|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 6077
|
الإنتساب : Jun 2007
|
المشاركات : 12,550
|
بمعدل : 1.93 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحيدرية
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 18-03-2008 الساعة : 01:30 AM
فجيعة الزهراء
وكان أكثر أهل بيت النبي (صلّى الله عليه وآله) جزعاً وأشدّهم مصاباً بضعة الرسول (صلّى الله عليه وآله)، وحبيبته فاطمة الزهراء، فقد أشرفت على الموت، وهي تبكي أمرّ البكاء وأقساه، وتقول: وا أبتاه، وا رسول الله، وا نبيّ الرحمتاه، الآن لا يأتي الوحي، الآن ينقطع عنّا جبرئيل. اللّهم إلحق روحي بروحه، واشفعني بالنظر إلى وجهه، ولا تحرمني أجره وشفاعته يوم القيامة)(44).
وقالت بذوب روحها:
(وا أبتاه إلى جبرئيل أنعاه، وا أبتاه جنة الفردوس مأواه، وا أبتاه وا أبتاه أجاب رباً دعاه..).
وأحاطت بالاُسرة النبوية موجات من الأسى والحزن على هذا المصاب العظيم كما أحاطت بها تيارات من الفزع والخوف؛ لأنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد وتر الأقربين والأبعدين فخافوا من انقضاض العرب عليهم، يقول الإمام الصادق عليه السلام:
(لمّا مات النبي (صلّى الله عليه وآله) بات أهل بيته كأنّ لا سماء تظلّهم ولا أرض تقلّهم، لأنّه وتر الأقرب والأبعد..).
لقد عانت حفيدة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) زينب عليها السلام وهي في سنّها المبكّر هذه المصيبة الكبرى وما تنطوي عليه من أبعاد، وما ستعانيه هي وأهلها من فوادح الرزايا بعد وفاة جدّها كما فقدت بموته العطف والحنان الذي كان يغدقه عليها، وكان عمرها الشريف خمس سنين، وقد غزت قلبها هذه المحنة الشاقة، فقد رأت جدّها يوارى في مثواه الأخير، ورأت أباها بادي الهمّ والحزن على فراق ابن عمّه، وشاهدت أمّها الرؤوم وهي ولهى قد ذابت من الأسى، وهي تندب أباها بأشجى ما تكون الندبة، ومنذ ذلك اليوم لازمها الأسى والحزن حتى لحقت بالرفيق الأعلى.
في عهد الخلفاء
لا يستطيع أيّ كاتب مهما كان بارعاً في تصوير دقائق النفوس، وكشف أسرار المجتمع وأحداث التأريخ أن يصوّر بدقة عمق الكوارث والأوبئة التي داهمت الاًمّة الإسلامية بعد وفاة نبيّها العظيم، كما صوّرها القرآن الكريم، قال تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم…)(1).
إنّه تصوير هائل للأزمات المفجعة والنكبات السود التي مُني بها العالم الإسلامي، إنه انقلاب على الأعقاب، وانسلاخ عن العقيدة الإسلامية، وتدمير لشريعة الله، فأيُّ زلزال مدمّر كهذا الزلزال الذي عصف بالاُمّة الإسلامية وأخلد لها الفتن والكوارث على امتداد التأريخ.
وكان من أقسى ما فجعت به الاُمّة إبعاد العترة الطاهرة عن المسرح السياسي وتحويل القيادة إلى غيرها، الأمر الذي نجم عنه فوز الاُمويين وغيرهم بالحكم، وإمعانهم بوحشية قاسية في ظلم العلويين ومطاردتهم، ومجزرة كربلاء كانت من النتائج المباشرة لصرف الخلافة عن أهل البيت(عليهم السّلام).
وعلى أيّ حال، فإنّا نعرض - بإيجاز- لبعض تلك الأحداث، والتي منها حكومة الخلفاء الذين عاصرتهم حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله)، فإنها ترتبط ارتباطاً موضوعياً بالكشف عن حياتها وما عانته من كوارث وأهوال، وفيما يلي ذلك:
مؤتمر السقيفة
أمّا مؤتمر السقيفة فهو مصدر الفتنة الكبرى التي مُني بها المسلمون والتي كان من جرّائها الأحداث المروّعة التي رزئ بها أهل البيت، يقول الإمام محمّد حسين آل كاشف الغطاء:
تــــا الله ما كربلاء لولا (سقيفتهم) ومثل هذا الفرع ذاك الأصل أنتجـه
ويقول بولس سلامة:
وتـــــوالـت تـــــحت السقـيفة أحـدا ث أثــــــارت كـــــوامـناً وميــــولا
نــــزعات تــــــفرقت كـغصون الـــ ــعـــوسج الخــــفيّ شائكـاً مدخولاً
لقد أسرع الأنصار إلى عقد مؤتمرهم في (سقيفة بني ساعدة)، لترشيح أحدهم لمنصب الخلافة، وإقامة حكومة تضمن مصالحهم وترعى شؤونهم، لقد عقدوا مؤتمرهم في وقت كان جثمان الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) لم يوارَ في مثواه الأخير، وأكبر الظنّ إنّما قاموا بهذه السرعة الخاطفة بذلك لأنهم خافوا من استيلاء المهاجرين على الحكم، فقد رأوا تحرّكهم السياسي في صرف الخلافة عن الإمام أمير المؤمنين وكراهيتهم له.
وعلى أي حال، فقد خطب سعد بن عبادة زعيم الخزرج في الأنصار، وكان منطق خطابه الإشادة بنضال الأنصار وجهادهم في نصرة الإسلام وقهر القوى المعادية لهم، فهم الذين حملوا النبي (صلّى الله عليه وآله) ونصروه في أيام محنته، فإذاً هم أوْلى بمركز النبي (صلّى الله عليه وآله) وأحقّ بمنصبه من غيرهم، كما حفل خطابه بالتنديد بالاُسر القرشية التي ناهضت النبي (صلّى الله عليه وآله) وناجزته الحرب حتى اضطر للهجرة إلى يثرب، فهم خصومه وأعداؤه ولا حقّ لهم بأيّ حالٍ في التدخل بشؤون الدولة ومصيرها. وقام زعيم آخر من الأنصار هو الحبّاب بن المنذر، فحذّر الأنصار من القرشييّن، وأهاب بهم أن يجعلوا لهم نصيباً في الحكم، قائلاً:
لكنّنا نخاف أن يليها بعدكم من قتلنا أبناءهم وآباءهم وإخوانهم..
وتحقّق تنبؤ الحبّاب، فإنّه لم يكن ينتهي حكم الخلفاء حتى آل الأمر إلى الاُمويّين فأمعنوا في إذلال الأنصار وإشاعة البؤس والفقر فيهم، وقد انتقم منهم معاوية كأشرّ وأقسى ما يكون الانتقام. ولمّا ولِيَ الأمر من بعده يزيد جهد في الوقيعة بهم، فأباح أموالهم ودماءهم وأعراضهم لجيوشه في واقعة (الحرة) التي اُنتهكت فيها جميع ما حرّمه الله.
وعلى أيّ حال، فقد تجاهل سعد وغيره من الأنصار الإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) الذي هو من النبيّ بمنزلة هارون من موسى، وأبو سبطيه، وباب مدينة علمه، وسيّد عترته. ولا نرى أيّ مبرر لسعد في إغضائه وتجاهله حق الإمام عليه السّلام، فقد فتح باب الشرّ على الاُمّة، وأخلد لها المصاعب والفتن على امتداد التأريخ.
يتبع مع مباغتة الأنصار
|
|
|
|
|