للعلم فقط أن هذا الحديث التي تشير إليه من حيث لا تعلم والقائل فيه - إفتراءً - أن " المهديّ يواطئ اسمه اسمي ، واسمُ أبيه اسم أبي " ...
قد رواه المخالفين لنا بطرق عدة وبألفاظ مختلفة تفيد نفس الشبهة أعلاه من الأخ الكريم "ماجد" ...
وهي كالآتي :
> الحديث الأوّل :
"لاتذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلاً من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي" .
و أهم من أخرج الحديث ابن أبي شيبة ، والطبراني ، والحاكم من طريق عاصم ابن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي " صلّى الله عليه وآله " ، كلّ بإسناده إلى عاصم بن أبي النجود ( المصنّف / ابن أبي شيبة 198:15 / 19493 ، المعجم الكبير / الطبراني 163:10 / 10213 و 10 : 166/10222 ، مستدرك الحاكم 442:4 ) .
و الحديث الثاني :
" لاتقوم الساعة حتى يملك الناس رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي " .
والذي روى هذا الحديث أبوعمر الداني ، والخطيب البغدادي ، وقد أخرجاه من طريق عاصم بن أبي النجود أيضاً ـ كالطريق السابق ـ عن ابن مسعود ( سنن أبي عمرو الداني : 94 ـ 95 ، تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي : 370:1 ) .
و الحديث الثالث :
" المهديّ يواطئ اسمه اسمي ، واسمُ أبيه اسم أبي " . ..
وأهم رواته من أهل السنّة :
الخطيب البغدادي ، وابن حجر ، وقد أخرجاه من طريق عاصم أيضاً عن ابن مسعود ( تاريخ بغداد : 391:5 ، وقد وقع في سنده كلّ من : أبونعيم ، والطبراني ، وابن أبي حاتم ، وابن حماد ، فهؤلاء كلّهم من رواته أيضاً ، القول المختصر / ابن حجر : 4/4 ـ رواه مرسلاً ) . ورواه ـ من الشيعة ـ ابن طاووس نقلاً عن ابن حماد ( الملاحم / ابن طاووس : 74 باب / 162 ، عن ابن حماد ) .
وهذه الأحاديث الثلاثة هي أهم ما روي في هذا الشأن ، ومصادرها المذكورة هي الأساس لجميع من تأخر من العلماء الذين أوردوا تلك الأحاديث باختلافات يسيرة لفظاً ، مع التقاء أكثر أسانيدها بعاصم بن أبي النجود ، وقلّما انفرد بعضهم بطريق آخر لم يتصل به عاصم .
وعليه أوّل ما يلاحظ على هذه الأحاديث الثلاثة أنّها لم تخرج في الصحيحين : صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وعلى مبنى المنكرين فلايحق لهم الاحتجاج بهذه الأحاديث على وجود الاختلاف والتناقض في مسألة تحديد اسم أب المهدي " عليه السلام " . هذا مع عدم إيماننا بصحّة هذا المبنى ؛ لأنّ الصحيح باتفاق جميع العلماء من أهل السنّة على أقسام ، ومن أقسامه : ما لم يخرجه الشيخان وهو على شرطهما ، وخير كتاب حديثي يمثل هذا القسم من الصحيح هو ( مستدرك الحاكم ) .
كما أن هذه الأحاديث الثلاثة لم يروها كبار الحفّاظ من المحدّثين كأحمد والترمذي مع تصريح غيرهما بأنّ الأكثر على رواية (واسمه اسمي فقط) من غير هذه الزيادة : (واسم أبيه اسم أبي) .
وصرّح بعض من روى تلك الزيادة بأنّها غير موجودة في كتب الحفّاظ .
قال في عقد الدرر بعد روايته الحديث عن أبي داود : " أخرجه جماعة من أئمة الحديث في كتبهم ، منهم الإمام أبوعيسى الترمذي في جامعه ، والإمام أبوداود في سننه ، والحافظ أبوبكر البيهقي ، والشيخ أبوعمرو الداني كلّهم هكذا " (عقد الدرر / المقدسي الشافعي : 27 باب 2) وليس فيه (واسم أبيه اسم أبي) .
ولايمكن أن يكون هؤلاء الأئمة من الحفّاظ لاعلم لهم بهذه الزيادة المروية من طريق عاصم بن أبي النجود ، مع أنّهم رووا تلك الأحاديث من طريق عاصم نفسه ، وهذا يدلّ ـ على الأقل ـ على عدم اعتقادهم بصحّة هذه الزيادة ، و إلاّ لما أعرضوا عنها ولا يتّهم أحدهم بأنّه قد أسقطها عمداً . خصوصاً وأنّ لهذه الزيادة أهميتها في النقض على ما تدّعيه الشيعة .
ومن هنا يتبيّن أنّ عبارة ( واسم أبيه اسم أبي ) كانت من وضع أحد الرواة عن عاصم ترويجاً لفكرة كون المهديّ هو محمّد بن عبد الله بن الحسن المثنى ، أو محمّد ابن عبدالله المنصور الخليفة العباسي .
ومن هنا يتضح أنّ حديث (واسم أبيه اسم أبي) لايصحّ ـ في حسابات فن الدراية ـ أن يكون متعارضاً مع ما تعتقده الشيعة في اسم أبي المهديّ " عليه السلام " المروي بعشرات الروايات من طريق الطرفين ، وبأقوال الكثير من علماء أهل السنّة ، و المؤيد بحديث : (اسمه اسمي) المروي عن عليّ " عليه السلام " وابن مسعود ، وأبي سعيد ، وحذيفة ، وسلمان ، وأبي هريرة ، وابن عمر ، وأمّ سلمة ، وغيرهم ، و المعتضد بحديث : الأئمة اثناعشر و كلّهم من قريش المتفق على صحته ، زيادة على إطباق كلمة أهل البيت من لدن عليّ بن أبي طالب وإلى الحسن العسكري " عليه السلام " على ذلك، وهذا ما يجعل حديث : (واسم أبيه اسم أبي) ليس بقوة ثبوت الحديث الآخر ، الذي يجب طرحه أو تأويله .
ثالثاً ...
وناهيك عن حال "عاصم بن أبي النجود" عند الجماعة فهو إما غير ثقة أو معدوم الحفظ أو انه لا يحفظ .....!!!
وهذه آرائهم فيه من علمائهم وكتابهم ومحدثيهم ...:
- قال الذهبي: ثَبْتٌ في القراءة، وهو في الحديث دون الثَّبْت، صدوق يهم.
- وقال يحيي القطان: ما وجدتُ رجلاً اسمه عاصم إلا وجدته رديء الحفظ.
- وقال النسائي: ليس بحافظ.
- وقال الدارقطني: في حفظ عاصم شيء.
- وقال ابن خراش: في حديثه نكرة.
- وقال شعبة: حدَّثَنا عاصم بن أبي النجود وفي النفس ما فيها.