دار الرسالة العالمية، دمشق – سوريا
الطبعة: الأولى، 1434 هـ - 2013 م
ذكر إرسال جرير إلى معاوية وكتاب علي - عليه السلام - إليه
قال أبو جعفر الطبري عن عَوانة قال: لما قال علي - عليه السلام - لجرير إني أريد أن أبعثَك إلى معاوية، قال له جرير: ابعثني إليه فإنه لي وَادٌّ، فأدعوه إلى طاعتك، فشاور علي أصحابَه، فقال له الأشتر: لا تبعثه، فوالله إني لأظنّ أن هواه معه، فقال علي عليه السلام: دعه حتى نَنظر ما الذي يَرجع به إلينا، فبعثه إليه، وكتب معه كتابًا يُعلمه فيه اجتماعَ المهاجرين والأنصار على بيعته، ونكث طلحة والزبير، وما كان من حَربه إياهما، ويدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار. هذا قول الطبري (1). وقال هشام بن محمد الكلبي، عن أبيه: كتب أمير المؤمنين إلى معاوية: أما بعد: فإني قد لزمَتْك بيعتي وطاعتي في المدينة وأنت بالشام، لأنه بايعني الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان، فلم يكن للشاهد أن يَختار، ولا للغائب أن يردّ، وإنما الشّورى للمهاجرين والأنصار، فإذا اجتمعوا على رجل ونَصبوه إمامًا كان ذلك رضًى لله، فإن خرج عن أمرهم خارج رَدُّوه إلى ما خرج منه، فإن أبي قاتلوه على اتّباعه غيرَ سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولّى، وأصلاه جهنم وساءت مصيرًا.
__________
(1) تاريخ الطبري 4/ 561.
ثم إن طلحة والزبير بايعاني، ثم نَقضا بيعتي، وكان نقضُهما كردّهما، فجاهدتُهما بعد ما أعذرتُ إليهما، حتى جاء الحقُّ وظَهر أمرُ الله وهم كارهون، ومَن نكث فإنما يَنكثُ على نفسه، فادخُل فيما دخل فيه المسلمون، ولا تتعرَّض للبلاء، فإن عصيتَ قاتلتُك واستعنتُ بالله عليك، وقد بلغني إكثارُك في قَتَلَة عثمان، فادخل فيما دخل فيه المسلمون، ثم حاكمهم إليّ أحملْكم على كتاب الله. وأما التي تُريدها فهي خُدعة الصبي عن اللبن، ولَعمري لئن نظرتَ بعين عَقلك دون عين هواك لَتجدَنّي أبرأَ الناس من دم عثمان، وقد علمتَ أنك من الطُّلقَاء الذين لا تحلُّ لهم الخلافة، ولا تجوزُ لهم الشورى، وقد بعثتُ إليك جرير بن عبد الله، وهو من أهل الإيمان والهجرة والصحبة، فبايع ولا قوَّةَ إلا بالله والسلام (1).
__________
(1) العقد 4/ 332 - 333.
ترجمة هشام بن محمد الكلبي
سير أعلام النبلاء للذهبي
مؤسسة الرسالة - الطبعة : الثالثة ، 1405 هـ / 1985 م