عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية ملاعلي
ملاعلي
عضو برونزي
رقم العضوية : 20772
الإنتساب : Aug 2008
المشاركات : 1,243
بمعدل : 0.20 يوميا

ملاعلي غير متصل

 عرض البوم صور ملاعلي

  مشاركة رقم : 20  
كاتب الموضوع : ملاعلي المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 22-08-2008 الساعة : 09:19 PM


9- قَتْلُهُ الصحابي مالك الأشتر رحمه الله



(مالك الأشتر بن الحارث...بن مالك بن النخع).(معجم الشعراء:1/172).(قدس الله روحه ورضي الله عنه ، جليل القدر عظيم المنزلة ، كان اختصاصه بعلي عليه السلام أظهر من أن يخفى، وتأسف أمير المؤمنين عليه السلام لموته وقال: لقد كان لي كما كنت لرسول الله صلى الله عليه وآله ). (الخلاصة للعلامة الحلي ص276) .

وفي معجم رجال الحديث للسيد الخوئي:15/168: (قال الكشي: ذكر أنه لما نعي الأشتر مالك بن الحارث النخعي إلى أمير المؤمنين عليه السلام تأوه حزناً وقال: رحم الله مالكاً وما مالك ! عزَّ عليَّ به هالكاً ، لو كان صخراً لكان صلداً ، ولو كان جبلاً لكان فنداً ، وكأنه قد مني قداً). انتهى .

كان مالك من شجعان العالم ، قوي الروح والبنية طويل القامة، وكان هو وعَديُّ بن حاتم (يركب الفرس الجسام فتخط إبهاماه في الأرض).(المحبر: 113) .

صحابي عدوه في التابعين:

عدُّوه في التابعين لكن بعض العلماء ألف رسالة في إثبات صحبته للنبي صلى الله عليه وآله . (الذريعة:7/37) وفي ذلك نصوص عديدة ! لكن أكثر رواة الخلافة لم يذكروه في وفادة النخع على النبي صلى الله عليه وآله ودعائه لهم ، كما في أسد الغابة:1/61 !


* *

طمسوا دوره في حرب مسيلمة:


ذكر له أسامة بن منقذ في كتاب الإعتبار ص26 ، دوراً حاسماً في قتال مسيلمة الكذاب والمرتدين معه من بني حنيفة ، وأنه قتل فارسهم المشهور ، قال:

(فكان أبو مسيكه الأيادي مع بني حنيفة وكانوا أشد العرب شوكه ، وكان مالك الأشتر في جيش أبي بكر ، فلما تواقفوا برز مالك بين الصفين وصاح يا أبا مسيكة فبرز له فقال: ويحك يا أبا مسيكة! بعد الإسلام وقراءة القرآن ، رجعت إلى الكفر؟! فقال: إياك عني يا مالك ، إنهم يحرمون الخمر ولا صبر لي عنها .

قال: هل لك في المبارزة ؟ قال: نعم . فالتقيا بالرماح ، والتقيا بالسيوف ، فضربه أبو مسيكة فشق رأسه وشتر عينه ، وبتلك الضربه سمي الأشتر . فرجع وهو معتنق رقبه فرسه إلى رحله واجتمع له قوم من أهله وأصدقائه يبكون . فقال لأحدهم: أدخل يدك في فمي، فأدحل إصبعه في فمه فعضها مالك فالتوى الرجل من الوجع! فقال مالك: لابأس على صاحبكم ، يقال إذا سلمت الأضراس سلم الرا س! أحشوها يعني الضربة سياقاً وشدوها بعمامة ، فلما حشوها وشدوها قال: هاتوا فرسي قالوا: إلى أين قال إلى أبي مسيكة ! فبرز بين الصفين وصاح يا أبا مسيكة! فخرج إليه مثل السهم ، فضربه مالك بالسيف على كتفه فشقها إلى سرجه فقتله . ورجع مالك إلى رحله فبقي أربعين يوماً لايستطيع الحراك ، ثم أبلَّ وعوفي من جرحه ذلك).


* *

طمسوا دوره في معارك الفتوحات:

وكان له في الفتوحات دورٌ مميز ، في معارك فتح العراق وفارس ، وكان السبب في انتصار المسلمين في معركة اليرموك ! لكنهم غطوا على دوره كغيره من القادة الشيعة ! فقد روى الطبري:2/597: (عن أرطأة بن جهيش قال كان الأشتر قد شهد اليرموك ولم يشهد القادسية ، فخرج يومئذ رجل من الروم فقال من يبارز؟ فخرج إليه الأشتر فاختلفا ضربتين فقال للرومي خذها وأنا الغلام الأيادي! فقال الرومي: أكثر الله في قومي مثلك ، أما والله لولا أنك من قومي لأزرت الروم ، فأما الآن فلا أعينهم). (ورواه في تاريخ دمشق:56/379)

وذكر غير الطبري أن هذا الرومي كان فارس الروم في اليرموك ، وأنه كان كعمرو بن ود فارس العرب ، فلم يبرز اليه من المسلمين إلا مالك ، فضربه ففر جريحاً ، فذهل الروم وتغيرت كفة المعركة لمصلحة المسلمين.قال الواقدي:1/242: (وخرج ماهان إلى القتال وهو كأنه جبل ذهب يبرق ، وأقبل حتى وقف بين الصفين ودعا إلى البراز وخوف باسمه....فابتدر مالك ماهان....فقال له ماهان: أنت صاحب خالد بن الوليد؟ قال: لا ، أنا مالك النخعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ! فقال ماهان: لابد لي من الحرب ثم حمل على مالك ، وكان من أهل الشجاعة فاجتهدا في القتال ، فأخرج ماهان عموده وضرب به مالكاً على البيضة التي على رأسه فغاصت في جبهة مالك فشترت عينيه ، فمن ذلك اليوم سمي بالأشتر ، قال: فلما رأى مالك ما نزل به من ضربة ماهان عزم على الرجوع ، ثم فكر فيما عزم عليه فدبَّرَ نفسه وعلم أن الله ناصره ، قال والدم فائرٌ من جبهته وعدو الله يظن أنه قتل مالكاً ، وهو ينظره متى يقع عن ظهر فرسه ! وإذا بمالك قد حمل وأخذته أصوات المسلمين يا مالك إستعن بالله يعنك على قرينك ، قال مالك: فاستعنت بالله عليه وصليت على رسول الله صلى الله عليه وآله وضربته ضربة عظيمة فقطع سيفي فيه قطعاً غير موهن فعلمت أن الأجل حصين ، فلما أحس ماهان بالضربة ولى ودخل في عسكره !

قال الواقدي:ولما ولى ماهان بين يدي مالك الأشتر منهزماً صاح خالد بالمسلمين: يا أهل النصر والبأس إحملوا على القوم ما داموا في دهشتهم ، ثم حمل خالد ومن معه من جيشه ، وحمل كل الأمراء بمن معهم ، وتبعهم المسلمون بالتهليل والتكبير فصبرت لهم الروم بعض الصبر ، حتى إذا غابت الشمس وأظلم الأفق انكشف الروم منهزمين بين أيديهم ، وتبعهم المسلمون يأسرون ويقتلون كيف شاءوا ، فقتلوا منهم زهاء من مائة ألف وأسروا مثلها..).

وقال الواقدي في ص462: (والتقى مالك الأشتر بيورنيك الأرمني فلما عاين زيه علم أنه من ملوكهم ، فطعنه في صدره فأخرج السنان من ظهره).

وذكر البلاذري في فتوح البلدان:1/194، أنه كان قائداً في فتح أنطاكية .وذكر في ص630 في القادة أبا ذر والأشتر في محاصرة مدينة ساحلية..الخ. وفي:1/302 ، وما بعدها كيف خطط مالك لفتح حلب ، ثم كيف فتح حصن عزار ، واستخلف عليه سعيد بن عمرو الغنوي ، ورجع الى أبي عبيدة ، فكتب أبو عبيدة الى عمر بالنصر) .


كما أن عدداً من المصادر نصت على أن مالكاً رحمه الله جاء من معركة اليرموك مدداً للمسلمين في القادسية وشهدها . ففي طبقات ابن سعد:6/405: (أخبرنا طلق بن غنام قال شهد جدي مالك بن الحارث القادسية... وتوفي طلق بن غنام في رجب سنة إحدى عشرة ومائتين في خلافة المأمون وكان ثقة صدوقاً) .

وروى له أبو تمام في ديوان الحماسة:1/39 بيت شعر ، قال:

(وتلقنى يشتد بي أجردٌ مستقدم البركة كالراكب.. هو مالك بن الحارث أحد بني النخع والأشتر لقب له ، كان شاعراً يمانياً من شعراء الصحابة ، شهد حرب القادسية أيام عمر بن الخطاب التي كانت بين المسلمين والفرس ، وكان لعلي في حروبه مثل ما كان علي لرسول الله صلى الله عليه وآله ).

وذكر أبو الفرج في الأغاني:15/208، أنه كان في القادسية مع عمرو بن معدي كرب: (قال أبو عبيدة في رواية أبي زيد عمر بن شبة شهد عمرو بن معدي كرب القادسية وهو ابن مائة وست سنين ، وقال بعضهم بل ابن مائة وعشر ، قال: ولما قتله العلج عبر نهر القادسية هو وقيس بن مكشوح المرادي ومالك بن الحارث الأشتر). ( وكذا في معاهد التنصيص للعباسي ص429)

وفي مصنف ابن أبي شيبة:7/718: (عن الأعمش عن مالك بن الحارث أو غيره قال: كنت لاتشاء أن تسمع يوم القادسية: أنا الغلام النخعي ، إلا سمعته).

وفي المصنف:8/14، (فقال عمر: ما شأن النخع ، أصيبوا من بين سائر الناس أفرَّ الناس عنهم؟ قالوا: لا ، بل وَلُوا أعظم الأمر وحدهم).( ونحوه في الإصابة:1/196).


وهذا التعتيم يدل على تعصب رواة الخلافة ضد الأشتر والنخعيين ، لتشيعهم !

روى الطبري نفسه في:3/78 ، عن الأسود النخعي: (قال شهدت القادسية فلقد رأيت غلاماً منا من النخع يسوق ستين أو ثمانين رجلاً من أبناء الأحرار ! فقلت لقد أذل الله أبناء الأحرار) . وفي مصنف ابن أبي شيبة:8/15، أن النخع كانوا في القادسية ألفين وأربع مئة ، أي ربع جيش المسلمين ، وأن ثقل المعركة كان عليهم .

وفي تاريخ الطبري:3/82 ، أنهم هاجروا من اليمن مع عوائلهم ، وزوجوا سبع مائة بنت الى المسلمين وخاصة الأنصار. (ونحوه في تاريخ دمشق:65/100، وذكر أن نصف النخع الآخر توجه الى الشام) .


* *

نفي عثمان الأشتر وزعماء الكوفة الى الشام

كانت قبيلة النخع في الكوفة ورئيسهم مالك ، لكن كان له نفوذ على عامة قبائل اليمن ، ولم يكن أكثر منه نفوذاً إلا الأشعث بن قيس ، زعيم قبائل كندة .

وكان الأشتر الناطق الرسمي باسم زعماء الكوفة الى دار الخلافة في زمن عمر وعثمان ، وقد وفد شاكياً مظالم الوالي الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي الذي كان أبوه صاحب خمارة في مكة وعدواً لدوداً للنبي صلى الله عليه وآله ، وكان ابنه الوليد مدمن خمر حتى صلى الصبح ثمان ركعات ، وتقيأ خمراً في محراب مسجد الكوفة ! ففي صحيح مسلم:5/126: ( قال شهدت عثمان بن عفان وأتيَ بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال أزيدكم فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر وشهد آخر أنه رآه يتقيأ ! فقال عثمان إنه لم يتقيأ حتى شربها ، فقال: يا علي قم فاجلده ، فقال علي: قم يا حسين فاجلده ، فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها فكأنه وجد عليه ، فقال، يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده ، فجلده وعليٌّ يعد).

(والأم للشافعي:7/192، ومجموع النووي:20/116، وفتح الوهاب:2/287، ومغني الشربيني:4/189، ومسند أحمد:1/82 ، و140، و145، وسنن الدارمي:2/175، و ابن ماجة:2/858 ، وأبي داود:2/359، وسنن البيهقي:8/318 ، , والسيرة الحلبية:2/592 ، والغدير:8/120).

فاستبدله عثمان بسعيد بن العاص الأموي ، فطهر سعيد المنبر وحاول أن يتألف المسلمين ، لكن تعصبه الأموي واستهتاره بالمسلمين أغضب أهل الكوفة عليه !

قال الطبري:3/365: (قدم سعيد بن العاص الكوفة فجعل يختار وجوه الناس يدخلون عليه ويسمرون عنده ، وأنه سمر عنده ليلة وجوه أهل الكوفة منهم مالك بن كعب الأرحبي ، والأسود بن يزيد ، وعلقمة بن قيس النخعيان ، وفيهم مالك الأشتر في رجال ، فقال سعيد: إنما هذا السواد بستان لقريش ! فقال الأشتر: أتزعم أن السواد الذي أفاءه الله علينا بأسيافنا ، بستان لك ولقومك ! والله ما يزيد أوفاكم فيه نصيباً إلا أن يكون كأحدنا)!

وقال الطبري:3/365 ، إن سعيد بن العاص كتب الى عثمان: (إن رهطاً من أهل الكوفة سماهم له عشرة يؤلبون ويجتمعون على عيبك وعيبي والطعن في ديننا ! وقد خشيت إن ثبت أمرهم أن يكثروا ، فكتب عثمان إلى سعيد أن سيِّرهم إلى معاوية ، ومعاوية يومئذ على الشام ، فسيرهم وهم تسعة نفر إلى معاوية ، فيهم مالك الأشتر ، وثابت بن قيس بن منقع ، وكميل بن زياد النخعي ، وصعصعة بن صوحان... أن معاوية لما عاد إليهم من القابلة وذكَّرهم ، قال فيما يقول: وإني والله ما آمركم بشئ إلا قد بدأت فيه بنفسي وأهل بيتي وخاصتي ! وقد عرفت قريش أن أبا سفيان كان أكرمها وابن أكرمها ، إلا ما جعل الله لنبيه نبي الرحمة(ص)... وإني لأظن أن أبا سفيان لو ولد الناس ، لم يلد إلا حازماً !

قال صعصعة: كذبت ! قد ولدهم خير من أبي سفيان ، من خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة فسجدوا له ، فكان فيهم البر والفاجر والأحمق والكيس ! فخرج تلك الليلة من عندهم ، ثم أتاهم القابلة فتحدث عندهم طويلاً ثم قال: أيها القوم ردوا عليَّ خيراً أو اسكتوا ، وتفكروا وانظروا فيما ينفعكم وينفع أهليكم وينفع عشائركم ، وينفع جماعة المسلمين ، فاطلبوه تعيشوا ونعش بكم . فقال صعصعة: لست بأهل ذلك ، ولا كرامة لك أن تطاع في معصية الله !

فقال: أوليس ما ابتدأتكم به إن أمرتكم بتقوى الله وطاعته وطاعة نبيه (ص)وأن تعتصموا بحبله جميعاً ولا تفرقوا ؟ قالوا: بل أمرت بالفرقة وخلاف ما جاء به النبي(ص) ! قال: فإني آمركم الآن إن كنت فعلت فأتوب إلى الله وآمركم بتقواه وطاعته وطاعة نبيه(ص)ولزوم الجماعة وكراهة الفرقة ، وأن توقروا أئمتكم وتدلوهم على كل حسن ما قدرتم ، وتعظوهم في لين ولطف.... فقال صعصعة: فإنا نأمرك أن تعتزل عملك فإن في المسلمين من هو أحق به منك ! قال: من هو؟ قال من كان أبوه أحسن قدماً من أبيك، وهو بنفسه أحسن قَدماً منك في الإسلام !

فقال: والله إن لي في الإسلام قَدماً ولغيري كان أحسن قَدماً مني ، ولكنه ليس في زماني أحد أقوى على ما أنا فيه مني ، ولقد رأى ذلك عمر بن الخطاب فلو كان غيري أقوى مني لم يكن لي عند عمر هوادة...الخ.) ! ( وذكر في كشف الخفاء:2/275، قول معاوية: لو ولد أبو سفيان الخلق كانوا عقلاء ، وجواب صعصعة).

ووصف الطبري في:3/365 ،آخر جلسة لمعاوية معهم ، بعد أن أمضوا مدة في الشام: (فوثبوا عليه (على معاوية بعد نقاشهم معه)فأخذوا برأسه ولحيته ! فقال: مهْ ، إن هذه ليست بأرض الكوفة ، والله لو رأى أهل الشأم ما صنعتم بي وأنا إمامهم ، ما ملكت أن أنهاهم عنكم حتى يقتلوكم ، فلعمري إن صنيعكم ليشبه بعضه بعضاً ! ثم قام من عندهم فقال: والله لا أدخل عليكم مدخلاً ما بقيت ! ثم كتب إلى عثمان:

(لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان ، أما بعد يا أمير المؤمنين فإنك بعثت إليَّ أقواماً يتكلمون بألسنة الشياطين وما يملون عليهم ، ويأتون الناس زعموا من قبل القرآن ، فيشبهون على الناس! وليس كل الناس يعلم ما يريدون ، وإنما يريدون فرقة ويقربون فتنة ! قد أثقلهم الإسلام وأضجرهم ، وتمكنت رقى الشيطان من قلوبهم ، فقد أفسدوا كثيراً من الناس ممن كانوا بين ظهرانيهم من أهل الكوفة ، ولست آمن إن أقاموا وسط أهل الشأم أن يغروهم بسحرهم وفجورهم ، فارددهم إلى مصرهم فلتكن دراهم في مصرهم الذي نجم فيه نفاقهم ، والسلام . فكتب إليه عثمان يأمره أن يردهم إلى سعيد بن العاص بالكوفة ، فردهم إليه ، فلم يكونوا إلا أطْلَقَ ألسنةً منهم حين رجعوا ! وكتب سعيد إلى عثمان يضجُّ منهم ، فكتب عثمان إلى سعيد أن سيِّرْهُمْ إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وكان أميراً على حمص ، وكتب إلى الأشتر وأصحابه: أما بعد ، فإني قد سيرتكم إلى حمص ، فإذا أتاكم كتابي هذا فاخرجوا إليها ، فإنكم لستم تألون الإسلام وأهله شراً ، والسلام . فلما قرأ الأشتر الكتاب قال: اللهم أسوأنا نظراً للرعية ، وأعملنا فيهم بالمعصية فعجل له النقمة ! فكتب بذلك سعيد إلى عثمان ، وسار الأشتر وأصحابه إلى حمص ، فأنزلهم عبد الرحمن بن خالد الساحل ، وأجرى عليهم رزقاً).انتهى.

وقال الطبري في:3/367: (فكتب سعيد بن العاص إلى عثمان يخبره بأمرهم فكتب إليه أن سيرهم إلى الشام وألْزِمْهُمْ الدروب...). انتهى .


أقول: تدل هذه الروايات الحكومية على قوة شخصياتهم ومنطقهم ، واسترخاصهم لمعاوية وبني أمية ، وأنهم كانوا مؤمنين أصحاب ثقافة قرآنية وحديثية عبَّر عنها معاوية بقوله الجاهلي: (قد أثقلهم الإسلام وأضجرهم ، وتمكنت رقى الشيطان من قلوبهم ، فقد أفسدوا كثيراً من الناس ممن كانوا بين ظهرانيهم من أهل الكوفة ولست آمن إن أقاموا وسط أهل الشا أن يغروهم بسحرهم وفجورهم) ! ومعنى قول عثمان لابن خالد: ألزمهم الدروب ، أي ضعهم في الطرق التي يَغِيرُ منها الروم على المسلمين ، وهي مناطق خطرة ، لعلهم يُقتلون !

وكانت لهم قصص مع عبد الرحمن بن خالد كقصصهم مع معاوية في التبعيد الأول ، فاضطروا الى إرجاعهم الى الكوفة ! فعادوا وهم أقوى لالتفاف المسلمين حولهم ، وذهب وفد الكوفة الى المدينة برئاسة مالك الأشتر يطالبون عثمان بإصلاح الوضع وتغيير الوالي ابن العاص ، فلم يستجب عثمان وكان الوالي في المدينة ، فمنعه مالك من دخول الكوفة ، وفرض على عثمان تغييره بالقوة !

قوم صالحون يجهزون جنازة أبي ذر رحمه الله :

كان الأشتر مع مئتي راكب من اليمانيين عائدين من الحج ، فشاهدوا امرأة في الربذة على قارعة الطريق تلوِّح بثوب أسود ، وإذا بها ابنة أبي ذر الذي نفاه عثمان الى الربذة ، فأخبرتهم أنه توفي ودعتهم الى القيام بمراسم دفنه .

في اختيار معرفة الرجال:1/283: (مكث أبو ذر رحمه الله بالربذة حتى مات . فلما حضرته الوفاة قال لامرأته: إذبحي شاة من غنمك واصنعيها ، فإذا نضجت فاقعدي على قارعة الطريق ، فأول ركب ترينهم قولي ياعباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قد قضى نحبه ولقي ربه فأعينوني عليه وأجيبوه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أني أموت في أرض غربة ، وأنه يلي غسلي ودفني والصلاة عليَّ رجال من أمتي صالحون . محمد بن علقمة بن الأسود النخعي قال: خرجت في رهط أريد الحج ، منهم مالك بن الحارث الأشتر ، وعبد الله بن الفضل التميمي ، ورفاعة بن شداد البجلي حتى قدمنا الربذة ، فإذا امرأة على قارعة الطريق تقول: يا عباد الله المسلمين ، هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله هلك غريباً ، ليس لي أحد يعينني عليه ، قال: فنظر بعضنا إلى بعض وحمدنا الله على ما ساق إلينا ، واسترجعنا على عظم المصيبة ، ثم أقبلنا معها ، فجهزناه وتنافسنا في كفنه حتى خرج من بيننا بالسواء ، ثم تعاونا على غسله حتى فرغنا منه ، ثم قدمنا مالك الأشتر فصلى بنا عليه ، ثم دفناه ، فقام الأشتر على قبره ثم قال: اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله عبدك في العابدين ، وجاهد فيك المشركين ، لم يغير ولم يبدل ، لكنه رأى منكراً فغيره بلسانه وقلبه حتى جفي ونفي وحرم واحتقر ثم مات وحيداً غريباً ، اللهم فاقصم من حرمه ونفاه من مهاجره وحرم رسولك ! قال: فرفعنا أيدينا جميعاً وقلنا: آمين . ثم قدمت الشاة التي صنعت ، فقالت: إنه قد أقسم عليكم ألا تبرحوا حتى تتغدوا ، فتغدينا وارتحلنا). انتهى .


ولكن رواة الخلافة بخلوا على مالك الأشتر وصحبه بهذا التوفيق في تجهيز أبي ذر ، فزعموا أن الذي صلى عليه عبدالله بن مسعود ! (في الحاكم وأبي نعيم وأبي عمر: ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين . وفي البلاذري: يلي دفنه رهط صالحون . وقد دفنه مالك الأشتر وأصحابه الكوفيون ، أنساب الأشراف:5/55 ، وحلية الأولياء:1/17 ، والحاكم:3/337 ، والإستيعاب:1/83 ، وقال ابن أبي الحديد:3/416: هذا الحديث يدل فضيلة عظيمة للأشتر رحمه الله وهي شهادة قاطعة من النبي بأنه مؤمن). (الغدير:9/41، بتصرف).وسبب بخلهم على الأشتر بشهادة النبي صلى الله عليه وآله أنهم يريدون أن يمدحوا عثمان بأنه تأثر لموت أبي ذر وضم ابنته الى عياله! (الطبري:3/354) .

قال في أسد الغابة:5/188: (وفي ذكر موته وصلاة عبد الله بن مسعود عليه ومن كان معه في موته ، ومقامه بالربذة ، أحاديث لانطوِّل بذكرها . وكان أبو ذر طويلاً عظيماً أخرجه أبو عمرو). انتهى. (وراجع مستدرك الحاكم:3/51).


خطبة الأشتر عند بيعة أمير المؤمنين عليه السلام


في تاريخ اليعقوبي:2/179 : (وقام صعصعة بن صوحان فقال: والله يا أمير المؤمنين ، لقد زينت الخلافة وما زانتك ، ورفعتها وما رفعتك ، ولهي إليك أحوج منك إليها . ثم قام مالك بن الحارث الأشتر فقال: أيها الناس ، هذا وصي الأوصياء ، ووارث علم الأنبياء ، العظيم البلاء ، الحسن الغناء ، الذي شهد له كتاب الله بالإيمان ، ورسوله بجنة الرضوان . من كملت فيه الفضائل ، ولم يشك في سابقته وعلمه وفضله الأواخر ، ولا الأوائل). انتهى .

ثم كان الأشتر مع أمير المؤمنين عليه السلام عضده في حربه وسلمه ، وقد تقدمت بعض مواقفه ودوره العظيم في حرب الجمل وصفين، ثم نصبه أمير المؤمنين عليه السلام والياً على الجزيرة والموصل ، فبقي فيها حتى أرسل اليه أن يستخلف أحداً ويحضر اليه فأرسله الى مصر فاستخلف شبيب بن عامر على الجزيرة). (أنساب الأشراف ص471).


رسالة الإمام عليه السلام الى أهل مصر وعهده الى مالك الأشتر:

وفي أمالي المفيد ص81: (فخرج مالك الأشتر رضي الله عنه فأتى رحله وتهيأ للخروج إلى مصر ، وقدَّم أمير المؤمنين عليه السلام أمامه كتاباً إلى أهل مصر:

بسم الله الرحمن الرحيم ، سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، وأسأله الصلاة على نبيه محمد وآله ، وإني قد بعثت إليك عبداً من عباد الله ، لاينام أيام الخوف ، ولا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر ، من أشد عبيد الله بأساً ، وأكرمهم حسباً ، أضر على الفجار من حريق النار ، وأبعد الناس من دنس أو عار ، وهو مالك بن الحارث الأشتر ، لا نابي الضرس ولا كليل الحد ، حليم في الحذر رزين في الحرب ، ذو رأي أصيل ، وصبر جميل ، فاسمعوا له وأطيعوا أمره ، فإن أمركم بالنفير فانفروا ، وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا ، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري ، فقد آثرتكم به على نفسي نصيحة لكم ، وشدة شكيمة على عدوكم . عصمكم الله بالهدى وثبتكم التقوى ، ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). انتهى .


أما عهد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر ، فهو يبلغ ثلاثين صفحة ، وهو وثيقة سياسية إدارية حقوقية ترسم للحاكم كيفية إدارة الدولة . وقد عرف قيمته بعض الحقوقيين الغربيين كما قرأت ، فجعلوه مصدراً فيما لانص قانوينياً فيه !


قتل معاوية مالك الأشتر بالسُّم


في أمالي المفيد ص82: (ولما تهيأ مالك الأشتر للرحيل إلى مصر كتب عيون معاوية بالعراق إليه يرفعون خبره ، فعظم ذلك على معاوية ، وقد كان طمع في مصر فعلم أن الأشتر إن قدمها فاتته ، وكان أشد عليه من ابن أبي بكر ، فبعث إلى دهقان من أهل الخراج بالقلزم أن علياً قد بعث بالأشتر إلى مصر وإن كفيتنيه سوغتك خراج ناحيتك ما بقيت ، فاحتل في قتله بما قدرت عليه . ثم جمع معاوية أهل الشام وقال لهم: إن علياً قد بعث بالأشتر إلى مصر ، فهلموا ندعو الله عليه يكفينا أمره ، ثم دعا ودعوا معه ! وخرج الأشتر حتى أتى القلزم ، فاستقبله ذلك الدهقان فسلم عليه وقال له: أنا رجل من أهل الخراج ولك ولأصحابك علي حق في ارتفاع أرضي فانزل عليَّ أقم بأمرك وأمر أصحابك وعلف دوابك واحتسب بذلك لي من الخراج . فنزل عليه الأشتر ، فأقام له ولأصحابه بما احتاجوا إليه ، وحمل إليه طعاما دس في جملته عسلاً جعل فيه سماً ، فلما شربه الأشتر قتله ومات من ذلك ! وبلغ معاوية خبره فجمع أهل الشام وقال لهم: أبشروا فإن الله تعالى قد أجاب دعاءكم ، وكفاكم الأشتر وأماته ، فسروا بذلك واستبشروا به) !! انتهى .

وقد ذكرنا في قتل معاوية لعبد الرحمن بن خالد ، عدة مصادر لقول معاوية عندما بلغه نجاح خطته في قتل مالك الأشتر بالسم: (إن لله جنوداً من عسل)!

وفي المستطرف ص154: وقال أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي في كتاب الأمثال: ومعاوية أيضاً حين بلغه أن الأشتر سقي شربة عسل فيها سم فمات: إن لله جنوداً منها العسل). وفي ص352: (فقال معاوية: إن لله جنوداً منها العسل).

وفي نهاية الإرب ص4465: (وبلغ معاوية مسيره ، فدس إلى دهقان بالعريش فقال: إن قتلت الأشتر فلك خراجك عشرين سنة... فسمَّه وأتاه به فشربه فمات).

وفي تاريخ البخاري:7/311: (فقال عمرو بن العاص إن لله جنوداً من عسل).

وفي البدء والتاريخ:440: (كتب معاوية إلى دهقان العريش إن أنت قتلت الأشتر فلك خراجه عشرين سنة ، فأخرج له سويقاً وجعل فيه سماً ، فلما شربه الأشتر يبس مكانه ! فقال معاوية: لما بلغه: ما أبردها على الفؤاد ! إن لله جنوداً من عسل)!



مشهد مالك الأشتر رحمه الله في القاهرة


(لما سار الأشتر إلى مصر أخذ في طريق الحجاز فقدم المدينة فجاءه مولى لعثمان يقال له نافع وأظهر له الود ، فلم يزل معه إلى عين شمس (أعني المدينة الخراب خارج مصر بالقرب من المطرية) فلما وصل إلى عين شمس تلقاه أهل مصر بالهدايا ، وسقاه نافع العسل فمات. وهذه الرواية هي أقرب الروايات إلى الواقع ، وتؤكد صحة موضع قبره بمنطقة القلج الآن بالقرب من بلدة الخانكة ، وهذه المنطقة واقعة ضمن حدود مدينة عين شمس القديمة. وأكثر زوار مرقد مالك الأشتر من العرب والأجانب ، فشهرته محدودة وسط المصريين ، ولذلك يلقبونه بالشيخ العجمي ! وقد تم تجديد مرقده مؤخراً على أيدي طائفة البهرة الإسماعيليين ، ودفن إلى جواره شقيق شيخ البهرة . ويقع مرقده وسط بستان تحيط به مناطق زراعية بدأ الزحف السكاني يطغي عليها). (الشيعة في مصر لصالح الورداني ص108).


توقيع : ملاعلي
الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ( ج 12 ص 19 ) في ترجمة علي بن محمد بن شداد ،
فانه خرج بسنده عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم :
إنما مثلي ومثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق .

من مواضيع : ملاعلي 0 عدم سجود ابليس وعدم سجود الصحابة لآدم
0 عدالة الصحابة من تأليف معاوية
0 السير الى الاربعين فيه تحدي للارهاب والعقائد المنحرفة
0 رسالة تكشف سرقة الخلافة بنص صريح
0 من لم يوالي في البرية حيدرا سيان عند الله صلى ام زنى
رد مع اقتباس