|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 6077
|
الإنتساب : Jun 2007
|
المشاركات : 12,550
|
بمعدل : 1.93 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحيدرية
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 15-03-2008 الساعة : 08:22 PM
أحداث مروّعة
وقطعت عقيلة بني هاشم شوطاً من حياة الصبا في كنف جدّها الرسول (صلّى الله عليه وآله) وفي ذرى عطفه، وهي ناعمة البال قريرة العين، يتلقاها بمزيدٍ من الحفاوة والتكريم، وترى أبويها وقد غمرتهما المودة والاُلفة والتعاون، فكانت حياتهما أسمى مثل للحياة الزوجية في الإسلام، وقد نشأت في ذلك البيت الذي سادت فيه تلاوة كتاب الله العزيز، وآداب الإسلام وأحكامه وتعاليمه، فكان مركزاً للتقوى ومعهداً لمعارف الإسلام، كما شاهدت الانتصارات الرائعة التي أحرزها الإسلام في الميادين العسكرية، واندحار القبائل القرشية التي ناهضت الإسلام وناجزته بجميع ما تملك من قوة، فقد اندحرت وأذلّها الله، فقد فتحت مكة وطُهِّر بيتها الحرام من الأصنام والأوثان التي كانت تعبدُ من دون الله تعالى.
ولعلّ من أهمّ ما شاهدته العقيلة في أدوار طفولتها هو احتفاء جدها الرسول (صلّى الله عليه وآله) بأبيها واُمّها وأخويها، فقد كانوا موضع اهتمامه وعنايته، وقد أثرت عنه كوكبة من الروايات أجمع المسلمون على صحتها، وهذه بعضها:
1 - روى زيد بن أرقم: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليه السّلام: (أنا حربٌ لمن حاربتهم، وسلم لمن سالمتم)(1).
2 - روى أحمد بن حنبل بسنده: أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) أخذ بيد الحسن والحسين، وقال: (من أحبني وأحبّ هذين وأباهما واُمهما كان معي في درجتي اليوم القيامة)(2).
3 - روى أبو بكر، قال: رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خيّم خيمة، وهو متكئ على قوس عربية، وفي الخيمة عليّ وفاطمة والحسن والحسين، فقال: (معاشر المسلمين، أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، وحربٌ لمن حاربهم، ووليّ لمن والاهم، لا يحبّهم إلاّ سعيد الجدّ، ولا يبغضهم إلاّ شقي الجدّ ردئ الولادة)(3).
4 - روى ابن عباس: أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قال: (النجوم أمانٌ لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لاُمّتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس)(4).
5 - روى زيد بن أرقم: أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: (إني تاركٌ فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)(5).
6 - روى أبو سعيد الخدري، قال: سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله) يقول: (إنما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق، وإنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل من دخله غفر له)(6).
7 - روى أبو برزة، قال: صلّيت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سبعة أشهر، فإذا خرج من بيته، أتى باب فاطمة (عليها السّلام)، فقال: (السلام عليكم، إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً)(7).
رأت العقيلة هذا الاحتفاء البالغ من جدّها الرسول (صلّى الله عليه وآله) لأبيها واُمّها وأخويها، ووعت الغاية من صنوف هذا التكريم والتعظيم، وأنّه ليس مجرد عاطفة وولاء لهذه الاُسرة الكريمة، وإنّما هو للإشادة بما تتمتّع به من الصفات الفاضلة، والقابليات الفذّة التي ترشحهم لقيادة الاُمّة، وتطويرها فكرياً واجتماعياً، وأنّه لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تحتلّ اُمّته مركزاً كريماً تحت الشمس، وتكون رائدة لاُمم العالم وشعوب الأرض إلاّ بقيادة السادة من عترته الذين وعوا الإسلام، والتزموا بحرفية الرسول (صلّى الله عليه وآله).
خطوب مروّعة
ولم تدم الحالة الهانئة للاُسرة النبوية فقد دهمتهم كارثة مروّعة فقد بدت على الرسول (صلّى الله عليه وآله) طلائع الرحيل عن هذه الدنيا تلوح أمامه، فكان القرآن الكريم قد نزل عليه مرتين فاستشعر بدنّو الأجل المحتوم منه(8). وأخبر بضعته الزهراء (عليها السّلام)، فقال لها إن جبرئيل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة، وأنّه عارضني بهذا العام مرتين، وما أرى ذلك إلاّ اقتراب أجلي)(9).
وتقطّع قلب زهراء الرسول ألماً وحزناً، وشاعت الكآبة والحزن عند أهل البيت وذوت عقيلة بني هاشم من هذا النبأ المريع، وطافت بها في فجر الصبا تيارات من الأسى.
ونزلت على النبي (صلّى الله عليه وآله) سورة النصر فكان يسكت بين التكبير والقراءة ويقول: سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه).
وذُهل المسلمون، وفزعوا إليه يسألونه عن هذه الحالة الراهنة، فأجابهم: (إن نفسي قد نعيت إليّ)(10).
وكادت نفوس المسلمين أن تزهق من هذا النبأ المريع، فقد وقع عليهم كالصاعقة، فلا يدرون ماذا سيجري عليهم لو خلت الدنيا من منقذهم ومعلّمهم وقائدهم.
رؤيا العقيلة
ورأت العقيلة في منامها رؤيا أفزعتها، وأذهلتها فأسرعت إلى جدها الرسول (صلّى الله عليه وآله) تقصّها عليه، ولما مثلت عنده أجلسها في حجره وجعله يوسعها تقبيلاً، فقالت له:
(يا جدّاه، رأيت رؤيا البارحة..).
(قصّيها عليّ).
رأيت ريحاً عاصفاً اسودّت الدنيا منه وأظلمت، ففزعتُ إلى شجرة عظيمة فتعلقت بها من شدّة العاصفة، فقلعتها الرياح وألقتها على الأرض، فتعلقت بغصنٍ قويّ من تلك الشجرة فقطعتها الرياح، فتعلقت بفرع آخر فكسرته الرياح أيضاً، وسارعت فتعلّقت بأحد فرعين من فروعهما فكسرته العاصفة أيضاً، ثم استيقظت من نومي).
فأجهش النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بالبكاء، وفسّر لها رؤياها قائلاً: (أما الشجرة: فجدّك، وأمّا الفرع الأول: فأمّك فاطمة، والثاني: أبوك عليّ، والفرعان الآخران هما: أخواك الحسنان، تسودّ الدنيا لفقدهم وتلبسين لباس الحداد في رزيتهم)(11).
وساد الحزن والأسى في البيت النبوي، وصدقت رؤيا العقيلة فلم تمض أيام حتى رزئت بجدّها واُمّها، تتابعت عليها بعد ذلك الرزايا، فقد استشهد أبوها وأخواها، ولبست عليهم لباس الحزن والحداد.
حجة الوداع
ولمّا علم النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّ لقاءه بربّه قريب، رأى أن يحجّ إلى بيت الله الحرام ليلتقي بالمسلمين، ويضع لهم الخطوط السليمة لنجاتهم، ويقيم فيهم القادة والمراجع الذين يقيمون فيهم الحق والعدل.
وحجّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) لهذا الغرض، وهي حجّته الأخيرة الشهيرة بـ(حجة الوداع)، وقد أشاع بين حجاج بيت الله أنّ التقاءه بهم في هذا العام هو آخر التقاء بهم، وأنه سيسافر إلى الفردوس الأعلى، وجعل يطوف بين الجماهير، ويعرّفهم سبل النجـــاة، ويرشدهم إلــــى ولاة اُمورهم من بــــعده قائلاً: (أيّها الناس، إني تركت فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي)(12).
ثم وقف النبيّ (صلّى الله عليه وآله) عند بئر زمزم وخطب خطاباً رائعاً وحافلاً بما تحتاج إليه الاُمّة في مجالاتها الاجتماعية والسياسية، وقال فيما يخصّ القيادة الروحية والزمنية للاُمّة: (إني خلّفت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي ألا هل بلّغت).
فانبرت الجماهير بصوتٍ واحدٍ قائلين: اللّهمّ نعم(13).
لقد عيّن الرسول (صلّى الله عليه وآله) القيادة العامة لاُمّته وجعلها مختصة بأهل بيته، فهم ورثة علومه، وخزنة حكمته، الذين يعنون بالإصلاح الاجتماعي، ويؤثرن مصلحة الاُمّة على كل شيء.
يتبع مع مؤتمر غدير خم
|
|
|
|
|