|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 149
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 1,952
|
بمعدل : 0.28 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نور الزهراء
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 05-09-2006 الساعة : 11:58 PM
تابع الفصل الثاني
عهد الرشيد : قمة الإرهاب العباسي :
بسبب تصاعد المد الرسالي ، وازدياد احتمالات سقوط النظام العباسي ، مارس هارون الرشيد إرهاباً لا مثيل له في تاريخ المواجهة بين السلطة العباسية وأئمة آل البيت (ع) .
لقد كانت التقية - والتي تعني العمل السري - على أشدها في عصر الإمام موسى (ع) ، ولعل لقب الإمام الكاظم يشير إلى أن منهج حياته كان التقية ، وكظم الغيظ عمّا يصيبه من آلام وضغوط .
وسائر ألقابه أيضاً تدل على ميزة عصره ، فقد كان شيعته يكنون عنه بـ ( العبد الصالح ) و ( النفس الزكية ) و ( الصابر ) وتنوع كناه يدل أيضاً على السرّية التي اتسمت بها الحركة في عصره ، فهو “ أبو الحسن “ و “ أبو علي “ و “ أبو إبراهيم “ وقيل أيضاً “ أبو إسماعيل “ .
ولقد بقي سيدنا الإمام موسى (ع) فترة طويلة في سجون آل عباس ، وكانت شهادته أيضاً بصورة مأساوية لا يساويها إلاّ شهادة جده أبي عبد اللـه الحسين (ع) ، وذلك يدل على أن خشيتهم كانت عظيمة من قيامه (ع) ضد ظلمهم وإرهابهم ، ذلك لأنه لا أحد من الطغاة كان يفكّر في تكرار غلطة يزيد بن معاوية في قتله لسيد الشهداء (ع) بصورة علنية ، إنما كانوا يفضلوا اغتيال أئمة آل البيت للتخلص منهم ، وللبراءة من دمائهم عند الجماهير المسلمة الذين كانوا يكّنون لآل بيت رسول اللـه كل ولاء واحترام .
حتى الرشيد الذي استشهد الكاظم (ع) في سجنه ، حاول التبرؤ من دمه ، والتمويه بانه مات حتف أنفه ، أو أن السندي بن شاهك قائد شرطته هو الذي بادر بقتل الإمام دون أمره (5) .
ومن هنا نعلم أن السلطة لم تخاطر بقتل سيد أهل البيت ، لو لم تشعر بالخوف على مركزها . على أن السلطة قد قتلت - صبراً - الكثير من قيادات البيت العلوي .
محنة البيت العلوي :
وهكذا كانت محنة البيت العلوي عظيمة في تلك الحقبة ، حيث أنهم رفضوا التسليم لإرهاب النظام ، فزجّ بهم في السجون الرهيبة ، ومورس في حقهم كل ألوان التعذيب ، كما قتل النظام الكثير منهم صبراً . وإن ذلك لدليل على قوة شوكة المعارضة الرسالية وتهديدها للنظام ، كما هو دليل على مدى احتمال هذا البيت الطاهر للمآسي والمصائب من أجل رسالات اللـه ، ولم يكن عبثاً تأكيد الرسول (ص) على الإهتمام باهل بيته واعتبارهم ورثته ، وجعلهم محور أهل الحق ، وإن مثلهم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق وهلك .
وفي القصة التالية بعض تلك المحن العظيمة التي توالت على أهل بيت الرسول من أبناء فاطمة وعلي عليهم السلام .
عن عبيد اللـه البزاز النيسابوري - وكان مسناً - قال : كان بيني وبين حميد بن قحطبة الطائي الطوسي معاملة ، فرحلت إليه في بعض الأيّام ، فبلغه خبر قدومي فاستحضرني للوقت وعليّ ثياب السفر لم أغيّرها ، وذلك في شهر رمضان وقت صلاة الظهر .
فلمّا دخلت إليه رأيته في بيت يجري فيه الماء فسلمت عليه وجلست ، فأتي بطست وإبريق فغسَّل يديه ، ثم أمرني فغسلت يدي واحضرت المائدة وذهب عني أنَي صائم وأني في شهر رمضان ، ثمّ ذكرت فأمسكت يدي ، فقال لي حميد : مالك لا تأكل ؟ فقلت أيها الأمير هذا شهر رمضان ، ولست بمريض ولا بي علّة توجب الإفطار ، ولعلّ الأمير له عذر في ذلك أو علّة توجب الإفطار ، فقال : ما بي علّة توجب الإفطار وإنّي لصحيح البدن ، ثم دمعت عيناه وبكى .
فقلت له بعدما فرغ من طعامه : ما يبكيك أيّها الأمير ؟ فقال : أنفذ إليّ هارون الرشيد وقت كونه بطوس في بعض الليل أن أجب ، فلمّا دخلت عليه رأيت بين يديه شمعة تتقد وسيفاً أخضر مسلولاً وبين يديه خادم واقف ، فلما قمت بين يديه رفع رأسه إليَّ فقال : كيف طاعتك لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال ، فأطرق ثم أذن لي في الانصراف .
فلم ألبث في منزلي حتى عاد الرسول إليَّ وقال : أجب أمير المؤمنين ، فقلت في نفسي : أنا واللـه أخاف أن يكون قد عزم على قتلي وأنه لما رآني استحيى منّي ، فعدت إلى بين يديه فرفع رأسه إليَّ فقال : كيف طاعتك لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال والأهل والولد ـ فتبسم ضاحكاً ، ثم أذن لي في الانصــراف .
فلما دخلت منزلي لم ألبث أن عاد الرسول إليَّ فقال : أجب أمير المؤمنين فحضرت بين يديه وهو على حاله ، فرفع رأسه إليَّ فقال : كيف طاعتك لأمير المؤمنين ، فقلت : بالنفس والمال والأهل والولدل والدين فضحك ، ثم قال لي : خذ هذا السيف وامتثل ما يامِّرك به هذا الخادم .
قال : فتناول الخادم السيف وناولنيه وجاء بي إلى بيت بابه مغلق ففتحه فإذا به بئر في وسطه ، وثلاثة بيوت أبوابها مغلقة ، ففتح باب بيت منها فإذا فيه عشرون نفسا عليهم الشعور والذوائب ، شيوخ وكهول وشبّان مقيَّدون ، فقال لي : إنَّ أمير المؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء ، وكانوا كلهم علويّة من ولد علي وفاطمة (ع) فجعل يخرج إليَّ واحداً بعد واحد فأضرب عنقه حتى أتيت على آخرهم ، ثم رمى بأجسادهم ورؤوسهم في تلك البئر .
ثم فتح باب بيت آخر فإذا فيه أيضاً عشرون نفسا من العلويّة من ولد علي وفاطمة (ع) مقيدون ، فقال لي : إن أمير المؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء ، فجعل يخرج إليَّ واحداً بعد واحد فأضرب عنقه ويرمي به في تلك البئر ، حتى أتيت على آخرهم ، ثم فتح باب البيت الثالـث فإذا فيه مثلهم عشرون نفساً من ولد علي وفاطمة (ع) ، مقيدون عليهم الشعور والذوائب فقال لي : إن أمير المؤمنين يأمرك أن تقتل هؤلاء أيضاً فجعل يخرج إليَّ واحداً بعد واحد فأضرب عنقه فيرمي به في تلك البئر ، حتى أتيت على تسعة عشر نفساً منهم ، وبقي شيخ منهم عليه شعر فقال لي : تبّاً لك يا مشؤوم أي عذر لك يوم القيامة إذا قدمت على جدنا رسول اللـه (ص) وقد قتلت من أولاده ستين نفساً ، قد ولدهم عليّ وفاطمة (ع) ، فارتعشت يدي وارتعدت فرائصي فنظر إليَّ الخادم مغضباً وزبرني ، فأتيت على ذلك الشيخ أيضاً فقتلته ورمى به في تلك البئر ، فإذا كان فعلي هذا وقد قتلت ستين نفساً من ولد رسول اللـه (ص) فما ينفعني صومي وصلاتي وأنا لا أشك أني مخلد في النار (6) .
محنة العلماء الرساليين :
وكانت محنة العلماء الكبار من الموالين لآل البيت عظيمة أيضاً أو ليسوا شيعة آل محمد (ص) ؟ فلابد أن يقتدوا بهم في بلائهم ، ومن أعظمهم بلاء محمد بن أبي عمير الأزدي البغدادي وهو في نفس الوقت من أعظمهم شأناً . وكان من أوثق الناس عند الخاصة والعامة ، وأنسكهم نسكاً ، وأورعهم وأعبدهم ، وحكي عن الجاحظ أنه قال : كان أوحد أهل زمانه في الأشياء كلها ، وقال أيضاً : وكان وجهاً من وجوه الرافضة ، حبس أيام الرشيد ليلي القضاء . وقيل بل ليدلّ على الشيعة وأصحاب موسى بن جعفر (ع) ، وضرب على ذلك ، وكاد يقر لعظيم الألم ، فسمع محمد بن يونس بن عبد الرحمن يقول له : إتق اللـه يا محمد بن أبي عمير فصبر ففرّج اللـه عنه ، وروى الكشي أنه ضرب مائة وعشرين خشبة أيام هارون ، وتولى ضربه السندي بن شاهك ، وكان ذلك على التشيع ، وحبس فلم يفرج عنه ، حتى أدى من ماله واحداً وعشرين ألف درهم ، وروي أن المأمون حبسه حتى ولاه قضاء بعض البلاد ، وروى الشيخ المفيد في الاختصاص أنه حبس سبع عشرة سنة ، وفي مدة حبسه دفنت أخته كتبه فبقيت مدة أربع سنين ، فهلكت الكتب ، وقيل أنه تركها في غرفة فسال عليها المطر ، لذلك حدّث من حفظه ، ومما كان سلف له في أيدي الناس أدرك أيام الكاظم (ع) ولم يحدث عنه ، وأيام الرضا والجواد (ع) وحدّث عنهما ، ومات سنة 217 (7) .
|
|
|
|
|