شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.82 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نووورا انا
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 19-08-2009 الساعة : 04:09 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
وهنا قد نوجّه السؤال إلى علماء الحياة وأسرارها عن جوابهم عن سرّ الموت والحياة لدى البشر لندرس إمكانية بقاء الإنسان حيّاً مدة مئات, أو آلاف السنين.
لعلَّ غير المطّلعين سيفاجئون بجواب العلماء العجيب. وهو قولهم: إن ما يحيّرنا هو سرّ الموت, وليس سرّ الحياة؛ لأن الأصل الذي نراه في التكوين الداخلي للجين الوراثي, الذي يرسم حياة الإنسان, هو الحياة الكاملة, وعدم الموت, ولكن ما يفاجئنا, هو إصدار أوامر, وإيعازات برمجية, من داخل الجين الوراثي, لتخريب الجسد, وهذا ما لا نفهم سببه, ولعلَّ للتوازن البيئي دخلاً في الأمر, فقد جعل الله فينا برنامج الموت, وإلاّ فإن كل خلية, وكل نسيج له قابلية عجيبة للتجدد, والمحافظة على البقاء, بما فيها ما كان يعتقد بأنه لا يتجدد, وهو خلايا الأعصاب, والدماغ, فقد تبيّن أنها أيضاً رغم كونها مقفلة برمجياً, إلاّ أنها قابلة للتجدد كغيرها, وقد وجدوا أن علاجات الكآبة, قد بنت خلايا عصبية جديدة في نسيج كان ميتاً يقيناً, ويعتقد أنه غير قابل للحياة, فحتّى الخلية التي تموت يمكن استبدالها بخلايا أخرى من نفس النوع. ولكن هذا إنجاز طبي في بواكير حدوثه.
ونظام التجديد والإصلاح داخل الجسم, هو نظام متقن, وإلاّ لمات الإنسان, في بداية عمره. والمشكلة في اختلال هذا النظام.
وبهذا يتبيّن لنا, أن النظام الأساسي, هو بقاء الحياة, وسرّ الموت, هو المعجزة الإلهية التي لا يعرف مداها, ولا كنهها. فما يحدث للمعمرين, هو التفلت من سرّ الموت, والبقاء على الطبيعة الأساسية, لبناء الكيان الحي, بواسطة الشفرة البرمجية للحياة.
يمكن القول _ إذن _ أن ما يحدث في قضية الإمام عليه السلام, ربما يكون عدم حصول المعجزة العجيبة, التي تحصل لنا جميعاً, بحسب فهم العلماء, وهنا خروج عن القانون الذي يحكمنا بالموت, وهذا هو الأصل.(3)
ولو فرضنا, أنه ليس الأصل في الكائن الحي, أن يبقى معمّراً, كما تعمّر السلحفاة, والقرش مئات السنين, كما يقال, أو كما يقال: إن القرش لا يمرض, حتّى لو تعرض لبتر في لحمه, فهو قادر على التعويض, كما يعوّض الأبرص السام ذيله, إذا انقطع. لنفترض أن القانون, هو الانتهاء بزمن معين, وهذا يعني, بأنه منوط بتوقيت برمجي داخل جسم الكائن الحي, وبما أننا نتكلم عن تدخل الله في هذا الإنسان, الذي هو المهدي عليه السلام, فلا مانع عقلاً, ولا واقعاً من إجراء تعديل بالتوقيت في داخل الجين الوراثي, ليكون أطول بكثير من المعروف, والمعهود في البشر. وهذا كل القضية.
فلا غرابة مطلقاً, في طول عمر بشر ما, بل هو واقع فعلاً, والغريب أن ينكر, ويستبعد عقلنا الحسي السطحي, ما هو موجود فعلاً, ومتحقق على صعيد الواقع, ويوافقه التفسير العلمي.
فهذا الباب الثاني, من أبواب التشكيك بالغيبة, قد انتفى _ أيضاً _. ولم يبق شيء, يمكن أن يكون مصدر نفي, واستحالة, لتحقق الغيبة. وهنا أحب أن أعرض لقضية بسيطة جدّاً, وهي: أننا حين نستدل على الإمكان, فهو للردّ على القول بعدم الإمكان. وهذا الردّ لا يصلح أن يكون دليلاً على الوقوع, ولا نريده أصلاً.
إنما دليل الوقوع هو أمر آخر سنأتي إليه, وقد ذكرت هذا التنبيه, بسبب ما جرى من حوار, بعد أن سلّمت الإشكالية إلى المعترض.(4) فقد حاول تفريغ الإشكالية, بشكل سطحي, بدعوى أن الإشكالية تثبت الإمكان, واتهمنا بالقفز من الإمكان إلى الوقوع, وقد جرى هذا الحوار بيني, وبينه.
قلت له: لنبحث _ أوّلاً _ في الإمكان, وبعد ذلك في الوقوع, وفسرت له: أن الدليل العقلي, يجعل كل ذلك موقع الإمكان, بالإضافة إلى وقوعه, لغير الإمام, مما يثبت الإمكان.
فقال لي _ فوراً _: إنكم تستدلون على الوقوع بالإمكان, فكل شيء ممكن, ولكن, إذا كان غياب المهدي ممكناً, فهل يعني أنه واقع فعلاً, وعلينا تصديق ذلك؟
فقلت له: إنك تتكلم عن موضوع آخر؛ لأن اعتراضك الأساسي هو: عدم إمكان البقاء والغيبة, وقد أتيتك بدليل الإمكان, وهذه شواهد على الإمكان, فلم نقل: إن دليل الإمكان, هو دليل الوقوع حتّى تُشكل إشكالك هذا, إنما الإشكال عليك؛ لأنك نفيت الإمكان أساساً, وحين أتيتك بدليل الإمكان, بدأت تتهمني: بأنني اُريد أن أقنعك بالوقوع, من خلال الإمكان, وهذا هروب منك, وعدم وحدة موضوع, في الدليل والمدعى.
ولهذا فقد نجد داخلنا حساً معيناً, يقول لنا: إذا ثبت الإمكان, فلا يعني صدق قضية الغيبة, ونحن نقول به, وهو كذلك, ولهذا فإن صدق الغيبة, لا يستدل له بإمكانها, وإنما أنت, يا عقلي, قد استبعدت الغيبة بناءً على عدم الإمكان, وعدم الحصول, ولكن التأمل في المعلومات, يدل على الوقوع, وعلى الإمكان معاً, فيكون هذا الباب مسدوداً علينا, ولا يمكننا إيقاف قضية غيبة الإمام, من أجلها.
المصدر
الحداثوية والقضية المهدوية
|