|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 20772
|
الإنتساب : Aug 2008
|
المشاركات : 1,243
|
بمعدل : 0.20 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ملاعلي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 22-08-2008 الساعة : 09:21 PM
11- قتله الصحابي عمرو بن الحَمِق الخزاعي رحمه الله
قال ابن منظور في لسان العرب:10/69: (والحَمِق: الخفيف اللحية ، وبه سمي عمرو بن الحَمِق ، قتله أصحاب معاوية ، ورأسه أول رأس حمل في الإسلام).
وفي تاج العروس:6/323: ( والحَمِق ككتِف: الخفيف اللحية . عن ابن دريد ، وبه سمي الرجل (عمرو بن الحمق صحابي) وهو ابن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب الخراعي رضي الله عنه ، هاجر بعد الحديبية . يقال إنه هرب في زمن زياد إلى الموصل فنهشته حية فمات . وفي اللسان قتله أصحاب معاوية ، ورأسه أول رأس حمل في الإسلام .
وقال ابن الكلبي في نسب خزاعة: قتله عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي بالجزيرة . قلت: روى عنه جبر بن نفير . وقد يقال فيه عمرو بن الحمق بالضم فالفتح ! وقال أبو نعيم: هو تصحيف والصواب ما تقدم ! ودكر الحافظ في فتح الباري الوجهين وقال إنه يحتمل فتأمل). انتهى .
أقول: ما قرأته من الزبيدي يمثل خلاصة موقفهم من هذا الصحابي الجليل ، ابتداء من إسمه (الحَمِق) بكسر الحاء ومعناه خفيف اللحية ، فجعلوه بضم الحاء بمعنى الأحمق ! ويقول عالمهم الكبير ابن حجر: وهو محتمل !
الى قتله بأمر معاوية ، فقالوا نهشته حية فمات ! ولو أمكنهم أن يقولوا إن الرأس الذي أرسل الى معاوية لم يكن رأسه ، لأن الحية أكلت رأسه ، لفعلوا !
ذلك أن عمرو بن الحمق رحمه الله شيعي متشدد ، ومن قبيلة خزاعة الحليفة لبني هاشم قبل الإسلام وبعده ! وكان مع الأشتر وحجر بن عدي من المعترضين على ولاة عثمان في الكوفة ، وقد أبعده عثمان الى الشام ثم الى حمص !
وكان معروفاً في مصر ، فلعله شارك في فتحها وفي معركة ذات الصواري البحرية مع الروم ، وقد جاء مع وفد مصر الى دار الخلافة معترضين على واليهم الأموي ، وكان معهم في محاصرتهم لعثمان ، وقالوا إنه اشترك في قتله !
ثم كان قائداً في حروب علي عليه السلام وقد أخذ في صفين راية خزاعة بعد أن قتل زعيمها الصحابي الجليل بديل بن ورقاء وابنه عبدالله .
وهذه النقاط كافية عندهم لذمه ، وتحليل دمه لمعاوية حتى لو كان صحابياً ! فقيمة الصحابي عندهم بقدر ما يخدم زعماءهم !
خزاعة الخير حلفاء بني هاشم لايحبها بنو أمية ولا تحبهم:
(كانت خزاعة حلفاء بني هاشم بن عبد مناف إلى عهد النبي(ص)وكان بنو بكر حلفاء قريش). (فتح الباري:12/181) . أي حلفاء بني أمية وقريش المشركة !
(وكان الأصل في موالاة خزاعة للنبي(ص)أن بني هاشم في الجاهلية كانوا تحالفوا مع خزاعة ، فاستمروا على ذلك في الإسلام). (فتح الباري:5/246).
وفي أنساب الأشراف للبلاذري ص46:
(وكانت نسخة كتابهم: باسمك اللهم ، هذا ما تحالف عليه عبد المطلب بن هاشم ورجالات عمرو بن ربيعة من خزاعة ومن معهم من أسلم ومالك ابني أفصى بن حارثة ، تحالفوا على التناصر والمؤاساة ما بلَّ بحر صوفةً ، حلفاً جامعاً غير مفرق الاشياخ على الاشياخ ، والاصاغر على الأصاغر ، والشاهد على الغائب ، وتعاهدوا وتعاقدوا أوكد عهد وأوثق عقد ، ولا ينقض ولا ينكث ، ما شرقت شمس على ثبير ، وحنَّ بفلاة بعير ، وما قام الأخشبان ، وعمر بمكة إنسان ، حلفَ أبدٍ لطول أمد ، يزيده طلوع الشمس شداً ، وظلام الليل سداً ، وإن عبد المطلب وولده ومن معهم دون سائر بني النضر بن كنانة ، ورجال خزاعة متكافئون متضافرون متعاونون . فعلى عبد المطلب النصرة لهم ممن تابعه على كل طالب وتر ، في بر أو بحر أو سهل أو وعر . وعلى خزاعة النصرة لعبد المطلب وولده ومن معهم ، على جميع العرب ، في شرق أو غرب ، أو حَزَن أو سَهَب . وجعلوا الله على ذلك كفيلاَ ، وكفى به حميلاَ ....
هذا الحلف هو الذي عناه عمرو بن سالم الخزاعي حين قال لرسول الله(ص) :
لاهمَّ إني ناشدٌ محمدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا). انتهى .
وكانت خزاعة الى جانب النبي صلى الله عليه وآله ثم الى جانب أهل بيته^ ، وكان دورها بارزاً في حروب علي عليه السلام . ولما رأى معاوية زعيمهم الصحابي الجليل بديل بن ورقاء الخزاعي حمل في فرسان خزاعة على مركزه بصفين ، وهو لابسٌ درعين وحاملٌ سيفين ، فاضطرَّ معاوية الى التراجع وتغيير مكانه ، وقال: (والله لو استطاعت نساء خزاعة لقاتلتنا فضلاً عن رجالها)! (تاريخ الطبري:4/16، وأسد الغابة:3/124).
فقاتل بديل بن ورقاء رحمه الله حتى جرح ، فأخذ الراية ابنه عبدالله فتقدم وهو يقول: أضربكم ولا
أرى معاويهْ الأبرجِ العين العظيم الحاويهْ
هوت به في النار أمٌّ هاويهْ جاوره فيها كلابٌ عاويهْ
فهجموا عليه فقتلوه ، فأخذها عمرو بن الحمق قائلاً:
جزى الله فينا عصبة أي عصبة حسان وجوه صُرِّعوا حولَ هاشم
وقاتل أشد قتال). (مناقب آل أبي طالب:2/357)
وكان عمرو بن الحمق من شخصيات خزاعة ورؤسائها ، ومن الصحابة المميزين عند النبي صلى الله عليه وآله ، لكن كل ذلك لايغفر له عندهم معارضته لعثمان في الكوفة ومصر ، ومجيؤه في الوفد المصري وضغطهم على عثمان لتغيير واليهم ، ثم محاصرتهم له ، واتهامه بالمشاركة في قتل عثمان !
وهذا هو السبب فيما تجده فيه من الغمز واللمز في أكثر مصادرهم ، أو تهوين أمره ، أو حذفه كلياً من تراجم الصحابة ، كما فعل إمامهم الذهبي !!
عمرو بن الحمق من جنود الله الخاصين:
اتفق الرواة على أن إسلام عمرو بن الحمق كان بمعجزة من النبي صلى الله عليه وآله ، وأنه أرسل سرية وأخبرهم أنهم سيصادفونه ، وأوصاهم أن يبلغوه من أهل الجنة !
روى الطبراني في الأوسط:4/239: (سمعت عمرو بن الحمق يقول: بعث رسول الله ( ص) بسرية فقالوا يا رسول الله إنك تبعثنا وليس لنا زاد ولا لنا طعام ، ولا علم لنا بالطريق ! فقال: إنكم ستمرون برجل صبيح الوجه يطعمكم من الطعام ويسقيكم من الشراب ، ويدلكم على الطريق ، وهو من أهل في الجنة ! فلما نزل القوم عليَّ جعل يشير بعضهم إلى بعض وينظرون إليَّ فقلت: ما بكم يشير بعضكم إلى بعض وتنظرون إلي؟ فقالوا: أبشر ببشرى الله ورسوله فإنا نعرف فيك نعت رسول الله (ص) ، فأخبروني بما قال لهم ، فأطعمتهم وهريقوا وزودتهم ، وخرجت معهم حتى دللتهم على الطريق ، ثم رجعت إلى أهلي فأوصيتهم بإبلي ، ثم خرجت إلى رسول الله(ص)فقلت ما الذي تدعو إليه ؟ فقال: أدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان . فقلت: إذا أجبناك إلى هذا فنحن آمنون على أهلنا ودمائنا وأموالنا؟ قال: نعم . فأسلمت ورجعت إلى قومي فأخبرتهم بإسلامي ، فأسلم على يدي بشر كثير منهم ، ثم هاجرت إلى رسول الله (ص)بينما أنا عنده ذات يوم فقال لي: يا عمرو هل لك أن أريك آية الجنة يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق ؟ قلت: بلى نعم بأبي أنت وأمي ، قال: هذا وقومه آية الجنة ، وأشار إلى علي بن أبي طالب . وقال لي: يا عمرو هل لك أن أريك آية النار يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق ؟ قلت: بلى بابي أنت وأمي ، قال: هذا وقومه آية النار وأشار إلى رجل !!
فلما وقعت الفتنة ذكرت قول رسول الله (ص) ففررت من آية النار إلى آية الجنة . وترى بني أمية قاتلي بعد هذا ؟قلت: الله ورسوله أعلم . قال: والله لو كنت في جحر في جوف جحر لاستخرجني بنو أمية حتى يقتلوني ! حدثني به حبيبي رسول الله (ص)أن رأسي تحتز في الإسلام وتنقل من بلد إلى بلد)! انتهى .
وقد ذكرت مصادرنا عنه ما أهمله غيرها: ففي الاختصاص ص16: ( فأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ما أقمت وغزونا معه غزوات وقبض الله رسوله صلى الله عليه وآله ).
وفي الهداية لابن حمدان الخصيبي ص154، ومدينة المعاجز:3/179 ، بسنده عن
عن جابر بن عبدالله الأنصاري في في قصة إسلامه من حديث مفصل جاء فيه: (أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله سرية فقال لهم: تصلون ساعة كذا وكذا من الليل أرضاً لاتهتدون فيها سيراً ، فإذا وصلتم إليها فخذوا ذات الشمال فإنكم تمرون برجل فاضل خير في ساقية ، فتسترشدونه فيأبى أن يرشدكم حتى تأكلوا من طعامه ، ويذبح لكم كبشاً فيطعمكم ، ثم يقوم معكم فيرشدكم الطريق فاقرؤوه مني السلام وأعلموه أني قد ظهرت في المدينة . فمضوا ، فلما وصلوا إلى الموضع في الوقت ضلوا ، فقال قائل منهم:ألم يقل لكم رسول الله صلى الله عليه وآله : خذوا ذات الشمال ، ففعلوا فمروا بالرجل الذي وصفه رسول الله لهم فاسترشدوه الطريق فقال: إني لا أرشدكم حتى تأكلوا من طعامي ، فذبح لهم كبشاً فأكلوا من طعامه ، وقام معهم فأرشدهم الطريق وقال لهم: أظهر النبي بالمدينة ؟ فقالوا: نعم ، فأبلغوه سلامه فخلَّف في شأنه من خلَّف ، ومضى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو عمرو بن الحمق الخزاعي).. وقالت الرواية إنه ( لبث مع النبي صلى الله عليه وآله ما شاء الله ، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : (إرجع إلى الموضع الذي هاجرت إليَّ منه ، فإذا نزل أخي أمير المؤمنين الكوفة وجعلها دار هجرته فأته).
وفي الاختصاص ص15، تصريح بأن آية النار التي أراه إياها النبي صلى الله عليه وآله معاوية !
عاش ثمانين سنة ولم تشب منه شعرة !
في مصنف ابن أبي شيبة:7/437: (عن يوسف بن سليمان عن جده عن عمرو بن الحمق أنه سقى النبي(ص)لبناً فقال: اللهم أمتعه بشبابه ، فلقد أتت عليه ثمانون سنة لا يرى شعرة بيضاء). (وتاريخ دمشق:45/496 و497 ، وأسد الغابة:4/100، والأذكار النووية ص 238، وتهذيب الكمال:21/598 . ومن مصادرنا: الخرائج والجرائح:1/52 ، ومناقب آل أبي طالب:1/74) .وكانت شهادته رحمه الله سنة إحدى وخمسين ، فيكون عمره عند البعثة ست عشرة سنة ، وعندما أسلم في غزوة الحديبية كما روي ستاً وثلاثين سنة .
بعدك يا علي.. جاءت سنوات المطاردة والتشرد !
بمجرد أن سيطر معاوية على الأمة بالصلح مع الإمام الحسن عليه السلام وأعلن نقضه لكل بنوده ، ومنها بند العفو العام ، وأن كل شرط شرطه للإمام الحسن عليه السلام فهو تحت قدمه.. بدأ حملته بمطاردة شخصيات الشيعة ، وكان من أولهم عمرو بن الحمق ، الذي فرَّ منه فاعتل ففرَّ منه فأمر معاوية باعتقال زوجته وإرسالها الى الشام ، فسجنها !
قال ابن طيفور في بلاغات النساء ص59: (حدثنا العباس بن بكار قال: حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن الزهري وسهل بن أبي سهل التميمي ، عن أبيه قالا: لما قتل علي بن أبي طالب بعث معاوية في طلب شيعته فكان في من طلب عمر بن الحمق الخزاعي فراغ منه ، فأرسل إلى امرأته آمنة بنت الشريد فحبسها في سجن دمشق سنتين ، ثم إن عبد الرحمن بن الحكم ظفر بعمر بن الحمق في بعض الجزيرة ، فقتله وبعث برأسه إلى معاوية وهو أول رأس حمل في الاسلام ، فلما اتى معاوية الرسول بالرأس بعث به إلى آمنة في السجن ، وقال للحرسي إحفظ ما تكلم به حتى تؤديه إليَّ واطرح الرأس في حجرها)!! انتهى .
عمرو بن الحمق من نوع أويس القرني
من المتفق عليه بين المسلمين أن النبي صلى الله عليه وآله بشَّرَ أمته بأويس القرني رحمه الله ، وشهد بأنه من كبار الشفعاء في الآخرة ، وقالت أكثر المصادر إنه لم يرَ النبي صلى الله عليه وآله !
ومن المتفق عليه أن أويساً لم يشترك في حروب الفتوحات ، بل جاء بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسكن الكوفة حتى إذا تسلم الخلافة علي عليه السلام بايعه على الموت وشارك في حرب الجمل ثم في صفين ، واستشهد ! وهذا يفتح الباب على نوعية من عباد الله وجنوده ، لهم برنامجهم وتكليفهم الخاص . وأقدر أن منهم حجر بن عدي ، وعمرو بن الحمق ، ورشيد الهجري ، وميثم التمار !
خاصة أنا لانجد لعمرو ذكراً في حروب الفتوحات ، مع كثرة الخزاعيين الذين شاركوا في الفتوحات وسنه المناسب وشجاعته ! إلا سفره الى مصر الذي يوجب احتمال أن يكون شارك في فتحها وفي معركة ذات الصواري كما فعل زميلاه محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة .
ومما يؤيد رأينا بأنه كأويس التعامل الخاص للنبي صلى الله عليه وآله ولعلي عليه السلام معه ، وإراءه النبي صلى الله عليه وآله إياه آية الجنة وآية النار! والمعجزات التي ظهرت للنبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام فيه ، والكرامات التي ظهرت له ، ووقد روت مصادرنا عدداً منها ، ومنها أن غلامه ، ورفيقه في فراره الى الموصل رفاعة بن شداد ، كانا من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام المستشهدين بين يديه ، وهو مقام عظيم لايوصف !
وفي الاختصاص ص3: (ومن أصفياء أصحابه: عمرو بن الحمق الخزاعي عربي وميثم التمار وهو ميثم بن يحيى مولى ، ورشيد الهجري ، وحبيب بن مظاهر الأسدي ، ومحمد بن أبي بكر). انتهى .
وفي الاختصاص ص14: (عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه رفعه قال: قال عمرو بن الحمق الخزاعي لأمير المؤمنين عليه السلام : والله ما جئتك لمال من الدنيا تعطينيها ولا لالتماس السلطان ترفع به ذكري إلا لأنك ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأولى الناس بالناس وزوج فاطمة سيدة نساء العالمين÷وأبو الذرية التي بقيت لرسول الله صلى الله عليه وآله وأعظم سهماً للإسلام من المهاجرين والأنصار .
والله لو كلفتني نقل الجبال الرواسي ، ونزح البحور الطوامي أبداً حتى يأتي عليَّ يومي وفي يدي سيفي أهزُّ به عدوك وأقوِّي به وليك ، ويعلو به الله كعبك ويفلج به حجتك ، ما ظننت أني أديت من حقك كل الحق الذي يجب لك علي! فقال أمير المؤمنين عليه السلام : اللهم نور قلبه باليقين واهده إلى الصراط المستقيم ، ليت في شيعتي مائة مثلك) . انتهى.
وهذا يشبه قول أويس رحمه الله لأمير المؤمنين عليه السلام في صفين: ( جاء رجل عليه قباء صوف ، متقلد سيفين فقال: هلمَّ يدك أبايعك . فقال عليه السلام : على مَ تبايعني؟قال: على بذل مهجة نفسي دونك) ! (خصائص الائمة 53) .
وفي الهداية لابن حمدان الخصيبي ص155، ومدينة المعاجز:3/179:
(فانصرف عمرو بن الحمق إلى شأنه ، حتى إذا نزل أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة أتاه فأقام معه في الكوفة ، فبينا أمير المؤمنين عليه السلام جالس وعمرو بين يديه فقال له: يا عمرو ألك دار؟ قال: نعم ، قال: بعها واجعلها في الأزد ، فإني غداً لو قد غبت عنكم لطُلبت فتتبعك الأزد ، حتى تخرج من الكوفة متوجهاً نحو الموصل ، فتمر برجل نصراني مقعد فتقعد عنده فتستسقيه الماء فيسقيك ويسألك عن شأنك فتخبره ، فادعه إلى الإسلام فإنه يسلم ، فإذا أسلم فامرر بيدك على ركبتيه فإنه ينهض صحيحاً مسلماً ويتبعك . وتمر برجل محجوب جالس على الجادة فتستسقيه الماء فيسقيك ، ويسألك عن قصتك وما الذي أخافك وممَّ تتوقى؟ فحدثه بأن معاوية طلبك ليقتلك ويمثل بك لايمانك بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وطاعتك في ولايتي ، ونصحك لله تعالى في دينك ، فادعه إلى الإسلام فإنه يسلم ، فامرر يدك على عينيه فإنه يرجع بصيراً بإذن الله تعالى ، فيتبعانك ويكونا معك ، وهما اللذان يواريان جثتك في الأرض. ثم تصير إلى الدير على نهر يدعى بدجلة ، فإن فيه صديقاً عنده من علم المسيح عليه السلام ما تجده لك أعون الأعوان على سرك ، وما ذاك إلا ليهديه الله لك ، فإذا أحست بك شرطة ابن أم الحكم وهو خليفة معاوية بالجزيرة ، ويكون مسكنه بالموصل ، فاقصد إلى الصديق الذي في الدير في أعلى الموصل فناده فإنه يمتنع ، فاذكر اسم الله الذي علمتك إياه فإن الدير بتواضع لك حتى تصير في ذروته ، فإذا رآك ذلك الراهب الصديق قال لتلميذ معه: ليس هذا أوان المسيح هذا شخص كريم ، ومحمد قد توفاه الله ، ووصيه قد استشهد بالكوفة ، وهذا من حواريه . ثم يأتيك ذليلاً خاشعاً فيقول لك: أيها الشخص العظيم قد أحلتني لما لم أستحقه فبم تأمرني؟ فتقول له: أستر تلميذيَّ هذين عندك وتشرف(إصعد) على ديرك هذا فانظر ماذا ترى ، فإذا قال لك: إني أرى خيلاً غائرة نحونا فخلف تلميذيك عنده ، وانزل واركب فرسك واقصد نحو غار على شاطئ الدجلة تستتر فيه فإنه لابد من أن يسترك ، وفيه فسقة من الجن والإنس ، فإذا استترت فيه عرفك فاسق من مردة الجن يظهر لك بصورة تنين فينهشك نهشاً يبالغ في إضعافك ، ويفر فرسك فتبدر بك الخيل فيقولون: هذا فرس عمرو ، ويقفون أثره فإذا أحسست بهم دون الغار فأبرز إليهم بين دجلة والجادة ، فقف لهم في تلك البقعة فإن الله تعالى جعلها حفرتك وحرمك ، فالقهم بسيفك فاقتل منهم ما استطعت حتى يأتيك أمر الله ، فإذا غلبوك حزوا رأسك وشهروه على قناة إلى معاوية ، ورأسك أول رأس يشهر في الإسلام من بلد إلى بلد . ثم بكى أمير المؤمنين عليه السلام وقال: بنفسي ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وثمرة فؤاده ، وقرة عينه ابني الحسين ، فإني رأيته يسير وذراريه بعدك يا عمرو من كربلاء بغربي الفرات إلى يزيد بن معاوية ! ثم ينزل صاحبك المحجوب والمقعد فيواريان جسدك في موضع مصرعك ، وهو من الدير والموصل على مائة وخمسين خطوة من الدير). انتهى .
ومهما أوردنا على هذ القصة من إشكالات ، فهي تدل على أنه رحمه الله آوى الى دير في قلة جبل ، وأنه سلم نفسه الى حاكم الموصل بأمان . وهو ينسجم مع مع رسالة الإمام الحسين عليه السلام الى معاوية التي جاء فيها:
(ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة ، والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ولا يخافون في الله لومة لائم ؟ ثم قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة والمواثيق المؤكدة ، لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ، ولا بإحنة تجدها في نفسك ؟!
(أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه وصفرت لونه؟ بعدما آمنته ، وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائراً لنزل إليك من رأس الجبل ! ثم قتلته جرأة على ربك واستخفافاً بذلك العهد ؟!) . (اختيار معرفة الرجال:1/252).
ومعناه أن الإمام عليه السلام يذكر معاوية في قضية حجر وأصحابه بمواثيقه في عهد الصلح مع الإمام الحسن عليه السلام ، الذي نص على العفو العام ، ووقف كل أنواع الملاحقات لشيعة علي عليه السلام ! بينما يذكره في قضية عمرو بن الحمق بأمان أعطوه له ومواثيق وعهود مؤكدة ، ثم نكثوها ! وهذا يكذب روايتي أتباع السلطة بأنه لدغته حية فمات ، أو أنهم قبضوا عليه بدون عهد ولا أمان !
بعث زياد رأسه الى معاوية وصلبه وطافوا به !
قال في الطبقات:6/25: (عن الشعبي قال أول رأس حمل في الاسلام رأس عمرو بن الحمق).( ونحوه في تاريخ خليفة:ص146، والتاريخ الصغير للبخاري :1/131، , والثقات لابن حبان:3/275 ، , وتاريخ دمشق:45/496 ، ,503، و:69/40، وأسد الغابة:4/100، وتاريخ اليعقوبي:2/231 ، والمنتخب من مذيل الطبري ص46 ، ومصنف ابن أبي شيبة:8/357 ، والأوائل لابن أبي عاصم ص71 ، شرح وشرح النهج:2/289 ، ومجمع الزوائد:9/406 ، وقال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن عبد الملك المسعودي وهو ضعيف ، لكن رواه الطبراني في كتاب الأوائل ص107: باب أول من أهدى في الإسلام: حدثنا إبراهيم بن شريك الأسدي ، حدثنا شهاب بن عباد ، حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن هنيدة بن خالد الخزاعي قال: أول رأس أهدي في الإسلام رأس عمرو بن الحمق ، أهدي إلى معاوية. إسناد حسن رجاله ثقات غير شهاب بن عباد ، قال الدارقطني: صدوق زائغ) . والغريب ما قاله الصالحي في سبل الهدى:4/87: (وأول مسلم حمل رأسه عمرو بن الحمق الخزاعي رضي الله عنه . وأما ما رواه أبو داود في مراسيله عن الزهري قال: لم يحمل)!! ورواه العديد من مصادرنا ، منها: اختيار معرفة الرجال:1/248 .
وفي الغدير:11/44: (قال النسابة أبو جعفر محمد بن حبيب في كتاب المحبر ص 490: ونصب معاوية رأس عمرو بن الحمق الخزاعي وكان شيعياً ، ودير به في السوق . وكان عبد الرحمن بن أم الحكم أخذه بالجزيرة . وقال ابن كثير: فطيف به في الشام وغيرها)!!
أسروه وقتلوه ، ثم قالوا لدغته حية ومات !
في تاريخ دمشق:45/496: (كان أول رأس أهدي في الإسلام رأس عمرو بن الحمق ، أصابته لدغة فتوفي ، فخافت الرسل أن يتهموا به فقطعوا رأسه فحملوه إلى معاوية)!! ونحوه في: 45/503 ، وقال في أسد الغابة:4/100: (قال سفيان أرسل معاوية ليؤتى به فلدغ ، وكأنهم خافوا أن يتهمهم ، فأتوا به) !
لكن ثقاتهم كذبوا ذلك وقالوا إنهم قتلوه بأمر معاوية ، بتهمة أنه طعن عثمان:
قال الطبري في تاريخه:4/197: (فحبس (زياد حجراً)عشر ليال وزياد ليس له عمل إلا طلب رؤساء أصحاب حجر ، فخرج عمرو بن الحمقى ، ورفاعة بن شداد حتى نزلا المدائن ، ثم ارتحلا حتى أتيا أرض الموصل ، فأتيا جبلا فكمنا فيه ، وبلغ عامل ذلك الرستاق أن رجلين قد كمنا في جانب الجبل ، فاستنكر شأنهما وهو رجل من همدان يقال له عبد الله بن أبي بلتعة ، فسار إليها في الخيل نحو الجبل ، ومعه أهل البلد فلما انتهى إليهما خرجا .
فأما عمرو بن الحمق فكان مريضاً وكان بطنه قد سقي فلم يكن عنده امتناع وأما رفاعة بن شداد وكان شاباً قوياً فوثب على فرس له جواد فقال له: أقاتل عنك ؟ قال: وما ينفعني أن تقاتل، أنج بنفسك إن استطعت ، فحمل عليهم فأفرجوا له ، فخرج تنفر به فرسه ، وخرجت الخيل في طلبه وكان رامياً ، فأخذ لا يلحقه فارس إلا رماه فجرحه أو عقره ! فانصرفوا عنه !
وأخذ عمرو بن الحمق فسألوه من أنت ؟ فقال من إن تركتموه كان أسلم لكم وإن قتلتموه كان أضر لكم ! فسألوه فأبى أن يخبرهم ، فبعث به ابن أبي بلتعة إلى عامل الموصل وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفي ، فلما رأى عمرو بن الحمق عرفه ، وكتب إلى معاوية بخبره ، فكتب إليه معاوية إنه زعم أنه طعن عثمان بن عفان تسع طعنات بمشاقص كانت معه ، وإنا لا نريد أن نعتدي عليه فاطعنه تسع طعنات كما طعن عثمان ! فأخرج فطعن تسع طعنات ، فمات في الأولى منهن أو الثانية). انتهى .
قبل قتله بأربع سنوات منع ابن زياد الناس من التردد الى بيته:
(لما قدم زياد الكوفة أتاه عمارة بن عقبة بن أبي معيط فقال: إن عمرو بن الحمق يجتمع إليه من شيعة أبى تراب ! فقال له عمرو بن حريث: ما يدعوك إلى رفع ما لا تيقنه ولا تدرى ما عاقبته ؟ فقال زياد: كلاكما لم يصب ! أنت حيث تكلمني في هذا علانية ، وعمرو حين يردك عن كلامك ! قوما إلى عمرو بن الحمق فقولا له: ما هذه الزرافات التي تجتمع عندك ؟! من أرادك أو أردت كلامه ففي المسجد)!! (في تاريخ الطبري:4/175، وتاريخ دمشق:45/498)
أقول: يبدو أن مطاردة معاوية الأولى التي نص عليها ابن طيفور وكانت بعد الصلح مباشرة ، قد انتهت الى حل في ولاية المغيرة بن شعبة على الكوفة ، وأن عمو بن الحمق عاد الى منزله وقبيلته في الكوفة ، فلما تولى زياد الكوفة بعد موت المغيرة سنة 48 ، بدأ بالتضييق عليه ، ثم أراد القبض عليه ففرَّ منه ، واعتقل زوجته ، ربما ثانيةً ، وأرسلها الى معاوية !
زاهر صاحب عمرو بن الحمق من شهداء كربلاء
قال السيد الخوئي في معجم رجال الحديث:8/221: ( زاهر صاحب عمرو بن الحمق: من أصحاب الحسين عليه السلام (رجال الشيخ) . استشهد معه عليه السلام في واقعة كربلاء ، ذكره أرباب المقاتل ، ومسلم عليه في الزيارة التي خرجت من الناحية المقدسة للشهداء وفي الزيارة الرجبية . وهو جد محمد بن سنان ، ذكره النجاشي في ترجمة محمد بن سنان . وعد ابن شهرآشوب زاهر بن عمرو مولى بن الحمق ، من المقتولين من أصحاب الحسين عليه السلام ، في الحملة الأولى . المناقب: الجزء4 ، باب إمامة أبي عبد الله عليه السلام ، أوائل الثلث الأخير من فصل في مقتله عليه السلام . أقول: الظاهر أن في النسخة تحريفاً ، والصحيح: زاهر مولى عمرو بن الحمق). انتهى .
وقال السيد الأمين في أعيان الشيعة:7/41: ( زاهر صاحب عمرو بن الحمق استشهد بكربلاء سنة 61 . ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الحسين عليه السلام . وقال النجاشي وغيره في ترجمة محمد بن سنان الزاهري إنه من ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي ، وفي أبصار العين زاهر بن عمرو الكندي كان بطلاً مجرباً وشجاعاً مشهوراً ومحباً لأهل البيت معروفاً . قال أهل السير إن عمرو بن الحمق لما قام على زياد ، قام زاهر معه وكان صاحبه في القول والفعل ، ولما طلب معاوية عمرواً طلب معه زاهراً فقتل عمراً وأفلت زاهر ، فحج سنة ستين فالتقى مع الحسين عليه السلام فصحبه وحضر معه كربلاء . قال السروري: قتل في الحملة الأولى). انتهى.
رووا عنه قليلاً وأبهموا ما رووه ؟!
في مجمع الزوائد:6/285: (عن عمرو بن الحمق قال سمعت رسول الله(ص) يقول: من أمن رجلاً على دمه فقتله فأنا برئ من القاتل وإن كان المقتول كافراً رواه الطبراني بأسانيد كثيرة وأحدها رجاله ثقات). انتهى.( ورواه الحاكم:4/353 ، وصححه ، وكذا الطيالسي ص181 ، وأحمد:5/223و436 ، وغيرهم).
أقول: رووا هذا الحديث وأكثروا روايته ، ولم يذكروا مناسبته ، وأنها احتجاج على معاوية ، كما تشير رسالة الإمام الحسين عليه السلام اليه .
حديثه في مدح مصر لم يقبله رواة السلطة
روى الحاكم في المستدرك:4/448: (عن عمرو بن الحمق رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: ستكون فتنة أسلم الناس فيها أو قال لخير الناس فيها الجند الغربي ، فلذلك قدمت مصر . هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه) .
ورواه الطبراني في المعجم الأوسط:8/315 ، وبخاري في التاريخ الكبير:6/313 ، وفي مجمع الزائد:5/281، وقال: (رواه البزار والطبراني من طريق عميرة بن عبد الله المغافري وقال الذهبي لا يدى من هو). انتهى .
وطبيعي أن لايعجبهم تفضيل جند مصر في صدر الإسلام على جند الشام ، لأن جند مصر جاؤوا معترضين على عثمان وحاصروه ، وهم يريدون تفضيل جند معاوية في الشام ، وقد صححوا رواية معاوية وكعب الأحبار في تفضيل الشام وأهلها على العالمين !
أما السيوطي المصري فقال في شرحه لمسلم:4/513: (لا يبعد أن يراد بالمغرب مصر فإنها معدودة في الخط الغربي بالاتفاق ، وقد روى الطبراني والحاكم وصححه عن عمرو بن الحمق قال قال رسول الله(ص) :تكون فتنة أسلم الناس فيها الجند الغربي . قال بن الحمق: فلذلك قدمت عليكم مصر . وأخرجه محمد بن الربيع الجيزي في مسند الصحابة الذين دخلوا مصر ، وزاد فيه: وأنتم الجند الغربي ، فهذه منقبة لمصر في صدر الملة ، واستمرت قليلة الفتن معافاة طول الملة ، لم يعترها ما اعترى غيرها من الأقطار ، وما زالت معدن العلم والدين ثم صارت في آخر الأمر دار الخلافة ومحط الرحال ، ولا بلد الآن في سائر الأقطار بعد مكة والمدينة يظهر فيها من شعائر الدين ما هو ظاهر في مصر).انتهى .
|
|
|
|
|