[برق الهواشم]

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي وسلم على محمد وآل محمد
مقال يحمل من المعانى ما لايخفى وشكراً للأخ الكاتب على ما خطّته يمينه حيث قد سلّط الضوء على موضوع غاية في الأهمية يدخل في صميم الحياة العراقية اليومية وإن كنّا أحياناً لا نلاحظ ما يجري غير أننا نرى الأثر من خلال ما نلمسه من مفردات تتعلّق بأساسيات الحياة أو الحد الأدنى من مستلزمات الحياة.
وبلا شك فإني أتفق والأخ العزيز في شئ وأختلف معه في شئ آخر...أتفق معه في الطرح الأول واختلف معه في الطرح الثاني الخاص بعراقيي الخارج...فأولاً يجب تحديد من المقصود بعراقيي الخارج...شاركنا في الانتفاضة الشعبانية المباركة ولجأ البعض الى ايران والسعودية ومن ثم خرج الكثير الى دول العالم...و وصلت الى منطقة العبدلي الكويتية تاركاً هناك شقيق وشقيقة غير أني لم أستطع ترك بقية أشقائي و والدي وأمي...فعدت الى العراق ومن ثم قررت الخروج الى ايران وما لبثت حتى أصابني الحنين فعدت مرة أخرى...ذبت حالي حال الكثير من الأخوة في الفكر الجهادي ضد التسلط والطغيان وعانينا ما عانينا فذهب جمع مبارك من الأخوة شهداء على درب الحسين وكنا نستلذ الطريق رغم المكاره...هذه المقدمة كي لا يتهمني البعض بحسن نية أني هنا للهجوم فليس هذا القصد من ردّي...ولكني أقصد من هم عراقيوا الخارج من سكنة المنطقة الخضراء الذين يذكّرني حالهم بحال المصريين الذين كانوا يعملون في العراق بقصد تأمين مبلغ مالي يساعدهم حين عودتهم لمصر...وهذا القول ليس جزافاً فقد رأيتهم وعملت معهم ظاناً أن ما يدفعهم هو الحرص على العراق فوجدت العكس...كل همّهم هو جمع ما يمكنهم جمعه في سنتين أو ثلاثة ثم العودة مرة أخرى الى عوائلهم في أنحاء المعمورة ليعيشوا في بحبوحة ولكي يكون الوقوف في طوابير الإعانات الشهرية في البلدان التي يقطنونها ذكرى من الماضي (وإن كان البعض بل الكثير منهم يستلمها الى الآن رغم تمتّعهم بمناصب وظيفية عالية)...ليس في هذا عيب ولكن ما الداعي للجنسية الأخرى إن كنت تعيش في بلدك معزّزاً مكرّماً تحظى بوظيفة ومرتب شهري لم تكن تحلم به طوال حياتك؟
أجل هناك من يعاني فلي أخت عادت من الخارج والحمدلله انصهرت وعائلتها مرة أخرى في الحياة العراقية برغم كل ما فيها من نقص للخدمات التي سببها فلان وفلان من عراقيي الخارج...هل تعلم أستاذي العزيز ما قاله لي أحد هؤلاء؟...قال لي بالحرف الواحد إن كل ما آخذه أو ما سأحصل عليه لايساوي ذرّة من معاناتي ومعاناة عائلتي وعشيرتي...ناسياً أنه ليس الوحيد الذي عانى... وإن ما يأخذه الآن هو مرتّب شهري قد يعود لعجوز فقدت إبنا في سجون الطاغية أو زوجة فقدت المعيل في غرف التعذيب أو يتامى فقدوا الأب بطلقة جلف بعثي... عذراً أخي للإطالة أعاننا الله وإياكم على النهوض ببلدنا مرة أخرى...فدافعي الوحيد للرّد هو الدماء التي سالت وما تزال تسيل على يد البعثيين ومن يعاونهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة من إخوان نسمّيهم الآن عراقيوا الخارج...والى الله المشتكى.