لقد جعل بعضهم لـ(عبد الله بن سبأ) شخصية أسطورية خارقه استطاعت أن تؤثر في كبار الصحابة المتصدين لمعارضة سياسة عثمان مثل أبو ذر وعمار... فهل يعقل إن يهودياً حديثٌ إسلامه يخترق كياناً إسلامياً وينفث فيه أفكاره اليهودية ليأسس مذهباً في زمن يتواجد فيه عدد كبير من الصحابة مثل الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأبا ذر وعمار بن ياسر وأبو الدرداء وغيرهم...!!
• سياسة البلاط:
لقد أنتج بلاط الردة الكثير من النصال التي أدمت كبد الإسلام وكادت أن تمزق جسده المقدس من خلال النيل من رجالاته وتحريف الكلم عن موضعه وتسخير الأجواء لوضع الأحاديث عن النبي بما يوافق سياسة (بلاط الطلقاء) فكان (عبد الله بن سبأ) أحد نتاجات ذلك الخيال الخصب بالأحقاد ليخرجوا الناس من خلاله عن طريق الصواب إلى الظلال.
• شهادة صحابي جليل:
وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل علي (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله) والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة فكان الصحابة إذا اقبل علي (عليه السلام) يقولون: قد جاء خير البرية(4).
هذه الرواية وغيرها من الروايات المعتبرة تؤكد على ظهور التشيع في زمان الرسول (صلى الله عليه وآله) وهو براءٌ مما ينسبونه إلى السبئية المزعومة، فأن هذا الهراء لم يعد يجدي للتظليل على الحقائق لحجب نور الله في أهل البيت صلوات الله عليهم وقد رد على قولتهم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء بقوله:
(عبد الله بن سبأ الذي يلصقونه بالشيعة أو يلصقون الشيعة به.. فهذه كتب الشيعة بأجمعها تعلن لعنه والبراءة منه وأخف كلمه تقولها كتب الشيعة في حقه ويكتفون بها في ترجمة حاله عند ذكره هكذا (عبد الله بن سبأ ألعن من أن يذكر...)(5).
والغريب إن جميع الكتب التاريخية ترجع إلى راوي منفرد في خبر ابن سبأ وهو (سيف بن عمر) المتهم بالزندقة والأكاذيب ولم يأخذ الكثير من علماء السنة بروايته لأنه ليس بالثقة متروك عندهم ولكن تراهم يرجعون إليه في إثبات شخصية بن سبأ ليصح أليس بالثقة الضعيف الحديث إلى رجل من الثقات عند روايته عن عبد الله بن سبأ...!!(6).
• تضادٌ تأريخي
لكي نتعرف على هذا التضاد نلخص ما تقدم بما يلي:
1- من عجيب الروايات إن ابن سبأ هذا هو رأس الخوارج في زمن الإمام علي (عليه السلام) ودخل في حروب عديدة مع أمير المؤمنين... فكيف مثل هذا يصح مؤسساً للمذهب الشيعي..!!؟
2- كان على المؤرخين أن يحسنوا في بلوغ المرمى بتقصيهم عن الحقائق والا كيف باليهودي حديث العهد بالإسلام يؤله علياً، قاهر جبروتهم