|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 149
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 1,952
|
بمعدل : 0.28 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نور الزهراء
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 06-09-2006 الساعة : 12:06 AM
علـم الإمامــة :
إن قاعدة الرسالات الإلهية قائمة على أساس الإيمان بالغيب ، وأبرز مظاهر الغيب هو العلم به من قبل عباد اللـه المقربين ، أوليس ذات الكتاب الذي يوحى إلى النبي - أيّ نبي - ويؤمر الناس باتباعه من الغيب ؟
كيف علّم اللـه رسوله النبي الأمي كل تلك الرسالة العظيمة وذلك الكتاب الكريم ، الذي تحدّى العالمين أن يأتوا بمثل بعض سوره أو آياته .
إننا نقرأ في الكتاب حجة عيسى ابن مريم على قومه أن ينبئهم بما يدّخرون في بيوتهم .
وهكذا يكون علم الإمام الإلهي الذي تجاوز حدود علم الناس دليلاً على أنه مؤيد باللـه ، وأنه الإمام ، والحجة على الناس أجمعين .
كيف يكون هذا العلم ؟ هل يكون عبر توارث الحديث عن رسول اللـه عن جبرائيل عن اللـه ، أم عبر نكت في القلوب ونقرٍ في الأسماع ، أو عبر عمود من نور ينظر إليه الإمام متى شاء اللـه أن يعلم شيئاً فيعلم ، أم بنزول الروح - وهو أعظم من الملائكة - عليه ليلة القدر ؟!
الصحيح أن كل ذلك وربما غير ذلك مما لا نعلم من سبل العلم الإلهي يكون طريق علم الإمام ، ولم نكلف نحن بمعرفة تفاصيل ذلك ، إنما يكفينا أن الإمام يعلم - بإذن اللـه - بما يجهله الناس ، وبذلك يفضّل عليهم ، ولا بدّ أن يكون مطاعاً فيهم بإذن اللـه .
جاء في حديث شريف عن أبي عبد اللـه الصادق (ع) :
“ فال قلت : أخبرني عن علم عالمكم ؟ قال : وراثة من رسول اللـه (ص) ومن علي بن أبي طالب (ع) ، فقلت : إنَّا نتحدث أنه يقذف في قلبه أو ينكث في إذنه ، فقال : أو ذاك “ (9).
أي لعله يكون ذلك .
والإمام الكاظم نطق بعلم الرسالة في كافة الحقول ، ويكفيك وصيته لهشام التي تعتبر خلاصة حكم الأنبياء ، وزبدة رؤى الرسالات ، وما نذكره فيما يلي رشح من بحر علمه الزاخر :
1 - روي أن إسحاق بن عمار قال : ( لما حبس هارون أبا الحسن موسى (ع) دخل عليه أبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، صاحبا أبي حنيفة فقال أحدهما للآخر : نحن على أحد الأمرين ، إما أن نساويه أو نشكله ، فجلسا بين يديه ، فجاء رجل كان موكلاً من قبل السندي بن شاهك ، فقال : إن نوبتي قد انقضت وأنــا على الإنصراف فإن كان لك حاجة أمرتني حتى آتيك بها في الوقت الذي تخلفني النوبة ؟ فقـال : مالي حاجة ، فلما أن خرج قال لأبي يوسف :
( ما أعجب هذا يسألني أن أكلفه حاجة من حوائجي ليرجع وهو ميت في هذه الليلة ) .
فقاما فقال أحدهما للآخر : إنا جئنا لنسأله عن الفرض والسنَّة وهو الآن جاء بشيء آخر كأنه من علم الغيب .
ثم بعثا برجل مع الرجل فقالا : إذهب حتى تلزمه وتنظر ما يكون من أمره في هذه الليلة وتأتينا بخبره من الغد ، فمضى الرجل فنام في مسجد في باب داره ، فلما أصبح سمع الواعية ورأى الناس يدخلون داره فقال : ما هذا ؟ قالوا قد مات فلان في هذه الليلة فجأة من غير علة ، فانصرف إلى أبي يوسف ومحمد واخبرهما الخبر ، فأتيا أبا الحسن (ع) فقالا : قد علمنا أنك أدركت العلم في الحلال والحرام فمن أين أدركت أمر هذا الرجل الموكل بك أنه يموت في هذه الليلة ؟ قال :
( من الباب الذي أخبر بعلمه رسول اللـه (ص) علي بن أبي طالب (ع) ) . فلمّا ردّ عليهما هذا بقيا لا يحيران جواباً ) (10) .
هكذا أوتي الإمام موسى بن جعفر (ع) علم المنايا كما أوتي ذلك من قبل أنبياء اللـه وأوليائه الكرام .
2 - وكذلك أوتي علم منطق الناس بإذن اللـه تعالى ، فقد جاء في الحديث عن ابن أبي حمزة قال : (كنت عند أبي الحسن موسى (ع) إذ دخل عليه ثلاثون مملوكاً من الحبشة اشتروا له ، فتكلم غلام منهم فكان جميلاً بكلام فأجابه موسى (ع) بلغته ، فتعجب الغلام وتعجبوا جميعاً وظنوا أنه لا يفهم كلامهم ، فقال له موسى : إني لأدفع إليك مالاً فادفع إلى كل منهم ثلاثين درهماً ، فخرجوا وبعضهم يقول لبعض : إنه أفصح منا بلغاتنا ، وهذه نعمة من اللـه علينا .
قال علي بن أبي حمزة : فلما خرجوا قلت : يابن رسول اللـه رأيتك تكلم هؤلاء الحبشيين بلغاتهم ؟! قال : نعم ، قال : وأمرت ذلك الغلام من بينهم بشيء دونهم ؟ قال : نعم أمرته أن يستوصي بأصحابه خيراً ، وأن يعطي كل واحد منهم في كل شهر ثلاثين درهماً ، لأنه لما تكلم كان أعلمهم فإنه من أبناء ملوكهم ، فجعلته عليهم وأوصيته بما يحتاجون إليه ، وهو مع هذا غلام صدق ، ثم قال : لعلك عجبت من كلامي إياهم بالحبشة ؟ قلت : إي واللـه قال : ( لا تعجب فما خفي عليك من امري أعجب وأعجب ، وما الذي سمعته مني إلاّ كطائر أخذ بمنقاره من البحر قطرة ، أفترى هذا الذي يأخذه بمنقاره ينقص من البحر ؟! والإمام بمنزلة البحر لا ينفذ ما عنده وعجائبه أكثر من عجائب البحر ) (11) .
3 - وجاء في حديث آخر يرويه علي بن حمزة قال : ( أرسلني أبو الحسن (ع) إلى رجل قدّامه طبق يبيع بفلس فلس وقال : أعطه هذه الثمانية عشر درهماً وقل له : يقول لك أبو الحسن : انتفع بهذه الدراهم فإنهــا تكفيك حتى تموت ، فلما أعطيته بكى ، فقلت : وما يبكيك ؟ قال : ولم لا أبكي وقد نعيت إليّ نفسـي ، فقلت : وما عند اللـه خير مما أنت فيه ، فسكت وقال : من أنت يا عبد اللـه ؟ فقلت علي بن أبي حمزة ، قال : واللـه لهكذا قال لي سيدي ومولاي أني باعث إليك مع علي بن أبي حمزة برسالتي ، قال علي : فلبثت نحواً من عشرين ليلة ثم أتيت إليه وهو مريض فقلت : أوصني بما أحببت أنفذه من مالي ، قال : إذا أنا متّ فزوج ابنتي من رجل دين ، ثم بع داري وادفع ثمنها إلى أبي الحسن ، واشهد لي بالغسل والدفن والصلاة . قال : فلما دفنته زوّجت ابنته من رجل مؤمن وبعت داره وأتيت بثمنها إلى أبي الحسن (ع) فزكاه وترحم عليه وقال : رد هذه الدراهم فادفعها إلى ابنته ) (12) .
|
|
|
|
|