العلامة المحفوظ: كل من يدخل هذا المجلس يشارك في الفساد والإفساد
الرسالي - محرر الشئون المحلية - 02-10-2010م | 11:26ص
العلامة المحفوظ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك أعداءهم وأنصر أولياءهم واحشرنا في زمرتهم يا الله.
خطبة الجمعة لسماحة العلامة الشيخ محمد علي المحفوظ بمسجد السيدة فاطمة الزهراء في بني جمرة، وذلك في الأول من أكتوبر 2010.
النفق الأمني
شعار المرحلة هو (النفق الأمني) لأننا بالفعل دخلنا في النفق الأمني الذي لا يعلمه أحد إلا السلطات والقائمون على الأمر، متى سوف تُخرج البلد من هذا النفق؟ أو سوف يقرر الناس ذلك إن وجدت الإرادة الحرة، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" وفي النفق الأمني، وفي حكم النفق الأمني، لا معنى للحديث عن إصلاح ولا عن الديمقراطية ولا عن التنمية، ولا عن التطور والنجاحات، لأن الأمن هو شيطان مارد وهي قضية قاتلة لبناء المجتمعات، حتى الدول الكبرى التي تضررت بالأمن ووقعت في فخ الهاجس الأمني أصيبت بأضرار اقتصادية وسياسية وحقوقية كبيرة، ولامت نفسها عبر الأحرار والشرفاء وعبر المفكرين فيها.
ولو كان الأمن هو الخلاص لكان رب العزة والجلالة هو من يطبق الأمن، ومجازاة الناس على كل صغيرة وكبيرة ولكنه سبحانه وتعالى كما وصفه أمير المؤمنين: "اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء" وكما وصفه أهل البيت(عليهم السلام): "يا من سبقت رحمته غضبه" بل أنه بنى الكون على الرحمة لا على العنف ولا على إذلال الناس، بل أنه أول من كرم الناس فقال عز وجل: "ولقد كرمنا بني آدم"، فهنا في البحرين.
سيطرة الهاجس الأمني على الواقع السياسي يخنق البلد ,ولا يعطيها اي متنفس، ولا يساعد على التنمية، ويقلل من فرص التطوير حتى لو ادعت الحكومة من خلال تقارير وهمية أن البلد تعيش في حالة من الازدهار الاقتصادي، فهو وهم! وهي خديعة وكذبة لا يقبلها إلا المصفقون، أما أصحاب الاختصاص في الاقتصاد فيتحدثون عن أزمة اقتصادية أو عن أزمات اقتصادية في البلد، ولولا الحالة الدينية الموجودة في بلادنا لرأينا المشاكل المتعددة ولولا أن الناس يملكون إيمانهم ودينهم لرأينا كيف تعج البلد بسرقات تبدأ ولا تنتهي، وبمشاكل وبنزاعات وبصراعات وما تسمعون عنه هو قليل.
إيقاف النشرات وغياب المشروع
لا معنى لإيقاف نشرات الجمعيات السياسية تحت مبررات واهية ثم الحديث عن إصلاحات وعن ديمقراطية وعن تعزيز التلاحم الوطني، ماذا بقي من الوطن؟ وهل المطلوب من الجمعيات أن لا توزع نشراتها خارج مواقعها، وتحت مبرر أن تكتب عن نشاطاتها فقط، فهل المطلوب أن نكتب عن صب الشاي أو القهوة أو عن عدد الكراسي الجديدة أو عن عدد زوار الجمعية!. بعد أن ألغي دور المساجد والحسينيات بموافقة المجتمع مع الأسف، وموافقة جمعيات المجتمع المدني كما يقولون، ويمكن تلاحظوا في اللافتات الانتخابية (إبعاد دور العبادة عن القضايا الانتخابية) يعني أن المساجد للصلاة فقط وأن الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر هي في حدود المسجد فقط؟!
قد لا نستغرب لو قيل هذا الكلام في بلدان علمانية لكن الغريب حقاً أننا نتحدث ونستنكر على قضية حرق القرآن ونحن نقول للقرآن "صراحة" لا تتدخل فيما يرتبط بشؤوننا. فإذا لم يتدخل القرآن والمسجد والحسينية في واقع الناس.. إذن من يتدخل؟ الأهواء؟ أمزجة الناس؟ نعوذ بالله من ذلك.
واضح من سلسلة الاعتقالات المستمرة وسلسلة التجييش والتعبئة المستمرة، واضح أن الدولة لا تمتلك مشروعاً تقدمه للناس، ولهذا أقول لا يجوز تحميل الناس فشل الدولة، وإذا لم يكن للدولة قدرة على القبول بالشراكة السياسية وبقبول الناس كشركاء وليسوا مجرد تابعين، فلا أن نحمل الناس أكثر من طاقتهم، فنعتقلهم ونبحث لهم عن تهم ، وإذا تكلمنا عن أن حرق الإطارات هو عنف فهل إصدار النشرات هو عنف أيضاً؟ وهل المواقع الالكترونية عنف؟ وممارسة السياسة هي عنف؟ وتحمل المسئولية الدينية والأخلاقية عنف؟
انتخابات أم احباطات؟
تتضح الصورة يوماً بعد يوم أن الشارع البحريني بعاني من إحباط كبير، وقد انعكس ذلك حتى على الانتخابات وحتى حماس المترشحين لا يغطي الإحباط الموجود في الشارع، فشل الانتخابات واضح في ظل الواقع الحالي، ولا معنى لانتخابات في ظل واقع أمني مأزوم، حتى مع حماس المترشحين والداخلين وإعطاؤهم وعود فالناس كل يوم تأخذ الوعود من هنا وهناك وهي مزايدات على جراح الناس وآلامهم، وكل من يدخل المجلس يشارك في عملية الفساد والإفساد، وهذه التغطيات التي يضعها المترشحون ولا يقبلون من أحد أن يوجه لهم اللوم ثم يتحدثون عن عدم استباق النوايا، الناس جربت 8 سنوات ورأت كيف أنه "كلما جاءت أمة...".
ولكن كل هذه التغييرات لا تجدي فإما أن يكون الشخص القادم أفضل فلماذا لم يأت من قبل؟ وإما هو تنازل عن خطيئة والهروب من خطيئة فلماذا لم يتم العمل بها من قبل؟ وأما أن الدخول هو فضيلة، فلماذا نتخلى عن هذه الفضيلة ونكون من السباقين؟ ولذلك كل هذه التغييرات هي حالة إحباط.
الكلمات والتصفيفات واختراع مصطلحات جديدة لن يساعد في التغطية على البرلمان الفاسد والمفسد، ننتظر وتنتظرون .. ونتمنى أن يكون الناس هم حجر الزاوية في الانتخابات القادمة فيعطون دليلاً حيا على رفضهم لهذه الانتخابات الفاسدة، وهنا مربط الفرس إذا نجح الناس في ذلك فسوف ترون الجميع هم من يبحث عن الناس، لا ينبغي أن يذهب الناس إلى خيام وهمية،
يتحدثون عن عرس انتخابي .. لكن هذا العرس هو لشخص واحد وليس للناس، ولذلك فإنهم يدعون الناس إلى موائد الفتات ليحصلوا هم على المنفعة الأكبر، ننتظر ونتوقع من الناس أن يصلحوا هذا الألم وهذا الإحباط في موقف شعبي حاسم فلا يصوتوا وللناس الخيار في ذلك، لهم أن يحكموا العقل فلا يقفوا في هذه الانتخابات موقف المتفرج وإنما يتخذوا موقفاً، وينبغي أن يتخذوا موقفاً حاسماً فيقولون نحن حجر الزاوية ونحن من نُقصد، فينبغي أن يقصدهم المترشحون ويبحثوا عن آلامهم لا أن يستعرضوا أنفسهم بعد ثمان سنوات عجاف، أثمرت عن سرقة 1% من جيوب الناس علنا.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا وإياكم على أنفسنا بما يعين به الصالحين على أنفسهم وأن يغير سوء حالنا بحسن حاله.