ينابيع الموده للقندوزي 3:399_الباب 94.بحار الانوار ,للمجلسي 52 :93 .
ولم اجد ما قلت من تضعيف السند حيث لم يذكر ذلك فنورني ان كنت صادق
ثانيا :::اقول هنا ان تشبيه الامام المهدي وانتفاعنا به كانتفاع الارض بالشمس وضوئها حتى لو غيبتها الغيوم من الواضح المستحيل ان يغمّ الغمام ويعم السحاب ولو يوماً واحداً كل العالم وجميع أقطار الدنيا فيعلم بالقطع واليقين بل يتجاوز حتى عن عين اليقين الى حق اليقين ان هناك كل يوم قوم لا يحجبهم عنه حجاب ولا يمنعهم عنه سحاب فيستضيئون بنور وجوده ويدركون فيض حضوره وينعّمون بنعمة لقائه ويشرّفون بشرف زيارته فهنيأ لهم الف هناء وهذا الذي شبه به الامام لم يكن أحسن منه في الكلام فهل يمكن إذا الشمس كورت وانهارت وانعدمت فهل يبقى لهذا الكون بعدها باقية كلا كلا فكذلك يعلم لا يمكن ومن المحال أن يبقى العالم من غير امام ومن وجه آخر حاجة كل المخلوقات ونظام الكون الى الشمس واستغنائها عنها يثبت حاجتنا في البقاء الى الامام وعدم حاجته الينا ولهذا خلق الله الخليفة في الكون قبل الخليقة ، بل هل يمكن تصور الامام المقتدى به متأخّراً عن المأموم ؟ ! فوجوده أيضاًقبل وجود المأموم ومقدم عليه ، فمن المستحيل وجود المخلوف المأموم من غير وجود الامام .
وهنا نذكر هذه الدلالات على التشبيه اعلاه
الأوّل: بالشمس - وإن سترها السحاب – تبقى الحياة، ولولا وجود الشمس لأصبحت الأرض غير صالحة للحياة، فتنخفض درجات الحرارة إلى حدٍّ لا يُمكن معه الحياة، فكذلك الإمام (عج) فإنّه وإن كان غائباً إلا أنّ الحياة من دونه لا تبقى، ولقد ورد عنهم (ع) مستفيضاً: أنّه (لوبقيت الأرض بغير إمام (ع) لساخت)، وساخت أي غاصت في الماء وغابت وهو كناية عن هلاك البشر وفنائهم.
الثاني: الشمس المحجوبة وإن كانت نافعة إلا أنّ الناس ينتظرون ظهورها كي تتمّ الفائدة منها وتكمل، وبعض البلدان التي لا تظهر عندهم الشمس إلا نادراً نجدهم ينتظرون ظهورها، وعندما تبزغ عليهم ينتشرون ويتعرّضون لأشعّة الشمس طلباً للدفء والصحّة، لأنّ جسم الإنسان بحاجة إلى أشعة الشمس، وكذلك الإمام (عج) فإنّه وإن كانت فائدة وجوده عظيمة في حال غيبته إلا أنّ المؤمنين المخلصين ينتظرونه لتمام الفائدة وكمالها .
الثالث: إذا ستر السحاب الشمس لا تجد أحداً ينكر وجودها، لأنّها وإن لم تُرَ إلا أنّ آثارها موجودة ظاهرة بيِّنة لكلِّ ذي حسٍّ سليم، وإنّ منكر وجودها مُكابر معاند، فكذلك وجوده المقدس (عج) فإنّ إنكاره من المُكابرة والعناد مع ظهور آثاره وتجلِّي فيوضاته لمن كان سليم الحسِّ والشعور، وكان ذا بصيرة من ربِّه تعالى.
الرابع: إنّ الشمس في بعض الأحيان يحجبها السحاب الكثيف حتى يكون النهار كالليل في الظلمة، ويكون هذا الظلام نجاة ومصلحة لمن يلاحقه العدو الذي يريد الفتك به والنيل منه، وكذلك الإمام (عج) فإنّه بلغ الظلم بشيعته حداً حتى أصبحت المصلحة لهم في غيبته .
الخامس: إذا ضعُفت أبصار الناس فإنّها لا تقوى على نور الشمس، فيضرّها ظهورها ونورها لعدم احتمالهم لنورها الشديد. وكذلك الإمام (عج) فإنّ ضعف بصائر الناس وقلّة دينهم يمنعانهم من الاستضاءة بنور الإمامة، لأنّه يحملهم على المحجّة البيضاء، والحقّ الذي لا يُطيقون، ولولا غيبته (عج) لقلّ الشيعة في الأمصار، لعظيم بلائهم وامتحانهم وشدّة ضعفهم .
السادس: إنّ الشمس قد تظهر من بين السحاب ويراها من كان مراقباً لها ومنتظراً لبزوغها، فكذلك الحجة المنتظر (عج) فإنّ بعض المنتظرين له المشغوفين بحبّه قد يُمنُّ عليهم برؤيته والتشرُّف بلقائه، وهذا معلوم شائع عن بعض العلماء، ولقد عقد العلامة المجلسي باباً في ذكر من رآه صلوات الله عليه في أوّل الجزء 52، واستدرك العلامة الميرزا حسين النوري على البحار في جنّة المأوى وذكر تسعاً وخمسين حكاية في من تشرّفوا بلقاء الإمام (عج) .
السابع: إنّ الشمس نفعها عظيم، والذي لا ينتفع ببعض منافعها فإنما لأمرٍ فيه، ولحجاب جعله بينه وبين الشمس، فكذلك الإمام(عج) فإن نفعه عام ولكن بعض الناس عمي وأوجد الحجب بينه وبين الإمام فلم تصل المنفعة التامّة له بسوء فعله واختياره .
الثامن: إنّ الشمس منافعها تصل إلى الناس بحسب ما هيأ كلّ شخص من طرق وصول الفائدة إليه، وبقدر ما يرفع من الموانع، فكذلك الإمام (عج) فإنّ عموم نفعه يصل إلى كلّ شخص بحسب ما يهيئ من سبل ويرفع من موانع وحجب.
التاسع: إنّ الناظر إلى الشمس والمنتظر لها عندما تسترها الغيوم إنّما يكون نظره إلى الأعلى، فكذلك علوّ مرتبة الإمام(عج) وشرف مقامه الرفيع يقتضي من العبد أن ينظر بنور قلبه إلى المراتب العالية، والدرجات الرفيعة حتّى ينتظر أو يرى الإمام المنتظر(عج) .
العاشر: ما هو ثابت علميّاً أنّ الكواكب كالأرض تدور حول الشمس وفي فلكها، ولا يختلف ذلك بين ظهور الشمس وغيابها وراء السحاب، فعلى المؤمنين الموالين المنتظرين أن يكون محور أفعالهم وأقوالهم رضا إمامهم، ويدوروا في فلك هداية مولاهم، لا يخرجون عنه أبداً، سواء كان ظاهراً أو غائباً .
الحادي عشر: لو أنّ الكواكب خرجت من فلك الشمس لاختلّ نظام الكون وفسد، ولا يفرق الحال بين ظهور الشمس وغيبتها وراء السحاب، وكذلك الناس إذا تمرّدوا على إمامهم وخرجوا من دائرته فإنهم يتيهون ويفسد عملهم واعتقادهم، سواء كان ظاهراً أو كان غائباً .
الثاني عشر: إن الشمس مصدر للضياء بخلاف القمر فإنّ نوره مستمد من نور الشمس، فنور القمر من نور الشمس وإن خفيت الشمس علينا بسبب الغيوم، والإمام(عج) مصدر للضياء والنور وليس نوره مستمداً من غيره من الخلق، وإن الهدى الذي عليه بعض الناس مستمدّ من نوره وإن كان غائباً .
الثالث عشر: الشمس يعجز البشر عن الوصول إليها لبعدها وعلوها، ولا يفرق الحال بين غيبتها وظهورها، فكذلك الإمام يعجز البشر عن الوصول لمقامه الشريف، وإن كان غائباً عن الأنظار، ففي الزيارة الجامعة: (فبلغ الله بكم أشرف محل المكرمين، وأعلى منازل المقربين، وأرفع درجات المرسلين، حيث لا يلحقه لاحق، ولا يفوقه فائق، ولا يسبقه سابق، ولا يطمع في إدراكه طامع) .
الرابع عشر: إنّ الشمس لا يمكن الاقتراب منها لشدّة حرارتها، فكذلك نور الإمامة لا يمكن لأحد أن يقترب منه، فإن العقول قاصرة عن إدراكهم، ولقد ورد عن النبي’ أنّه قال: (يا علي، ما عرف الله إلا أنا وأنت، ولا عرفني إلا الله وأنت، ولا عرفك إلا الله وأنا)([2]) .
الخامس عشر: الشمس تضرّ من أطال النظر فيها، ويُكتفى في معرفة وجودها النظر الخاطف إليها، والتمعّن في آثارها، وكذلك الإمام (عج) فإنّ النظر والتفكّر في عظيم ذاته لكونه فوق طاقة البشر يجعل العبد يزيغ عن الحق، فيُكتفى بالنظر في آثاره الشريفة .
السادس عشر: إنّما يتميّز الليل من النهار بالشمس وإن كانت محجوبة بالسحاب، فكذلك الإمام (عج) فإن تميّز الهدى من الضلال والإيمان من الكفر به صلوات الله وسلامه عليه وإن كان غائباً .
السابع عشر: بظهور الشمس تنكشف الحقائق التي كانت مستورة بالليل، وكذلك الإمام (عج) بظهوره تنكشف الحقائق التي سُتِرت عنّا في ظلمة غيابه صلوات الله وسلامه عليه .
وفقنا الله لخدمة صاحب الطلعة البهية
=====