عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية أرجوان
أرجوان
شيعي حسيني
رقم العضوية : 13143
الإنتساب : Nov 2007
المشاركات : 7,797
بمعدل : 1.23 يوميا

أرجوان غير متصل

 عرض البوم صور أرجوان

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : أرجوان المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 20-07-2008 الساعة : 01:23 PM


هتف العائد:

ـ يا أبا خالد!

ـ لبّيك يا ابن رسول الله..

قال ابن النبيّ صلّى الله عليه وآله وهو يحاور رجلاً اهتزَّ إيمانه قبل الغروب:

ـ لا تشكّنّ.. وَدّ الشيطانُ أنّك شككت.

تمتم أبو خالد.

ـ الحمد لله الذي خلّصك منهم..

همس ابن النبيّ صلّى الله عليه وآله وهو ينظر إلى الأفق البعيد.. إلى الجهة التي تهب منها ريح الشمال:

ـ إنّ لي عودة لا أتخلّص منها.

وأمضى العائد إلى ربوع وطنه ليلته قبل أن يستأنف رحلته إلى المدينة التي أضاءت الدنيا.




3- بشائر في آفاق خانقة

مثلما تدلهمّ السُّحب في السماء، اكفهرّت الأجواء في المدينة المضيئة.. وبدا مسجد النبيّ كوكباً تحاصرة آلاف الغيوم.. رجال الشرطة يجوبون الأزقة، وهمسات عن موت ( الخليفة ) في بغداد في ظروف غامضة.. وها هو ابنه يتربّع على دَست الحكم فترتجف المدن. والذين يعرفون بواطن الأمور ربّما دُهشوا لمرأى ( الخليفة الجديد )، ما أكثر شَبهَه بيزيد.. طيشه، غلظته قسوته خروجه على التقاليد والأديان والأخلاق.. وأعجب شيء فيه أنّه يحمل اسم ( موسى ) وهو في جوهره فرعون، وأنّه يُلقَّب بـ (الهادي)(8) وهو نقيض لذلك.

بدت الأجواء خانقة.. وأصعب شيء أن يعيش الإنسان مقهوراً.. فالحياة تكمن في الحرّية.. وعندما يشعر المرء أنّه فقد حرّيته تصبح حياته عبءً ثقيلاً.. إنه مستعد لأن يفقد رأسه من أجل نسمة حرّة تُنعش قلبه..

ليس هناك ما هو أفظع من قهر الأحرار، فقلوبهم التي تنبض بسلام، أو تتدفق رحمة.. تصبح في لحظةِ إذلالٍ براكينَ وشواظَّ من نار ونحاس..

وما الثورات التي تندلع كحرائق مجنونة إلاّ غضب مقدس يختار فيه الأحرار الفناءَ من أجل الكرامة..

أطلّ ( الهادي ) بوجهه القاسي.. بطيشه بحقده بكلّ عنجهيّته، فكشّرت شرطته في المدن الخائفة عن أنياب، أين منها أنياب الذئاب!

اتّبع ( العُمريُّ )(9) وقد اصبح الحاكم بأمره في ( المدينة ) سياسةَ الإذلال لأبناء عليّ عليه السّلام..

بدأت النار تستعر تحت الرماد.. القلوب الحُرّة تكتوي بالآلام.. تتّقد وقد أزفت لحظة الانفجار..

مثلما تتحشّد الغيوم في السماء.. مثلما يصبح الفضاء مشحوناً بالبرق والرعود.. كانت نُذُر الثورة تتجمع.. والتاريخ يشير إلى بقعة بين مكّة والمدينة.. هناك سيحطّم الإنسان نفسه من أجل كرامته.. سيمزّق جسده من أجل أن تبقى روحه بيضاء.. سيقدّم الإنسان جزءه المادّي من أجل أن يبقى إنساناً.. الله وحده يراقب الأعماق.. وحده يدرك ماذا يدور في رأس ( الحسين )(10) الجديد وهو يتجه إلى قصر الحاكم..

حشود العلويين تتجه إلى ميعادها اليومي أمام ( الأمير ) حاكم المدينة..

ها هو يتصفّح عشرات الوجوه.. عشرات الأسماء الحَسَن.. يحيى.. الحسين.. إدريس.. و.. و.. يُريهم أنه هو الحاكم.. بيده الأمر وبيده النهي وهو على كلّ شيء قدير!

صرخ ( الحائك ) في يوم الجمعة، والشمسُ في كبِد السماء:

ـ اين الحَسَن ؟

والتفت إلى الحسين ويحيى باستعلاء:

ـ لَتأتيانّي به أو لأحبسنّكما.. لقد تغيّب عن العرض ثلاثة أيّام.

قال يحيى:

ـ لقد ألهَبتْه سياطُكم.. وطوافكم به المدينة.. واتّهامكم له بشرب الخمر.

قال الحائك:

ـ إن هذا يُغضب الأمير!

ابتسم يحيى(11) ساخراً، وانفجر ( الأمير ) يهدد ويتوعد:

ـ لَسوف أُحرق بيوتكم.. وأُهرق الدماء.. إذا لم يأت الحسن..

لم يعد هناك من طريق آخر.. وعندما يُخيَّر الحرّ أيَّ الطريقين يسلك: طريق الحياة الذليلة أم طريق الفناء، لن يتردد في الاختيار.. سوف يختار ( كربلاء ). وهكذا دوّت لحظة الانفجار.. لقد اختار الحسين طريق الثورة.. ها هو يصغي إلى صهيلٍ قادم من بعيد.. الحسين يمنح ابن اخيه اسمه وقلبه وجواده.. يمنحه سيفاً.. والقدر يمنح الثائر الجديد بقعة في الصحراء بين مكّة والمدينة..

شبّت نار الثورة في منتصف الليل.. تألقت المدينة المضيئة.. محمّد صلّى الله عليه وآله يمنح أسباطه خيلاً وبيارق.. وأمانيَّ خضراء. فرّ الوالي.. عادت شرطته فئراناً مذعورة تبحث عن جحور آمنة.

هبّ الوالي مذعوراً.. أيقظه الأذان.. كلمات بثّت في قلبه الذعر. كلمات تنساب كلحن يدور في الفضاء في غبش الفجر:

ـ حيَّ على خيرِ العمل..

لقد مر أكثر من قرن على اندثارها.. وها هي تعود تبشّر بفجر جديد. واستيقظ أهل المدينة على دويّ الكلمات الثائرة.. لقد نهض الحسين.. تحطّمت قضبان السجون.. وتنفّس المقهورون في ذلك اليوم الربيعي نسماتِ الحرّية..

كلمات الحسين تدوّي في جنبات المسجد النبوّي:

ـ أُبايعكم على كتاب الله..

وسُنّة نبيه..

وعلى أن يطاع الله..

وأدعوكم إلى الرضا من آل محمد.. وعلى أن نعمل فيكم بكتاب الله والعدل..

الكلمات تطوف منازل المدينة كفَراشات تبشّر بالربيع..




توقيع : أرجوان
..اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين..
من مواضيع : أرجوان 0 سفن آب (تجميد اللقطة)
0 زخارف اسلامية للتصاميم
0 في حياتي زهــــــ ـــــرة
0 لا يفوتكم المناظر مصر .. أم الدنيا‎
0 اسم فاطمة الزهراء (ع) سبب شفاء أعمى
رد مع اقتباس