عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية حيدر القرشي
حيدر القرشي
شيعي حسني
رقم العضوية : 24389
الإنتساب : Oct 2008
المشاركات : 5,056
بمعدل : 0.84 يوميا

حيدر القرشي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر القرشي

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : حيدر القرشي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 13-12-2008 الساعة : 11:44 PM


النيّة‌ وأنواعها

الثاني‌ عشر : النيّة‌
وذلك‌ أن‌ لا يكون‌ للسالك‌ قصد من‌ السلوك‌ سوي‌ نفس‌ السلوك‌ والفناء في‌ الذات‌ الاحديّة‌، وعلیه‌، ينبغي‌ أن‌ يكون‌ سير السالك‌ خالصاً للّه‌ تعالي‌ : فَادْعُوا اللَهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. [6]وقد جاء في‌ عدّة‌ أخبار أنَّ للنيّة‌ ثلاث‌ مراتب‌، منها ما قاله‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ :
العُبَّادُ ثَلاَثَةٌ : قَوْمٌ عَبَدُوا اللَهَ خَوْفاً فَتِلْكَ عِبَادَةُ العَبِيدِ. وَقَوْمٌ عَبَدُوا اللَهَ طَمَعاً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الاُجَرَاءِ. وَقَوْمٌ عَبَدُوا اللَهَ حُبّاً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الاَحْرَارِ.
بالتأمّل‌ والتدقيق‌ يتّضح‌ أنَّ عبادة‌ الطائفتين‌ الاُوليينِ ليست‌ صحيحة‌ حقيقة‌، لانَّ عبادتهم‌ لم‌ تكن‌ للّه‌ وإلی‌ الله‌، وإنَّما تعود إلی‌ عبادة‌ النفس‌، فهم‌ ـ في‌ الواقع‌ ـ كانوا يعبدون‌ ذواتهم‌ دون‌ الله‌ تعالي‌، لانَّ عبادتهم‌ تعود في‌ واقعها إلی‌ تلك‌ العلائق‌ والمشتهيات‌ النفسانيّة‌، ولانَّ عبادة‌ النفس‌ لا تجتمع‌ مع‌ عبادة‌ الله‌، لذا تعدّ هذه‌ الجماعة‌ ـ حسب‌ النظرة‌ الاُولي‌ ـ كافرة‌ بالله‌ ومنكرة‌ له‌، لكن‌ باعتبار أنَّ القرآن‌ الكريم‌ ينصّ علی‌ أنَّ أصل‌ عبادة‌ الله‌ فطريّ في‌ كلّ البشر، وينفي‌ حدوث‌ أيّ تغيّر أوتبدّل‌ في‌ خلقه‌ :
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَهِ الَّتِي‌ فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَهِ ذَ 'لِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ولَـ'كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ. [7]
لا يرجع‌ انحراف‌ البشر ـ بناء علی‌ ذلك‌ ـ إلی‌ أصل‌ عبادة‌ الله‌، بل‌ يرجع‌ إلی‌ مقام‌ التوحيد، أي‌ عدم‌ الإيمان‌ بوحدانيّة‌ الله‌ في‌ الفعل‌ والصفة‌ وجعل‌ شركاء له‌، ولهذا نجد أنَّ القرآن‌ في‌ كلّ مجال‌ يصرّح‌ بثبوت‌ توحيد الله‌ ونفي‌ الشرك‌ عنه‌، وعلی‌ هذا الاساس‌ فإنَّ أهل‌ الطائفتينِ الاُوليينِ يشركون‌ بالله‌ بالقصد. ويمزجون‌ في‌ مقام‌ العمل‌ بين‌ عبادة‌ الله‌ وعبادة‌ الذات‌، ويؤدّون‌ الافعال‌ والاعمال‌ العباديّة‌ بكلا الداعيينِ. وهذا هوالشرك‌. وفي‌ الحقيقة‌ هم‌ مشركون‌ بالله‌ وبنصّ القرآن‌ لن‌ يغفر لهم‌.
إِنَّ اللَهَ لاَ يَغْفِرُ أَن‌ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ مَا دُونَ ذَ 'لِكَ لِمَن‌ يَشَآءُ. [8]
وهكذا فإنَّ عبادتهم‌ لن‌ تكون‌ مثمرة‌ أبداً، ولن‌ تقرّبهم‌ إلی‌ الله‌ المتعال‌.
أمّا الطائفة‌ الثالثة‌ التي‌ تعبد الله‌ علی‌ أساس‌ المحبّة‌، وهي‌ عبادة‌ الاحرار، وفي‌ بعض‌ الروايات‌ : تِلْكَ عِبَادَةُ الكِرَامِ، فها هي‌ العبادة‌ الصحيحة‌ الواقعيّة‌ التي‌ لن‌ يصل‌ إلیها إلاّ المطهّرون‌ في‌ الساحة‌ الإلهيّة‌. فَهَذَا مَقَامٌ مَكْنُونٌ لاَ يَمَسُّهُ إلاَّ الْمُطَهَّرُونَ.
فالمحبّة‌ عبارة‌ عن‌ الانجذاب‌، أي‌ الانجذاب‌ نحو شي‌ء وحقيقة‌، والطائفة‌ الثالثة‌ هم‌ الذين‌ بنوا عبادتهم‌ علی‌ أساس‌ المحبّة‌ والانجذاب‌ إلی‌ الله‌، وليس‌ لهم‌ أيّ هدف‌ أومقصد سوي‌ الميل‌ نحوه‌ تعالي‌ والتقرّب‌ إلیه‌، وهذا الانجذاب‌ الذي‌ يشعرون‌ به‌ تجاه‌ المحبوب‌ هوالداعي‌ والمحرّك‌ لهم‌ نحوه‌، والموجب‌ لسيرهم‌ باتّجاه‌ ذلك‌ الحريم‌ المقدّس‌.
قد جاء في‌ بعض‌ الروايات‌ أن‌ اعبدوا الحقّ تعالي‌ من‌ حيث‌ إنَّه‌ أهل‌ للعبادة‌. ومعلوم‌ أنَّ هذه‌ الاهليّة‌ لا تعود إلی‌ الصفات‌ الإلهيّة‌، بل‌ إلی‌ مقام‌ ذاته‌ المقدّسة‌ جَلَّ جَلالُه‌ وعَظُمَ شَأْنُه‌، فيكون‌ مفاد ذلك‌ أن‌ اعبدوا الله‌ لانـّه‌ الله‌ :
إلَهِي‌ مَا عَبَدْتُكَ خَوْفاً مِنْ نَارِكَ وَلاَ طَمَعاً فِي‌ جَنَّتِكَ، بَلْ وَجَدْتُكَ أَهْلاً لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُكَ.
أَنْتَ دَلَلْتَنِي‌ عَلَيْكَ، وَدَعَوْتَنِي‌ إلَيْكَ، وَلَوْلاَ أَنْتَ لَمْ أَدْرِ مَا أَنْتَ.
ويخطو سالك‌ طريق‌ الله‌ في‌ بداية‌ سلوكه‌ بقدم‌ المحبّة‌، ولكن‌ بعد أن‌ يطوي‌ المنازل‌، ويحصل‌ إجمالاً علی‌ بعض‌ الكمالات‌، سوف‌ يدرك‌ أنَّ المحبّة‌ أمر مغاير للمحبوب‌، فيسعي‌ لترك‌ المحبّة‌ التي‌ كانت‌ حتّي‌ هذا الحين‌ وسيلة‌ لسلوكه‌ ومعراجاً لرقيّه‌، ويدرك‌ أنَّ هذه‌ الوسيلة‌ التي‌ كانت‌ مؤثّرة‌ أصبحت‌ الآن‌ مضرّة‌ ومانعة‌ للطريق‌. ومن‌ هنا يضع‌ السالك‌ فقط‌ وفقط‌ محبوبه‌ نصب‌ عينيه‌ ويعبده‌ بعنوان‌ المحبوبيّة‌ لا غير، ولكن‌ عندما يتقدّم‌ أكثر ويطوي‌ منازل‌ عدّة‌، يدرك‌ أنَّ هذا النوع‌ من‌ العبادة‌ لم‌ يكن‌ خالياً من‌ شائبة‌ شرك‌، لانـّه‌ قد عدّ نفسه‌ في‌ هذه‌ العبادة‌ عاشقاً ومحبّاً، واعتبر الله‌ معشوقاً ومحبوباً، فيري‌ لذاته‌ كمحبّ وجوداً في‌ قبال‌ ذات‌ المحبوب‌، لذا فإنَّ النظر إلی‌ المحبوب‌ بعنوان‌ المحبّ مغاير ومناف‌ لعبادة‌ الذات‌ المقدّسة‌ للّه‌ تعالي‌، ومن‌ هنا يسعي‌ لينسي‌ عنواني‌ الحبّ والعشق‌ حتّي‌ يتجاوز المغايرة‌ والكثرة‌، ويضع‌ قدمه‌ في‌ عالم‌ الوحدة‌، وعندها تختفي‌ النيّة‌ من‌ السالك‌ وتمحي‌، لانـّه‌ لن‌ يكون‌ بعد ذلك‌ شخصيّة‌ وذاتيّة‌ للسالك‌ تصدر عنها النيّة‌.
إلی‌ ما قبل‌ هذه‌ المرحلة‌ كان‌ السالك‌ طالباً للمكاشفة‌ والشهود، ولكنّه‌ في‌ هذا المقام‌ يدع‌ تلك‌ الاغراض‌ كلّها عرضة‌ للنسيان‌، فلن‌ يكون‌ بعد ذلك‌ إرادة‌ ليكون‌ اعتبار للمراد والمقصود. وفي‌ هذه‌ الحالة‌ يُغمض‌ السالك‌ عينيه‌ عن‌ الرؤية‌ واللارؤية‌، والوصول‌ واللاوصول‌، والمعرفة‌ واللامعرفة‌، والردّ والقبول‌. يقول‌ حافظ‌ الشيرازيّ :
با خرابات‌ نشينان‌ ز كرامات‌ ملاف‌ هر سخن‌ جائي‌ وهر نكته‌ مقامي‌ دارد [9]
ورد عن‌ الإمام‌ السجّاد علیه‌ السلام‌، في‌ دعاء أبي‌ حمزة‌ الثماليّ، قوله‌ : مَعرِفَتِي‌ يَا مَولاَيَ دَلِيلِي‌ عَلَيكَ، وَحُبِّي‌ لَكَ شَفِيعِي‌ إلَيكَ؛ وَأَنَا وَاثِقٌ مِنْ دَلِيلِي‌ بِدلاَلَتِكَ، وَسَاكِنٌ مِنْ شَفِيعِي‌ بِشَفَاعَتِكَ.
ونقل‌ عن‌ بايزيد البسطاميّ أنـّه‌ قال‌ : «تركت‌ الدنيا في‌ اليوم‌ الاوّل‌، وفي‌ اليوم‌ الثاني‌ تركت‌ العُقبي‌، وفي‌ اليوم‌ الثالث‌ تخطّيت‌ ما سوي‌ الله‌، وفي‌ اليوم‌ الرابع‌ سُئِلتُ : ما تُرِيدُ ؟ فقلت‌ : أُريدُ أَنْ لا أُريدَ».
ويشير إلی‌ نفس‌ المطلب‌ ما يصرّح‌ به‌ البعض‌ في‌ تعيين‌ المنازل‌ الاربعة‌ : الاوّل‌ : ترك‌ الدنيا. الثاني‌ : ترك‌ العقبي‌. الثالث‌ : ترك‌ المولي‌. الرابع‌ : ترك‌ الترك‌، فَتَدَبَّرْ. والمراد من‌ نبذ الطمع‌ عند السالكين‌ هوهذه‌المرحلة‌ العظيمة‌ والعقبة‌ المشكلة‌، وعبورها في‌ غاية‌ الصعوبة‌، وليس‌ تحصيلها بالهيّن‌، لانَّ السالك‌ في‌ هذه‌ المرحلة‌ بعد التأمّل‌ والتدقيق‌ يجد أنـّه‌ لم‌ يكن‌ خالياً من‌ النيّة‌ في‌ تمام‌ مراحل‌ السير، بل‌ كان‌ له‌ غاية‌ ومقصود في‌ سويداء قلبه‌، وإن‌ كانت‌ تلك‌ الغاية‌ هي‌ العبور من‌ مراحل‌ الضعف‌ والنقص‌ والوصول‌ إلی‌ الكمال‌ والكمالات‌. ولوسعي‌ السالك‌ ـ عن‌ طريق‌ تجريد الذهن‌، والضغط‌ علی‌ نفسه‌ مرّات‌ عديدة‌ ـ ليعبر هذه‌ العقبة‌، ويعرّي‌ ويجرّد نفسه‌ من‌ هذه‌ المعاني‌ والمقاصد، سوف‌ لن‌ يحصل‌ علی‌ أيّة‌ نتيجة‌، لانَّ نفس‌ هذا التجريد مستلزم‌ لعدم‌ التجريد، وذلك‌ لانَّ نفس‌ ذلك‌ التجريد لم‌ يكن‌ من‌ السالك‌ إلاّ لداعٍ وغاية‌ وهذا النظر إلی‌ الغاية‌ دليل‌ وعلامة‌ علی‌ عدم‌ التجريد.
ذات‌ يوم‌ طرحتُ هذا السرّ علی‌ أُستاذي‌ المرحوم‌ الحاجّ الميرزا علی‌ّ القاضي‌ رضوان‌ الله‌ علیه‌، والتمست‌ منه‌ حلّ هذه‌ المعضلة‌، فقال‌ : «يمكن‌ حلّها بواسطة‌ اعتماد طريقة‌ الإحراق‌، وذلك‌ بأن‌ يدرك‌ السالك‌ ـ حقيقة‌ ـ أنَّ الله‌ تعالي‌ خلقه‌ مفطوراً علی‌ هذه‌ الصفة‌، وكلّما أراد أن‌ ينبذ الطمع‌ لن‌ يحصل‌ علی‌ نتيجة‌، لانَّ فطرته‌ جبلت‌ علیه‌، فسعيه‌ لنبذ الطمع‌ عن‌ نفسه‌ مستلزم‌ لطمع‌ آخر، لانـّه‌ لا يسعي‌ لذلك‌ إلاّ طمعاً في‌ الحصول‌ علی‌ مرتبة‌ أعلی‌ من‌ التي‌ هوفيها، وهكذا إلی‌ أن‌ يشعر بالعجز التامّ عن‌ التخلّي‌ عن‌ هذه‌ الصفة‌، فلا يجد حينئذٍ مفرّاً سوي‌ اللجوء إلی‌ الله‌ تعالي‌ وتوكيل‌ الامر إلیه‌، وهذا الشعور بالعجز كفيل‌ بأن‌ يحرق‌ بناره‌ جذور الطمع‌ في‌ نفسه‌، فيعود السالك‌ بعدها نزيهاً طاهراً».
وليعلم‌ أنَّ الوصول‌ إلی‌ إدراك‌ هذا المعني‌ لا يكون‌ بمجرّد إعمال‌ النظر والتفكير، بل‌ إنَّ إدراكه‌ الواقعيّ يحتاج‌ إلی‌ الذوق‌ وحصول‌ الحال‌. ولوأنَّ أحداً أدرك‌ هذا المعني‌ بالذوق‌ لفهم‌ أنَّ إدراك‌ تمام‌ لذّات‌ الدنيا وما فيها لا يساوي‌ هذه‌ الحقيقة‌.
ثمّ إنَّ سبب‌ تسمية‌ هذه‌ الطريقة‌ بالإحراق‌ هوأنـّها تحرق‌ أكوام‌ الوجودات‌ والنيّات‌ والغصص‌ والمشكلات‌ دفعة‌ واحدة‌، وتجتثّها من‌ الجذور، ولا تبقي‌ لها من‌ أثر في‌ وجود السالك‌.
وقد استفيد في‌ القرآن‌ الكريم‌ من‌ هذه‌ الطريقة‌ في‌ بعض‌ الموارد، فمن‌ يستخدم‌ هذه‌ الطريقة‌ لاجل‌ الوصول‌ إلی‌ المقصود، ويسير في‌ هذا السبيل‌، فإنَّ الطريق‌ الذي‌ يجب‌ طيّه‌ في‌ سنوات‌ يطويه‌ في‌ مدّة‌ قليلة‌. وأحد الموارد التي‌ استفيد فيها من‌ هذه‌ الطريقة‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌، كلمة‌ الاسترجاع‌ :
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَ 'جِعُونَ.
فالإنسان‌ يستطيع‌ حين‌ الشدائد والمصائب‌ ونزول‌ البلايا والفتن‌ أن‌ يسكِّن‌ نفسه‌ بطرق‌ مختلفة‌، كأن‌ يتذكّر أنَّ الموت‌ للجميع‌، والمصيبة‌ تحلّ علی‌ كلّ الناس‌، وبهذه‌ الوسيلة‌ تهدأ نفسه‌ شيئاً فشيئاً. ولكنَّ الله‌ يقصّر الطريق‌ بواسطة‌ الطريقة‌ الإحراقيّة‌ وتلقين‌ كلمة‌ الاسترجاع‌، ويرفع‌ المشكل‌ مرّة‌ واحدة‌، لانَّ الإنسان‌ لوتذكّر أنَّ نفسه‌ وكلّ متعلّقاتها وما يملكه‌ هوملك‌ مطلق‌ للّه‌، قد أُعطي‌ له‌ ذات‌ يوم‌ وسوف‌ يؤخذ في‌ يوم‌ آخر، ولا حقّ لاحد في‌ التدخّل‌ فيه‌، عندما يدرك‌ الإنسان‌ جيّداً أنـّه‌ منذ البدء لم‌ يكن‌ مالكاً، وإنّما كان‌ عنوان‌ الملكيّة‌ له‌ مجازيّاً وقد كان‌ يتخيّل‌ أنـّه‌ المالك‌، سوف‌ لن‌ يتأثّر في‌ حال‌ فقدانه‌، فإذا بأُفقه‌ مُتَّسع‌، وطريقه‌ معبّد.
فإدراك‌ السالك‌ أنَّ الله‌ تعالي‌ فطره‌ علی‌ الحرص‌ والطمع‌ كإدراكه‌ أنَّ الخالق‌ الغنيّ خلق‌ عبده‌ فقيراً محتاجاً قد خمرت‌ طينته‌ بالفاقة‌ والعوز، وأنَّ السؤال‌ والطلب‌ لديه‌ ـ باعتباره‌ لازم‌ فقره‌ وحاجته‌ ـ غنيّ عن‌ الدليل‌ والبرهان‌، فلا يحقّ لفرد الاعتراض‌ علی‌ سؤال‌ فقير ما، فافتراض‌ الفقر فيه‌ يوازي‌ افتراض‌ السؤال‌ والطلب‌، فلا ينبغي‌ للسالك‌ ـ بناء علی‌ ذلك‌ ـ أن‌ يرتاب‌ حينما يلمس‌ من‌ ذاته‌ حرصاً أوطمعاً خلال‌ سيره‌ وحركته‌، إذ ليس‌ بمقدوره‌ اجتثاث‌ عنصر الطمع‌ من‌ ذاته‌ بعد أن‌ خلق‌ مفطوراً علیه‌. هذا من‌ جانب‌، ومن‌ جانب‌ آخر باعتبار أنَّ الفناء في‌ الذات‌ الإلهيّة‌ ـ المبتني‌ علی‌ أساس‌ عبادة‌ الاحرار ـ لا يتلائم‌ هو وداعي‌ الطمع‌ في‌ النفس‌، فسوف‌ تعتري‌ السالك‌ حالة‌ من‌ الخوف‌ والهلع‌، وشعور بالاضطراب‌ والمسكنة‌، تلك‌ الحالة‌ وذلك‌ الشعور يأخذان‌ بيد السالك‌ ليتخطّي‌ ذاته‌ الملازمة‌ لتلك‌ الصفة‌، فلا تبقي‌ ـ بعد اجتياز هذه‌ المرحلة‌ ـ ذات‌ لتكون‌ محلاّ للحرص‌ والطمع‌. فافهَمْ وتأمَّل‌ جيِّداً

يتبع الباقي ان شاء الله
السيّد محمّد الحسين‌ الحسينيّ الطهرانيّ رحمه الله


توقيع : حيدر القرشي
بِنْتُ مَنْ أُمُ مَنْ حَلِيلَةُ مَنْ *
ويْلٌ لِمَنْ سَنَ ظُلْمَهَا وأَذَاهَا
لا نَبِيُ الهُدَىَ أُطِيعَ ولا *
فاطمةٌ أُكْرِمَتْ ولا حَسَنَاهَا
ولأي الأمور تدفن سرا *
بضعة المصطفى ويعفى ثراها
فرار الدمشقية من المناظرة!!
من مواضيع : حيدر القرشي 0 شبهة : مـعصــــوم يــؤذي طــائــر الخـــطاف و معصـــوم ينهـيـــه!
0 شبهة : مـعصــــوم يــؤذي طــائــر الخـــطاف و معصـــوم ينهـيـــه!
0 كيفيّة إحياء مجالس عزاء سيّد الشهداء عليه السلام
0 حوار هادئ حول الامامة
0 عيد الغدير يوم غلبة العقل على الإحساسات
رد مع اقتباس