[حيدر الموسوي]

الخلافات تحت الاضواء الكاشفة :
بعد كل هذه الحقائق التي عرضناها .
نعود ثانية ونقول :
مع قدوم شهر رمضان كل عام يبدا العالم الاسلامي كله في جدل كبير حول رؤية هلال الشهر ويستمر الجدل طوال الشهر احيانا لدى بعض الاوساط ويزداد الضجيج حدة في موقف ذو حساسية اكبر بسبب كثرة مراسيمه وهو عيد الفطر المبارك حيث هنا الضجة الكبرى على مستوى كامل العام الهجري .
واصبح هناك خلاف كبير حول الاخذ بالرؤية الشرعية (علما انها امر ديني) او الاخذ بالحساب الفلكي حسب شروط معينة لم ولن يحصل عليها من قبل المسلمين اي اتفاق وتدخلهم في معمعة اضافية لا خروج منها!
وقبيل كل شهر رمضان وقبيل العيد وقبيل كل مناسبة دينية تعود المسالة الى الافواه وتتناقلها الالسن وتلفظ كل بما ياتيه من افكار معقولة وغير معقولة ودوما تتفرق الجماعة على خلاف اذا كان المسلمون متفقون اصلا !
وقد نجد بلدان المنطقة الواحدة بل اهل البلد الواحد كل فرقة لها تقويم في الصيام والافطار مختلف عن الاخرين اي الفئات الاخرى .
السؤال هنا ما الذي يمنع توحيد الهلال بين الدول الاسلامية او القريبة من بعضها على الاقل ؟ هل الامر اسهل من الوحدة السياسية كما يزعم البعض ؟
هل مصالح الحكام الذين وزارت الوقاف تسير بامرهم ودين الدولة يسير بامرهم (وليس هم الذين يسيرون بامره!) تتضرر اذا حصلت وحدة دينية بين شعوب المسلمين ؟اين علماء المسلمين ليخلصوا العالم الاسلامي من ظلم الحكام ,ام ان معظمهم مجرد وعاظ سلاطين يعيشون على فتات الموائد !
ما المانع من توحيد الرؤية هل الامر صعب الى هذا الحد الا يستطيع علماء الاسلام الاتفاق فيما بينهم على صيغة مشتركة ,مخجل ان نتفرق حيث يجب ان نتوحد . كارثة تطال تقويم المسلمين ,فنجد دولا في نفس البقعة متقدمة على اخرى بيوم او حتى يومين !!
واحد يفطر غدا والاخر انتهت ايام عيده, فقط تخيلوا !!اين الوحدة التي دعى اليها الاسلام ؟
هناك عدة اسئلة جوهرية نطرحها من اجل فهم حقيقة الخلاف واسبابه :
1)من المسؤول عن تحري وجود الهلال .
2)ما معنى الهلال في حالة الحساب وهل هناك تعريف محدد له وهل هو افضل من الرؤية ؟
3)ماهي شروط عدالة الجهة التي تامرنا ان نفطر ونعيد ؟
4)البعض يقول ان (لكل بلد رؤيته) والبعض الاخر ما يزال مصرا على الصوم مع دولة اخرى غير دولته ويقال والله اعلم ان في بعض البلدان حتى في البيت الواحد تجد تقويمين مختلفين !واصبحنا نسمع كل ما هو غريب في هذا الزمن زمن الفتن .
5)وماذا عن هؤلاء المشككين بصومهم او افطارهم بسبب كبر الهلال بحجة (الهلال ابو ليلتين!!)اي ان صومهم او افطارهم يجب ان يكون قد بدا بالامس !؟
الان نستعرض بعض الاجابات:
اولا من المسؤول عن تحري الهلال ؟
الجواب :حدث ولا حرج !
لاحظ ان معظم الدول الاسلامية لا تتحرى عن الهلال على مستوى رسمي بل تكتفي بدعوة المواطنين للتحري وليس هناك جهاز حكومي مسؤول عن تنظيم تحريات لاغراض دينية طبعا يستثنى من ذلك بعض البلدان القليلة او بعض الجهات الدينية غير المرتبطة بحكومة ومن ذلك المرجعية الدينية في العراق ولبنان وايران ووكلائها في بلدان الخليج ودول العالم المختلفة حيث ان المرجعية الدينية تدعو المواطنين وتتحرى هي الاخرى وتسجل الارصاد وتبث الوكلاء والرسل وتحدد ايضا مواقع الرصد ,ولكن في المقابل وكما اكدت لنا مصادر موثوقة فان بعض الدول الاسلامية التي لا تتحرى عن الهلال على مستوى رسمي تدعو المواطنين للتحري وتقبل بشهادة اي مواطن علما ان هذا الشاهد قد لا يكون على علم بوقت ومكان الهلال ولا حتى بشكله ,والدليل على ما نقول هو الواقع وهو اكبر برهان من الفوضى الهزلية في العالم الاسلامي وكما قلنا في فارق يصل الى يومين احيانا! وهذا امر غير مقبول على مستوى كوكب فكيف يقبل به على مستوى منطقة جغرافية معينة بل نجده على مستوى بلد واحد!!
نلاحظ هنا هذه الحالات :
1)على سبيل المثال صام ملايين الناس في السعودية ومن تبعها (تبعها باحسان الى يوم الدين!) عام 1984 لمدة 28 يوما فقط !وصدق او لا تصدق لان احدهم زعم انه راى الهلال ثم تبين ان الرؤية غير صحيحة !وسنعطي تفاصيل اكثر في فقرة اخرى في مكان اخر من المقال لكن القول الان اليس من المفروض التاكد من الشاهد ومن مكان رؤية الهلال المزعوم وشكل الهلال وعدالة الشاهد ,ربما يكون شاهد زور والعياذ بالله .
البعض يرى ان تحري الهلال بشكل جماعي قد يكون ضرورة فهو الطريقة الامثل لضمان شهادة مجموعة من الناس مع منع شهادة الزور او منع التوهم .
2) بعض الدول تدعو المواطنين لتحري الهلال فاذا جاء من يشهد بالرؤية قبلت شهادته حتى لو خالفت الشهادة المزعومة العقل والمنطق واعتراض الحسابات الفلكية عليها حيث ان الرؤية غير ممكنة بل حتى مستحيلة !!!لكن شهادته تقبل ,تصور !وهو ما يحصل في العديد من الدول العربية !
في دول اخرى الشاهد يرد اذا كانت الرؤية مستحيلة .
لكنها تقبل شهادته اذا كانت غير ممكنة ومثل ذلك السعودية منذ عام 1419 !

ثانيا :ما معنى الهلال وهل هناك تعريف محدد له اذا اخذنا بالحساب الفلكي وهل هو افضل من الرؤية!
ان المبدا هو الرؤية من اجل تثبيت اول الشهر .
لكن قد يعترض بعضهم ويقول ان القمر مرتفع لكن لعارض ما لم نره وربما البعض يقول ان الهلال موجود فعلا وفي افضل وضع لكن الغيوم الكثيفة منعت الرؤية الشرعية فما هو حكم الدين والعلم في هكذا قضايا !
نقول اوامر الدين واضحة ((صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته)) فاذا لم تتحقق الرؤية ليس هناك اي اعلان لبداية الشهر .
هنا تثار نقطة مهمة ,لكن الكلام عن وجوب الرؤية هذا زمن النبي حيث لاتوجد حاسبات ولا مراصد فلكية لكن الان يمكن لنا ان نحسب حسابا ونجد القمر اين مع معلومات كثيرة عنه حتى لو حال دون رؤيته مانع اذن لم الاعتراض على الامور الحسابية من البعض ؟
الاجابة هي ان في الامور الحسابية يضيع تعريف الهلال فكم ارتفاع القمر حتى نقول عنه هلالا هل تكفي 10 درجات او ربما 5 او اكثر او اقل وكم زاويته مع الشمس وكم مدة مكثه فوق الافق بعد الغروب ؟10 دقائق مثلا او اقل او ربما اكثر وقد ياتي اخر يقول لا ,اجعلوها ربع ساعة مثلا .
فتح باب القبول بالعمليات الحسابية لا يغلق باب الخلافات بل يزيد هذه الخلافات عمقا ونحن عندنا ما يكفي منها .
نعم هذه هي الحقيقة ...