|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 41588
|
الإنتساب : Sep 2009
|
المشاركات : 667
|
بمعدل : 0.12 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
رضا الهاشم
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 08-10-2009 الساعة : 12:54 AM
الصدمة
كنت أدرس في الصف مادة التاريخ ، وكان عندنا أستاذ يتبنى الفكر القومي ، ولما مررنا على معركة صفين ابتسم الأستاذ وقال : " فاقترح الداهية عمرو بن العاص فكرة رفع المصاحف حتى يخدعوا جيش علي وينجوا من الهزيمة المنكرة التي بدأت تلوح لهم " . صعقني جدا هذا الكلام ، فقلت في نفسي أعمرو بن العاص يفعل هذا ؟ هذا الصحابي الجليل - الذي عرفناه من أقتاب الصحابة كما قال لنا شيوخنا - يخدع ويمكر ؟ ! إذا أين تقوى الصحابة وإخلاصهم الذي دمغجنا به شيوخنا ؟ ! شعرت حينها بتمزق نفسي شديد بين ثقافتي الإسلامية التي تقدم كل الصحابة وترفعهم إلى صفوف الملائكة وبين حقائق التاريخ إن كانت حقة ؟ ! رجعت إلى البيت مغموما وسألت أخي عن المسألة فقال لي : إن هذا ليس من شأننا فلا تخض فيه وهم - أي الصحابة - أدرى بزمانهم و...
لم يقنعني هذا الكلام البارد الفارغ من كل معنى ، وهل يمكن أن يمارس المؤمن العادي الخداع والمكر ؟ ! فكيف بالصحابة ؟ ! وتمضي السنوات وتبقى في نفسي أشياء وأشياء ، لكني لما لم أصل إلى الجواب قفلت عليها في صدري وألقيت حبلها على غاربها ومضيت...
وتشاء الأقدار أن تجمعني بصديق قديم وزميل دراسة كنا تفارقنا مدة من الزمن وإذا بي أسمع أنه شيعي ؟ ! لقد كنت أعتقد أن المذهب السني هو المذهب الصافي وخاصة أتباع الإمام مالك إمام دار الهجرة حيث أن أكثر إفريقيا مالكيون ، وكنت أعتقد أن بقية المذاهب الثلاثة وإن كانت على الحق لكن المذهب المالكي أصفاها وأحقها ، نعم كانت أحيانا تجول في خاطري تساؤلات حول الاختلافات التي ما بين هذه المذاهب الأربعة وكنت لا أرى مبررا لاختلافها ، نعم لقد تعلمنا منذ صغرنا أن اختلافها رحمة وأنهم كلهم من رسول الله ملتمس ، لكن كان في نفسي من ذلك ما كان ، لكني قنعت بحجة شيوخنا أو ربما أقنعت بها نفسي . وكنت قاطعا ببطلان مذهب الشيعة وأنهم متطرفون في عقائدهم ، وكنت أسمع ما كان ينقله البعض حول بكاءهم على الحسين وسبهم للصحابة فيزداد عجبي، وكنت أتمنى أن ألتقي بواحد منهم لأقنعه أو على الأقل لأعرف لماذا هم هكذا . كان أول ما ناقشني فيه صديقي الشيعي حديث العشرة المبشرين بالجنة (أنظر ذلك في سنن ابن ماجة 1 : 48 ، باب فضائل العشرة) وقال لي : هل يعقل أن يكون طلحة والزبير وعلي في الجنة وقد قتل بعضهم بعضا وشتم بعضهم بعضا ؟ ! وهل يعقل كذلك أن يكونوا في النار ؟ ! فكان مما أجابني به أن الصحابة على ثلاثة أقسام : قسم الثابتين بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقسم المرتدين ( فعلا لا قولا ) ، وقسم المنافقين ، وعليه ليمكن أن يكونوا كلهم عدولا . ومما واجهني به صديقي هذا من الحجج حديث الثقلين الذي يقول فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " (سنن الترمذي : ج 5 فضائل أمير المؤمنين) وقد كفانا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مؤونة إمامة الأمة السياسية والعلمية بالأئمة من أهل بيته . وخضنا نقاشات عديدة حول تنزيه الله تعالى عن الرؤية والحركة والانتقال وتنزيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الذنوب والكبائر والخطأ والنسيان . وهكذا رأيت أن عائشة وحفصة نزلت فيهما سورة كاملة تهددهما بالطلاق وبعذاب النار...
ورأيت أن كل بناء السنة العقائدي متهاو بل هو من صنع وبناء حكام بني أمية أعداء الله ورسوله وبني العباس ومن بعدهم من الظالمين إلى اليوم . ورأيت أن الشيعة مذهب صاف عقلاني ملئ بالحجج الدامغة من القرآن الكريم والسنة المحمدية ولا مجال للخرافات والتحريفات والأكاذيب فيه ، وهكذا إذ بينما كنت أنسب إلى الشيعة كل قبيح ، استفقت على أن مذهبهم حق ، ولهذا كثرت حوله الأباطيل والدعايات الباطلة التي لم يرم بها حتى دين اليهود والمجوس . وعرفت حينها معنى قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة... ) (سورة الحجرات : 6) .
وعرفت الحديث القائل : " الناس أعداء ما جهلوا " (نهج البلاغة : 172 الكلمات القصار) .
وأنا من موقعي هذا أدع كل إنسان حر أن يطلع على كتب الشيعة وعلى آرائهم دون واسطة ، كما عرفت أنا كتب السنة كالبخاري والموطأ دون واسطة . وقارنوا بين المذاهب ، فلسنا أقل من معاوية الذي قتل النفوس وأحدث الفتن ثم يقال عنه : إنه اجتهد فأخطأ ، فنحن إن وصلنا إلى الحق - إلى دين الله ورسوله - فلنا أجران ، وإن لم نتوصل إلى ذلك فلعل الله يكتب لنا أجرا واحدا ، وذلك لصدق نياتنا وصفاء سرائرنا . وجربوا أن تطالعوا عن التشيع والشيعة الاثني عشرية ، فليس في ذلك بأس ولا ضرر ولا فتنة ولا سم كما يدعي بعض العلماء المتحجرين ، بل إن أحدنا يفاخر بأنه قرأ مجموعة آثار فيكتور هيجو مثلا أو اطلع على مسرحيات شكسبير وتجده جاهلا بما يقوله إخوانه وبما يعتقدونه جهلا مطبقا . أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيم
الهاشمي بن علي رمضان قابس - تونس
1 - شوال - 1419 ه
|
|
|
|
|