|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 14474
|
الإنتساب : Dec 2007
|
المشاركات : 411
|
بمعدل : 0.07 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
فطومة الحلوة
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 06-03-2009 الساعة : 09:07 PM
... الجـــــزء الثـــــالث ...
أخذت أفكر مع نفسي : لم ينوح هؤلاء !! ومن أجل من !! أردت دعوتهم لإلتزام الهدوء .. وهل يكون ذلك !!....
صرخت فيهم : أيها الأعزاء التزموا الهدوء .. أما تريدون راحتي واستقراري !! فلماذا هذا التفجع والحزن !!
بعد الألم المضني أصبحت الآن في كامل الراحة والسعادة ..
إنني أخاطبكم أما تسمعون !! لم هذا البكاء !! مم عويلكم وبكاؤكم !! نوروا الدار بالدعاء وذكر الحق تعالى .
استمر عويل واستغاثة الحاضرين .. يعلو ويعلو .. هنا سمعت صوت ملك الموت يقول : ما الذي دهى هؤلاء !! مم صراخهم وعويلهم !! ولم هذه الشكوى والتفجع !! لم هذا البكاء واللطم على الرؤوس !! أقسم بالله أنني لم أرتكب ظلما بحقه .. فلقد نفد رزقه في هذه الدنيا .. ولو كنتم مكاني لقبضتم روحي بأمر من الله .. أعلموا أن دوركم سيأتي يوما ما .. وسأتردد على هذه الدار حتى لا أدع أحدا فيها .. إن عبادتي وطاعتي لله هي أن أقطع كل يوم وليلة أيدي الكثيرين عن هذه الدنيا .
الناس مستمرون بعملهم لا يسمعون هذه الإنذارات .. تمنيت لو كنت سمعت هذه الإنذارات ولو مرة واحدة في الحياة الدنيا كي تكون عبرة لي .. لكن وااااحسرتاااه ثم وااااحسرتاااه !!
لفوني بقطعة قماش وبعد ساعة حملوني إلى المغتسل .. إنه مكان معروف الذي لطالما جئت هنا لغسل أمواتنا .. وهنا لفت انتباهي المغسل حيث كان يقلبني كيف شاء ودون عناء ـ ونظرا لعنايتي بجسمي فقد صرخت بالمغسل : تمهل قليلا !! ارفق بي !! فقبل لحظات خرجت الروح من هذه العروق فأضعفتها وأعجزتها ... لكنه واصل عمله دون أدنى عناية بمطالبي المتكررة .
انتهى الغسل .. ثم لفوني بذلك الكفن الذي كنت قد اشتريته بنفسي .. لقد كنت أفكر أنذاك بأن شراء الكفن إنما هو عمل روتيني .. ولكن ما أسرع أن لف جسدي بالبياض .. حقا إن الدنيا دار جواز .
وعند سماعي لنداء الصلاة ... الصلاة ... الصلاة .. دخلني نوع من الطمأنينة .
... التشييـــــع ...
"".. أنا راحل .. وثقوا أنكم ستلحقون بي .. ولا تتصوروا أن الموت خلق لغيركم .. عجبا لكم تشاهدون الموت ولا زلتم غافلين ..!!!""
لما انتهت الصلاة حملوا جنازتي على أيديهم .. ومرة أخرى بعثت صرخات الشهادتان الطمأنينة في نفسي .. ولعلاقتي بجسدي أمسكت بأعلى الجنازة وأخذت أسير معها .
لقد كنت أعرف المشيعين جيدا .. مجموعة بقاعدة التابوت .. وأخرى تمشي خلفه .. كنت أسمع أصواتهم وأحاديثهم .. حتى أن باطن الكثير قد انكشف لي .. من هنا اعتراني السرور لحضور البعض .. فيما كان حضور آخرين يؤذيني حيث كانت الرائحة الكريهة المنبعثة منهم تعذبني .. كنت أرى بعضهم على هيئة قردة في حين كنت أحسبهم في الدنيا من الصالحين .. من جانب آخر نظرت إلى أحد معارفي فداعبت روحي رائحة العطر المنبعثة منه .. وقد كنت في الدنيا لا أكن له الإحترام وذلك للبساطة الطاغية على ظاهره .. وربما أسقطته من عيني غيبة الآخرين له .. و و ..
كان التابوت يسير مرفوعا على أكتاف أصدقائي وكنت أرافقهم والقلق من المستقبل يهيمن علي .
يتبع..
|
|
|
|
|