|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 7251
|
الإنتساب : Jul 2007
|
المشاركات : 5,502
|
بمعدل : 0.85 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
عاشق الزهراء
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
معوقات الإبداع في الأسرة
بتاريخ : 22-06-2009 الساعة : 06:16 PM
الأسرة هي المؤسسة الاجتماعية الأساسية التي تتحمل المسؤولية الأولى في تنشئة الأبناء ورعايتهم. ويتفق الباحثون وعلماء النفس على أن الأسرة هي أهم عوامل التنشئة الاجتماعية للطفل، وهي الأقوى تأثيراً في شخصية الطفل وطباعه، ومن خلالها يكتسب الطفل السلوك الاجتماعي، ومعظم القيم الأخلاقية والعادات التي تحدد سلوكه، وتتحكم في تصرفاته وتطبعه بطابع معين قد يلازمه طوال حياته.
وتلعب التنشئة الأسرية دوراً حاسماً في تنمية القدرات الحركية والقدرات العقلية والخصائص النفسية للطفل، وعليها يتوقف معدل النمو في هذه الجوانب بغض النظر عن مستوى الاستعدادات أو القدرات الموروثة لدى الطفل، ذلك أن معاملة الوالدين لأبنائهم تحدد درجة إشباعهم لحاجاتهم النفسية (مثل الشعور بالأمن وحب الاستطلاع والحاجة للإنجاز والحاجة للاستقلالية)، وحاجاتهم الاجتماعية (الحب والتقبل والتقدير والانتماء) وحاجاتهم الجسمية (الغذاء والحركة واللعب).
لقد أثبتت الدراسات أن العلاقات الأسرية عامل حاسم في تشكيل اتجاهات الطفل الصغير نحو ذاته ونحو الآخرين ونحو الحياة بوجه عام، كما أظهرت أن فقدان الأمن العاطفي يؤدي إلى تأخر نضج الطفل من النواحي النفسية والعقلية، وأن فقدان الحب والحنان في العلاقة مع الوالدين يؤدي إلى اضطرابات انفعالية ومشكلات سلوكية، وأن الحرمان يؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس. وبشكل عام يمكن القول بأن الصحة النفسية للأبناء في مراحل نموهم المختلفة ترتبط بنوعية العلاقة والتفاعل بين أفراد الأسرة التي ينشأون فيها.
إن القسوة في التعامل مع الأطفال أو الخبرات غير السارة التي مروا بها قد تؤدي إلى حدوث تغيرات دائمة وضارة في تركيب المخ. ويترتب على هذه التغيرات حدوث مشكلات سلوكية وصعوبات في التعلم والنمو لدى هؤلاء الأطفال. وقد توصل باحثون من جامعة هارفرد إلى أن حجم الحزمة العصبية التي تربط بين نصفي المخ، وتنقل المعلومات بينهما، أصغر لدى الأطفال الذين تعرضوا للأذى البدني أو الجنسي أو الإهمال من قبل الوالدين بمقدار 40%، مقارنة مع متوسط حجم المخ لدى الأطفال الذين لم يتعرضوا لمثل هذه الخبرات (العمر، 2001)، كما أن الضغوط النفسية التي قد يتعرض لها الأطفال نتيجة الظروف الأسرية الصعبة (مثل الطلاق أو وفاة أحد الوالدين أو سوء الأحوال الاقتصادية...) قد تصبح حالة مزمنة يرافقها مشكلات تكيفيه حادة مثل العصبية، والحركة الزائدة، والعدوانية، والانسحاب والضجر، وفقدان الدافعية، وتدني مستوى التحصيل الدراسي، بالإضافة إلى مشكلات مرضية كآلام الرأس والبطن التي لا يعرف لها أسباب عضوية ظاهرة.
ونورد فيما يأتي أبرز معوقات الإبداع في الأسرة:
1. تدني المستوي الاقتصادي
تعاني نسبة كبيرة من الأسر العربية من سوء الأوضاع الاقتصادية وخاصة في الدول العربية ذات الكثافة السكانية. وتشير المعلومات المتوافرة حول الأوضاع الاقتصادية للدول العربية إلى تدني مستوى الدخل السنوي للفرد في عدد كبير من الدول العربية.
يضاف إلى ذلك الآثار السلبية الناجمة عن تأثير الأوضاع الاقتصادية للأسرة على النواحي الغذائية والصحية والسكنية التي تستطيع توفيرها لأبنائها، وهي في مجملها دون المستوى المطلوب لتحقيق النمو المتوازن والسوي لشخصية الطفل العادي والموهوب.
2. النسبة المرتفعة للأمية
يقدر عدد الأميين في الدول العربية بحوالي 68 مليونا، وتبلغ نسبة الأمية بين الذكور حوالي 24% وبين الإناث حوالي 46% (مؤشرات التنمية الدولية، 2001). وإذا كنا نتحدث عن الأمية الهجائية المستشرية في الدول العربية الأكثر تعداداً للسكان، فلا نملك أن نتجاهل الحاجة لمعالجة الأمية الثقافية والأمية المعلوماتية التي تفوق نسبها بكثير نسبة الأمية الهجائية. إن ارتفاع نسبة الأمية بين الآباء والأمهات من شأنه تحديد فرص الأطفال الموهوبين من حيث تفهم احتياجاتهم وتعزيز دافعيتهم للتعلم من قبل الوالدين، ناهيك عن فقر بيئتهم الثقافية واللغوية. وتتفاقم الصعوبات التي يواجهها الطفل الموهوب إذا أخذنا بالاعتبار النسبة المرتفعة للأمية بين الأمهات اللاتي يتحملن المسؤولية الأولى عن تربية الأبناء، استنادا للعادات الشائعة في المجتمعات العربية. كما أن التوصيف النمطي لأدوار كل من الذكور والإناث يرتبط بدرجة أكبر مع مستوى تعليم الوالدين وطبيعة البيئة الأسرية التي ينشأ فيها الطفل.
3. أحادية المسؤولية في تربية الأبناء
تسود في معظم المجتمعات العربية اتجاهات ترسخت عبر السنين حول الأدوار المنوطة بالذكور والإناث في الأسرة والمجتمع بصورة عامة. فالأمهات هن المسئولات عن رعاية الأبناء وتربيتهم، بينما الآباء يتحملون مسؤولية العمل لإعالة الأسرة، وذلك على الرغم من تزايد أعداد الأمهات العاملات في مختلف مجالات العمل. إن تحميل الأم مسؤولية تربية الأبناء وعدم المشاركة الفاعلة من قبل الأب ممارسة تنعكس بصورة سلبية على التنشئة الاجتماعية للأبناء ذكورا كانوا أو إناثا لأنها تقدم نموذجا نمطيا لأدوار الرجل والمرأة في الأسرة والمجتمع، وقد يترتب عليها مشاحنات وتوترات في العلاقات الأسرية خاصة إذا كان حجم الأسرة كبيرا وكانت الأم عاملة.
إن المفاضلة بين دور الأب ودور الأم في تربية الأبناء غير ممكنة، وذلك لأن كلا منهما يقوم بدور مكمل للدور الذي يقوم به الآخر، ولا يغني وجود أحدهما عن الآخر سواء بالنسبة للأبناء أو البنات. وقد أشارت بعض الدراسات إلى تفوق الأطفال الذين يتعاون الآباء والأمهات في تربيتهم على الأطفال الذين تتولى الأمهات رعايتهم في التحصيل الدراسي والدافعية للإنجاز وحب الاستطلاع ومفهوم الذات والإبداع، كما تفوقوا عليهم في مستوى النضج الاجتماعي والانفعالي.
وفسر الباحثون هذا التفوق على أساس الأثر الإيجابي الذي يترتب على تعاون الآباء مع الأمهات. حيث أن هذا التعاون يساعد الأبناء على إشباع حاجات لا يشبعونها إلا مع آبائهم، ويقدم دعماً نفسياً للأم يرفع من كفاءتها في التعامل مع أبنائها ورعايتهم.
المصدر: كتاب الإبداع.. مفهومه.. معاييره
|
|
|
|
|