عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية الحيدرية
الحيدرية
شيعي حسيني
رقم العضوية : 6077
الإنتساب : Jun 2007
المشاركات : 12,550
بمعدل : 1.93 يوميا

الحيدرية غير متصل

 عرض البوم صور الحيدرية

  مشاركة رقم : 16  
كاتب الموضوع : الحيدرية المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-03-2008 الساعة : 04:53 PM


مباغتة الأنصار

وحينما كان الأنصار في سقيفتهم يدبّرون أمرهم ويتداولون الرأي في شؤون الخلافة إذ خرج من مؤتمرهم عويم بن ساعدة الأوسي ومعن بن عدي حليف الأنصار، وكانا من أولياء أبي بكر ومن أعضاء حزبه، وكانا يحقدان على سعد، فانطلقا مسرعَين إلى أبي بكر فأخبراه بالأمر، ففزع أبو بكر، واسرع ومعه عمر وأبو عبيدة الجرّاح وسالم مولى أبي حذيفة وآخرون من المهاجرين(2)، فكبسوا الأنصار في ندوتهم، فذهل الأنصار وأسقط ما بأيديهم لأنّهم أحاطوا ندوتهم بسرّية وكتمان، وتغيّر لون سعد، فقد انهارت جميع مخطّطاته، وفشلت جميع تدابيره.

خطاب أبي بكر

واستغلّ أبو بكر الموقف، وأراد صاحبه عمر أن يفتح الحديث مع الأنصار، فنهره أبو بكر لعلمه بشدّته، وهي لا تساعد في مثل هذا الموقف الملبّد الذي يجب أن تستعمل فيه الأساليب السياسية والكلمات الناعمة لكسب الموقف، فبادر أبو بكر فخاطب الأنصار بكلمات معسولة وبسمات فيّاضة بالبشر، قائلاً:

نحن المهاجرون أوّل الناس إسلاماً، وأكرمهم أحساباً، وأوسطهم داراً، وأحسنهم وجوهاً، وأمسّهم برسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأنتم إخواننا في الإسلام، وشركاؤنا في الدين نصرتم الإسلام، وواسيتم، فجزاكم الله خيراً، ونحن الأمراء، وأنتم الوزراء، لا تدين العرب إلاّ لهذا الحيّ من قريش، فلا تنفسوا على أخوتكم المهاجرين ما فضّلهم الله به، فقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين - يعني: عمر بن الخطّاب وأبا عبيدة بن الجراح -(3).

ولم يعرض هذا الخطاب إلى وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) التي هي أعظم كارثة مُني بها المسلمون، فكان الواجب أن يعزّي المسلمين بوفاة منقذهم ونبيّهم، كما أنّ الواجب يقضي بتأخير المؤتمر إلى بعد مواراة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) حتى يجتمع جميع المسلمين وينتخبوا عن إرادتهم وحرّيتهم من شاؤوا.وشيء آخر في هذا الخطاب أنّه لم يمعن إلاّ بطلب الإمرة والسلطان، فقد طلب من الأنصار أن يتنازلوا عن الخلافة إلى المهاجرين، وأنّهم سينالون عوض ذلك الوزارة، إلاّ أنّه لمّا تمّ الأمر لأبي بكر أقصاهم ولم يمنحهم أيّ منصبٍ من مناصب الدولة.

وممّا يؤخذ على هذا الخطاب أنّه تجاهل بصورة كاملة أهل البيت الذين هم وديعة النبيّ في اُمّته، والثقل الأكبر فيها، فلم يشر إليهم أبو بكر بقليل ولا بكثير.

بيعة أبي بكر

وانبرى حزب أبي بكر إلى تأييده، فكان من أعظم المناصرين له عمر بن الخطاب، وسارع إلى بيعته مع بقية أعضاء حزبه خوفاً من تطوّر الأحداث، واشتدّ عمر في إرغام الناس على بيعة أبي بكر، وقد لعبت درته شوطاً في الميدان، وقد سمع الأنصار يقولون: قتلتم سعداً!، فجعل يقول بعنف: اقتلوه، قتله الله، فإنّه صاحب فتنة(4).

وبعدما تمّت البيعة لأبي بكر بهذه السرعة الخاطفة أقبل به حزبه يزفّونه زفاف العروس إلى مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولم يشترك أبو بكر ولا أي فرد من حزبه في تشييع جثمان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ومواراته، فقد انشغلوا بالمُلك والسلطان وتدبير اُمورهم.

لقد أهمل في بيعة أبي بكر رأي العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم، فلم يُعنُ بها ولم يؤخذ رأيها، ومنذ ذلك واجهت جميع ألوان الرزايا والنكبات، وما كارثة كربلاء وغيرها من مآسي العترة الطاهرة إلاّ وهي متفرّعة من يوم السقيفة، حسبما نصّت عليه الوثائق التاريخية والدراسات العلمية.

امتناع الإمام عن البيعة

والتاع الإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) من بيعة أبي بكر، واعتبرها تعدّياً صارخاً عليه، فقد كان محلّه من الخلافة محلّ القطب من الرحى، ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير - على حدّ تعبيره -، وقد تخلف عن بيعة أبي بكر وأعلن معارضته لها، وقد شاع ذلك بين المسلمين، ومن يقرأ نهج البلاغة يجد فيه لوحات من تذمّره وأساه على ضياع حقّه.

إرغامه على البيعة

وأجمع أبو بكر وسائر أعضاء حزبه على إرغام الإمام على البيعة لأبي بكر وحمله بالقوّة عليها، فأرسلوا إليه شرطتهم، فكبسوا داره وأخرجوه منها بالقسر والقوّة، وجاءوا به إلى أبي بكر، فصاحوا به:

بايع أبا بكر…

فأجابهم الإمام بمنطقه الفيّاض وحجّته الحاسمة، قائلاً:

(أنا أحقّ بهذا الأمر منكم، لا اُبايعكم وأنتم أوْلى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي (صلّى الله عليه وآله)، وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً‍!

ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أوْلى بهذا الأمر منهم لما كان محمّد (صلّى الله عليه وآله) منكم، فأعطوكم المقادة وسلّموا إليكم الإمارة، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار، نحن أوْلى برسول الله (صلّى الله عليه وآله) حيّاً وميّتاً، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون، وإلاّ فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون..).

وأعلن الإمام بهذا الخطاب الرائع أنّه أوْلى بمركز النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وأحق بخلافته من غيره، فهو أقرب الناس وألصق بالرسول (صلّى الله عليه وآله) من المهاجرين الذين فازوا بالحكم لقربهم من النبيّ، فهو ابن عمّه وأبو سبطيه، ولا يملك أحد من القرب إلى النبيّ غيره.. وثار ابن الخطاب بعد أن أعوزته الحجة والبرهان، فاندفع بعنفٍ قائلاً:

إنّك لست متروكاً حتى تبايع..

فزجره الإمام قائلاً: احلب حلباً لك شطره، واشدد له اليوم أمره، ويردده عليك غداّ...).

وكشف الإمام الوجه في اندفاع ابن الخطاب وتهالكه على نصرة أبي بكر، فأنّه يأمل أن ترجع إليه الخلافة والملك بعد أبي بكر.

وثار الإمام وهتف قائلاً: (والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه...).

وخاف أبو بكر من تطوّر الأحداث، وخشي أن ترجع إلى المسلمين حوازب أحلامهم فيقصوه عن منصبه، فخاطب الإمام بناعم القول: إن لم تبايع فلا اُكرهك..

وانبرى أبو عبيدة بن الجراح وهو من أبرز حزب أبي بكر، فخاطب الإمام قائلاً:

يا بن عمّ، إنك حدث السن، وهؤلاء مشيخة قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور، ولا أرى إلاّ أبا بكر أقوى على هذا الأمر منك، وأشدّ احتمالاً واضطلاعاً به، فسلّم لأبي بكر هذا الأمر، فإنّك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت لهذا الأمر خليق، وبه حقيق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك..).

وليس في هذا القول إلاّ الخداع والتضليل فإن التقدّم في السن ليس له أي ترجيح في منصب الخلافة التي تتطلّب الطاقات الخلاّقة بما تحتاج إليه الاُمّة في الميادين السياسية والاقتصادية والقضائية، ولا يملك أحد من المسلمين ذلك غير الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام.

وأثارت مخادعة أبي عبيدة كوامن الألم في نفس الإمام، فانبرى يخاطب المهاجرين قائلاً:

الله الله يا معشر المهاجرين، لا تخرجوا سلطان محمّد في العرب عن داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه. فو الله يا معشر المهاجرين لنحن أحقّ الناس به لأنا أهل البيت، ونحن أحقّ بهذا الأمر منكم، ما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله، المضطلع بأمر الرعية، الدافع عنهم الاُمور السيئة، القاسم بينهم بالسوية، والله إنّه لفينا، فلا تتّبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله، فتزدادوا من الحق بُعداً..(5). وحفلت هذه الكلمات بالصفات الرفيعة الماثلة في أهل بيت النبوة من الفقه بدين الله، والعلم بسنن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، والإحاطة بما تحتاج إليه الاُمّة في مجالاتها الاقتصادية والسياسية، ولا تتوفر بعض هذه الصفات في غيرهم، ولو أنّ القوم استجابوا لنداء الإمام لجنّبوا العالم الإسلامي الكثير من المشكلات والأزمات ولكنّهم انسابوا وراء أطماعهم وشهواتهم وتهالكهم على الإمرة والسلطان.

وعلى أيّ حال، فقد رجع الإمام (عليه السّلام) إلى داره لم يبايع أبا بكر، وقد أحاطت به موجات من الأسى على ضياع حقّه وحرمان الاُمّة من قيادته، وقد التاعت سيّدة النساء زينب وغزاها الحزن على ما حلّ بأبيها من الآلام والكوارث، فقد رأته جالساً في بيته يساور الهموم والأحزان، وحوله اُمّها سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السّلام) وهي تبكي أباها وتندبه بأشجى ما تكون الندبة، وقد شاركت زوجها في مصابه على ضياع حقّه، ونهب مركزه ومقامه.

يتبع مع إجراءات صارمة

توقيع : الحيدرية






من مواضيع : الحيدرية 0 بيتزا التوست
0 كلـمات جمـيلة
0 كرات البطاطا بالصور
0 صور حلويات اهداء الى بنات وشباب المنتدى
0 الأمور المحببة إلى الزوج
رد مع اقتباس