في السنوات الاخيرة فقد برز اكثر اهتمام المسلمين بالموضوع ,ولعل السبب هو تطور طرق المواصلات والاتصالات بين ارجاء العالم الاسلامي المختلفة في حين لازال المسلمون يختلفون في اعيادهم وعلى مستوى البلد الواحد ؟!
وقد برز عدد من الباحثين المسلمين الممتازين ولهم عدد من البحوث اهمها تلك التي نشرها الاستاذ الماليزي الدكتور محمد الياس في السبعينات وتلك التي نشرها الاستاذ الدكتور محمد مجول النعيمي ومجموعته بقسم الفلك في كلية العلوم جامعة بغداد ,في الثمانيات كما الحساب الفلكي لاوائل الشهور العربية اصبح يتم في كل من مرصد حلوان وهيئة المساحة المصرية كجزء من العمل اليومي لهذا الجهات .
وعلى نفس هذا السياق تماما فلقد اصبح من المسلمات البديهية ان الحسابات الفلكية غاية في الدقة ,وما ذلك الا لانها تعتمد على الفلك الرياضي او ديناميك الفضاء في تحديد مواقع وحساب حركة الشمس والارض والقمر التي يسيرها العليم الخبير .
ومن الادلة على دقة الحسابات في العصر الحالي اطلاق الاقمار الصناعية وسفن الفضاء الى الاجرام السماوية المختلفة وحساب موعد وصولها بدقة متناهية ولولا ثقة العلماء بحساباتهم لما تمت المخاطرة بحياة رواد الفضاء ومليارات الدولارات لارسالهم الى الفضاء الخارجي ,لقد اصبح بامكان العلم قياس اجزاء من المليون من الثانية وقياس ابعاد الكواكب والاجرام وظواهر اخرى مثل الكسوف والخسوف واستتار النجوم خلف اجرام فضائية اخرى بشكل دقيق جدا وبالثواني !!
ومن الامثلة على ذلك ان الحسابات دلت على ان يوم 22\3\1996 سيستتر نجم الدبران خلف قرص القمر في تمام الساعة 9 مساءا و35دقيقة و41 ثانية حسب توقيت موسكو وبعد ان حضر العلماء الى مكان الرصد مع الاجهزة العلمية وجاء يوم 22\3 ووصلت عقارب الساعة الى 9 مساءا والدقيقة 35 وجاءت الثانية الموعودة 41 حصل الاستتار عندها بلا زيادة ولا نقصان فباي الاء ربكما تكذبان!
هذا هو العلم الحديث وهذه هي الدقة التي تبعث على الدهشة والذهول فعلا !
وتستخدم حاليا اجهزة علمية جبارة يشرف عليها الاف الاختصاصيين مثل الاجهزة الفوتومترية والليزرية والراديوية.
اذن الان نطلع على احدث الطرق العلمية التقنية في الكشف عن موقع القمر ومن دون النظر الى السماء حتى !
من طرق قياس موقع القمر توجد طرق عديدة لكن نكتفي بذكر الاحدث :
1)الطرق الراديوية :
ان هذه الطريقة تعتبر دقيقة جدا حيث ترسل المراصد الراديوية امواجا راديوية الى القمر ثم تنعكس منه فيتم استلامها عن سطحه وتسجيل لحظة الارسال والاستلام لاستخراج المدة الزمنية التي تستغرقها هذه الموجات للذهاب والاياب ولما كانت سرعة الموجة الكهرومغناطيسية معروفة في نفس سرعة الضوء اذن نستخدم العلاقة اذا التالية اذا اردنا المسافة :
المسافة=السرعة*الزمن
اذن بعد القمر =سرعة الموجة في 1\2 زمن الذهاب والاياب
مقدار الخطا يقترب من 1 كم اي تقريبا ا\400,000 وهذا قياس دقيق جدا للبعد .
وممكن معرفة موقع القمر وزوايا الارتفاع عن الافق وزاويا البعد عن الشمس والسرعة كل معلومة مطلوبة وخلال 3 ثوان فقط هي مدة ذهاب واياب الاشارة الراديوية !
وفي هذه الحالة لانقول هذا بعد الارض عن القمر بل بعد المرصد عن القمر ! اظن هكذا افضل !
2)استخدام اشعة الليزر :
ان هذه الطريقة هي الاحدث من بين الطرق في القياس والطريقة هذه تستخدم الاجهزة الحساسة التي وضعها رواد فضاء ابولو على سطح القمر عام 1969 ويسمى احد هذه الاجهزة كاشف المدى بالليزر حيث ترسل الاشعة الى القمر ثم تنعكس من قبل الجهاز المذكور وقد قامت المراصد العالمية باستخدام هذه الطريقة عدة مرات من ارسال وانعكاس مع قياس زمن الاشعة في الذهاب والعودة اي نفس المعادلة السابقة وافضل نتيجة هي 384404 وهي دقيقة جدا جدا جدا ولا خطا فيها الا بمقدار 10 سم او 0.1 متر او 0.0001 كم من 384404 كم في اعماق الفضاء بين القمر والارض اي نسبة الخطا جزء من اربع مليارات جزء!! بارك الله فيكم !!!
ماذا نقول في هذا الحالة ! اترك التعليق لكم !