عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية Dr.Zahra
Dr.Zahra
شيعي حسيني
رقم العضوية : 429
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 12,843
بمعدل : 1.99 يوميا

Dr.Zahra غير متصل

 عرض البوم صور Dr.Zahra

  مشاركة رقم : 28  
كاتب الموضوع : Dr.Zahra المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 27-10-2007 الساعة : 07:47 PM


تقرير الإمام زين العابدين عليه السلام للكتاب

قال أبان: فحججت من عامي ذلك فدخلت على علي بن الحسين عليه السلام، وعنده أبو الطفيل عامر بن واثلة صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله - وكان من خيار أصحاب علي عليه السلام - ولقيت عنده عمر بن أبي سلمة ابن أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله. (1)

فعرضته عليه وعلى أبي الطفيل وعلى علي بن الحسين عليه السلام ذلك أجمع ثلاثة أيام - كل يوم إلى الليل - ويغدو عليه عمر وعامر. فقرآه عليه ثلاثة أيام، فقال عليه السلام لي (2):

(صدق سليم، رحمه الله، هذا حديثنا كله (3) نعرفه). وقال أبو الطفيل وعمر بن أبي سلمة: (ما فيه حديث إلا وقد سمعناه من علي صلوات الله عليه، ومن سلمان ومن أبي ذر ومن المقداد).

فقلت لأبي الحسن علي بن الحسين عليه السلام: جعلت فداك، إنه ليضيق صدري ببعض ما فيه، لأن فيه هلاك أمة محمد صلى الله عليه وآله رأسا من المهاجرين والأنصار والتابعين، غيركم أهل البيت وشيعتكم.

فقال عليه السلام: يا أخا عبد القيس، أما بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (إن مثل أهل بيتي في أمتي كمثل سفينة نوح في قومه، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. وكمثل باب حطة في بني إسرائيل)؟ (4) فقلت: نعم. قال: من حدثك؟ فقلت: قد سمعته من أكثر من

____________

(1). أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني الأسقع ولد عام أحد وأدرك النبي صلى الله عليه وآله ثماني سنين من حياة النبي. كان له منزلة عند أمير المؤمنين عليه السلام وشهد صفين وكان يسكن الكوفة ثم انتقل إلى مكة. وهو من جملة من أراد الحجاج قتلهم لكنه نجا لأنه كانت له يد عند عبد الملك. مات سنة 100 وهو آخر من بقي من الصحابة.

وأبو حفص عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله صلى الله عليه وآله وكان من أصحابه. كان واليا على البحرين من قبل علي عليه السلام وشهد معه صفين. توفي بالمدينة في سنة 83.

(2). (ب): فقرأته عليهم، فقالوا لي.

(3). (ب): كل. (ب) خ ل: كلنا. وفي (د): كله أعرفه.

(4) " باب حطة " في بني إسرائيل كان علامة الخضوع أمام الأوامر الإلهية ولذلك كان الوجب عليهم أن يدخلوا منها في حالة السجود ليعرف خضوعهم. فتشبيه أهل البيت عليهم السلام بباب حطة لأن الخلق بالتواضع والخضوع أمامهم يخضعون تجاه الأوامر الإلهية، فقد ورد في إثبات الهداة: ج 1 ص 618 ح 657 أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل الذي من دخله غفرت ذنوبه واستحق الزيادة من خالقه كما قال الله عز وجل: أدخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين. راجع عن باب حطة: البحار: ج 13 ص 185 - 180.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 128
--------------------------------------------------------------------------------

مائة من الفقهاء. فقال: ممن؟ فقلت: سمعته من حنش بن المعتمر، وذكر أنه سمعه من أبي ذر وهو آخذ بحلقة باب الكعبة ينادي به نداء ويرويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله.(1) فقال:

وممن؟ فقلت: ومن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه سمعه من أبي ذر ومن المقداد بن الأسود الكندي ومن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. فقال: وممن؟ (2) فقلت:

ومن سعيد بن المسيب وعلقمة بن قيس، ومن أبي ظبيان الجنبي، ومن عبد الرحمن بن أبي ليلى (3) - كل هؤلاء حاجين - أخبروا أنهم سمعوا من أبي ذر.


____________

(1). أوردنا هذا الحديث عن سليم في المستدركات: الحديث 75.

(2). من هنا إلى آخر العبارة في (د) هكذا: قال: وممن نقلت؟ قلت: من سعيد بن المسيب وعلقمة بن قيس وأبي ظبيان الجنبي وأبي وائل أنهم سمعوه من أبي ذر، ومن عبد الرحمن بن أبي ليلى وعاصم بن ضمرة وهبيرة بن مريم عن علي عليه السلام.

ثم إن أبا وائل هو شقيق بن سلمة مات في إمارة عمر بن عبد العزيز. وعاصم بن ضمرة السلولي من أصحاب علي عليه السلام. وهبيرة بن مريم الحميري الكوفي من أصحاب علي عليه السلام.

(3). أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي المتوفى سنة 94، رباه أمير المؤمنين عليه السلام وقد عد في الخمس الذين كانوا حواري علي بن الحسين عليه السلام.

وعلقمة بن قيس كان فقيها في دينه قارئا لكتاب الله عالما بالفرائض وهو من كبار التابعين ورؤسائهم وزهادهم، وكان من ثقات أمير المؤمنين عليه السلام. شهد صفين وأصيبت إحدى رجليه فعرج منها.

وأبو ظبيان حصين بن جندب بن الحارث الجنبي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام من اليمن، تابعي مشهور الحديث. مات سنة 90.

وعبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، عربي كوفي من خواص أمير المؤمنين عليه السلام ومن أصحابه من اليمن.

شهد مع علي عليه السلام مشاهده وهو الذي ضربه الحجاج حتى اسود كتفاه. قتل سنة 82.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 129
--------------------------------------------------------------------------------

وقال أبو الطفيل وعمر بن أبي سلمة: (ونحن والله سمعنا من أبي ذر، وسمعناه من علي بن أبي طالب عليه السلام والمقداد وسلمان). ثم أقبل عمر بن أبي سلمة فقال: والله، لقد سمعته ممن هو خير من هؤلاء كلهم، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله، سمعته أذناي ووعاه قلبي.

فأقبل علي علي بن الحسين عليه السلام فقال: أوليس هذا الحديث وحده ينتظم جميع ما أفظعك وعظم في صدرك من تلك الأحاديث؟ اتق الله يا أخا عبد القيس، فإن وضح لك أمر فاقبله وإلا فاسكت تسلم ورد علمه إلى الله، فإنك في أوسع مما بين السماء والأرض.

قال أبان: فعند ذلك سألته عما يسعني جهله وعما لا يسعني جهله، فأجابني بما أجابني.


أبان وأبو الطفيل

قال أبان: ثم لقيت أبا الطفيل بعد ذلك في منزله، فحدثني في الرجعة عن أناس من أهل بدر وعن سلمان وأبي ذر والمقداد وأبي بن كعب. (1) وقال أبو الطفيل: فعرضت ذلك الذي سمعته منهم على علي بن أبي طالب عليه السلام بالكوفة، فقال لي: (هذا علم خاص يسع الأمة جهله ورد علمه إلى الله تعالى). ثم صدقني بكل ما حدثوني فيها وقرأ علي بذلك قرآنا كثيرا وفسره تفسيرا شافيا، حتى صرت ما أنا بيوم القيامة بأشد يقينا مني بالرجعة. (2)

وكان مما قلت: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن حوض رسول الله صلى الله عليه وآله، أفي الدنيا هو أم في الآخرة؟ فقال: بل في الدنيا. (3) قلت: فمن الذائد عنه؟ قال: أنا بيدي هذه، فليردنه

____________

(1). أبو المنذر أبي بن كعب بن قيس بن عبيد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله. شهد العقبة مع السبعين وكان يكتب الوحي. شهد بدرا والعقبة وهو من الاثني عشر الذين أنكروا على أبي بكر.

(2). راجع عن (الرجعة): البحار: ج 53 ص 39 ب 29.

(3). الظاهر - بقرينة كلمة (بل) - أنه عليه السلام يريد بذلك أن أصل الحوض في الدنيا وهو محبة محمد وآله عليهم السلام وولايتهم وبغض أعدائهم كما يستفاد ذلك من أحاديث كثيرة. يراجع البحار: ج 8 ص 16 الباب 20.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 130
--------------------------------------------------------------------------------

أوليائي وليصرفن عنه أعدائي.

قلت: يا أمير المؤمنين، قول الله تعالى: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم، أن الناس...) الآية (1)، ما الدابة؟ قال: يا أبا الطفيل، اله (2) عن هذا. فقلت:

يا أمير المؤمنين، أخبرني به جعلت فداك. قال: هي دابة تأكل الطعام وتمشي في الأسواق وتنكح النساء. فقلت: يا أمير المؤمنين، من هو؟ قال: هو زر الأرض (3) الذي إليه تسكن الأرض. قلت: يا أمير المؤمنين، من هو؟ قال: صديق هذه الأمة وفاروقها ورئيسها وذو قرنها. قلت: يا أمير المؤمنين، من هو؟ قال: الذي قال الله عز وجل:

(ويتلوه شاهد منه) (4)، والذي (عنده علم الكتاب) (5)، (والذي جاء بالصدق) (6)، والذي (صدق به) أنا، والناس كلهم كافرون غيري وغيره. (7)

قلت: يا أمير المؤمنين، فسمه لي. قال: قد سميته لك.


____________

(1). سورة النمل: الآية 82. وبقية الآية هكذا: (أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون). روى في البحار: ج 39 ص 243 ح 31 عن أبي عبد الله عليه السلام قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو نائم في المسجد قد جمع رملا ووضع رأسه عليه. فحركه برجله ثم قال:

قم يا دابة الله فقال رجل من أصحابه:

يا رسول الله، أيسمى بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال صلى الله عليه وآله: لا والله، ما هو إلا له خاصة وهو دابة الأرض الذي ذكر الله في كتابه: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون).

ثم قال: يا علي، إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسم تسم به أعداءك....

(2). (ب): إليك.

(3). زر الأرض كناية عما به قوامها.

(4). سورة هود: الآية 17، وما قبل الآية هكذا: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه).

(5). سورة الرعد: الآية 43، وما قبل الآية هكذا: (ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب).

(6). سورة الزمر: الآية 33. وتمام الآية هكذا: (والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون).

(7). أي أنا الذي صدقت الصدق الذي جاء به، والناس كلهم كانوا كافرين به ومكذبين له غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وآله. وفي (د) هكذا: والذي جاء بالصدق رسول الله صلى الله عليه وآله، والذي صدق به (أنا) أيام كان الناس كلهم كافرين مكذبين غيري وغيره.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 131
--------------------------------------------------------------------------------

يا أبا الطفيل، والله لو دخلت على عامة شيعتي الذين بهم أقاتل، الذين أقروا بطاعتي وسموني (أمير المؤمنين) واستحلوا جهاد من خالفني، فحدثتهم شهرا ببعض ما أعلم من الحق في الكتاب الذي نزل به جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله وببعض ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله لتفرقوا عني حتى أبقى في عصابة حق قليلة، أنت وأشباهك من شيعتي.

ففزعت وقلت: يا أمير المؤمنين، أنا وأشباهي نتفرق عنك أو نثبت معك؟ قال: لا، بل تثبتون.

ثم أقبل علي فقال: إن أمرنا صعب مستصعب لا يعرفه ولا يقر به إلا ثلاثة: ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد مؤمن نجيب امتحن الله قلبه للإيمان. يا أبا الطفيل، إن رسول الله صلى الله عليه وآله قبض فارتد الناس ضلالا وجهالا (1)، إلا من عصمه الله بنا أهل البيت.


قراءة أبان كتاب سليم على ابن أذينة وتسليمه إياه

قال عمر بن أذينة: ثم دفع إلي أبان (كتاب سليم بن قيس الهلالي العامري)، ولم يلبث أبان بعد ذلك إلا شهرا (2) حتى مات. فهذه نسخة كتاب سليم بن قيس العامري الهلالي، دفعه إلي أبان بن أبي عياش وقرأه علي. وذكر أبان أنه قرأه على علي بن الحسين عليه السلام فقال: (صدق سليم، هذا حديثنا نعرفه). (3)


____________

(1). في (د): فارتد الناس بعده كفارا.

(2). (ب): شهرين.

(3). في مختصر البصائر: (هذه أحاديثنا صحيحة)، والظاهر أنه نقل بالمعنى.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 132
--------------------------------------------------------------------------------



1


كلام النبي صلى الله عليه وآله في اللحظة الأخيرة من عمره المبارك

قال سليم: سمعت سلمان الفارسي يقول: كنت جالسا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي قبض فيه. فدخلت فاطمة عليها السلام، فلما رأت ما برسول الله صلى الله عليه وآله من الضعف خنقتها العبرة حتى جرت دموعها على خديها.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا بنية، ما يبكيك؟ قالت: يا رسول الله، أخشى على نفسي وولدي الضيعة من بعدك.


آل محمد عليهم السلام خيرة الله في أرضه

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله - واغرورقت عيناه بالدموع -: يا فاطمة، أوما علمت إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنه حتم الفناء على جميع خلقه وإن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارني منهم فجعلني نبيا. ثم اطلع إلى الأرض ثانية فاختار بعلك وأمرني أن أزوجك إياه، وأن أتخذه أخا ووزيرا ووصيا وأن أجعله خليفتي في أمتي.

فأبوك خير أنبياء الله ورسله، وبعلك خير الأوصياء والوزراء، وأنت أول من يلحقني من أهلي. ثم اطلع إلى الأرض إطلاعة ثالثة فاختارك وأحد عشر رجلا من ولدك وولد أخي بعلك منك.


بشارة النبي بالأئمة الاثني عشر عليهم السلام

فأنت سيدة نساء أهل الجنة وابناك الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأنا
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 133
--------------------------------------------------------------------------------

وأخي والأحد عشر إماما أوصيائي إلى يوم القيامة، كلهم هادون مهديون.

أول الأوصياء بعد أخي، الحسن ثم الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين في منزل واحد في الجنة. وليس منزل أقرب إلى الله من منزلي ثم منزل إبراهيم وآل إبراهيم.


إكرام الله لفاطمة عليها السلام

أما تعلمين - يا بنية - أن من كرامة الله إياك أن زوجك خير أمتي وخير أهل بيتي، أقدمهم سلما وأعظمهم حلما وأكثرهم علما وأكرمهم نفسا وأصدقهم لسانا وأشجعهم قلبا وأجودهم كفا وأزهدهم في الدنيا وأشدهم اجتهادا. فاستبشرت فاطمة عليها السلام بما قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وفرحت.


ميزات أمير المؤمنين عليه السلام

ثم قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: إن لعلي بن أبي طالب ثمانية أضراس ثواقب نوافذ، ومناقب ليست لأحد من الناس:

إيمانه بالله وبرسوله قبل كل أحد ولم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي، وعلمه بكتاب الله وسنتي وليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي غير بعلك، لأن الله علمني علما لا يعلمه غيري وغيره، ولم يعلم ملائكته ورسله وإنما علمه إياي وأمرني الله أن أعلمه عليا ففعلت ذلك. فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي وفهمي وفقهي كله غيره.

وإنك - يا بنية - زوجته، وإن ابنيه سبطاي الحسن والحسين وهما سبطا أمتي. وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وإن الله جل ثناؤه علمه الحكمة وفصل الخطاب.


ميزات أهل البيت عليهم السلام الخاصة

يا بنية، إنا أهل بيت أعطانا الله سبع خصال لم يعطها أحدا من الأولين ولا أحدا من الآخرين غيرنا: أنا سيد الأنبياء والمرسلين وخيرهم، ووصيي خير الوصيين، ووزيري بعدي خير الوزراء، وشهيدنا خير الشهداء أعني حمزة عمي.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 134
--------------------------------------------------------------------------------

قالت: يا رسول الله، سيد الشهداء الذين قتلوا معك؟ قال: لا، بل سيد الشهداء من الأولين والآخرين ما خلا الأنبياء والأوصياء. (1)

وجعفر بن أبي طالب ذو الهجرتين وذو الجناحين المضرجين يطير بهما مع الملائكة في الجنة. (2) وابناك الحسن والحسين سبطا أمتي وسيدا شباب أهل الجنة. ومنا - والذي نفسي بيده - مهدي هذه الأمة الذي يملأ الله به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

قالت فاطمة عليها السلام: يا رسول الله، فأي هؤلاء الذين سميت أفضل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أخي علي أفضل أمتي، وحمزة وجعفر هذان أفضل أمتي بعد علي وبعدك وبعد ابني وسبطي الحسن والحسين وبعد الأوصياء من ولد ابني هذا - وأشار رسول الله صلى الله عليه وآله بيده إلى الحسين عليه السلام - منهم المهدي. والذي قبله أفضل منه، الأول خير من الآخر لأنه إمامه والآخر وصي الأول. إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا.


إخبار النبي صلى الله عليه وآله بتظاهر الأمة على علي عليه السلام من بعده

ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى فاطمة وإلى بعلها وإلى ابنيها فقال: يا سلمان، أشهد الله أني حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم. أما إنهم معي في الجنة.

ثم أقبل النبي صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام فقال: يا علي، إنك ستلقي بعدي من قريش شدة، من تظاهرهم عليك وظلمهم لك. فإن وجدت أعوانا عليهم فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك، فإن لم تجد أعوانا فاصبر وكف يدك ولا تلق بيدك إلى التهلكة،

____________

(1). (ب): ما خلا النبيين والوصيين. وبيان ذلك أن الأنبياء والأوصياء لا يقاسوا بغيرهم وخاصة المعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم وقد تواترت الروايات بأن أبا عبد الله الحسين بن علي عليه السلام هو سيد الشهداء من الأولين والآخرين.

(2). ذكر حمزة وجعفر قبل أصحاب الكساء إنما هو للتقدم الزماني أو أن الكلام في بيان خير الشهداء كما ترى بيانه بعد ذلك بأسطر.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 135
--------------------------------------------------------------------------------

فإنك مني بمنزلة هارون من موسى، ولك بهارون أسوة حسنة. إنه قال لأخيه موسى (1):

(إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني).


____________

(1). سورة الأعراف: الآية 150، وتمام الآية هكذا: (ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين).
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 136
--------------------------------------------------------------------------------



2


تظاهر الأمة على علي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله

قال سليم: وحدثني علي بن أبي طالب عليه السلام قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض طرق المدينة. فأتينا على حديقة فقلت: يا رسول الله، ما أحسنها من حديقة قال: ما أحسنها ولك في الجنة أحسن منها.

ثم أتينا على حديقة أخرى، فقلت: يا رسول الله، ما أحسنها من حديقة قال:

ما أحسنها ولك في الجنة أحسن منها. حتى أتينا على سبع حدائق، أقول: يا رسول الله، ما أحسنها ويقول: لك في الجنة أحسن منها.


علي عليه السلام الشهيد الوحيد الفريد

فلما خلا له الطريق اعتنقني، ثم أجهش باكيا فقال: بأبي الوحيد الشهيد فقلت:

يا رسول الله، ما يبكيك؟ فقال: ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا من بعدي، أحقاد بدر وترات أحد.

قلت: في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك.


برنامج النبي عليه السلام لعلي صلى الله عليه وآله

فأبشر يا علي، فإن حياتك وموتك معي، وأنت أخي وأنت وصيي وأنت صفيي ووزيري ووارثي والمؤدي عني، وأنت تقضي ديني وتنجز عداتي عني، وأنت تبرء ذمتي وتؤدي أمانتي وتقاتل على سنتي الناكثين من أمتي والقاسطين والمارقين، وأنت
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 137
--------------------------------------------------------------------------------

مني بمنزلة هارون من موسى، ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه.

فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك، فإنك بمنزلة هارون من موسى ومن تبعه وهم بمنزلة العجل ومن تبعه. وإن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم: إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم بهم، وإن لم يجد أعوانا أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم.


اختلاف الأمة امتحان إلهي

يا علي، ما بعث الله رسولا إلا وأسلم معه قوم طوعا وقوم آخرون كرها، فسلط الله الذين أسلموا كرها على الذين أسلموا طوعا فقتلوهم ليكون أعظم لأجورهم.

يا علي، وإنه ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها، وإن الله قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة، ولو شاء لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من خلقه ولا يتنازع في شئ من أمره، ولا يجحد المفضول ذا الفضل فضله. ولو شاء عجل النقمة فكان منه التغيير (1) حتى يكذب الظالم ويعلم الحق أين مصيره، ولكن جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار القرار، (ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى). (2)

فقلت: الحمد لله شكرا على نعمائه وصبرا على بلائه وتسليما ورضى بقضائه.


____________

(1). أي لو شاء الله أن ينصر أوليائه لعجل النقمة على الظالمين وغير النعمة عليهم.

(2). سورة النجم: الآية 31.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 138
--------------------------------------------------------------------------------



3


قضايا السقيفة على لسان البراء بن عازب

وعن سليم، قال: سمعت البراء بن عازب يقول:

كنت أحب بني هاشم حبا شديدا في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد وفاته.


كيفية تغسيل رسول الله صلى الله عليه وآله

فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى عليا عليه السلام أن لا يلي غسله غيره، وأنه لا ينبغي لأحد أن يرى عورته غيره، وأنه ليس أحد يرى عورة رسول الله صلى الله عليه وآله إلا ذهب بصره.

فقال علي عليه السلام: يا رسول الله، فمن يعينني على غسلك؟ قال: جبرائيل في جنود من الملائكة.

فكان علي عليه السلام يغسله، والفضل بن العباس مربوط العينين يصب الماء والملائكة يقلبونه له كيف شاء. ولقد أراد علي عليه السلام أن ينزع قميص رسول الله صلى الله عليه وآله، فصاح به صائح:

(لا تنزع قميص نبيك، يا علي). فأدخل يده تحت القميص فغسله ثم حنطه وكفنه، ثم نزع القميص عند تكفينه وتحنيطه.


مفاجأة أهل البيت عليهم السلام بعمل أصحاب السقيفة

قال البراء بن عازب: فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله تخوفت أن تتظاهر قريش على إخراج هذا الأمر من بني هاشم.

فلما صنع الناس ما صنعوا من بيعة أبي بكر أخذني ما يأخذ الواله الثكول مع ما بي من الحزن لوفاة رسول الله صلى الله عليه وآله.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 139
--------------------------------------------------------------------------------

فجعلت أتردد وأرمق وجوه الناس، وقد خلا الهاشميون برسول الله صلى الله عليه وآله لغسله وتحنيطه. وقد بلغني الذي كان من قول سعد بن عبادة ومن اتبعه من جهلة أصحابه، فلم أحفل بهم وعلمت أنه لا يؤول إلى شئ.

فجعلت أتردد بينهم وبين المسجد وأتفقد وجوه قريش. فإني لكذلك إذ فقدت أبا بكر وعمر. ثم لم ألبث حتى إذا أنا بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة قد أقبلوا في أهل السقيفة وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمر بهم أحد إلا خبطوه، فإذا عرفوه مدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر، شاء ذلك أم أبى (1)

فأنكرت عند ذلك عقلي جزعا منه، مع المصيبة برسول الله صلى الله عليه وآله. فخرجت مسرعا حتى أتيت المسجد، ثم أتيت بني هاشم، والباب مغلق دونهم. فضربت الباب ضربا عنيفا وقلت: يا أهل البيت فخرج إلي الفضل بن العباس، فقلت: قد بايع الناس أبا بكر فقال العباس: (قد تربت أيديكم منها إلى آخر الدهر. أما إني قد أمرتكم فعصيتموني).


ما جرى بين صالحي الصحابة ليلة السقيفة

فكمثت أكابد ما في نفسي. فلما كان الليل خرجت إلى المسجد، فلما صرت فيه تذكرت أني كنت أسمع همهمة رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرآن. فانبعثت من مكاني فخرجت نحو الفضاء - فضاء بني بياضة -، فوجدت نفرا يتناجون. فلما دنوت منهم سكتوا، فانصرفت عنهم، فعرفوني وما عرفتهم، فدعوني إليهم فأتيتهم فإذا المقداد وأبو ذر وسلمان وعمار بن ياسر وعبادة بن الصامت وحذيفة بن اليمان والزبير بن العوام،

____________

(1). روى الشيخ المفيد في كتاب (الجمل): ص 59 عن أبي مخنف بأسناده قال: كان جماعة من الأعراب قد دخلوا المدينة ليتماروا منها، فشغل الناس عنهم بموت رسول الله صلى الله عليه وآله فشهدوا البيعة وحضروا الأمر.

فأنفذ إليهم عمر واستدعاهم وقال لهم: (خذوا بالحظ من المعونة على بيعة خليفة رسول الله واخرجوا إلى الناس واحشروهم ليبايعوا، فمن امتنع فاضربوا رأسه وجبينه). قال: والله، لقد رأيت الأعراب تحزموا واتشحوا بالأزر الصنعانية وأخذوا بأيديهم الخشب وخرجوا حتى خبطوا الناس خبطا وجاءوا بهم مكرهين للبيعة.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 140
--------------------------------------------------------------------------------

وحذيفة يقول: والله ليفعلن ما أخبرتكم به. فوالله ما كذبت ولا كذبت.

وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين والأنصار. فقال حذيفة:

انطلقوا بنا إلى أبي بن كعب فقد علم مثل ما علمت.

فانطلقنا إلى أبي بن كعب فضربنا عليه بابه، فأتى حتى صار خلف الباب، ثم قال:

من أنتم؟ فكلمه المقداد. فقال: ما جاء بكم؟ فقال: إفتح بابك، فإن الأمر الذي جئنا فيه أعظم من أن يجري وراء الباب. فقال: ما أنا بفاتح بابي، وقد علمت ما جئتم له. وما أنا بفاتح بابي، كأنكم أردتم النظر في هذا العقد.

فقلنا: نعم. فقال: أفيكم حذيفة؟ فقلنا: نعم. قال: القول ما قال حذيفة، فأما أنا فلا أفتح بابي حتى يجري على ما هو جار عليه، ولما يكون بعدها شر منها، وإلى الله جل ثنائه المشتكى.

قال: فرجعوا. ثم دخل أبي بن كعب بيته.


محاولة أصحاب السقيفة تطميع العباس في الخلافة

قال: وبلغ أبا بكر وعمر الخبر، فأرسلا إلى أبي عبيدة بن الجراح والمغيرة بن شعبة فسألاهما الرأي. فقال المغيرة بن شعبة: أرى أن تلقوا العباس بن عبد المطلب فتطمعوه في أن يكون له في هذا الأمر نصيب يكون له ولعقبه من بعده فتقطعوا عنكم بذلك ناحية علي بن أبي طالب، فإن العباس بن عبد المطلب لو صار معكم كانت الحجة على الناس وهان عليكم أمر علي بن أبي طالب وحده.

قال: فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح والمغيرة بن شعبة حتى دخلوا على العباس بن عبد المطلب في الليلة الثانية من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله.

قال: فتكلم أبو بكر فحمد الله جل وعز وأثنى عليه ثم قال: إن الله بعث لكم محمدا نبيا وللمؤمنين وليا، فمن الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم، حتى اختار له ما عنده وترك للناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم مصلحتهم، متفقين لا مختلفين. فاختاروني عليهم
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 141
--------------------------------------------------------------------------------

واليا ولأمورهم راعيا، فتوليت ذلك. وما أخاف بعون الله وهنا ولا حيرة ولا جبنا، وما توفيقي إلا بالله.

غير أني لا أنفك من طاعن يبلغني فيقول بخلاف قول العامة، فيتخذكم لجأ فتكونون حصنه المنيع وخطبه البديع، فإما دخلتم مع الناس فيما اجتمعوا عليه أو صرفتموهم عما مالوا إليه. فقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك ولعقبك من بعدك، إذ كنت عم رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن كان الناس أيضا قد رأوا مكانك ومكان صاحبك فعدلوا بهذا الأمر عنكما.

فقال عمر (1): أي والله، وأخرى يا بني هاشم على رسلكم (2)، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله منا ومنكم، وإنا لم نأتكم لحاجة منا إليكم، ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون، فيتفاقم الخطب بكم وبهم. فانظروا لأنفسكم وللعامة. ثم سكت.


مواجهة العباس لمؤامرة أصحاب السقيفة

فتكلم العباس فقال: إن الله تبارك وتعالى ابتعث محمدا صلى الله عليه وآله - كما وصفت - نبيا وللمؤمنين وليا، فإن كنت برسول الله صلى الله عليه وآله طلبت هذا الأمر فحقنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن من المؤمنين، ما تقدمنا في أمرك ولا تشاورنا ولا تآمرنا ولا نحب لك ذلك، إذ كنا من المؤمنين وكنا لك من الكارهين.

وأما قولك (أن تجعل لي في هذا الأمر نصيبا)، فإن كان هذا الأمر لك خاصة فأمسك عليك فلسنا محتاجين إليك وإن كان حق المؤمنين فليس لك أن تحكم في حقهم دونهم، وإن كان حقنا فإنا لا نرضى منك ببعضه دون بعض. (3)


____________

(1). (ب): فتكلم عمر فقال. وفي شرح النهج: (فاعترض كلامه عمر وخرج إلى مذهبه في الخشونة والوعيد وإتيان الأمر من أصعب جهاته فقال...).

(2). (ترسل) أي تمهل ولم يعجل. و (على رسلك) أي على هينتك، و (الرسل): الرفق. وقوله (يتفاقم الخطب) أي يعظم الأمر ولا يجري على استواء.

(3). زاد في شرح النهج: (وما أقول هذا أروم صرفك عما دخلت فيه، ولكن للحجة نصيبها من البيان).
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 142
--------------------------------------------------------------------------------

وأما قولك يا عمر (إن رسول الله صلى الله عليه وآله منا ومنكم)، فإن رسول الله شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها، فنحن أولى به منكم.

وأما قولك (إنا نخاف تفاقم الخطب بكم وبنا)، فهذا الذي فعلتموه أوائل ذلك، والله المستعان.

فخرجوا من عنده وأنشأ العباس يقول:


ما كنت أحسب هذا الأمر منحرفا عن هاشم ثم منهم عن أبي حسن
أليس أول من صلى لقبلتكم وأعلم الناس بالآثار والسنن
وأقرب الناس عهدا بالنبي ومن جبريل عون له في الغسل والكفن
من فيه ما في جميع الناس كلهم وليس في الناس ما فيه من الحسن
من ذا الذي ردكم عنه فنعرفه ها إن بيعتكم من أول الفتن




--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 143
--------------------------------------------------------------------------------



4


قضايا السقيفة على لسان سلمان الفارسي
1
احتجاج الأنصار على أهل السقيفة




وعن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال: سمعت سلمان الفارسي قال:

لما أن قبض النبي صلى الله عليه وآله وصنع الناس ما صنعوا جاءهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح فخاصموا الأنصار فخصموهم بحجة علي عليه السلام فقالوا: يا معاشر الأنصار، قريش أحق بالأمر منكم لأن رسول الله صلى الله عليه وآله من قريش، والمهاجرون خير منكم لأن الله بدأ بهم في كتابه وفضلهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (الأئمة من قريش).


كيفية تغسيل النبي صلى الله عليه وآله والصلاة عليه

قال سلمان: فأتيت عليا عليه السلام وهو يغسل رسول الله صلى الله عليه وآله. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى عليا عليه السلام أن لا يلي غسله غيره. فقال: يا رسول الله، فمن يعينني على ذلك؟

فقال: (جبرائيل). فكان علي عليه السلام لا يريد عضوا إلا قلب له.

فلما غسله وحنطه وكفنه أدخلني وأدخل أبا ذر والمقداد وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. فتقدم علي عليه السلام وصففنا خلفه وصلى عليه، وعائشة في الحجرة لا تعلم قد أخذ الله ببصرها.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 144
--------------------------------------------------------------------------------

ثم أدخل عشرة من المهاجرين وعشرة من الأنصار، فكانوا يدخلون ويدعون ويخرجون، حتى لم يبق أحد شهد من المهاجرين والأنصار إلا صلى عليه. (1)


أفراد قلائل بايعوا أبا بكر

قال سلمان الفارسي: فأخبرت عليا عليه السلام - وهو يغسل رسول الله صلى الله عليه وآله - بما صنع القوم، وقلت: إن أبا بكر الساعة لعلى منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، ما يرضون يبايعونه بيد واحدة (2) وإنهم ليبايعونه بيديه جميعا بيمينه وشماله!

فقال علي عليه السلام: يا سلمان، وهل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله؟

قلت: لا، إلا أني رأيته في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار، وكان أول من بايعه المغيرة بن شعبة ثم بشير (3) بن سعيد ثم أبو عبيدة الجراح ثم عمر بن الخطاب ثم سالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل.

قال عليه السلام: لست أسألك عن هؤلاء، ولكن هل تدري من أول من بايعه حين صعد المنبر؟ قلت: لا، ولكني رأيت شيخا كبيرا يتوكأ على عصاه، بين عينيه سجادة شديدة التشمير، صعد المنبر أول من صعد وخر وهو يبكي ويقول: (الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك في هذا المكان، ابسط يدك). فبسط يده فبايعه، ثم قال: (يوم كيوم آدم) ثم نزل فخرج من المسجد. (4)


____________

(1). عن أبي جعفر عليه السلام، قيل له: كيف كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله؟ قال: لما غسله أمير المؤمنين عليه السلام وكفنه وسجاه، أدخل عليه عشرة فداروا حوله ثم وقف أمير المؤمنين عليه السلام في وسطهم فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). فيقول القوم كما يقول حتى صلى عليه أهل المدينة وأهل العوالي. أورد ذلك في الكافي: ج 1 ص 450، إعلام الورى: ص 84. وسائل الشيعة:

ج 2 ص 779.

(2). في (د) وروضة الكافي: والله ما يرضى أن يبايعوه بيد واحدة.

(3). (ب): بشر. يوجد ضبطه بكلا العنوانين، كما أن اسم أبيه قد يذكر بعنوان (سعد).

(4). روي في البحار: ج 30 ص 155 ح 13 عنه عليه السلام: أن إبليس هو الذي أشار على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله في دار الندوة وأضل الناس بالمعاصي وجاء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر فبايعه.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 145
--------------------------------------------------------------------------------

فقال علي عليه السلام: يا سلمان، أتدري من هو؟ قلت: لا، لقد ساءتني مقالته كأنه شامت بموت رسول الله صلى الله عليه وآله.

قال علي عليه السلام: فإن ذلك إبليس لعنه الله.


إبليس ينتقم بالسقيفة من يوم الغدير

أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله: إن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله صلى الله عليه وآله إياي يوم غدير خم بأمر الله، وأخبرهم بأني أولى بهم من أنفسهم وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب. فأقبل إلى إبليس أبالسته ومردة أصحابه فقالوا: (إن هذه الأمة أمة مرحومة معصومة، فما لك ولا لنا عليهم سبيل، وقد أعلموا مفزعهم وإمامهم بعد نبيهم).

فانطلق إبليس كئيبا حزينا.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ذلك وقال: يبايع الناس أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد تخاصمهم بحقنا وحجتنا. ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس في صورة شيخ كبير مشمر يقول كذا وكذا. ثم يخرج فيجمع أصحابه وشياطينه وأبالسته فيخرون سجدا فيقولون: (يا سيدنا، يا كبيرنا، أنت الذي أخرجت آدم من الجنة). فيقول: أي أمة لن تضل بعد نبيها؟ كلا (1)، زعمتم أن ليس لي عليهم سلطان ولا سبيل؟ فكيف رأيتموني صنعت بهم حين تركوا ما أمرهم الله به من طاعته وأمرهم به رسول الله وذلك قوله تعالى: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين). (2)


____________

(1). (ب) مكان قوله (فيقولون) إلى هنا هكذا: (فيجث ويكسع ثم يقول). ويجث بمعنى يقلع من مكانه، ويكسع أي يضرب دبره بيده فرحا.

(2). سورة سبأ: الآية 20.


توقيع : Dr.Zahra
سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر
انا الي فيا الخيرر ولا الي فيا الشر
مليان عيوب ولا .؟
خالي من الذنوب ولا .؟
ولاايه.؟
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض..؟
وخمسميه حاجه وملهمش دعوه ببعض..!!
من مواضيع : Dr.Zahra 0 صباحكم جوري..*
0 الدنيا منافع ..*
0 انجازاتي ...*
0 أنا أتد ... ♥
0 عراقي عنده معامله مستعجله ..,'
رد مع اقتباس