|
شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.82 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نووورا انا
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 14-09-2009 الساعة : 12:53 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد
ونلاحظ من خلال مطالعة سورة الكهف أنّ موسى والخضر عليهما السَّلام تميّزا بصفتَيْن مهمَّتَيْن هما:
الرّسالة والولاية، ونعني بالرسالة البعث الظاهري دون الباطني، بمعنى أنّ نبيّ الله موسى (عليه السلام) أُرسِلَ إلى عامّة الجنّ والإنس ظاهِراً، أمّا البواطن فلم تكن من مختصاته ولوازم رسالته؛ وإلاّ لَمَا أمَرَه الله باتّباع الخضر (عليه السلام) صاحب الولاية؛ حيث إنّ من لوازمها كشْف الباطن للظاهر. ومن لوازم الظاهر أنْ ينصاع إلى الباطن دون العكس، لذا كان نبينا موسى (عليه السلام) دائماً ما يؤكِّد على الخضر مسألة السّماح له بالبقاء معه ليقتبس منه عِلْمَاً مع أنّ موسى (عليه السلام) صاحب شريعة، لكنّ مشيّة الخضر (عليه السلام) ـ التي هي مشيّة آل البيت عليهم السَّلام ـ اشترطت على موسى (عليه السلام) أمْرَاً مهمّاً حتى يمكنه الإلتحاق برَكْب الخضر (عليه السلام)، هذا الأمر هو الصبر، فوافق موسى للوهلة الأولى على ذلك بقوله: (هل أتبعك على أنْ تعلِّمنِ مما عُلِّمْتَ رُشداً) فكان جواب الخضر المصيب للواقع بقوله: (إنّكَ لن تستطيع معيَ صبراً وكيف تصبرُ على ما لم تُحط به خُبراً) (قال ستجدني إنْ شاء الله صابراً ولا أعصي لكَ أمْراً).
لا بدّ للسالك إلى عالَم الولاية أنْ لا يعترض على أمْر الله عزّ شأنه حتى يمكن له الوصول إلى باطن الملكوت، كما لا بدّ للتلميذ أنْ يسلّم للأستاذ فيما يرضي الله تعالى ويرضي الحجج الطاهرين (عليهم السلام) وإلاّ فإنّ الإعتراض لا يجرّ إلاّ الوبال والخسران من هنا أكّد الخضر على هذه الصفة ـ أي صفة الإنقياد التام بقوله فإن اتبعتني فلا تسئلني عن شيء حتى أُحدِثَ لكَ منه ذكراً) لكنّ الفضول عند التلميذ لم يُبقِ فُسحةْ للأستاذ كي يملي عليه من علوم الباطن، فكان نصيب الإعتراض الخسران، مع أنّ الخضر (عليه السلام) أوصاه بعدم الإعتراض، لكنّ موسى (عليه السلام) لم يقْدر أنْ يصبر على ما رآه من خرق السفينة، وقتْل الغلام وغيرهما، فقال له الخضر (عليه السلام): (ألم أقل إنّكَ لن تستطيع معي صبراً) فكان جواب موسى (عليه السلام) المعتذر المقصّر بقوله: (لا تؤآخذني بما نسيت ولا تُرهقني من أمْري عُسْراً).
ثمّ أكّـد لـه بقـوله وإنْ سألتكَ عن شيء بعدها فلا تُصاحبني قد بلغتَ من لدنّي عُذراً).
أي إنْ كرّرتُ عليكَ السؤالَ، فعُذرُكَ معكَ حينئذٍ فيمكنكَ أنْ تتركني لأنني لا أستحقّ أنْ أصاحبكَ، وهكذا نتعلّم من موسى (عليه السلام) فلا نعصي للإمام امراً وإلاّ لكان الخسران حليفنا، بل علينا أنْ نتحلّى بالصبر لذا ورد بالدعاء المعروف بدعاء زمن الغَيْبة ويُقرَأ عصر يوم الجمعة: "وليِّنْ قلبي لوليّ أمركَ، وعافني مما امتَحَنْتَ به خلقكَ، وثبّتني على طاعة وليّ أمركَ الّذي سترته عن خلقكَ وبإذنكَ غاب عن بريّتكَ، وأمرَك ينتظرُ، وأنتَ العالِمُ غير المُعلّم بالوقت الّذي فيه صلاح أمر وليّك في الإذن له بإظهار أمره وكشف ستره، فصبّرني على ذلك حتى لا أحبّ تعجيلَ ما اخّرتَ ولا تأخير ما عجّلتَ، ولا كشْف ما سترتَ ولا البحث عمّا كتمتَ ولا أُنازعك في تدبيركَ ولا أقول لِمَ وكيف وما بال وليّ الأمر لا يظهَر وقد امتلأت الأرضُ من الجَور، وأفوضَّ أموري كلّها إليكَ، اللهمّ إني أسألكَ أنْ تُريني وليّ أمركَ ظاهراً نافذ الأمر مع علمي بأنّ لكَ السّلطان والقدرة والبرهان والحجّة والمشيئة والحولَ والقوّة فافعل ذلكَ بي وبجميع المؤمنين...".(17)
فآفة عدم الوصول هي عدم الصّبر والإلتزام بالأوامر والأسرار، فعلى المؤمن السّالك الّذي يريد الوصول إلى شاطئ رحمة الإمام (عليه السلام) أنْ يتحلّى بالتقوى الظاهريّة والباطنيّة، فالظاهريّة هي أنْ يجتنب كلّ محرَّم أو مكروه، مع الإتيان بالواجبات والتحلّي بالمستحبّات والفضائل والكمالات، والتقوى الباطنيّة هي أنْ يجتنب كلّ ما يؤدّي إلى إزعاج خاطر الإمام (عليه السلام)؛ لأنّ التُّقى هو أنْ تأتي بكلّ ما هو محبوبٌ عند الإمام (عليه السلام)، وأنْ تترك كل ما هو مكروه لديه، وإلاّ فإنّ الإتيان بما يكره الإمام خلاف المحبّة التي يدّعيها المحبّون في زماننا هذا (إنّ المحبّ لمَن أحبَّ مطيعٌ).
(14) كمال الدين:2/387ح3.
(15) كمال الدين:2/390ح4.
(16) بحار الأنوار:47/138.
(17) مفاتيح الجنان:120.
|
|
|
|
|