عرض مشاركة واحدة

علي الفاروق
عضو فضي
رقم العضوية : 22289
الإنتساب : Sep 2008
المشاركات : 1,941
بمعدل : 0.32 يوميا

علي الفاروق غير متصل

 عرض البوم صور علي الفاروق

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : علي الفاروق المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 24-08-2009 الساعة : 06:10 PM


نكمل,,



/ الصفحة 291 /
كعبا مر على علي، فقال: يقتل من ولد هذا رجل في عصابة لا يجف عرق خيلهم حتى يردوا على محمد صلى الله عليه وسلم، فمر حسن، فقيل: هذا ؟ قال: لا.
فمر حسين، فقيل: هذا ؟ قال: نعم (1).
حصين بن عبدالرحمن: عن العلاء بن أبي عائشة، عن أبيه، عن رأس الجالوت، قال: كنا نسمع أنه يقتل بكربلاء ابن نبي (2).
المطلب بن زياد، عن السدي، قال: رأيت الحسين وله جمة خارجة من تحت عمامته (3).
وقال العيزار بن حريث: رأيت على الحسين مطرفا من خز.
وعن الشعبي، قال: رأيت الحسين يتختم في شهر رمضان (4).
وروى جماعة: أن الحسين كان يخضب بالوسمة وأن خضابه أسود (5).
بلغنا أن الحسين لم يعجبه ما عمل أخوه الحسن من تسليم الخلافة إلى معاوية، بل كان رأيه القتال، ولكنه كظم، وأطاع أخاه، وبايع.
وكان يقبل جوائز معاوية، ومعاوية يرى له، ويحترمه، ويجله، فلما أن فعل معاوية ما فعل بعد وفاة السيد الحسن من العهد بالخلافة إلى ولده يزيد، تألم
______________
* (الهامش) *
(1) أخرجه الطبراني (2851) ورجاله ثقات إلا أنه منقطع، عمار الدهني لم يدرك القصة.
(2) أخرجه الطبراني (2827) وأورده الطبري في تاريخه 5 / 393 من طريق العلاء بن أبي
عائشة قال: حدثني رأس الجالوت، عن أبيه...(3) أخرجه الطبراني برقم (2796).
(4) " تاريخ الاسلام " 3 / 12، وفيه: رأيت الحسين يخضب بالوسمة، ويتختم في شهر رمضان.
(5) انظر " الطبراني " رقم (2779) و (2781) و (2782) و (2783)، و " مجمع الزوائد " 5 / 163.
(*)


/ الصفحة 292 /
الحسين، وحق له، وامتنع هو وابن أبي بكر وابن الزبير من المبايعة، حتى قهرهم معاوية، وأخذ بيعتهم مكرهين، وغلبوا، وعجزوا عن سلطان الوقت.
فلما مات معاوية، تسلم الخلافة يزيد، وبايعه أكثر الناس، ولم يبايع له ابن الزبير ولا الحسين، وأنفوا من ذلك.
ورام كل واحد منهما الامر لنفسه، وسارا في الليل من المدينة.
سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: استشارني الحسين في الخروج.
فقلت: لولا أن يزرى بي وبك، لنشبت يدي في رأسك.
فقال: لان أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن أستحل حرمتها، يعني مكة.
وكان ذلك الذي سلى نفسي عنه (1).
يحيى بن إسماعيل البجلي (2)، حدثنا الشعبي قال: كان ابن عمر قدم المدينة، فأخبر أن الحسين قد توجه إلى العراق، فلحقه على مسيرة ليلتين، فقال: أين تريد ؟ قال: العراق، ومعه طوامير وكتب، فقال: لا تأتهم.
قال: هذه كتبهم وبيعتهم.
فقال: إن الله خير نبيه بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنكم بضعة منه، لايليها أحد منكم أبدا، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم، فارجعوا، فأبى، فاعتنقه ابن عمر، وقال:
أستودعك الله من قتيل (3).
زاد فيه الحسن بن عيينة: عن يحيى بن إسماعيل، عن الشعبي:
______________
* (الهامش) *
(1) رجاله ثقات وأخرجه الطبراني (2859)، وقال الهيثمي 9 / 192: ورجاله رجال الصحيح.
(2) كذا الاصل، وفي " البداية " 8 / 160 يحيى بن إسماعيل بن سالم الاسدي وهو الاصح فإن هذا الاثر رواه عنه شبابة بن سوار، وفي " الجرح والتعديل " 9 / 126 في ترجمة يحيى ابن إسماعيل بن سالم الاسدي أنه روى عنه شبابة، وأما يحيى بن إسماعيل البجلي، - وإن روى عن الشعبي - فإنهم لم يذكروا شبابة بن سوار فيمن روى عنه.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 332.
(*)


/ الصفحة 293 /
ناشده، وقال: إن أهل العراق قوم مناكير، قتلوا أباك، وضربوا أخاك، وفعلوا وفعلوا.
ابن المبارك: عن بشر بن غالب، أن ابن الزبير قال للحسين: إلى أين تذهب ؟ إلى قوم قتلوا أباك، وطعنوا أخاك.
فقال: لان أقتل أحب إلي من أن تستحل، يعني مكة (1).
أبو سلمة المنقري: حدثنا معاوية بن عبد الكريم، عن مروان الاصفر، حدثني الفرزدق، قال: لما خرج الحسين، لقيت عبد الله بن عمرو، فقلت: إن هذا قد خرج، فما ترى ؟ قال: أرى أن تخرج معه، فإنك إن أردت دنيا، أصبتها، وإن أردت آخرة، أصبتها، فرحلت نحوه، فلما كنت في بعض الطريق، بلغني (2) قتله، فرجعت إلى عبد الله، وقلت: أين ما ذكرت ؟ قال: كان رأيا رأيته.
قلت: هذا يدل على تصويب عبد الله بن عمرو للحسين في مسيره،
وهو رأي ابن الزبير وجماعة من الصحابة شهدوا الحرة.
ابن سعد: أخبرنا الواقدي، حدثنا ابن أبي ذئب، حدثني عبد الله بن عمير (ح)، وأخبرنا ابن أبي الزناد، عن أبي وجزة (ح)، ويونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، وسمى طائفة، ثم قال: فكتبت جوامع حديثهم في مقتل الحسين.
قال: كان أهل الكوفة يكتبون إلى الحسين يدعونه إلى الخروج إليهم زمن معاوية، كل ذلك يأبى، فقدم منهم قوم إلى محمد بن الحنفية، وطلبوا إليه المسير معهم، فأبى، وجاء إلى الحسين، فأخبره،
______________
* (الهامش) *
(1) ذكره ابن كثير في " البداية " 8 / 161 من طريق يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو بكر الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عبد الله بن شريك، عن بشر بن غالب...(2) في الاصل " لقيني ".
(*)


/ الصفحة 294 /
وقال: إن القوم يريدون أن يأكلوا بنا، ويشيطوا دماءنا، فأقام حسين على ما هو عليه متردد العزم، فجاءه أبو سعيد الخدري، فقال: يا أبا عبد الله، إني لك ناصح ومشفق، وقد بلغني أنه كاتبك قوم من شيعتك، فلا تخرج إليهم، فإني سمعت أباك يقول بالكوفة: والله لقد مللتهم وملوني و (أبغضتهم)، وأبغضوني، وما بلوت منهم وفاء، ولا لهم ثبات ولا عزم ولا صبر على السيف (1).
قال: وقدم المسيب بن نجبة وعدة إلى الحسين بعد وفاة الحسن، فدعوه إلى خلع معاوية، وقالوا: قد علمنا رأيك ورأي أخيك، فقال: أرجو أن يعطي الله أخي على نيته، وأن يعطيني على نيتي في حبي جهاد الظالمين (2).
وكتب مروان إلى معاوية: إني لست آمن أن يكون الحسين مرصدا
للفتنة، وأظن يومكم منه طويلا (3).
فكتب معاوية إلى الحسين: إن من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير أن يفي، وقد أنبئت بأن قوما من الكوفة دعوك إلى الشقاق، وهم من قد جربت، قد أفسدوا على أبيك وأخيك، فاتق الله، واذكر الميثاق، فإنك متى تكدني، أكدك (4).
فكتب إليه الحسين: أتاني كتابك، وأنا بغير الذي بلغك جدير، وما أردت لك محاربة ولا خلافا، وما أظن لي عذرا عند الله في ترك جهادك، وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك.
فقال معاوية: إن أثرنا بأبي عبد الله إلا أسدا (5).
______________
* (الهامش) *
(1) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 329، 330.
(4) تهذيب ابن عساكر " 4 / 330.
(2) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 330 و (5) " تاريخ الاسلام " 2 / 341.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 330.
(*)


/ الصفحة 295 /
- وعن جويرية بن أسماء، عن مسافع بن شيبة، قال: لقي الحسين معاوية بمكة عند الردم، فأخذ بخطام راحلته، فأناخ به، ثم ساره طويلا، وانصرف، فزجر معاوية الراحلة، فقال له ابنه يزيد: لا يزال رجل قد عرض لك، فأناخ بك، قال: دعه لعله يطلبها من غيري، فلا يسوغه، فيقتله - رجع الحديث إلى الاول: (1).
قالوا: ولما حضر معاوية، دعا يزيد، فأوصاه، وقال: انظر حسينا، فإنه أحب الناس إلى الناس، فصل رحمه، وارفق به، فإن يك منه شئ، فسيكفيك الله بمن قتل أباه، وخذل أخاه.
ومات معاوية في نصف رجب، وبايع الناس يزيد، فكتب إلى والي
المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان: أن ادع الناس وبايعهم، وابدأ بالوجوه، وارفق بالحسين، فبعث إلى الحسين وابن الزبير في الليل، ودعاهما إلى بيعة يزيد، فقالا: نصبح وننظر فيما يعمل الناس.
ووثبا، فخرجا.
وقد كان الوليد أغلظ للحسين، فشتمه حسين، وأخذ يعمامته، فنزعها، فقال الوليد: إن هجنا بهذا إلا أسدا.
فقال له مروان أو غيره: اقتله.
قال: إن ذاك لدم مصون (2).
وخرج الحسين وابن الزبير لوقتهما إلى مكة، ونزل الحسين بمكة دار العباس، ولزم عبد الله الحجر، ولبس المعافري (3)، وجعل يحرض على بني أمية، وكان يغدو ويروح إلى الحسين، ويشير عليه أن يقدم العراق، ويقول: هم شيعتكم.
وكان ابن عباس ينهاه (4).
______________
* (الهامش) *
(1) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 330.
(4) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 331.
(2) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 330.
(3) المعافري: برود باليمن منسوبة إلى قبيلة معافر.
(*)


/ الصفحة 296 /
وقال له عبد الله بن مطيع: فداك أبي وأمي، متعنا بنفسك ولا تسر، فوالله لئن قتلت ليتخذونا خولا وعبيدا (1).
ولقيهما عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة منصرفين من العمرة، فقال لهما: أذكر كما الله إلا رجعتما، فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس وتنظران، فإن اجتمع عليه الناس لم تشذا، وإن افترق عليه كان الذي تريدان (2).
وقال ابن عمر للحسين: لا تخرج، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنك بضعة منه ولا تنالها، ثم اعتنقه، وبكى،
وودعه.
فكان ابن عمر يقول: غلبنا بخروجه، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن لا يتحرك (3).
وقال له ابن عباس: أين تريد يا ابن فاطمة ؟ قال: العراق وشيعتي.
قال: إني كاره لوجهك هذا، تخرج إلى قوم قتلوا أباك...إلى أن قال: وقال له أبو سعيد: اتق الله، والزم بيتك.
وكلمه جابر، وأبو واقد الليثي.
وقال ابن المسيب: لو أنه لم يخرج، لكان خيرا له.
قال: وكتبت إليه عمرة (4) تعظم ما يريد أن يصنع، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه، وتقول: حدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
______________
* (الهامش) *
(1) " طبقات ابن سعد " 5 / 145، و " تهذيب ابن عساكر " 4 / 331.
(2) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 331.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 331.
(4) تحرفت الجملة في المطبوع: وكتب إليك ابن عمر.
(*)


/ الصفحة 297 /
يقول: " يقتل حسين بأرض بابل " فلما قرأ كتابها، قال: فلابد إذا من مصرعي (1).
وكتب إليه عبد الله بن جعفر يحذره ويناشده الله.
فكتب إليه: إني رأيت رؤيا، رأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرني بأمر أنا ماض له (2).
وأبى الحسين على كل من أشار علهى إلا المسير إلى العراق (3).
وقال له ابن عباس: إني لاظنك ستقتل غدا بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان، وإني لاخاف أن تكون الذي يقاد به عثمان، فإنا لله وإنا إليه
راجعون (4).
قال: أبا العباس ! إنك شيخ قد كبرت.
فقال: لولا أن يزرى بي وبك، لنشبت يدي في رأسك، ولو أعلم أنك تقيم، إذا لفعلت، ثم بكى، وقال: أقررت عين ابن الزبير.
ثم قال بعد لابن الزبير: قد أتى ما أحببت أبو عبد الله، يخرج إلى العراق، ويتركك والحجاز: يا لك من قنبرة بمعمر * خلا لك البر فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري (5).
______________
* (الهامش) *
(1) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 332، 333.
(2) " تاريخ الطبري " 5 / 388.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 333.
(4) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 334.
(5) " تاريخ الطبري " 5 / 384، و " ابن الاثير " 4 / 39، و " تاريخ الاسلام " 2 / 343، و " البداية " 8 / 160، و " تهذيب ابن عساكر " 4 / 334.
وقوله: " قنبرة " ويروى " قبرة " وهي بضم القاف وتشديد الباء، واحدة القبر، قال البطليوسي في " شرح أدب الكاتب ": وقنبرة أيضا بإثبات النون وهي لغة فصيحة: وهو ضرب من الطير يشبه الحمر.
وينسب الرجز لطرفة انظر ملحق ديوانه: 193.
يقال: إن طرفة كان مع عمه في سفر وهو ابن سبع سنين، فنزلوا على ماء، فذهب طرفة بفخ له، فنصبه للقنابر، =


/ الصفحة 198 /
وقال أبو بكر بن عياش: كتب الاحنف إلى الحسين: (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) (الروم: 60) عوانة بن الحكم: عن لبطة بن الفرزدق، عن أبيه قال: لقيت الحسين، فقلت: القلوب معك، والسيوف مع بني أمية (1).
ابن عيينة: عن لبطة، عن أبيه قال: لقيني الحسين وهو خارج من مكة في جماعة عليهم يلامق (2) الديباج، فقال: ما ورءك ؟ قال: وكان في لسانه ثقل من برسام عرض له.
وقيل: كان مع الحسين وجماعته اثنان وثلاثون فرسا.
وروى ابن سعد بأسانيده: قالوا: وأخذ الحسين طريق العذيب (3)، حتى نزل قصر أبي مقاتل (4)، فخفق خفقة، ثم استرجع، وقال: رأيت كأن فارسا يسايرنا، ويقول: القوم يسيرون، والمنايا تسري إليهم.
ثم نزل كربلاء، فسار إليه عمر بن سعد كالمكره.
إلى أن قال: وقتل أصحابه حوله، وكانوا خمسين، وتحول إليه من أولئك عشرون، وبقي عامة نهاره لا يقدم عليه أحد، وأحاطت به الرجالة، وكان يشد عليهم، فيهزمهم، وهم يكرهون الاقدام عليه، فصرخ بهم شمر ! ثكلتكم أمهاتكم، ماذا تنتظرون
______________
* (الهامش) *
= وبقي عامة يومه لم يصد شيئا، ثم حمل فخه وعاد إلى عمه، فحملوا ورحلوا من ذلك المكان، فرأى القنابر يلتقطن مانثر لهن من الحب، فقال ذلك.
وقوله " خلا لك البر " ويروى: " خلا لك الجو " ومعناه هنا: " وما اتسع من الاودية " (1) انظر " الطبري " 5 / 386.
(2) اليلامق: جمع يلمق: وهو القباء المحشو، وأصله بالفارسية " يلمه " وانظر " الفسوي " 2 / 673، فقد روى الخبر مطولا من طريق ابن عيينة.
(3) قال ياقوت: العذيب: ماء بين القادسية والمغيثة.
(4) في " الطبري " 5 / 407، وابن الاثير 4 / 50: قصر بني مقاتل، قال ياقوت في " معجم البلدان " 4 / 364: وقصر مقاتل: كان بين عين التمر والشام، وقال السكوني: هو قرب القطقطانة وسلام ثم القريات: منسوب إلى مقاتل بن حسان بن ثعلبة بن أوس...(*)


/ الصفحة 299 /
به ؟ وطعنه سنان بن أنس النخعي في ترقوته، ثم طعنه في صدره فخر، واحتز رأسه خولي الاصبحي لا رضي الله عنهما.
ذكر ابن سعد بأسانيد له قالوا: قدم الحسين مسلما، وأمره أن ينزل على هانئ بن عروة، ويكتب إليه بخبر الناس، فقدم الكوفة مستخفيا، وأتته الشيعة، فأخذ بيعتهم، وكتب إلى الحسين: بايعني إلى الآن ثمانية عشر ألفا، فعجل، فليس دون الكوفة مانع، فأغذ السير حتى انتهى إلى زبالة (1)، فجاءت رسل أهل الكوفة إليه بديوان فيه أسماء مئة ألف، وكان على الكوفة النعمان بن بشير، فخاف يزيد أن لا يقدم النعمان على الحسين.
فكتب إلى عبيد الله وهو على البصرة.
فضم إليه الكوفة، وقال له: إن كان لك جناحان، فطر إلى الكوفة ! فبادر متعمما متنكرا، ومر في السوق، فلما رآه السفلة، اشتدوا بين يديه: يظنونه الحسين، وصاحوا: يا ابن رسول الله ! الحمد لله الذي أراناك، وقبلوا يده ورجله، فقال: ما أشد ما فسد هؤلاء.
ثم دخل المسجد، فصلى ركعتين، وصعد المنبر، وكشف لثامه، وظفر برسول الحسين - وهو عبد الله بن بقطر - فقتله.
وقدم مع عبيد الله، شريك بن الاعور - شيعي -، فنزل على هانئ بن عروة، فمرض، فكان عبيد الله يعوده، فهيؤوالعبيد الله ثلاثين رجلا ليغتالوه، فلم يتم ذلك.
وفهم عبيد الله، فوثب وخرج، فنم عليهم عبد لهانئ، فبعث إلى هانئ - وهو شيخ - فقال: ما حملك على أن تجير عدوي ؟ قال: يا ابن أخي، جاء حق هو أحق من حقك، فوثب إليه عبيد الله بالعنزة حتى غرز رأسه بالحائط.
وبلغ الخبر مسلما، فخرج في نحو الاربع مئة، فما وصل إلى القصر إلا في نحو الستين، وغربت الشمس، فاقتتلوا، وكثر عليهم أصحاب عبيد
______________
* (الهامش) *
(1) قال ياقوت: زبالة: منزل معروف بطريق مكة من الكوفة.
(*)


/ الصفحة 300 /
الله، وجاء الليل، فهرب مسلم، فاستجار بامرأة من كندة، ثم جئ به إلى عبيد الله، فقتله، فقال: دعني أوص.
قال: نعم.
فقال لعمر بن سعد: يا هذا ! إن لي إليك حاجة، وليس هنا قرشي غيرك، وهذا الحسين قد أظلك، فأرسل إليه لينصرف، فإن القوم قد غروه، وكذبوه، وعلي دين فاقضه عني، ووار جثتي، ففعل ذلك.
وبعث رجلا على ناقة إلى الحسين، فلقيه على أربع مراحل، فقال له ابنه علي الاكبر: ارجع يا أبه، فإنهم أهل العراق وغدرهم وقلة وفائهم.
فقالت بنو عقيل: ليس بحين رجوع، وحرضوه، فقال حسين لاصحابه: قد ترون ما أتانا، وما أرى القوم إلا سيخذلوننا، فمن أحب أن يرجع، فليرجع، فانصرف عنه قوم.
وأما عبيد الله فجمع المقاتلة، وبذل لهم المال، وجهز عمر بن سعد في أربعة آلاف، فأبى، وكره قتال الحسين، فقال: لئن لم تسر إليه لاعزلنك، ولاهدمن دارك، وأضرب عنقك.
وكان الحسين في خمسين رجلا، منهم تسعة عشر من أهل بيته.
وقال الحسين: يا هؤلاء ! دعونا نرجع من حيث جئنا، قالوا: لا.
وبلغ ذلك عبيد الله، فهم أن يخلي عنه، وقال: والله ما عرض لشئ من عملي، وما أراني إلا مخل سبيله يذهب حيث يشاء، فقال شمر: إن فعلت، وفاتك الرجل، لاتستقيلها أبدا.
فكتب إلى عمر.
الآن حيث تعلقته حبالنا * يرجو النجاة ولات حين مناص (1).
فناهضه، وقال لشمر: سر فإن قاتل عمر، وإلا فاقتله، وأنت على الناس.
وضبط عبيد الله الجسر، فمنع من يجوزه لما بلغه أن ناسا يتسللون إلى الحسين.
______________
* (الهامش) *
(1) رواية الشطر الاول في " الطبري " 5 / 411، و " ابن الاثير " 4 / 53: الآن إذ علقت مخالبنا به.
(*)



يتبع,,

توقيع : علي الفاروق
اللهم صل على محمد وآل محمد
من مواضيع : علي الفاروق 0 شرح كافية ابن الحاجب ـ الرضي الاسترآبادي
0 الإمامة والخلافة الإلهية ـ الشيخ حبيب الأسدي
0 فلسفة الشعائر الحسينية ـ الشيخ محمد السند
0 مشاهد الفداء والفناء
0 حركة تصحيحية لمنهج السيد كمال الحيدري ـ الشيخ أحمد سلمان
رد مع اقتباس