عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية ارض النجف
ارض النجف
عضو برونزي
رقم العضوية : 25638
الإنتساب : Nov 2008
المشاركات : 397
بمعدل : 0.07 يوميا

ارض النجف غير متصل

 عرض البوم صور ارض النجف

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : ارض النجف المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2009 الساعة : 12:26 PM


2


لم يكسر هدوء ذلك الفجر الأسود إلا أصوات التكبير والتهليل ..!! هكذا سمعنا تلك الأصوات في أزقة القرية .. الله اكبر .. النصر للإسلام .. الموت لآل خليفة .. سحقا سحقا للعملاء .. بالروح بدم نفديك يا جمري ..

خرجت من منزلي دونما شعور .. وكأنني لا أقود نفسي ، فلقد انجذبت تلقائيا نحو تلك المسيرة لأدخل معهم فيها ، فلم أسئل نفسي ولا لحظه واحدة عن سبب خروج المسيرة ، ولكني تيقنت بأن مسيرة في هذا الوقت لابد وان تكون لسبب عظيم ..

نظرت إلى وجوه المشاركين وهم يرددون الشعارات ، فوجدتها وجوه مستعدة للموت من اجل نصرة الحق ، فانا شاركت في مسيرات عديدة وكثيرة ، ولكن مثل تلك المسيرة لم أرى وبقيت عالقة في ذهني الى يومي هذا .

ظلت المسيرة تجوب شوارع وأزقة القرية وهي تردد شعاراتها ، وكلما مشت أكثر ازداد عدد الأفراد ، فكان الرجال يخرجون من منازلهم مذعورين مندهشين لينضموا إلى هذه المسيرة ، عندها وصلت المسيرة إلى مسجد الشيخ فرج .. دخل بعض الشباب إلى داخل المسجد ليصرخوا بالتكبير والشعارات في سماعات المسجد ، ولن أنسى قدوم الشهيد السعيد محمد علي عبد الرزاق إلى المسجد وهو يكلم المتجمهرين بأن الطريق في المقبرة وبجانب منزلهم ممتلأ بسيارات الشغب والكمندوز !!

بعدها توجهت المسيرة إلى مسجد الخضر بحذر شديد وبأصوات عالية تهز الأرض والجدران بـ الله اكبر .. الله اكبر .. ، وعندما وصلنا إلى مسجد الخضر دخل الشباب ليرفعوا أصوات التكبير داخل سماعات المسجد ، عندها بدأت المطاردة ...

بعدما دخل الشباب إلى مسجد الخضر ورفعوا أصواتهم بالتكبير في سماعات المسجد ، ارتعدت قوات الشغب المتجمعة بالقرب من المسجد ، فصوت " اللـــه أكبــر" يرعب كل ظالم مهما علا جبروته وطغيانه ..

ونحن واقفين داخل الممر الضيق في خارج المسجد فجأة وإذا بالعشرات العشرات من المرتزقة يقبلون علينا من جهة منزل تقي البدر وهم يفرغون رشاشاتهم في أجساد العشرات من الرجال والأطفال العزل الذين لا يحملون شيئا أبدا في ذلك الممر بدون رحمة ورأفة ، حتى الحيوانات لا يعاملون هكذا أبدا أبدا .

بدأ هيجان الناس وبدأ الركض والهروب من تلك الطلقات الموجهة توجيها كي تقتل كل من يصيبها ، ونزل الجميع ركضا من على الدرج باتجاه ماتم الخضر ، وأذكر هناك كم رأيت من الاشخاص تسقط وتصرخ " الله اكبر" .. " النصر للاسلام" .. "الموت لآل خليفة" …

افترق الجمع بعد تلك الغارة الجبانة في أزقة القرية ليجدوا لهم مكان يختبئون فيه ليعيدوا تنظيم أنفسهم مرة أخرى ، فاتجهنا نحن راكضين بأسرع سرعة ممكنة ولم نتوقف الا عند صالة ماتم الاثنيعشرية ، وقفنا هناك نلتقط انفاسنا .. وقفنا هناك نداوي جروحنا ، فكم من الذين كانوا معنا نراهم والدماء تسيل من أجسادهم .. ولكن لم يمهلنا هؤلاء المرتزقة وقتا كي نستريح .. واذا بهم يهجمون مرة أخرى من جهة منزل المرحوم السيد محمود وهم يركضون باتجاهنا موجهين أسلحتهم نحونا والرصاص كالمطر ينزل علينا .. لانهم استخدموا في ذلك الفجر رصاص (الصجم) وهو يكون في علبة كبيرة تحتوي على اكثر من 100 صجمة ، وعندما يطلقون هذه العلبة تنفجر لتتوزع هذه الصجمات في كل مكان !!!

هكذا كان حالنا .. نرى تلك الطلقات تحاضرنا في كل مكان ، فركض الجميع هربا منها وتوجهنا بعدها الى ناحية ( السدرة ) التي استشهد بجانبها الشهيد محمد جعفر ، وصلنا هناك ونحن هالكين من التعب ، فأرجلنا تملأها الاشواك من الركض حافيين القدمين ,, والاجساد مخرقة بتلك الطلقات الخبيثة .. وصلنا للسدرة فنزل معظم الجمع بالقرب من حوطة ابراهيم عبد الحميد .. فوقف الكل متحيرا الى اين يذهب! وأذكر تماما اني رأيت الشهيد محمد علي عبد الرزاق وهو يمسك يد أحد أبناءه ليعالجها لأن الدماء كانت تسيل منها …

كنا واقفين نسمع أصوات الطلقات في كل مكان بوضوح .. وتارة نسمع اصوات التكبيرات والصياح تعلوا .. وتارة نسمع اصوات كلابهم تنبح لتلاحق المجاهدين اينما ذهبوا .. إذن أين نذهب ؟؟ هل الطريق إلى الفريق الجديد آمن ؟ هل نرجع مرة ثانية الى داخل القرية ؟؟

اتفق الجميع على دخول الممر المؤدي الى مسجد الشمبرية .. لان هذه الممر وهذا المسجد لا يعرفه إلا أبناء القرية .. فمن غير المعقول ان تعرف هذه المرتزقة الطريق لهذا المسجد ، وما أن دخلنا بداية الممر حتى سمعنا اصوات احذيتهم في ذلك الممر تعدوا باتجاهنا ! رجعنا الى الوراء واذا بهم قد أتوا أيضا من ناحية السدرة !! لقد حوصرنا !!

عندها ركض الجمع باتجاه الفريق الجديد .. والمرتزقة يطلقون النار على ظهورنا وكانهم يصطادون الحيوانات بقلوب باردة !! كم رأيت امامي من الشباب يسقطون ! وكم رأيت أمام من الشباب يصرخون من الالم … وانا أركض واذا أحس بجسدي يطير لأنقلب على وجهي بقوة ، كانت تلك قوة الطلقات التي أصابت ظهري ، ولكني والحمد لله استطعت النهوض مرة ثانية لأواصل الركض …

لم نكن نسمع سوى أصوات الطلقات .. كنا في سباق مع الموت .. هل يسبقنا الموت ؟ ام نسبقه ؟

واصلنا الركض دونما تركيز ، ولم ألتقط أنفاسي وأسترجع وعيي إلا عندما ابتعدنا عن تلك المنطقة المشئومة .. وقفت انا مع اثنين من ابناء القرية مدهوشين .. هل ما حصل قبل قليل حقيقة ! ألم يكن حلماً ؟ هل يوجد بشر مثل هؤلاء ليس عندهم قلوب أبداً ؟

وصلنا ثلاثتنا الى الفريق الجديد ، وما ان دخلنا على الشارع الطويل الذي يصل الى الشارع العمومي حتى تراجعنا مرة ثانية بسرعة قبل ان يلتفت إلينا أحد .. لماذا ؟

لم تصدق أعيننا ما شاهدته ... فكان ذلك الشارع الطويل ممتلأ بالسيارات والمدرعات وقوات الشغب بأعداد لا يتصورها أحد .. عندها سلمنا امرنا لله وعبرنا ذلك الشارع واحد تلو الآخر ونحن ملتصقين بالجدار قلقين ان يرانا احد فتكون نهايتنا ...

بعدها مشينا قليلا .. ووصلنا الى داخل الفريق ، ونحن نتمشى واذا بسيارة ( رنج روفر ) نتفاجأ بها وهم يتفاجأون بنا ! فبدأت المطاردة حول ذلك المنزل معهم ، فكنا ندور حول البيت وهم يدورون ورائنا .. الى ان قررنا الجري عند نقطة معينه .. ولا انسى ذلك الجري الذي جريته .. فلا اظن انني ركضت بهذه السرعة من قبل .. فانطلقنا كالصواريخ ونحن نقول يا علي .. وعند اول باب من الشقق الموجودة دخلنا فيها ولم نتوقف الا في الطابق الاخير .. ونحن نسمع صوت صديقنا الثالث وهو يركض ويصرخ ( نعلكم الله يا شغب ) ! فخفنا انهم مسكوا به ولكن الحمد لله لم يمسكو به ...

جلسنا فوق في الطابق الاخير ، اذ كان باب السطح مقفلا ,, وكان صديقي ينزف دما من رأسه ويده .. وكان قميصه ملطخ بالدماء بشكل واضح .. جلسنا هناك نفكر فيما سنفعل ونحن مرتبكين .. اذ نسمع أصوات الطلقات وسيارات الشغب تجوب المكان .. كنا نتوقع الهجوم علينا في أي لحظه .. وبعد قليل سمعنا صوت الطائرة تحوم حول المكان ...

جلسنا هناك حوالي الساعة ان لم تخني الذاكرة .. وبعد ان سكن الوضع ، قررنا النزول وامرنا الى الله .. فما ان نزلنا على الدرج حتى شاهدتنا امرأة واندهشت عندما شاهدت الدماء على قميص صديقي ! وقالت تعال لأبدل لك القميص .. ولكنه شكرها وواصلنا المسير الى ان استطعنا اللجوء الى أحد المنازل المجاورة ..

فكان ذلك المنزل وكأنه اسعاف .. فكانت هناك تجري عمليات اخرج ( الصجم ) من اجساد الموجودين .. وبعد قليل سمعنا صوت درس القرآن .. فقلقنا .. فتارة يقولون انه درس المدرسة ! وتارة يقال انه درس المقبرة ... وبعد فترة وصلنا خبر استشهاد الشهيد محمد جعفر .. فكان الخبر صدمة كبيرة بالنسبة لي .. اذ انني شاهدته قبل اشتهاده بقليل ..

في الظهر اوصلوني الى منزلي الذين كانوا قلقين علي ، وظنوا ان الشرطة ألقت القبض علي ، ثم اخبروني باستشهاد الشهيد الثاني محمد علي ! فصدمت الصدمة الثاني ولم أصدق !!

هذه نهاية حكايتي في ذلك اليوم المشئوم .. ولكنها بالطبع ليست نهاية الحادثة .. فنهاية هذه الحادثة سوف تسجلها الاجيال القادمة ان شاء الله عندما تثأر لدماء الشهداء وتأخذ القصاص ممن قتلهم .. وتحصل على حقوقها التي ناضلت وقدمت الدماء من اجلها .. عندما يتحقق ذلك .. يكون ختام هذه الحادثة .

(( إن أمة لا تحي
ذكرى
شهدائها .. أمة لا تستحق الحياة ))

رحم الله من قرأ سورة الفاتحة للشهداء جميعاً .. ولا تنسوا شيخنا الكبير أبو جميل من الدعاء ..

والسلام عليكم ..




من مواضيع : ارض النجف 0 الصور الاحداث اليوم في البحرين وقوات الجيش
0 من البحرين الجريحة .. للنشر
0 تغطية مصورة : آلاف المواطنين يعتصمون أمام دوار اللؤلؤ في هذه الأثناء
0 أسماء فدائيي صدام الذين جنسوا في البحرين
0 عاجل : رسالة المستشار صلاح البندر للطاغية حمد بن عيسى وازلامه
رد مع اقتباس