|
الادارة
|
رقم العضوية : 84
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 39,169
|
بمعدل : 5.73 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ربيبة الزهـراء
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 19-08-2009 الساعة : 01:41 AM
رابع اهل الكساء
علي بن الحسين السجاد عليهما السلام
جده: أمير المؤمنين (عليه السلام).
أبوه: الحسين الشهيد
أمه: شاه زنان ـ أي ملكة النساء ـ بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى، ملك الفرس،
سماها أمير المؤمنين (عليه السلام) مريم وقيل: فاطمة وكانت تدعى سيدة النساء.
إخوته: علي الأكبر، عبد الله الرضيع ـ الشهيدان في كربلاء ـ جعفر.
أخواته: سكينة، فاطمة، رقية
ولادته: ولد في المدينة يوم الجمعة خامس شعبان سنة 38
ولادته المباركة: أشرقت الدنيا بولادة الإمام زين العابدين (عليه السلام) الذي فجر ينابيع العلم والحكمة في الأرض، وقدم للناس بسيرته أروع الأمثلة والدروس في نكران الذات، والتجرد عن الدنيا، والانقطاع إلى الله.
وقد استقبلت الأسرة النبوية بمزيد من الأفراح والمسرات هذا الوليد المبارك الذي بشر به النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد شملت الابتهاجات جميع من يتصل بأهل البيت من الصحابة وأبنائهم، وقد ولد - فيما يقول بعض المؤرخين - ضعيفاً نحيفاً، يقول السيد عبد العزيز سيد الأهل: (لقد ولد ضعيفاً نحيفاً تلوح في نظراته ومضات خافتة، وكأنها ومضات هم منطفئ، وما لبثت هذه الومضات المكسورة أن دلت فإنما تدل على حزن قادم يوشك أن يقع...) لقد رافقته الخطوب وصاحبته الآلام منذ ولادته فقد اختطفت يد المنون أمه الزكية، وهو في المهد، وتتابعت عليه المحن بعد ذلك يتبع بعضها بعضاً، فلم يبتل أي إنسان بمثل ما أبتلي به هذا الإمام العظيم.
مراسيم الولادة:
وسارع الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أو ولده الإمام الحسين (عليه السلام) إلى إجراء مراسيم الولادة الشرعية على الوليد المبارك فأذن في أذنه اليمنى أقام في اليسرى، وقد أقام بذلك في قلبه معبداً ينبض بأحاسيس التقوى والصلاح، فكانت نغماً حياً يسيره نحو البر والعمل الصالح.
إن أول ما استقبل به الإمام زين العابدين في هذه الحياة، هو صوت (الله أكبر) وقد طبع في قلبه ومشاعره، وصار في ذاتياته ومقوماته وفي اليوم السابع مع ولادته عق عنه أبوه بكبش، وحلق رأسه، وتصدق بزنته فضة أو ذهباً على المساكين عملاً بالسنة الإسلامية المقدسة.
مكان الولادة:
واختلف المؤرخون في المكان الذي حظي بولادة الإمام زين العابدين عليه السلام، وفيما يلي ما ذكروه.
(أ) أنه ولد في الكوفة.
(ب) كانت ولادته في يثرب.
والذي أراه أن ولادته كانت في الكوفة، وذلك لما أجمع عليه الرواة والمؤرخون أنه ولد قبل وفاة جده أمير المؤمنين (عليه السلام) بسنتين ومن المقطوع به أن الإمام الحسين وأفراد عائلته كانوا مع الإمام أمير المؤمنين في الكوفة، ولم يقم أي أحد منهم في يثرب طيلة خلافته.
الزمان:
وتضاربت أقوال المؤرخين في الزمان الذي كانت فيه ولادة الإمام، وفيما يلي ما ذكروه:
(أ) ولد في اليوم الخامس من شعبان سنة (38 هـ)(5) وذلك في يوم الخميس.
(ب) ولد في يوم الجمعة لتسع خلون من شعبان سنة (38 هـ).
(ج) ولد في النصف من جمادى الأولى سنة (38 هـ).
(د) ولد يوم الجمعة 26 جمادى الآخرة سنة (38 هـ).
(هـ) ولد في شهور سنة (33 هـ)(10) وهذا القول شاذ ومخالف لما أجمع عليه الرواة والمؤرخون من أن ولادته كانت سنة (38 هـ).
والمشهور عند الإمامية هو القول الأول، فإنهم يقيمون مهرجاناتهم العامة إحياء لذكرى ولادته في اليوم الخامس من شعبان.
صفاته الجسمية:
أما صفاته وملامحه الجسمية فقد ذكر المؤرخون أنه كان أسمر قصيراً نحيفاًورقيقاً، وكان كلما تقدمت به السن ازداد ضعفاً وذبولاً، وذلك لكثرة عبادته، وقد أغرقته في الأحزان والآلام مذبحة كربلاء، فقد ظلت أهوالها تلاحقه حتى لحق بالرفيق الأعلى.
هيبته ووقاره:
أما هيبته فتعنو لها الوجوه والجباه، فكانت تعلو على أسارير وجهه أنوار الأنبياء، وهيبة الأوصياء، ووصف شاعر العرب الأكبر الفرزدق في رائعته هيبة الإمام بقوله:
يكــــاد يمسكــــــه عرفان راحته***ركـــن الحطيم إذا ما جاء يستلم
يغضي حياءً ويغضى من مهابته***فـــلا يكـــــلم إلا حــــــين يبـتسم
ويقول الشيخاني القادري: وكان لا تشبع من رؤية صباحة وجهه عين الناظر لقد كانت هيبته تحكي هيبة جده الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله، وقد بهر بها المجرم السفاح مسلم بن عقبة الذي استهان بجميع القيم والمقدرات فحينما رأى الإمام ارتعدت فرائصه، وقابله بمزيد من العناية والتكريم وقال لمن حوله: إن على زين العابدين سيماء الأنبياء
كنيته: أبو محمد
ألقابه: زين العابدين، سيد الساجدين، سيد العابدين، الزكي، الأمين، ذو الثفنات.
أشهر زوجاته: فاطمة بنت الإمام الحسن السبط.
أولاده: محمد أبو جعفر الباقر (عليه السلام) عبد الله، الحسن، الحسين، زيد، عمر، الحسين الأصغر، عبد الرحمن، سليمان، علي محمد الأصغر.
بناته: خديجة، أم كلثوم، فاطمة، علية
نقش خاتمه: وما توفيقي إلا بالله.
شاعره: الفرزدق، كثير عزة
شهد مأساة كربلاء، وواكب مسير العائلة بعد الفاجعة إلى الكوفة، ومنها إلى الشام.
بوابه: أبو جبلة، أبو خالد الكابلي، يحيى المطعمي
كانت إقامته (عليه السلام) في المدينة، وكان فيها المفزع للمهمات، يفيض على الأمة علماً وسخاءاً.
إمامته: عاش بعد أبيه الحسين (عليه السلام) أربعاً وثلاثين سنة، وهي مدة إمامته (عليه السلام).
ملوك عصره: يزيد بن معاوية، معاوية بن يزيد، مروان بن الحكم، عبد الملك بن مروان، الوليد بن عبد الملك.
آثاره: الصحيفة السجادية، رسالة الحقوق.
مقتله : سمه الوليد بن عبد الملك بن مروان.
وفاته: وتوفي في الخامس والعشرين من المحرم سنة 95
قبره: دفن في البقيع مع عمه الحسن (عليه السلام).
هدم قبر: في الثامن من شوال سنة 1344هـ هدم الوهابيون قبره، وقبور بقية الأئمة (عليهم السلام).
نسبه :
هو الإمام علي بن الحسين بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
وفيه يقول أبو الأسود الدؤلي:
لأكــرم مــن نيـــطت علـيه التمائم
وإن غــلاماً بين كســـرى وهاشــــم
أسماؤه وكناه :
الشيء المحقق الذي أجمع عليه المؤرخون والرواة هو أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) قد سمى حفيده بعلي بن الحسين، ولقبه بزين العابدين، وذلك قبل أن يخلق بعشرات السنين، وكان ذلك من العلامات الباهرة لنبوته... وقد تظافرت الأخبار بنقل ذلك عنه، وهذه بعضها...
1- روى الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري قال كنت جالساً عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) والحسين في حجره، وهو يداعبه، فقال (صلى الله عليه وآله) يا جابر يولد له مولود اسمه (علي) إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيد العابدين، فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمد، فإن أدركته يا جابر فأقرئه مني السلام...
وأذاع جابر هذا الحديث كما أنه أدرك الإمام محمد الباقر (عليه السلام) وبلغه هذه التحية من جده الرسول (صلى الله عليه وآله) فتلقاها الإمام بمزيد من الغبطة والسرور.
2- روى الحافظ ابن عساكر بسنده عن سفيان بن عيينة عن ابن الزبير قال: كنا عند جابر فدخل عليه علي بن الحسين، فقال له جابر: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخل عليه الحسين فضمه إليه، وقبله، وأقعده إلى جنبه، ثم قال (صلى الله عليه وآله): يولد لابني هذا ابن يقال له: علي بن الحسين إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش ليقم سيد العابدين فيقوم هو.
3- روى سعيد بن المسيب عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين؟ فكأني انظر إلى ولدي علي بن الحسين يخطر بين الصفوف... هذه بعض النصوص التي أثرت عن النبي (صلى الله عليه وآله) في تسميته لحفيده بعلي ومنحه بلقب زين العابدين، كما فيها الإشادة بأهميته ومكانته عند الله تعالى.
مع ابن تيمية:
وأنكر ابن تيمية تسمية النبي (صلى الله عليه وآله) لولده علي بهذه الاسم، وقال: هذا شيء لا أصل له، ولم يروه أحد من أهل العلم. وقد أغمض ابن تيمية عينيه عما ذكره الحفاظ وأعلام المؤرخين والرواة في ذلك.. ولكن الرجل قد مني بالانحراف عن الحق فأعلن العداء لأهل البيت عليهم السلام الذين الزم الله بمودتهم، وجعلهم الرسول (صلى الله عليه وآله) سفن النجاة وأمن العباد، وقد تنكر لكل فضيلة من فضائلهم، وجحد كل ما يرويه الحفاظ من مآثرهم.
كناه:
وكني الإمام زين العابدين (عليه السلام) بما يلي:
(أ) أبو الحسين.
(ب) أبو الحسن.
(ج) أبو محمد.
(د) أبو عبد الله.
(هـ) أبو القاسم.
(و) أبو بكر.
ألقابه:
أما ألقابه الشريفة فهي تحكي نزعاته الخيرة، وما اتصف به من محاسن الصفات ومكارم الأخلاق، وعظيم الطاعة والعبادة لله، وهذه بعضها:
1- زين العابدين:
وأضفى عليه هذا اللقب جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) - كما تقدم - وإنما لقب به لكثرة عبادته وقد عرف بهذا اللقب، واشتهر به، حتى صار اسماً له، ولم يلقب به أحد سواه، وحقاً أنه كان زيناً لكل عابد وفخراً لكل من أطاع الله.
2- سيد العابدين:
من ألقابه البارزة (سيد العابدين) وذلك لما ظهر منه من الانقياد والطاعة لله، فلم يؤثر عن أي أحد من العبادة مثل ما أثر منه عدا جده الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
3- ذو الثفنات:
لقب بذلك لما ظهر على أعضاء سجوده من شبه ثفنات البعير وذلك لكثرة سجوده فقد كان من أكثر الناس سجوداً لله تعالى وطاعة له، وحدث الإمام أبو جعفر محمد الباقر عليه السلام عن كثرة سجود أبيه قال: إن علي بن الحسين ما ذكر الله عزّ وجلّ نعمة عليه إلا سجد، ولا قرأ أية من كتاب الله عزّ وجلّ فيها سجود إلا سجد، ولا دفع الله عنه سوءً يخشاه إلا سجد ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمي السجاد لذلك ونظم ابن حماد كثرة سجود الإمام وعبادته بهذه الأدبيات الرقيقة:
وراهب أهل البيت كان ولم يزل يـــــلقب بالسجـــــاد حيــن تعبده
يقضي بطول الصوم طول نهاره منيــــــباً ويقــــضي ليله بتهجده
فأيـــــــن به مــن علمه ووفائه وأين به من نسكه وتعبده
5- الزكي:
لقب بالزكي لأن الله زكاه وطهره من كل دنس كما زكى آباءه الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
6- الأمين:
من ألقابه الشريفة التي عرف بها (الأمين) فقد كان المثل الأعلى لهذه الصفة الكريمة، وقد قال (ع): (لو أن قاتل أبي أودع عندي السيف الذي قتل به أبي لأديته إليه).
7- ابن الخيرتين:
من ألقابه التي أشتهر بها (ابن الخيرتين) وكان يعتز بهذا اللقب ويقول: أنا أبن الخيرتين، إشارة لقول جده رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لله تعالى من عباده خيرتان، فخيرته من العرب هاشم ومن العجم فارس) ونسب الشبراوي إليه هذه الأبيات التي ذكر فيها اعتزازه بهذا اللقب:
خيـــــرة الله مـــــن الخـــــلق أبي بعـــــد جـــــدي وأنا ابن الخيرتين
فضة قد صيغـــــت مـــــن ذهــــب فأنـــــا الفـــــضة ابــــــن الذهبين
من له جد كــــجدي في الـــــورى أو كـــــأبي وأنـــــا ابـــن القمرين
فـــــاطمة الـــــزهراء أمـي وأبي قاصم الكـــــفر بـــــبدر وحنـــــيــن
ولـــــه فـــــي يـــــوم أحــــد وقعة شفت الغل بعض العسكرين
وأكبر الظن أن هذه الأبيات ليست للإمام زين العابدين، وإنما قيلت على لسان أبيه كما هي صريحة في ذلك.
هذه بعض ألقابه، وذكرت له ألقاب أخرى ، وهي تنم عما اتصف به من الصفات الرفيعة والنزعات العظيمة، منها كما في العوالم ج 18 :
9-السجاد.
10-البكاء.
11-الزاهد.
12-العدل.
13-الخاشع.
14-أبو الأئمة.
15-الخالص.
16-الرهباني
17-وصي الوصيين.
18-العابد.
19- وارث علم النبيين.
20-إمام الأئمة.
21- خازن وصايا المرسلين.
22- سيد الساجدين.
23- منار القانتين.
24-إمام المؤمنين.[/COLOR]
العلة التي من أجلها سمي علي بن الحسين (عليه السلام) ذا الثفنات :
عن محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال كان لأبي (عليه السلام) في موضع سجوده آثار ناتية وكان يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات، فسمي ذا الثفنات لذلك.
العلة التي من أجلها سمي علي بن الحسين (عليه السلام) السجاد :
قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) إن أبي علي بن الحسين (عليه السلام) ما ذكر نعمة الله عليه إلا سجد، ولا قرأ آية من كتاب الله عز وجل فيها سجود إلا سجد ولا دفع الله تعالى عنه سوء يخشاه أو كيد كايد إلا سجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد، ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع جسده فسمي السجاد لذلك.
العلة التي من أجلها سمي علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) :
• عن عمران بن سليم قال: كان الزهري إذا حدث عن علي بن الحسين عليهما السلام قال حدثني زين العابدين علي بن الحسين، فقال له سفيان بن عيينة: ولم تقول له زين العابدين؟ قال: لأني سمعت سعيد بن المسيب يحدث ابن عباس، إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين فكأني أنظر إلى ولدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يخطو بين الصفوف.
• عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ينادي مناد يوم القيامة أين زين العابدين، فكأني أنظر إلى علي بن الحسين (عليه السلام) يخطو بين الصفوف.
• عن سفيان بن عيينة قال: قيل للزهري من أزهد الناس في الدنيا؟ قال: علي بن الحسين عليهما السلام حيث كان وقد قيل له فيما بينه وبين محمد بن الحنفية من المنازعة في صدقات علي بن أبي طالب (عليه السلام) لو ركبت إلى الوليد بن عبد الملك ركبة لكشف عنك من غرر شره وميله عليك بمحمد فأن بينه وبينه خلة، قال: وكان هو بمكة والوليد بها فقال: ويحك أفي حرم الله أسأل غير الله عز وجل، إني آنف لمن أسأل الدنيا خالقها فكيف أسألها مخلوقاً مثلي وقال الزهري لأجرم أن الله تعالى ألقى هيبته في قلب الوليد حتى حكم له على محمد بن الحنفية.
• عن سفيان بن عيينة قال: قلت للزهري لقيت علي بن الحسين (عليه السلام)؟ قال: نعم لقيته وما لقيت أحد أفضل منه والله ما علمت له صديقاً في السر ولا عدواً في العلانية فقيل له وكيف ذلك؟ قال: لأني لم أر أحداً وإن كان يحبه إلا وهو لشدة معرفته يحسده ولا رأيت أحداً وإن كان يبغضه إلا وهو لشدة مداراته له يداريه.
• عن سفيان بن عيينة قال: رأى الزهري علي بن الحسين ليلة باردة مطيرة وعلى ظهره دقيق وحطب وهو يمشي فقال له: يابن رسول الله ما هذا؟ قال: أريد سفراً أعد له زاداً أحمله إلى موضع حريز فقال الزهري: فهذا غلامي يحمله عنك فأبى، قال: أنا أحمله عنك، فإني أرفعك عن حمله، فقال علي بن الحسين: لكني لا أرفع نفسي عما ينجيني في سفري ويحسن ورودي على ما أرد عليه أسألك بحق الله لما مضيت لحاجتك وتركتني، فانصرفت عنه، فلما كان بعد أيام قلت له: يابن رسول الله لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثراً قال: بلى يا زهري، ليس ما ظننته ولكنه الموت، وله كنت أستعد، إنما الإستعداد للموت تجنب الحرام وبذل الندى والخير.
• عن إسماعيل بن المنصور، قال: لما وضع علي بن الحسين (عليه السلام) على السرير ليغسل نظر إلى ظهره وعليه مثل ركب الإبل مما كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين.
• عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إني رأيت علي بن الحسين (عليه السلام) إذا قام في الصلاة غشى لونه لون آخر، فقال لي: والله إن علي بن الحسين كان يعرف الذي يقوم بين يديه.
• عن أبي حمزة الثمالي قال: رأيت علي بن الحسين عليهما السلام يصلي فسقط رداؤه عن أحد منكبيه فقال: فلم يسوه حتى فرغ من صلاته قال: فسألته عن ذلك فقال: ويحك أتدري بين يدي من كنت إن العبد لا يقبل من صلاته إلا ما أقبل عليه منها بقلبه وكان علي بن الحسين عليهما السلام ليخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير والدراهم حتى يأتي باباً باباً فيقرعه ثم يناول من يخرج إليه فلما مات علي بن الحسين عليهما السلام فقدوا ذلك فعلموا أن علي بن الحسين عليهما السلام الذي كان يفعل ذلك.
• عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه قال: سألت مولاة لعلي بن الحسين (عليه السلام) بعد موته فقلت صفي لي أمور علي بن الحسين (عليه السلام) فقالت: أطنب أو اختصر؟ فقلت: بل اختصري قالت: ما أتيته بطعام نهاراً قط ولا فرشت له فراشاً بليل قط.
• عن عبد العزيز بن أبي حازم قال: سمعت أبا حازم يقول: ما رأيت هاشمياً أفضل من علي بن الحسين وكان (عليه السلام) يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة حتى خرج بجبهته وآثار سجوده مثل (كركرة البعير).
اغتياله بالسم:
كان الإمام يتمتع بشعبية هائلة، فقد تحدث الناس - بإعجاب - عن علمه وفقهه وعبادته، وعجبت الأندية بالتحدث عن صبره، وسائر ملكاته، وقد احتل قلوب الناس وعواطفهم، فكان السعيد من يحظى برؤيته، والسعيد من يتشرف بمقابلته والاستماع إلى حديثه، وقد شق ذلك على الأمويين، وأقضّ مضاجعهم وكان من أعظم الحاقدين عليه الوليد بن عبد الملك، فقد روى الزهري أنه قال: (لا راحة لي، وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا) وأجمع رأي هذا الخبيث الدنس على اغتيال الإمام حينما آل إليه الملك والسلطان، فبعث سماً قاتلاً إلى عامله على يثرب، وأمره أن يدسه للإمام ونفذ عامله ذلك، وقد تفاعل السم في بدن الإمام، فأخذ يعاني أشد الآلام وأقساها، وبقي حفنة من الأيام على فراش المرض يبث شكواه إلى الله تعالى، ويدعو لنفسه بالمغفرة والرضوان، وقد تزاحم الناس على عيادته، وهو (عليه السلام) يحمد الله، ويثني عليه أحسن الثناء على ما رزقه من الشهادة على يد شر البرية.
وصاياه لولده الباقر:
وعهد الإمام زين العابدين إلى ولده الإمام محمد الباقر (عليهما السلام) بوصاياه، وكان مما أوصاه به ما يلي:
1- أنه أوصاه بناقته، فقال له: إني حججت على ناقتي هذه عشرين حجة لم أقرعها بسوط، فإذا نفقت فادفنها، لا تأكل لحمها السباع، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج إلا جعله الله من نعم الجنة، وبارك في نسله ونفذ الإمام الباقر ذلك.
2- أنه أوصاه بهذه الوصية القيمة التي تكشف عن الجوانب المشرقة من نزعات أهل البيت (عليهم السلام) فقد قال له: (يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة، فقد قال لي: يا بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله).
3- أنه أوصاه أن يتولى بنفسه غسله وتكفينه وسائر شؤونه حتى يواريه في مقره الأخير.
إلى جنة المأوى:
وثقل حال الإمام، واشتد به المرض، وأخذ يعاني آلاماً مرهقة، فقد تفاعل السم مع جميع أجزاء بدنه، وأخبر الإمام أهله أنه في غلس الليل البهيم سوف ينتقل إلى الفردوس الأعلى، وأغمي عليه ثلاث مرات، فلما أفاق قرأ سورة الفاتحة وسورة (إنا فتحنا) ثم قال (عليه السلام): (الحمد لله الذي صدقنا وعده، وأورثنا الجنة نتبوأ منها حيث نشاء فنعم أجر العاملين).
وارتفعت روحه العظيمة إلى خالقها كما ترتفع أرواح الأنبياء والمرسلين، تحفها بإجلال وإكبار ملائكة الله، وألطاف الله وتحياته.
لقد سمت تلك الروح العظيمة إلى خالقها بعد أن أضاءت آفاق هذه الدنيا بعلومها وعبادتها وتجردها من كل نزعة من نزعات الهوى.
تجهيزه:
وقام الإمام أبو جعفر الباقر بتجهيز جثمان أبيه، فغسل جسده الطاهر، وقد رأى الناس مواضع سجوده كأنها مبارك الإبل من كثرة سجوده لله تعالى، ونظروا إلى عاتقه كأنه مبارك الإبل، فسألوا الباقر عن ذلك، فقال أنه من أثر الجراب الذي كان يحمله على عاتقه، ويضع فيه الطعام، ويوزعه على الفقراء والمحرومين وبعد الفراغ من غسله أدرجه في أكفانه، وصلى عليه الصلاة المكتوبة.
تشييعه:
وجرى للإمام تشييع حافل لم تشهد يثرب له نظيراً فقد شيعه البر والفاجر، والتفت الجماهير حول النعش العظيم والهين جازعين في بكاء وخشوع، وإحساس عميق بالخسارة الكبرى، فقد فقدوا بموته الخير الكثير، وفقدوا تلك الروحانية التي لم يخلق لها مثيل لقد عقلت الألسنة، وطاشت العقول بموت الإمام، فازدحم أهالي يثرب على الجثمان المقدس فالسعيد من يحظى بحمله، ومن الغريب أن سعيد بن المسيب أحد الفقهاء السبعة في المدينة لم يفز بتشييع الإمام والصلاة عليه، وقد أنكر عليه ذلك حشرم مولى أشجع، فأجابه سعيد: أصلي ركعتين في المسجد أحب إلي من أن أصلي على هذا الرجل الصالح في البيت الصالح. وهو اعتذار مهلهل فإن حضور تشييع جنازة الإمام (عليه السلام) الذي يحمل هدي الأنبياء من أفضل الطاعات وأحبها عند الله تعالى .
في مقره الأخير:
[COLOR=#2f4f4f]وجيء بالجثمان الطاهر وسط هالة من التكبير والتحميد إلى بقيع الغرقد، فحفروا له قبراً بجوار قبر عمه الزكي الإمام الحسن سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنزل الإمام الباقر (عليه السلام) جثمان أبيه فواراه في مقره الأخير، وقد وارى معه العلم والبر والتقوى، ووارى معه روحانية الأنبياء والمتقين.
وبعد الفراغ من دفنه هرع الناس نحو الإمام الباقر، وهم يرفعون إليه تعازيهم الحارة، ويشاركونه في لوعته وأساه، والإمام مع أخوته وسائر بني هاشم يشكرونهم على مشاركتهم في الخطب الفادح الجلل، والمصاب العظيم!!.
|
|
|
|
|