[همس الغلا]

نحمد الله العلي القدير على توفيقنا للوصول إلى هذه الدفعة من علوم أهل البيت عليهم السلام..

وهذه تكون الدفعة الثامنة..

1) لماذا انتقل إلى بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وكيف؟
أصابت قريشًا أزمة شحّت فيها موارد العيش وكان وقعها شديدًا علي أبي طالب
لأنه كان كثير العيال وفي قلّة من المال لا يفي بنفقة رجل مثله، فقال محمد لعميه
الحمزة والعباس: ألا نحمل ثقل أبي طالب في هذا المحل،فجاءوا إليه وسألوه أن
يسلمهم ولده ليكفوه أمرهم،فقال دعوا لي عقيلاً وخذوا من شئتم،فأخذ العباس طالبًا
وحمزة جعفرًا ومحمد عليًا، وجاء عنه أنه قال: لقد اخترت من اختاره الله لي عليكم
وكان علي يوم ذاك في الثامنة من عمره..

2) كم بقيت فاطمة عليها السلام مع ولدها الحسنِّ بعد وفاة جدّه صلى الله عليه وآله وسلم؟
بقي عليه السلام بعد جدّه ثلاثة أشهر أو ستة على أبعد التقادير في رعاية أمّه
الزهراء وأبيه أمير المؤمنين وهما في صراع دائم مع القوم وفي غمرة من الحزن
والألم لفقد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما لبث أن عاد القدر بعد تلك الأشهر
القليلة فطوى الصفحة الثانية من حياته بوفاة أمّه الزهراء عليها السلام..

3) أيمكننا معرفة محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للإمام الحسين عليه السلام وأخيه الحسن عليه السلام؟
نعم، روي في العديد من كتب العامّة أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
أخذ بيد الحسنين فقال: " من أحبّني وأحبّ هذين وأباهما وأمّهما كان معي
في درجتي في الجنّة يوم القيامة"..

4) من الذي لقّب الإمام علي بن الحسين عليه السلام زين العابدين؟
روي أنّ الزهريّ كان إذا حدّث عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال:
حدّثني زين العابدين عليّ بن الحسين، فقال له سفيان بن عيينة: ولم تقول له زين العابدين؟

قال: لأنّي سمعت سعيد بن المسيّب يحدّث عن ابن عباس أنّ رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم قال: " إذا كان يوم القيامة ينادي منادٍ : أين زين العابدين؟ فكأني
أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب يخطر بين الصفوف"..

5) هل يمكن تبيان شيء مجمل عن علم الإمام الباقر عليه السلام؟
نعم، لا يخفى على المتتبّع المنصف أنّ ما روي عن الإمام الباقر عليه السلام
من أخبار وأثار في علوم الدين وتفسير القرآن وفنون الآداب والأحكام يفوق مايتّسع
له العقل، وقد اقتبس مَن بقي من الصحابة ووجوه التابعين وأعيانهم، ورؤساء
فقهاء المسلمين من علمه، وبكثرة علمه ضرُب المثل فقيل:

يا باقر العلم لأهل التقى وخيرَ من لبّى على الأجبُل

يروي الشيخ المفيد مسندًا عن عبد الله بن عطاء المكّيّ قوله:
ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علمًا منهم في مجلس أبي جعفر الباقر عليه السلام
لقد رأيت الحكم ابن عُيينة _ مع جلالته في القوم _ بين يديه كأنه صبيّ بين يديّ
معلّمه، وكان جابر بن يزيد الجعفري إذا روى عن محمد بن علي عليه السلام شيئًا
يقول: حدّثني وصيّ الأوصياء وراث علوم الأنبياء محمد بن علي بن الحسين،
صلوات الله عليهم أجمعين..


ويذكر الشيخ الكشّي عن محمد بن مسلم قوله:

ما شرج في رأيي (أي ما اختلج في خاطري) شيء قط إلا سألت عنه أبا جعفر عليه
السلام حتى سألته ثلاثين ألف مسألة، وسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ستّة عشر
ألف حديث..

وروي عن حبابة الوالبيّة أنها قالت: رأيت رجلاً بمكّة أصيلاً في الملتزم، أو بين
الباب والحجر، فلمّا انثال الناس عليه يستفتونه عن المعضلات، ويستفتحون أبواب
المشكلات، فلم يرم حتى أفتاهم في ألف مسألة، ثم نهض يريد رحله، ومنادٍ ينادي
بصوت صهل:"ألا أنّ هذا النورُ الأبلج المسرّج، والنسيم الأرج، والحقّ المرج"
( الأبلج : الواضح،المضيء، المسرّج من الإسراج،بمعنى إرقاد السراج)
( الأرج: توهج ريح الطيب) ( المرج: مرج الدين،إذا فسد،أي الذي ضاح بين الناس قذره)..

وآخرون يقولون: من هذا؟ ، فقيل: محمد بن عليّ الباقر،علم العلم، والناطق عن
الفهم، محمد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام)..

قال ابن شهر أشوب:قالوا: لم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين (عليهما السلام)
من العلوم ما ظهر منه من التفسير والكلام والفتيا والأحكام والحلال والحرام،وحديث
جابر رضي الله عنه في حقّه مشهور معروف، رواه فقهاء المدينة والعراق كلّهم..

6) أيمكننا معرفة نبذه مختصرة عن أمّ الإمام الصادق عليه السلام؟
قال الإمام الصادق عليه السلام عنها :" كانت أمّي مّمن آمنت واتّقت وأحسنت،
والله يحب المحسنين"..

وقال الشيخ الجليل عليّ بن الحسين المسعوديّ في (إثبات الوصيّة): كانت أمّ فروة
من أتقى نساء زمانها، روت عن عليّ بن الحسين عليه السلام أحاديث منها قوله لها:
يا أمّ فروة، إني لأدعو لمذنبي شيعتنا في اليوم والليلة مئة مرة، يعني الاستغفار لهم، لأننا نصبر
على ما نعلم، وهم يصبرون على ما لا يعلمون..

كانت أمّ فروة جليلة مكرّمة، حتى أنه كان يعبّر عن الصادق عليه السلام بابن
المكرّمة، وعن عبد الأعلى قال: رأيت أمّ فروة تطوف الكعبة، عليها كساء متنكّرة،
فاستلمت الحجر بيدها اليسرى،فقال لها رجل: يا أمّة الله،أخطأتِ السنّة، فقالت: إنّا
لأغنياء عن علمك..

أقول: الظاهر أن الرجل كان من فقهاء العامّة، وكيف لا تستغني عن فقه العامّة امرأةً
زوجها باقر علوم الأوّلين والآخرين، وأبو زوجها الإمام زين العابدين عليه السلام،
وبأنها ينبوع العلم ومعدن الحكمة واليقين جعفر بن محمد الصادق الأمين ( صلوات
الله عليهم أجمعين)،وأبوها من ثقاة أصحاب عليّ بن الحسين(عليهما السلام)، وأحد
فقهاء المدينة السبعة، تربّت في حجر العلم، ونشأت في بيت الفقه!؟..

7) كيف كانت ولادة الإمام موسى الكاظم عليه السلام؟
يروي الشيخ الكلينيّ والصفّار وآخرون عن أبي بصير أنّه قال:
كنت مع أبي عبد الله عليه السلام في السنة التي ولد فيها ابنه موسى عليه السلام،
فلمّا نزلنا الأبواء وضع لنا أبو عبد الله عليه السلام الغداء وأكثره وأطابه، فبينما
نحن نتغدّى إذ أتاه رسول حميدة: أن الطلق قد ضربني، وقد أمرتني أن لا أسبقك
بابنك هذا.(لأنه ليس كغيره من الأبناء)..

فقام أبو عبد الله فرحًا مسرورًا ، فلم يلبث أن عاد إلينا حاسرًا عن ذراعيه ضاحكًا
سنّه، فقلنا:أضحك الله سنّك، وأقرّ عينك ،ما صنعت حميدة؟، فقال: وهب الله بيّ
غلامًا، وهو خير من برأ الله، ولقد خبرتني عنه بأمر كنت أعلم به منها، قلت: جعلت
فداك، وما خبّرتك عنه حميدة؟، قال: ذكرت أنّه لّما وقع من بطنها وقع واضعًا يديه
على الأرض، رافعًا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أنّ تلك أمارة رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وأمارة الإمام من بعده..

8) قد ذكرت روايتين بنقش خاتم الإمام الرضا عليه السلام، هل يوجد تعارض بين الروايتين؟
لا تعارض بين الروايتين، ذلك أنّه كان له عليه السلام خاتمان: واحد له، والآخر أتاه
من أبيه، كما روى الشيخ الكلينيّ عن موسى بن عبد الرحمن أنّه قال:
سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن نقش خاتمه ونقش خاتم أبيه فقال: نقش
خاتمي: " ما شاء الله،ولا قوة إلاّ بالله" ، ونقش خاتم أبي:" حسبي الله"، وها هو ذا أتختّم به..

9) ما كان نقش خاتمه عليه السلام؟
كان نقش خاتمه عليه السلام: " نعم، القادر الله"..

10) ما كان نقش خاتم الإمام علي الهادي عليه السلام؟
كان نقش خاتمه عليه السلام:" الله ربّي وهو عصمتي من خلقه"، وكان له أيضًا خاتم
نقشه:" حفظ العهود من أخلاق المعبود"..

11) كم كان عمر الإمام الهادي عليه السلام عند ولادة الإمام الحسن العسكري؟
كان سنّ الهادي عليه السلام في ذلك الوقت ستّ عشر سنة وأشهرًا...

12) ما هي أسماءه وألقاه وكناه؟
أسماؤه وألقابه عليه السلام كثيرة فقد ذكر الشيخ المرحوم ثقة الإسلام النوريّ(ره) في
(النجم الثاقب) مئة واثنين وثمانين اسمًا له (عليه السلام) ونذكر هنا بعضًا منها:
1- بقية الله 2- الحجّة 3- الخلف أو الخلف الصالح 4- الشريد
5- الغريم 6- القائم 7- مُ حَ مَّ دْ 8- المهدي 9- المنتظر
10- الماء العين..
وسنبين في الدفعات القادمة سبب تسميته عليه السلام بكل اسم من هذه الأسماء..

تحيااتي
همــــــوسة