|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 22289
|
الإنتساب : Sep 2008
|
المشاركات : 1,941
|
بمعدل : 0.32 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
علي الفاروق
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 24-08-2009 الساعة : 06:11 PM
نكمل,,
/ الصفحة 301 /
قال: فركب العسكر، وحسين جالس، فرآهم مقبلين، فقال لاخيه عباس: القهم فسلهم: مالهم ؟ فسألهم، قالوا: أتانا كتاب الامير يأمرنا أن نعرض عليك النزول على حكمه، أو نناجزك.
قال: انصرفوا عنا العشية حتى ننظر الليلة، فانصرفوا.
وجمع حسين أصحابه ليلة عاشوراء، فحمد الله، وقال: إني لا أحسب القوم إلا مقاتليكم غدا، وقد أذنت لكم جميعا، فأنتم في حل مني، وهذا الليل قد غشيكم، فمن كانت له قوة، فليضم إليه رجلا من أهل بيتي، وتفرقوا في سوادكم، فإنهم إنما يطلبونني، فإذا رأوني، لهوا عن طلبكم.
فقال أهل بيته: لا أبقانا الله بعدك، والله لا نفارقك.
وقال أصحابه كذلك (1).
- الثوري: عن أبي الجحاف، عن أبيه: أن رجلا قال للحسين: إن علي دينا.
قال: لا يقاتل معي من عليه دين (2) - رجع الحديث إلى الاول: فلما أصبحوا، قال الحسين: اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت فيما نزل بي ثقة، وأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة.
وقال لعمر وجنده: لا تعجلوا، والله ما أتيتكم حتى أتتني كتب أماثلكم بأن السنة قد أميتت، والنفاق قد نجم، والحدود قد عطلت، فاقدم لعل الله يصلح بك الامة.
فأتيت، فإذ كرهتم ذلك، فأنا راجع، فارجعوا إلى أنفسكم، هل يصلح لكم قتلي، أو يحل دمي ؟ ألست ابن بنت نبيكم
وابن ابن عمه ؟ أو ليس حمزة والعباس وجعفر عمومتي ؟ ألم يبلغكم قول
______________
* (الهامش) *
(1) " الكامل " لابن الاثير 4 / 57.
(2) أخرجه الطبراني (2872) وفي سنده موسى بن عمير، قال المؤلف في " الميزان ": لا يعرف.
(*)
/ الصفحة 302 /
رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفي أخي: " هذان سيدا شباب أهل الجنة " ؟ فقال شمر: هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول، فقال عمر: لو كان أمرك إلي، لاجبت.
وقال الحسين: يا عمر ! ليكونن لما ترى يوم (1) يسوؤك.
اللهم إن أهل العراق غروني، وخدعوني، وصنعوا بأخي ما صنعوا.
اللهم شتت عليهم أمرهم، وأحصهم عددا.
فكان أول من قاتل مولى لعبيد (2) الله بن زياد، فبرز له عبد الله بن تميم الكلبي، فقتله، والحسين جالس عليه جبة خز دكناء، والنبل يقع حوله، فوقعت نبلة في ولد له ابن ثلاث سنين، فلبس لامته، وقاتل حوله أصحابه، حتى قتلوا جميعا، وحمل ولده علي يرتجز: أنا علي بن الحسين بن علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي فجاءته طعنة، وعطش حسين فجاء رجل بماء، فتناوله، فرماه حصين ابن تميم بسهم، فوقع في فيه، فجعل يتلقى الدم بيده ويحمد الله.
وتوجه نحو المسناه يريد الفرات، فحالوا بينه وبين الماء، ورماه رجل بسهم، فأثبته في حنكه، وبقي عامة يومه لا يقدم عليه أحد، حتى أحاطت به الرجالة، وهو رابط الجأش، يقاتل قتال الفارس الشجاع، إن كان ليشد عليهم، فينكشفون عنه انكشاف المعزى شد فيها الاسد، حتى صاح بهم شمر: ثكلتكم أمهاتكم ! ماذا تنتظرون به ؟ فانتهى إليه زرعة التميمي، فضرب
كتفه، وضربه الحسين على عاتقه، فصرعه، وبرز سنان النخعي، فطعنه في ترقوته وفي صدره، فخر، ثم نزل ليحتز رأسه، ونزل خولي الاصبحي، فاحتز رأسه، وأتى به عبيد الله بن زياد، فلم يعطه شيئا.
قال: ووجد بالحسين ثلاث وثلاثون جراحة، وقتل من جيش عمر بن
______________
* (الهامش) *
(1) في الاصل " يوما ".
(2) تحرف في المطبوع إلى " لعبد ".
(*)
/ الصفحة 303 /
سعد ثمانية وثمانون نفسا.
قال: ولم يفلت من أهل بيت الحسين سوى ولده علي الاصغر، فالحسينية من ذريته، كان مريضا.
وحسن بن حسن بن علي وله ذرية، وأخوه عمرو، ولا عقب له، والقاسم بن عبد الله بن جعفر، ومحمد بن عقيل، فقدم بهم وبزينب وفاطمة بنتي علي، وفاطمة وسكينة بنتي الحسين، وزوجته الرباب الكلبية والدة سكينة، وأم محمد بنت الحسن بن علي، وعبيد وإماء لهم.
قال: وأخذ ثقل الحسين، وأخذ رجل حلي فاطمة بنت الحسين، وبكى، فقالت: لم تبكي ؟ فقال: أأسلب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبكي ؟ قالت: فدعه، قال: أخاف أن يأخذه غيري.
وأقبل عمر بن سعد، فقال: ما رجع إلى أهله بشر مما رجعت به، أطعت ابن زياد، وعصيت الله، وقطعت الرحم.
وورد البشير على يزيد، فلما أخبره، دمعت عيناه، وقال: كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين.
وقالت سكينة: يا يزيد، أبنات رسول الله سبايا ؟ قال: يا بنت أخي هو والله علي أشد منه عليك، أقسمت ولو أن بين ابن زياد وبين حسين قرابة ما أقدم (1) عليه، ولكن فرقت بينه وبينه سمية، فرحم الله حسينا، عجل
عليه ابن زياد، أما والله لو كنت صاحبه، ثم لم أقدر على دفع القتل عنه إلا بنقص بعض عمري، لاحببت أن أدفعه عنه، ولوددت أن أتيت به سلما.
ثم أقبل على علي بن الحسين، فقال: أبوك قطع رحمي، ونازعني سلطاني.
فقام رجل، فقال: إن سباءهم لنا حلال.
قال علي: كذبت إلا أن تخرج من ملتنا.
فأطرق يزيد، وأمر بالنساء، فأدخلن على نسائه، وأمر
______________
* (الهامش) *
(1) تحرفت في المطبوع إلى " ما قدم ".
(*)
/ الصفحة 304 /
نساء آل أبي سفيان، فأقمن المأتم على الحسين ثلاثة أيام، إلى أن قال: وبكت أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر، فقال يزيد وهو زوجها: حق لها أن تعول على كبير قريش وسيدها.
جرير بن حازم، عن الزبير بن الخريت، سمع الفرزدق يقول: لقيت الحسين بذات عرق، فقال: ما ترى أهل الكوفة صانعين معي ؟ فإن معي حملا من كتبهم، قلت: يخذلونك، فلا تذهب.
وكتب يزيد إلى ابن عباس يذكر له خروج الحسين، ويقول: نحسب أنه جاءه رجال من المشرق، فمنوه الخلافة، وعندك منهم خبره، فإن فعل، فقد قطع القرابة والرحم، وأنت كبير أهل بيتك والمنظور إليه، فاكففه عن السعي في الفرقة.
فكتب إليه ابن عباس: إني لارجو أن لا يكون خروجه لامر تكره، ولست أدع النصيحة له.
وبعث حسين إلى المدينة، فلحق به من خف من بني عبدالمطلب، وهم تسعة عشر رجلا، ونساء، وصبيان، وتبعهم أخوه محمد، فأدركه بمكة، وأعلمه أن الخروج يومه هذا ليس برأي، فأبى، فمنع محمد ولده،
فوجد عليه الحسين، وقال: ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه.
وبعث أهل العراق رسلا وكتبا إليه، فسار في آله، وفي ستين شيخا من أهل الكوفة في عشر ذي الحجة.
فكتب مروان إلى عبيد الله بن زياد بن أبيه: أما بعد: فإن الحسين قد توجه إليك، وتالله ما أحد يسلمه الله أحب إلينا من الحسين، فإياك أن تهيج على نفسك مالا يسده شئ.
/ الصفحة 305 /
وكتب إليه عمرو بن سعيد الاشدق: أما بعد، فقد توجه إليك الحسين، وفي مثلها تعتق أو تسترق.
الزبير: حدثنا محمد بن الضحاك، عن أبيه قال: خرج الحسين، فكتب يزيد إلى بن زياد نائبه (1): إن حسينا صائر إلى الكوفة، وقد ابتلي به زمانك من بين الازمان، وبلدك من بين البلدان، وأنت من بين العمال، وعندها تعتق، أو تعود عبدا.
فقتله ابن زياد، وبعث برأسه إليه.
ابن عيينة: حدثني أعرابي يقال له: بجير من أهل الثعلبية (2) له مئة وست عشرة سنة.
قال: مر الحسين وأنا غلام، وكان في قلة من الناس، فقال له أخي: يا ابن بنت رسول الله ! أراك في قلة من الناس، فقال بالسوط - وأشار إلى حقيبة الرحل -: هذه خلفي مملوءة كتبا.
ابن عيينة: حدثنا شهاب بن خراش، عن رجل من قومه قال: كنت في الجيش الذين جهزهم عبيد الله بن زياد إلى الحسين، وكانوا أربعة آلاف يريدون الديلم، فصرفهم عبيد الله إلى الحسين، فلقيته، فقلت: السلام عليك يا أبا عبد الله، قال: وعليك السلام.
وكانت فيه غنة.
قال شهاب: فحدثت به زيد بن علي، فأعجبه، وكانت فيه غنة (3).
جعفر بن سليمان: عن يزيد الرشك، قال: حدثني من شافة الحسين قال: رأيت أبنية مضروبة للحسين، فأتيت، فإذا شيخ يقرأ القرآن، والدموع تسيل على خديه، فقلت: بأبي وأمي يا ابن رسول الله ! ما أنزلك
______________
* (الهامش) *
(1) تحرفت في المطبوع إلى " بن أبيه ".
(2) قال ياقوت: الثعلبية: من منازل طريق مكة من الكوفة بعد الشقوق وقبل الخزيمية، وهي ثلثا الطريق.
(3) " المعرفة والتاريخ " 3 / 325.
(*)
/ الصفحة 306 /
هذه البلاد والفلاة ؟ هذه كتب أهل الكوفة إلي، ولا أراهم إلا قاتلي، فإذا فعلوا ذلك، لم يدعو الله حرمة إلا انتهكوها، فيسلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرم (1) الامة يعني مقنعتها.
المدائني: عن الحسن بن دينار، عن معاوية بن قرة، قال: قال الحسين: والله ليعتدين علي كما اعتدت بنو إسرائيل في السبت (2).
أحمد بن جناب المصيصي: حدثنا خالد بن يزيد القسري، حدثنا عمار الدهني: قلت لابي جعفر الباقر: حدثني بقتل الحسين.
فقال: مات معاوية، فأرسل الوليد بن عتبة والي المدينة إلى الحسين ليبايع، فقال: أخرني، ورفق به، فأخره، فخرج إلى مكة، فأتاه رسل أهل الكوفة، وعليها النعمان بن بشير، فبعث الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل: أن سر، فانظر ما كتبوا به، فأخذ مسلم دليلين وسار، فعطشوا في البرية، فمات أحدهما.
وكتب مسلم إلى الحسين يستعفيه، فكتب إليه: امض إلى الكوفة، ولم يعفه، فقدمها، فنزل على عوسجة، فدب إليه أهل الكوفة، فبايعه اثنا عشر ألفا.
فقام عبيد الله بن مسلم، فقال للنعمان: إنك
لضعيف ! قال: لان أكون ضعيفا أحب إلي من أن أكون قويا في معصية الله، وما كنت لاهتك سترا ستره الله.
وكتب بقوله إلى يزيد، وكان يزيد ساخطا على عبيد الله بن زياد، فكتب إليه برضاء عنه، وأنه ولاه الكوفة مضافا إلى البصرة.
وكتب إليه أن يقتل مسلما.
فأسرع عبيد الله في وجوه أهل البصرة إلى الكوفة متلثما، فلا يمر بمجلس، فيسلم عليهم إلا قالوا: وعليك
______________
* (الهامش) *
(1) تصحفت في المطبوع إلى " قرم " قال ابن الاثير في " النهاية " بعد أن أورد خير الحسين هذا: هو بالتحريك: ما تعالج به المرأة فرجها ليضيق، وقيل: هو خرقة الحيض.
والخبر في " الطبري " 5 / 394، و " تهذيب ابن عساكر " 4 / 336.
(2) " تاريخ الطبري " 5 / 385.
(*)
/ الصفحة 307 /
السلام يا ابن رسول الله، يظنونه الحسين.
فنزل القصر، ثم دعا مولى له، فأعطاه ثلاثة آلاف درهم، وقال: اذهب حتى تسأل عن الذي يبايع أهل الكوفة، فقل: أنا غريب، جئت بهذا المال يتقوى به، فخرج، وتلطف حتى دخل على شيخ يلي البيعة، فأدخله على مسلم، وأعطاه الدراهم، وبايعه، ورجع، فأخبر عبيد الله.
وتحول مسلم إلى دار هانئ بن عروة المرادي، فقال عبيد الله: ما بال هانئ لم يأتنا ؟ فخرج إليه محمد بن الاشعث وغيره، فقالوا: إن الامير قد ذكرك فركب معهم، وأتاه وعنده شريح القاضي، فقال عبيد الله: " أتتك بحائن رجلاه " (1) فلما سلم، قال: يا هانئ أين مسلم ؟ قال: ما أدري، فخرج إليه صاحب الدراهم، فلما رآه، قطع به، وقال: أيها الامير ! والله ما دعوته إلى منزلي، ولكنه جاء، فرمى نفسه علي.
قال: ائتني به.
قال: والله لو كان تحت قدمي، ما رفعتهما عنه، فضربه بعصا، فشجه، فأهوى
هانئ إلى سيف شرطي يستله، فمنعه.
وقال: قد حل دمك، وسجنه.
فطار الخبر إلى مذحج، فإذا على باب القصر جلبة، وبلغ مسلما الخبر، فنادى بشعاره، فاجتمع إليه أربعون ألفا، فعباهم، وقصد القصر، فبعث عبيد الله إلى وجوه أهل الكوفة، فجمعهم عنده، وأمرهم، فأشرفوا من القصر على عشائرهم، فجعلوا يكلمونهم، فجعلوا يتسللون حتى بقي مسلم في خمس مئة، وقد كان كتب إلى الحسين ليسرع، فلما دخل الليل، ذهب أولئك، حتى بقي مسلم وحده يتردد في الطرق، فأتى بيتا ! فخرجت إليه امرأة، فقال: اسقني، فسقته.
ثم دخلت، ومكثت ما شاء الله.
ثم خرجت، فإذا به على الباب، فقالت: يا هذا، إن مجلسك مجلس ريبة،
______________
* (الهامش) *
(1) مثل: يضرب للرجل يسعى إلى المكروه حتى يقع فيه، والحين: الهلاك، وقد حان الرجل: هلك، وأحانه الله، وكل شئ لم يوفق للرشاد، فقد حان.
(*)
/ الصفحة 308 /
فقم، فقال: أنا مسلم بن عقيل، فهل عندك مأوى ؟ قالت: نعم.
فأدخلته، وكان ابنها مولى لمحمد بن الاشعث، فانطلق إلى مولاه، فأعلمه، فبعث عبيد الله الشرط إلى مسلم، فخرج، وسل سيفه، وقاتل، فأعطاه ابن الاشعث أمانا، فسلم نفسه، فجاء به إلى عبيد الله، فضرب عنقه وألقاه إلى الناس، وقتل هانئا، فقال الشاعر (1): فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري * إلى هانئ في السوق وابن عقيل أصابهما أمر الامير فأصبحا * أحاديث من يسعى بكل سبيل أيركب أسماء الهماليج آمنا * وقد طلبته مذحج بقتيل يعني: أسماء بن خارجة.
قال: وأقبل حسين على كتاب مسلم، حتى إذا كان على ساعة من
القادسية، لقيه رجل، فقال للحسين: ارجع، لم أدع لك ورائي خيرا، فهم أن يرجع.
فقال إخوة مسلم: والله لا نرجع حتى نأخذ بالثأر، أو نقتل، فقال: لاخير في الحياة بعدكم.
وسار.
فلقيته خيل عبيد الله، فعدل إلى كربلاء، وأسند ظهره إلى قصميا حتى لا يقاتل إلا من وجه واحد، وكان معه خمسة وأربعون فارسا ونحو من مئة راجل.
وجاء عمر بن سعد بن أبي وقاص - وقد ولاه عبيد الله بن زياد على العسكر - وطلب من عبيد الله أن يعفيه من ذلك، فأبى، فقال الحسين: اختاروا واحدة من ثلاث، إما أن تدعوني، فألحق بالثغور، وإما أن أذهب إلى يزيد، أو أرد إلى المدينة.
فقبل عمر ذلك، وكتب به إلى عبيد الله، فكتب إليه: لاولا كرامة حتى يضع يده في يدي.
فقال الحسين: لا والله ! وقاتل، فقتل أصحابه، منهم بضعة عشر شابا من أهل بيته.
______________
* (الهامش) *
(1) في " الكامل " 4 / 36: فقال عبد الله بن الزبير في قتل هانئ ومسلم، وقيل: قاله الفرزدق.
والخبر بطوله مع الشعر في " تهذيب ابن عساكر " 4 / 339، 340.
(*)
/ الصفحة 309 /
قال: ويجئ سهم، فيقع بابن له صغير، فجعل يمسح الدم عنه، ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قومنا، دعونا لينصرونا، ثم يقتلوننا.
ثم قاتل حتى قتل.
قتله رجل مذحجي، وحز رأسه، ومضى به إلى عبيد الله، فقال: أوقر ركابي ذهبا * فقد قتلت الملك المحجبا قتلت خير الناس أما وأبا (1) فوفده إلى يزيد ومعه الرأس، فوضع بين يديه، وعنده أبوبرزة الاسلمي، فجعل يزيد ينكت بالقضيب على فيه، ويقول (2) نفلق هاما من أناس أعزة * علينا وهم كانوا اعق وأظلما
كذا قال أبوبرزة.
وإنما المحفوظ أن ذلك كان عند عبيد الله (3).
قال: فقال أبوبرزة: ارفع قضيبك، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاه على فيه.
قال: وسرح عمر بن سعد بحريمه وعياله إلى عبيد الله.
ولم يكن بقي منهم إلا غلام كان مريضا مع النساء، فأمر به عبيد الله ليقتل، فطرحت عمته زينب نفسها عليه، وقالت: لا يقتل حتى تقتلوني، فرق لها، وجهزهم إلى الشام، فلما قدموا على يزيد، جمع من كان بحضرته، وهنؤوه، فقام رجل
______________
* (الهامش) *
(1) انظر " الطبراني " (2852).
(2) هو للحصين بن الحمام بن ربيعة المري الذبياني، شاعر فارس جاهلي كان سيد بني سهم بن مرة، ويلقب " مانع الضيم " وهو ممن نبذوا عبادة الاوثان في الجاهلية.
والبيت من قصيدة مطلعها: جزى الله أفناء العشيرة كلها * بدارة موضوع عقوقا ومأثما وهي في " المفضليات ".
ص 64 - 69 فانظر تخريجها ثمة.
(3) انظر " الطبراني " (2846) و " المجمع " 9 / 193.
(*)
/ الصفحة 310 /
أحمر أزرق، ونظر إلى صبية منهم، فقال: هبها لي يا أمير المؤمنين، فقالت زينب: لا ولا كرامة لك إلا أن تخرج من دين الله.
فقال له يزيد: كف.
ثم أدخلهم إلى عياله، فجهزهم، وحملهم إلى المدينة (1).
إلى هنا عن أحمد بن جناب.
الزبير: حدثنا محمد بن حسن: لما نزل عمر بن سعد بالحسين، خطب أصحابه، وقال: قد نزل بنا ما ترون، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت، وأدبر معروفها، واستمرئت (2) حتى لم يبق منها إلا كصبابة
إلاناء، وإلا خسيس (3) (عيش) كالمرعى الوبيل، ألا ترون الحق لا يعمل به، والباطل لا يتناهى عنه ؟ ليرغب المؤمن في لقاء الله.
إني لاأرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا ندما (4).
خالد بن عبد الله، عن الجريري، عن رجل: أن الحسين لما أرهقه السلاح، قال: ألا تقبلون مني ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل من المشركين ؟ كان إذا جنح أحدهم، قبل منه.
قالوا: لا.
قال: فدعوني أرجع.
قالوا: لا.
قال: فدعوني آتي أمير المؤمنين، فأخذ له رجل السلاح، فقال له: أبشر بالنار، فقال: بل إن شاء الله برحمة ربي، وشفاعة نبيي.
فقتل، وجئ برأسه، فوضع في طست بين يدي ابن زياد، فنكته بقضيبه، وقال: لقد كان غلاما صبيحا.
ثم قال: أيكم قاتله ؟ فقام الرجل.
فقال:
______________
* (الهامش) *
(1) " البداية " 8 / 194.
(2) تحرفت في المطبوع إلى " استمرت ".
(3) تصحفت في المطبوع إلى " حشيش ".
(4) الخبر في " الطبراني " برقم (2842)، و " الحلية " 2 / 39، و " الطبري " 5 / 403، 404، والزبير هو ابن بكار، ومحمد بن حسن هو ابن زبالة، وهو متروك متفق على ضعفه، ولم يدرك القصة.
كما قال الهيثمي في " المجمع " 9 / 193، وقوله " إلا ندما " في الطبري والطبراني " إلا برما ".
(*)
يتبع,,
|
|
|
|
|