|
المستبصرون
|
رقم العضوية : 36051
|
الإنتساب : May 2009
|
المشاركات : 452
|
بمعدل : 0.08 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
محمد المياحي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 18-09-2009 الساعة : 11:58 AM
كتاب العلم
6- ... أخبرنا محمد بن يوسف الفربري وحدثنا محمد بن اسماعيل البخاري قال : حدثنا عبيدالله بن موسى عن سفيان قال : إذا قُرئ على المحدِّث فلا بأس أن يقول حدثني ، قال : وسمعت أبا عاصم يقول عن مالك وسفيان : القراءة على العالم وقراءته سواء .
يقول الشيخ حسين غلامي الهرساوي في كتابه " الإمام البخاري وفقه أهل العراق " :
الذي يتأمل في حياة البخاري وكتابه الصحيح يصدِّق أن الكتاب لم يكمل بيد المؤلف في حياته ، بل إن بعض تلامذته وغير تلامذته أضافوا إلى ما أنجز في حياة المؤلف ، وهناك شواهد منها ما صرح به المستملي المتوفى سنة 376هـ ، فإنه قال : انتسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند صاحبه الفربري ، فرأيت فيه أشياءً لم تتم وأشياء مبيضة وفي رواية أبي الوليد الباجي كما ذكره ابن حجر قال : انتسخت كتاب البخـاري من أصلـه الذي كان عند صاحبه ( محمد بن يوسف الفربري ) فرأيت فيه أشياء لم تتم وأشياء مبيضة منها تراجم لم يثبت بعدها شيئاً ، وأحاديث لم يترجم لها ، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض ،
ولا يخفى أن ذكر المؤلف لابد أن يأتي في بدء السند وفيما ذكرنا كما في الرواية قد لاحظت وقوعه في غير محله [1] .
أي أن في الرواية جاء اسم البخـاري محمد بن اسماعيل في وسط السند فتأمل .
7- ... أن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينا أنا نائم أُتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الريَّ يخرج في أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب ، قالوا : فما أولته يا رسول الله ؟ قال : العلم .
ذُكر هذا الحديث في البخاري في كتاب فضائل الصحابة ، باب مناقب عمر ، وكتاب التعبير ، باب اللبن ، وباب إذا جرى اللبن ، وباب إذا أعطى فضله غيره ، وباب القدح في النوم .
يقول الزمخشري في تفسيره للآية رقم 20 من سورة النساء :
عن عمر (رض) أنه قام خطيباً فقال : أيها الناس لا تغالوا بصدق النساء ، فلو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما أصدق امرأة من نساءه أكثر من اثنا عشر أوقية .
فقامت إليه امرأة فقالت له : يا أمير المؤمنين لم تمنعنا حقاً جعله الله لنا والله
يقول : { وآتيتم إحداهن قنطاراً } ، فقال عمر : كل أحد أعلم من عمر ، ثم قال لأصحابه : تسمعونني أقول مثل هذا القول فلا تنكرونه علي حتى ترد علي امرأة ليست من أعلم النساء [2] ؟
أقول :
وقد حكم عمر بن الخطاب في امرأة ماتت عن زوج وأم وأخوين لأمها دون أبيها وأخوين آخرين لأمها وأبيها معاً ، فقضى في المسألة وأسقط أخويها الشقيقين ولم يحكم لهما بشيء في أول الأمر ! وفي المرة الثانية حكم أيضاً كما ذكر الزبيدي : فجعل الثلث للأخوين لأم ولم يجعل للأخوة للأب والأم شيئاً !! فقالوا له : يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حماراً فأشركنا بقرابة أمنا ! فأشرك بينهم فسميت الفريضة [3] !
وتعرف أيضاً بالفريضة الحمارية لقوله ( هب أن أبانا كان حماراً ) كما ذكر أحمد أمين في كتابه فجر الإسلام مختصراً ذلك في ص237 في الفصل الثالث ( التشريع ) [4] .
أعود لرواية الزمخشري وأقول :
لقد اعترف عمر بنفسه وبلسانه حين قال ( كل أحد أعلم من عمر ) وكرر ذلك حين قال : ( إن هذه المرأة لم تكن أعلم النساء ) ، أي أن في
الصحابة من هو أعلم من هذه المرأة ، هذا بالإضافة إلى علامات الاستفهام والتعجب حول الرؤيا !
الرسول الأكرم يرى هذه الرؤيا ويؤولها بالعلم ، والرؤيا التي مرت عليك في الحديث السابق وفي الصفحات السابقة يؤولها بالدين ، فلا شغل ولا عمل لهذا الرسول إلا رؤيا عمر في منامه ، فتارة دين عمر وأخرى علم عمر وتارة أخرى أيضاً غيرة عمر ، ولو أن هذا الرسول عمَّر وعاش أكثر من ذلك لرأى من هذه الرؤى الكثير الكثير .
ثم لماذا لم ير النبي الأكرم رؤيا في شجاعة عمر مثلاً ، فالشجاعة فضيلة ويتمناها كل الناس ويحبها الله ورسوله ، وهل غاب ذلك عن الرواة ؟!
ثم ألا يعلم أهل العامة بأن الفضائل لا تكتسب بالرؤيا والأحلام .
ولنتصفح معاً أخي الكريم كتب السنة ونرى صحة قولهم في علم عمر المزعوم ومنها :
أخرج الحاكم النيسابوري في مستدركه :
... أنس بن مـالك (رض) أنه سمع عمـر بن الخطـاب (رض) يقول : { فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً } عبس:27-31 ، قال : فكل هذا قد عرفناه ، فما الأب ؟ ثم نقض عصا كانت في يده فقال : هذا لعمر الله التكلف ! اتبعوا ما تبين لكم في هذا الكتاب [5] !
قال الحاكم : هذا حديث صحيح !
لاحظ أن عمر في هذه الرواية يجهل معنى كلمة ( الأب ) !
أقول :
ومن علومه الغيبية : قال الذهبي : بينما عمر (رض) يخطب إذ قال : يا سارية الجبل ! وكان عمر قد بعث سارية بن زُنيم الدئلي إلى فسا ودار أبجرد – وهي بلاد فارس – فحاصرهم ثم إنهم تداعوا وجاؤوه من كل ناحية والتقوا بمكان وكان إلى جهة المسلمين جبل لو استندوا إليه لم يؤتوا إلى من وجه واحد فلجئوا إلى الجبل ثم قاتلوهم فهزموهم وأصاب سارية الغنائم فكان منها سفط جوهر فبعث به إلى عمر فرده وأمره أن يقسمه بين المسلمين وسأل النَّجّاب أهل المدينة عن الفتح وهل سمعوا شيئاً ، فقال : نعم ، يا سارية الجبل الجبل ، وقد كدنا نهلك فلجئنا إلى الجبل فكان النصر [6] .
وقد ذكر ابن الأثير الجزري ولكن باختلاف يسير .
عن ابن عمر عن أبيه أنه كان يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فعرض له في خطبته أن قال : يا سارية الجبل الجبل ، من استرعى الذئب ظلم ، فالتفت الناس بعضهم إلى بعض فقال علي : ليخرجن مما قال ، فلما فرغ من صلاته قال له علي : ما من شيء سنح لك في خطبتك ؟ قال : وما هو ؟ قال : قولك يا سارية الجبل الجبل من استرعى الذئب ظلم ،
قال : وهل كان ذلك مني ؟! قال : نعم ، قال : وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا فركبوا أكتافهم وأنهم يمرون بجبل فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوا وقد ظفروا وإن جاوزوا هلكوا ، فخرج ما تزعم أنك سمعته ، قال : فجاء البشير بالفتح بعد شهر فذكر أنه سمع في ذلك اليوم في تلك الساعة حين جاوزوا الجبل صوتاً يشبه صوت عمر ! يا سارية الجبل الجبل ! قال : فعدلنا إليه ففتح الله علينا [7] .
عجبي والله من تلك العلوم التي أخذها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ! والأعجب من ذلك أنها ليست علوم الشريعة فحسب ، بل علوم غيبية أيضاً !! وإلا فأين المدينة وأين بلاد فارس ! ولكن ! إنها نظرة عمر الثاقبة التي تخترق الحجب !
وقال القرطبي :
عن سعيد بن المسيب قال : كان عمر يتعوَّذ من معضلـة ليس لها أبو حسن !
وقال في المجنونة التي أمر برجمها ، وفي التي وضعت لستة أشهر ، فأراد عمر رجمها فقال له علي : إن الله تعالى يقول : { وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } الأحقاف:15 ، الحديث .
وقال له : إن الله رفع عن المجنون ... الحديث . فكان عمر يقول : لو لا
علي لهلك عمر [8] !
وقال أيضاً :
... أذينة بن مسلمة قال : أتيت عمر بن الخطاب (رض) فسألته من أين أعتمر ؟ فقال : إيت علياً فسله ، فذكر الحديث ... وفيه قال عمر : ما أجد لك إلا ما قال علي [9] !
فأين أثر فضلة النبي التي أعطاها لعمر بن الخطاب والتي أولها بالعلم ؟!!
يقول أحمد أمين في كتابه فجر الإسلام :
فقه عمر بن الخطاب يرجع إلى علي ، لأنه كان يرجع إليه فيما أشكل من المسائل ، وكان يقول لو لا علي لهلك عمر ، وتفسير القرآن أخذ أكثره من عبدالله بن عباس ، وهو أخذه عن علي ، فقد قيل لابن عباس : أين علمك من علم ابن عمك ؟ فقال : كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط [10] .
8- ... عن الزهري قال : أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فقام عبدالله بن حذافة فقال : من أبي ؟ فقال : أبو حذافة ، ثم
أكثر أن يقول ( سلوني ) ، فبرك عمر على ركبتيه فقال : رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ، فسكت .
ورد ذكر هذا الحديث في البخاري في كتاب مواقيت الصلاة ، باب وقت الظهر ، وكتاب التفسير ، باب { لا تسألوا عن أشياء } ، وكتاب الدعوات ، باب التعوذ من الفتن ، وكتاب الفتن ، باب التعوذ من الفتن ، وكتاب الاعتصام ، باب ما يكره من كثرة السؤال .
لاحظ أخي الكريم أن النبي صلى الله عليه وآله يقول : سلوني ، فكان من واجب الصحابة أن يسألوه فيما يهمهم من أمور دنياهم وآخرتهم ، ولكن يتبين لنا أن عمر خاف من أن يصيبه شيء من تلك الفضائح لذا نراه وقد قال ما قال كي يسكت الرسول الأكرم .
راجع ج 3 ، ص 350 ، حديث 841 من كتاب الفتن ، باب التعوذ من الفتن .
9- ... عن أبي هريرة أنه قال : قيل يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رايت من حرصك على الحديث ، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه
أو نفسه .
جاء ذكر هذا الحديث في البخاري في كتاب الرقاب ، باب صفة الجنة والنار .
أقول :
نحن نرفض هذا الحديث ونكذب هذا الدوسي وذلك من وجوه :
أولاً : راوي الحديث أبو هريرة هذا الذي قال فيه الصحابة قد أكثر علينا أبو هريرة ، وقد اتهمه كبار الصحابة وأنكروا عليه وانتقدوه وكذبوه حتى قال فيه الإمام علي عليه السلام أكذب الأحياء على الرسول صلى الله عليه وآله لأبو هريرة الدوسي .
ثانياً : يقول أبو هريرة كما في الحديث ( قيل يا رسول الله ) أي أن أبا هريرة لم يكن هو السـائل وإلا لكان الحديث هكذا ( قلت يا رسول الله ) أو ( سألت رسول الله ) .
الوجه الثالث : بما أنه لم يكن هو السائل فكيف جاز للرسول الأكرم أن يقول فيه ويمدحه ( ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لحرصك على الحديث ) .
الوجه الرابع : أن أبا هريرة يريد أن يبعد التهمة عن نفسه حيث أن الصحابة أخذوا يكثرون عليه ويتهمونه بالوضع ، فبيَّن في هذا الحديث أن الرسول الأكرم قد شهد له بالحرص على سماع وحفظ الحديث .
وأخيراً يقول ابن قتيبة الدينوري في كتابه تأويل مختلف الحديث :
... وذكر أبا هريرة فقال : أكذبه عمر وعثمان وعلي وعائشة رضوان الله عليهم [11] .
10- ... عن أبي جحيفة قال : قلت لعلي هل عندكم كتاب ؟ قال : لا إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة ، قال : قلت فما في هذه الصحيفة ؟ قال : العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر .
ورد ذكر هذا في البخاري في كتاب فضائل المدينة ، باب حرم المدينة ، وكتاب الجهاد ، باب فكاك الأسير ، وكتاب الجزية والموادعة ، باب ذمة المسلمين ، وباب إثم من عاهد وكتاب الفرائض باب إثم من تبرأ ، وكتاب الديات ، باب لا يقتل المسلم بالكافر ، وأخيراً كتاب الاعتصام ، باب ما يكره من التعمق .
يقول ابن حجر في شرحه للحديث :
قال ابن المنير : فيه دليل على أنه كان عنده أشياء مكتوبة من الاستثناء من كتاب الله .
أقول :
كان الصحابة يشكون بأن عند الإمام علي عليه السلام كتاباً أملاه الرسول الأكرم ، لذا تراهم يسألونه عن ذلك ، وربما أعجزهم عليه السلام بماهية وكنه العلم الذي يحمله عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، لذا حرصوا على أن يسألوه ، ومن المحتمل أنه عليه السلام كان عنده كتاب ولكنه استعمل التقية في ذلك ، وفي الحديث دليل أيضاً على أن الصحابة كانوا يدوِّنون أحاديث الرسول الأكرم ، هذا بالإضافة إلى أنهم كانوا يكتبون الآيات التي كانت تنزل على الرسول الأكرم تدريجياً ، أي بمعنى آخر أن القرآن كان مجموعاً وليس كما يدَّعي أهل السنة بأن القرآن كان مبعثراً هنا وهناك ! وسنذكر تفصيل ذلك في محله .
11- ... حدثنا عمرو قال : أخبرني وهب بن منبه عن أخيه قال : سمعت أبا هريرة يقول : ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبدالله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ولا أكتب ، تابعه معمر عن همام عن أبي هريرة .
أقول :
لقد أكثر أبو هريرة وكذب في قوله لأنه كان قصير النظر ولم يكن بحسبانه أنه سوف يأتي من يحقق تلك الأقوال والأحاديث وينقِّب في بطون الكتب بحثاً عن تلك الأحاديث ومصداقية رواتها .
يقول القسطلاني في كتابه إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري :
... مع أن الموجود عن عبدالله بن عمرو أقل من الموجود المروي عن أبي هريرة بأضعاف ، لأنه سكن مصر وكان الواردون إليها قليلاً بخلاف أبي هريرة فإنه استوطن المدينة وهي مقصد المسلمين من كل جهة .
لاحظ أن القسطلاني يحاول إيجاد العذر لهذا الدوسي ، فإن أبا هريرة يقول ( أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبدالله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب ) وهذا يفنِّد دعوى القسطلاني بأن السبب أن ابن عمرو سكن مصر ، فإن أبا هريرة يعترف ويقر على نفسه بأن أحاديث عبدالله بن عمرو أكثر مما رواه فلا حاجة لنا بمحل سكناه وتاريخ وفاته ، فتأمل .
وأيضاً ما دام أن عبدالله بن عمرو كان يكتب الحديث ، إذن ، فهناك مجموعة من الصحابة على عهد النبي الأكرم كانت تدوِّن الحديث وعلى رأسهم الإمام علي عليه السلام ، ومن هنا يعرف بطلان دعوى عمر أن الرسول الأكرم مات وترك القرآن متفرقاً في صدور الرجال أو الصحابة وإن من يكتب الحديث فمن الأولى أن يكتب القرآن .
12- ... عن ابن عباس قال : لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده ! قال عمر : إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا ! فاختلفوا وكثر اللغط ، قال : قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع ! فخرج ابن عباس يقول : إن الرزيَّة
كل الرزيَّة ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه !
ورد ذلك في البخاري في كتاب الجهاد والسير ، باب جوائز الوفد ، وكتاب الجزية والموادعة ، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب ، وكتاب المغازي ، باب مرض النبي ، وكتاب المرضى ، باب قول المريض قوموا عني ، وكتاب الاعتصام ، باب كراهية الخلاف .
أقول :
أولاً : كلمة [ ائتوني بكتاب ] تدل على الأمر الواجب التنفيذ والإطاعة من قبل الصحابة ، ولا تدل على ( الطلب ) كما قد يتوهم البعض .
قال تعالى في محكم كتابه : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً } الأحزاب / 36 .
ثانياً : الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لا تضلوا بعده ، أي بعد كتابة وتدوين ذلك الكتاب ، فكان من واجب الصحابة أن يهتموا بكتابة ذلك الكتاب ، حيث أنه لا ضلالة بعده .
ثالثاً : يظهر من قول عمر ( وعندنا كتاب الله حسبنا ) .
أ- أن ذلك الكتاب أي القرآن الكريم كان مجموعاً على عهد الرسول الأكرم ، وهذا يفنِّد ما تقوله العامة بأن أبا بكر جمع القرآن من صدور الناس ومن اللخاف وما أشبه .
ب- أن عمر لم يكن حافظاً لكتاب الله عز وجل لأن الصحابة كانوا يقرؤون عليه هذه الآية : { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } آل عمران / 144 .
بل كان يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت ولكن عُرج بروحه كما عُرج بروح موسى ، والله لا يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقطع أيدي أقوام وألسنتهم ، فلم يزل عمـر يتكلم حتى ازبـدَّ شدقاه مما يوعد ...[12] .
ألا يشعرنا ذلك بأن عمر كان يعلم بما سيمليه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ؟
ثم لماذا يمنع النبي من كتابة وصيته ؟
ألا تجد من نفسك أيها القارئ شوقاً وحرصاً على أن تعرف ما كان سيمليه النبي الكريم ؟!
ألم يقل ( ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين ووصيته مكتوبة عنده ) [13] .
ألم يكن من الأجدر بعمر أن يسكت كي يقدموا للنبي ما طلب منهم وذلك لأن فيه الهداية وعدم الضلال ؟
وسأوافيك أيها القارئ بالمزيد وبإسهاب في الصفحات القادمة بخصوص هذا الموضوع .
13- ... عن أبي هريرة قال : إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة ، ولو لا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثاً ، ثم يتلو : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى } إلى قوله { الرحيم } ، إن اخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق ، وإن اخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم ، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطنه ، ويحضر ما لا يحضرون ويحفظ ما لا يحفظون .
ورد ذكر هذا الحديث في كتاب البيوع ، باب { فإذا قضيت الصلاة } ، وكتاب الحرث والمزارعة ، باب ما جاء في الغرس ، وكتاب الاعتصام ، باب الحجة على من قال .
يقول الله تعالى في محكم كتابه وفصل خطابه : { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } هؤلاء هم الصحابة المقرَّبون .
لاحظ الصحابة وقد قالوا أكثر أبو هريرة، -أي في الحديث– وكذلك الصحابة كان يشغلهم الصفق في الأسواق والعمل في أموالهم ، فهل يا ترى الرسـول الأكرم كان ملازمـاً لأهل الصفة ولا عمل لـه إلا مجالسـة هؤلاء
المساكين؟
ونلاحظ أيضاً أن أبا هريرة جاء بهذا الحديث تزكية لنفسه ومجيباً المنكرين عليه .
14- ... عن أبي هريرة قال : قلت يا رسول الله إني أسمع منك حديثاً كثيراً أنساه ، قال ابسط رداءك ! فبسطته ، قال : فغرف بيديه ثم قال : ضمَّه ، فضممته فما نسيت شيئاً بعده !
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : أين كان الصحابة عندما أراد النبي الأكرم أن يغرف بيديه في رداء أبي هريرة ؟!
ولِمَ تكون هذه المعجزة خاصة بأبي هريرة فقط ؟!
أما الحديث المروي عن الإمام علي عليه السلام ( علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألف باب يفتح لي من كل باب ألف باب ) فإن بعض العامة يرد هذا الحديث ويرفضه في حين أنهم يقبلون برواية أبي هريرة ولو كان ذلك على حساب الصحابة والطعن فيهم ، ومن الملاحظ هنا أيضاً أن أبا هريرة يريد أن يبين للمسلمين أنه أحد أركان الحديث ، وسوف نوافيك لاحقاً بأن أبا هريرة يكذب في قوله ( فما نسيت شيئاً بعده ) .
راجع ج 1 ، ص 403 ، حديث 207 ، باب الصائم يصبح جنباً ، من كتاب الصوم .
15- ... عن أبي هريرة قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائين ، فأما أحدهما فبثثته ، وأما الآخر فلو بثثته قُطِع هذا البلعوم .
يقول أبو هريرة بأن لديه وعائين بث ونشر أحدهما ، ولم يبث الآخر خوفاً من الضرب بالسياط والدرة ، وخوفاً من قطع بلعومه – أي في زمن عمر بن الخطاب - ، فلذلك أخفاه عن المسلمين وكتمه ، ولم ينشر هذا الوعاء ويبث ما فيه إلا أيام بني أمية وبالخصوص أيام معاوية بن أبي سفيان ، لذا ترى وتشم رائحة الوضع في أحاديثه التي رواها أيام الطليق ابن الطليق .
باب قول الله تعالى { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا }
16- ... عن عبدالله قال : بينا أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في خرب المدينة وهو يتوكَّأ على عسيب معه ، فمرَّ بنفر من اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح وقال بعضهم لا تسألوه لا يجيئ فيه بشيء تكرهونه ، فقال بعضهم : لنسألنه ، فقام رجل منهم فقال : يا أبا القاسم ما الروح ؟ فسكت ، فقلت : إنه يوحى إليه ، فقمت فلما انجلى عنه فقال : { ويسألونك عن الروح ، قل الروح من أمر ربي ، وما أوتوا من العلم إلا قليلاً } قال الأعمش هكذا في قرائتنا .
ورد ذكر هذا الحديث في البخاري في كتاب التوحيد ، باب { إنما قولنـا لشيء } .
قال ابن حجر : ( هكذا في قراءتنا ) أي قراءة الأعمش ، وليست هذه القراءة في السبعة ، بل ولا في المشهورة من غيرها .
لاحظ التحريف في قوله ( وما أوتوا ) !
أما الموجود في المصحف الذي بين أيدي المسلمين اليوم { وما أوتيتم } .
راجع ج 1 ، ص 391 ، حديث 203 ، باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية من كتاب الحج .
باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه
17- ... عن الأسود قال : قال لي ابن الزبير : كانت عائشة تسر إليك كثيراً ، فما حدثتك في الكعبة ؟ قلت : قالت لي : قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا عائشة ! لو لا قومك حديث عهدهم ، قال ابن الزبير : بكفر لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين ، باب يدخل الناس وباب يخرجون ، ففعله ابن الزبير .
ورد هذا الحديث في البخاري في كتاب الحج ، باب فضل مكة وبنيانها ، وكتاب بدء الخلق ، باب حدثنا موسى ، وكتاب التفسير ، باب { وإذ يرفع إبراهيم } ، وكتاب التمني ، باب ما يجوز من اللوّ .
يستفاد من هذه الرواية أن النبي الأكرم قد عمل بالتقية ، لأن الترسبـات
الجاهلية لا زالت عالقة في نفوس الصحابة .
يقول يوسف القرضاوي في كتابه " ثقافة الداعية " :
أن هناك فرقاً بعيداً بين المداراة التي لا يستغني عنها حكيم وبين المداهنة التي لا يلجأ إليها إلا منافق أو ضعيف ، فالمداراة أن تبذل دنياك لمصلحة دينك ، والمداهنة أن تبذل دينك لمصلحة دنياك [14] .
وهذا ما نقوله نحن الشيعة بأن التقية هو من يظهر الشرك ويخفي الإيمان ، أما المنافق فهو من يظهر الإيمان ويخفي الشرك ، ولا نقول أكثر من ذلك ونحن نؤيد ما قاله القرضاوي ولو أنه تحاشى كلمة ( التقية ) فاستعمل بدلاً منها كلمة ( المداراة ) .
باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال
18- حدثنا مسدد ... عن علي قال : كنت رجلاً مذَّاءً ، فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم فسأله ، فقال : فيه الوضوء .
ورد هذا الحديث في البخاري في كتاب الوضوء ، باب من لم يَرَ الوضوء ، وكتاب الغسل ، باب غسل المذي .
من الأسماء العجيبة والطريفة للرواة والتي تجعل القارئ يشك في الرواية من خلال اسم الراوي كمـا في هذه الرواية الذي جـاء فيها اسم مسدد وهو ابن
مسرهد بن مسربل بن مستورد [15] ! وقال البخاري : بن مرعبل [16] !
ويقول الذهبي أيضاً : مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن أرندل بن سرندل بن غرندل بن ماسك بن المستورد الأسدي [17] !!
وقال ابن ماكولا : قال الشريف النسابة : لو كتب أمام نسبه بسم الله الرحمن الرحيم كان رقية للعقرب [18] !!
جاء في الكشكول للشيخ محمد بهاء الدين العاملي :
السرمدي المحدث الحنبلي :
ومن العجـائب في أسامي ناقلي
الأخبـار والآثـار للمتـأمـل
كمسدد بن مسرهد بن مغربـل
ومرعبـل بن مطربل بن أرنـدل
وسرنـدل بن عرندل لو سلموا
فيها لظلت رقيـة للدُّمَّـل [19]
ويستنتج من هذا الحديث عدة أمور :
أولاً : يريد الراوي أن يبين جهل الإمام علي عليه السلام في مسألة شرعية.
ثانياً : يريد الراوي أن يؤكد رواية خطبة الإمام عليه السلام من ابنـة أبي
جهل ، وذلك لأن من يكون مذاءً فلا صبر له عن النساء .
ثالثاً : يحاول العامة أن يبينوا لنا أن الإمام علي عليه السلام قد آذى فاطمة بتلك الخطبة ، أي خطبة ابنة أبي جهل ، ومن آذى فاطمة عليها السلام فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وآله .
رابعاً : محاولة نسبة جهل الإمام بالأحكام الشرعية وتكذيب الأحاديث المروية في علم الإمام ، منها :
حديث علمني رسول الله ألف باب يفتح لي من كل باب ألف باب .
وأيضاً قول الإمام عليه السلام : سلوني قبل أن تفقدوني .
وكذلك لو لا علي لهلك عمر .
ومسألة جهل الإمام بالحكم الشرعي في المذي يجرنا إلى حذف كثير من الأحاديث السابقة ، وكما يقول المثل : فاقد الشيء لا يعطيه ، فإن كان الإمام يجهل هذه المسألة فكيف به يقول علمني رسول الله ألف باب ؟ ثم لماذا يخجل الإمام من السؤال طالما المسألة لبيان حكم شرعي ؟
فتأمل أخي المسلم وانتبه فالعامة تريد أن تروج هذه الرواية كي يطعنوا في أحاديث وروايات كثيرة مروية في علم الإمام علي عليه السلام وسوف يجرنا قبول هذه الرواية إلى كثير من الأمور التي لا نهاية لها .
(112) ص130-131 ، التحقيق في صحيح البخاري ، ط1/1420هـ ، دار الاعتصام، بيروت .
(113) الكشاف للزمخشري ، ج1 ، ص491 ، ط 1415هـ .
(114) تاج العروس للزبيدي ، ج7 ، ص149 ، شرك .
(115) فجر الإسلام ، ص237 ، ط10/1969م ، بيروت .
(116) ج2 ، ص514 ، كاب التفسير ، سورة عبس ، ط بيروت .
(117) تاريخ الإسلام للذهبي ، عهد الخلفاء الراشدين ، ص249 ، ط1/1407هـ ، بيروت .
(118) أسد الغابة لابن الأثير الجزري ، ج2 ، ص244 ، سارية ، ط المكتبة الإسلامية .
(119) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، ليوسف بن عبدالبر ، ج3 ، ص206 ، ترجمة 1875 ، علي بن أبي طالب الهاشمي ، ط 1/1415هـ ، بيروت .
(120) نفس المصدر السابق .
(121) ص276 ، ط 10/1969م ، دار الكتاب العربي ، بيروت .
(122) ص26 ، ط1/1409هـ ، دار مكتبة الهلال ، بيروت .
(123) سنن الدارمي ، ج1 ، ص39 ، باب ما وفاة النبي ، ط دار إحياء السنة النبوية .
(124) سنن أبي داود ، المجلد2 ، ج3 ، ص112 ، كتاب الوصايا ، باب ما جاء فيما يؤمر ، حديث2862 ، ط دار إحياء السنة النبوية .
(125) ص70 ، ط2/1399هـ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت .
(126) سير أعلام النبلاء للذهبي، ج10 ، ص592، ترجمة 208 ، ط11، مؤسسة الرسالة، بيروت .
(127) نفس المصدر السابق ، ص593 .
(128) نفس المصدر السابق ، ص594 .
(129) نفس المصدر السابق ، ص595 .
(130) ج2 ، ص257 ، ط1/1403هـ ، دار الكتاب اللبناني .
|
|
|
|
|