إنـّي أُخاطبك في هذه اللحظة العصيبة من محنتك ، وحياتك الجهاديّة ، بكلّ فئاتك وطوائفك ، بعربك وأكرادك ، بسنّتك وشيعتك ، لأنّ المحنة لاتخصّ مذهباً دون آخر ، ولا قوميّة دون أُخرى ، وكما أنّ المحنة هي محنة كلّ الشعب العراقي ، فيجب أن يكون الموقف الجهادي ، والردّ البطولي ، والتلاحم النضالي هو واقع كلّ الشعب العراقي .
وإنـّي منذ عرفت وجودي ومسؤوليّتي في هذه الأمّة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسنّي على السواء ، ومن أجل العربي والكردي على السواء ، حين دافعت عن الرسالة التي توحّدهم جميعاً ، وعن العقيدة التي تضمّهم جميعاً ، ولم أعش بفكري وكياني إلاّ للإسلام طريق الخلاص ، وهدف الجميع .
فأنا معك يا أخي وولدي السنّي بقدر ما أنا معك يا أخي وولدي الشيعي ، أنا معكما بقدر ما أنتما مع الإسلام ، وبقدر ما تحملون من هذا المشعل العظيم لإنقاذ العراق من كابوس التسلّط والذلّ والإضطهاد .
إنّ الطاغوت وأولياءَه يحاولون أن يوحوا إلى أبنائنا البررة من السنّة : أنّ المسألة مسألة شيعة وسنّة ، ليفصلوا السنّة عن معركتهم الحقيقيّة ضدّ العدوّ المشترك .
وأُريد أن أقولها لكم – يا أبناء علي والحسين وأبناء أبي بكر وعمر : إنّ المعركة ليست بين الشيعة والحكم السنّي ، إنّ الحكم السنّي الذي مثّله الخلفاء الراشدون ، والذي كان يقوم على أساس الإسلام والعدل ، حمل علي السيف للدفاع عنه ، إذ حارب جنديّاً في حروب الردّة تحت لواء الخليفة الأوّل ( أبي بكر ) وكلّنا نحارب عن راية الإسلام ، وتحت راية الإسلام مهما كان لونها المذهبي .
إنّ الحكم السنّي الذي كان يحمل راية الإسلام ، قد أفتى علماء الشيعة – قبل نصف قرن – بوجوب الجهاد من أجله ، وخرج مئات الآلاف من الشيعة ، وبذلوا دمهم رخيصاً من أجل الحفاظ على راية الإسلام ومن أجل حماية الحكم السنّي الذي كان يقوم على أساس الإسلام .
إنّ الحكم الواقع اليوم ليس حكماً سنّياً ، وإن كانت الفئة المتسلّطة تنتسب تاريخيّاً إلى التسنّن ، إنّ الحكم السنّي لايعني حكم شخص ولد من أبوين سنّيين ، بل يعني حكم أبي بكر وعمر ، الذي تحدّاه طواغيت الحكم في العراق في كلّ تصرّفاته ، فهم ينتهكون حرمة الإسلام ، وحرمة علي وعمر معاً في كلّ يوم ، وفي كلّ خطوة من خطواتهم الإجراميّة
ألا ترون يا أولادي وإخواني أنـّهم أسقطوا الشعائر الدينيّة التي دافع عنها علي وعمر معاً .
ألا ترون أنـّهم ملؤوا البلاد بالخمور وحقول الخنازير ، وكلّ وسائل المجون والفساد التي حاربها علي وعمر معاً.
ألا ترون أنـّهم يمارسون أشدّ ألوان الظلم والطغيان تجاه كلّ فئات الشعب ، ويزدادون يوماً بعد يوم حقداً على الشعب ، وتفنّناً في إمتهان كرامته ، والإنفصال عنه ، والإعتصام ضدّه في مقاصيرهم المحاطة بقوى الأمن والمخابرات ، بينما كان علي وعمر يعيشان مع الناس ، وللناس ، وفي وسط الناس ، مع آلامهم وآمالهم .
ألا ترون إلى إحتكار هؤلاء للسلطة إحتكاراً عسكريّاً عشائريّاً ، يسبغون عليه طابع الحزب زوراً وبهتاناً ، وسدّ هؤلاء أبواب التقدّم أمام كلّ جماهير الشعب سوى أُولئك الذين رضوا لأنفسهم بالذلّ والخنوع ، وباعوا كرامتهم وتحوّلوا إلى عبيد أذلاّء .
إن هؤلاء المتسلّطين قد إمتهنوا حتّى كرامة حزب البعث العربي الإشتراكي ، حيث عملوا من أجل تحويله من حزب عقائدي إلى عصابة تطلب الإنضمام إليها والإنتساب لها بالقوّة والإكراه ، وإلاّ فأيّ حزب حقيقي يحترم نفسه في العالم يفرض الإنتساب إليه بالقوّة ؟ !
إنـّهم أحسّوا بالخوف حتّى من الحزب العربي الإشتراكي نفسه الذي يدّعون تمثيله ، أحسّوا بالخوف منه إذا بقي حزباً حقيقيّاً له قواعده التي تبنيه ، ولهذا أرادوا أن يهدموا قواعده لتحويله إلى تجميع يقوم على أساس الإكراه والتعذيب ليفقد أيّ مضمون حقيقي له .
يا إخوتي وأبنائي من أبناء الموصل والبصرة ، من أبناء بغداد وكربلاء والنجف ، من أبناء سامرّاء والكاظميّة ، من أبناء العمارة والكوت والسليمانيّة من أبناء العراق في كلّ مكان ، إنـّي أُعاهدكم بأنـّي لكم جميعاً ، ومن أجلكم جميعاً ، وإنـّكم جميعاً هدفي في الحاضر والمستقبل ، فلتتوحّد كلمتكم ، ولتتلاحم صفوفكم تحت راية الإسلام ، ومن أجل إنقاذ العراق من كابوس هذه الفئة المتسلّطة ، وبناء عراق حرّ كريم ، تغمره عدالة الإسلام ، وتسوده كرامة الإنسان ، ويشعر فيه المواطنون جميعاً على إختلاف قوميّاتهم ومذاهبهم بأنـّهم إخوة ، يساهمون جميعاً في قيادة بلدهم وبناء وطنهم ، وتحقيق مُثلهم الإسلاميّة العليا المستمدّة من رسالتنا الإسلاميّة ، وفجر تاريخنا العظيم .