يطرح بعض الإخوة إشكالية متعلقة بإمكانية انتقاد المرجعية الدينية العليا من موقفها ومقاربتها العملية السياسية في العراق مستندا إلى الفشل في الأداء السياسي العراقي ومحملا تداعياته المرجعية الدينية . ومنشأ هذا الإشكالية يرجع إلى عدة أمور :
1- عدم معرفة بقيمة وثقل المرجعية الدينية في الحياة السياسية والاجتماعية ودورها التاريخي والمعاصر في مواجهة التحديات .
2- عدم التمييز لطبيعة الدور الذي تبنته المرجعية الدينية في المشهد السياسي العراقي .
3- عدم المعرفة الدقيقة بتأريخ العراق السياسي وتحولات البلد الاجتماعية والسياسية وأوضاع المجتمع العراقي الذي له تأثير مهم في صياغة وصناعة وتوليف المواقف .
4- إن السياسة كسائر العلوم والفنون تحتاج إلى معرفة مجموعة من القواعد والأصول والأدوات التي ينبغي تحصيلها إذا أراد المتتبع الوصول إلى نتائج وتحليل اقرب إلى الحقيقة والواقع .
5- عدم الاطلاع على تاريخ الفكر السياسي الشيعي ومراحل التطوير والتجديد التي شهدها ودور العلماء في بلورته .
لقد تطرقت في موضوعين مستقلين في هذا المنتدى وهما:
1- المرجعية الدينية وموقفها من العملية السياسية
2- المرجعية الدينية في قلب الحدث السياسي
إلى معلومات وتحليل لدور المرجعية من العملية السياسية يمكن الرجوع اليها ولكن أحببت إن أوضح أمور مهمة وأضيف :
إن في يقين وعلم المرجعية التي عاشت تحولات السياسة لعقود طويلة مع ما تختزنه من تجارب المرجعيات الأخرى التي تعاقبت على النجف وغيرها , عاشت من موقع المراقب والمجتهد والعارف بأحوال الناس ,في يقينها إن تعمل قدر المستطاع لان تكون الدولة في خدمة الشعب لا العكس وتعمل على تنزيه الدولة ومؤسساتها من اختلال الممارسة السياسية .
إن المرجعية تطالب دائما السلطات الثلاث بالعمل على تلبية متطلبات الشعب وان اي تقصير وسوء في الأداء السياسي لا تتحمله المرجعية . فمسؤولية المرجعية التسديد والنصح والتنبيه وهي أيضا تضطلع بمهام لها علاقة بالأمة وتطلعاتها المشروعة .
إن المرجعية ليست من يصنع القرارات ولا المسؤولة عن أداءها وتنفيذها ولا تضع برنامجا اقتصاديا ولا تتدخل في التفاصيل والإجراءات الميدانية لسياسات الحكومة , وما دام الشعب هو الذي صوت واختار ممثليه فالحكومة والبرلمان هم الجهات التي تتحمل المسؤولية .
وقد أعلنت المرجعية مرارا وتكرارا إنها على مسافة واحدة من الجميع وان الشعب هو الذي يختار ممثليه وكانت دقيقة جدا في خطاباتها فلا تميل لجهة على جهة , بل كانت تعكس معاناة الشعب وتشخص نقاط الخلل لغرض معالجتها ولا تبخس الانجازات ان وجدت فتشيد بها .
وفي الختام نقول إن هذه الإشكالية تحيلنا في الحقيقة إلى إثارة سؤال عمن يمتلك معيار ومقياس وضع إمكانية انتقاد وتصنيف وتوصيف المرجعية ؟ وهل يمتلكون الوعي العلمي والتاريخي والسياسي المضاهي لوعي المرجعية ؟