|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 14474
|
الإنتساب : Dec 2007
|
المشاركات : 411
|
بمعدل : 0.07 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
فطومة الحلوة
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 06-03-2009 الساعة : 09:10 PM
... الجـــــزء الـــــرابع ...
كان التابوت يسير مرفوعا على أكتاف أصدقائي وكنت أرافقهم والقلق من المستقبل يهيمن علي .
وفي الوقت الذي كانت ألسنة الكثير من المشيعين تترنم بنداء " لا إله إلا الله :.. كان اثنان من أصدقائي يتهامسان فيما بينهما فدنوت منهما وأنصت لحديثهما ..
وااااعجبا !! متى تستيقظان من غفلتكما !! أتتحدثان عن معاملة وصكوك مرفوضة وأرباح و ...!! كان من الأفضل أن تفكرا في هذه اللحظات بآخرتكما .. بذلك اليوم الذي سيحل عليكما وينقض عليكما الموت !! إذ ستنقطع أيديكما عن الأرض والسماء وتغلق صحيفة أعمالكما وتطلبان الفرصة مثلي .. حينها لن تحصلا على الإذن بالعودة وستعضان على أيدي الندامة : يا ليتنا قد فكرنا بهذه الآخرة الباقية في تلك الدنيا الزائلة .
أيها الأصدقاء !! إنني أدعو لكم أن تعمر دنياكم وتكون آخرتكم أكثر عمرانا .. ولكن أقسم عليكم بالله أن تستيقظوا من غفلتكم وفكروا جيدا .. وإذا لم تفكروا بي ففكروا بآخرتكم على أقل تقدير .. فكروا بذلك اليوم حيث ستلحقون بي .. امضوا هذه اللحظات بذكر الموت .. فإذا لم تفكروا بالموت هنا .. فأين ستعودون إلى أنفسكم !! كأن الموت لم يخلق لكم !!
عجبا .. ثم عجبا لكم تنظرون إلى الموت ولازلتم غافلين .
وهنا توجهت إلى أهلي وعيالي قائلا :" أيها الأعزاء !! لا تغرنكم الدنيا كما غرتني .. لقد أجبرتموني على جمع الأموال التي لذاتها لكم وتبعاتها علي .
... القبـــــر ...
وصل المشيعون إلى المقبرة .. وعند مشاهدتي لها استحوذ على فؤادي الغم .. مروا على العديد من القبور حتى بانت حفرة من بعيد فهيمن علي الإضطراب والرعب .
بقيت مسافة على قبري فوضعوا جنازتي على الأرض .. استرحت قليلا .. وبعد قليل رفعوا التابوت ثانية وساروا به قليلا .. ثم وضعوه على الأرض ثم رفعوه وساروا به وحطوا به على مقربة من القبر .. ألقيت بنظرة إلى داخل القبر فانتابني الرعب مرة أخرى .
رفعت مجموعة منهم جنازتي من التابوت وما إن أدخلوا رأسي في القبر تصورت من شدة الخوف والرهبة كأنني هويت من السماء إلى الأرض .. وحينما كانوا يدخلون الجسد إلى اللحد ألقيت من خارج القبر بنظرة إلى جسدي وأخرى وجهتها إلى الناس .. فاقترب أحدهم من جسدي مناديا بإسمي .. فدنوت منه واستمعت لكلامه فقد كان مشغولا بالتلقين .
كنت أسمع كل ما يقول وأردد معه .. ما أروعه فقد كان يتلفظ بروية وطراوة .. وما إن مضت لحظات حتى بدأوا بوضع الصخور فوق اللحد فشعرت بالأذى والأسى لأنهم سجنوا جسدي تحت التراب .
تأملت مع نفسي من الأفضل أن أنسحب ولا أدخل القبر مع الجسد .. ولكن لشدة تعلقي بالجسد جئت إلى جانب الجنازة .. وفي طرفة عين بدأت الأيدي تهيل التراب على الجسد .
يتبع..
|
|
|
|
|