[د. علي عبدالفتاح]

دلالة اسم (أحمد) بلسان النبي عيسى (عليه السلام):
ثمة قَدْحَــةٌ دلاليةٌ في قوله تعالى على لسان نبيه الروح عيسى (عليه السلام): {{ ومبشِّرًا برسولٍ يأتي من بعدي اسمُهُ أَحْمَدُ }} [الصف/6] ، تنبع من مقابلة هذا المورد بالموارد الأُخَرِ التي ذُكِر فيها اسمُ نبيِّنا مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله وسلّم) ، وهي: {{ وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلتْ من قبْلِه الرُّسُل }} [آل عمران/144] ، و {{ ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رِّجالكم ولكن رَّسولَ اللّهِ وخاتَمَ النبيِّين }} [الأحزاب/40] ، و {{ والذين آمنوا وعمِلُوا الصالحات وآمنُوا بما نُزِّل على مُحَمَّدٍ وهو الحقُّ من رَّبِّهم كفَّر عنهم سيّئاتهم وأصلح بالهم }} [محمد/2] ، و {{ مُحَمَّد رَّسولُ اللهِ }} [الفتح/29]. فقد ورد اسم النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم): (محمدًا) (4) أربعَ مرّاتٍ ، كما مرَّ في النصوص الكريمة ، في حين ورد اسمُه (صلى الله عليه وآله وسلم): (أحْمَدَ) مرةً واحدةً فقط وعلى لسان الروح الكريم عيسى (عليه السلام) ، كما ذُكِرَ... فما العلةُ ؟؟!!
قيل: إن اسمَ (أحمد) على وزن(أفْعَل) وهو اسمُ تفضيل ، أي: أنه مفَضَّلٌ على غيره ، فكل اسمٍ على وزنِ (أفْعَل) نحو: (أفضل ، وأكبر ، وأحسن ، وأجمل ، وأقوى ، وأبهى ، و.... سوى ذلك) يدل على أنه مميزٌ وله فضْلٌ على أفراد جنسه... فأراد عيسى ( عليه السلام) أن يُخبرَ بني إسرائيل أنه ( ليس ابنَ الله ) كما زعم النصارى ، وأنه ليس أفضلَ خلق الله ولا هو أفضلَ أنبيائه ، بل الأفضلُ والأحسنُ و(الأحمدُ) هو النبيُّ الخاتَم الذي يأتي من بعده ... فهو (أحمدُ) خَلْقِ اللهِ (لله) و(عند الله)... لذا كان لهذا المورد من الدلالات الإيحائية اللطيفة ما يُفصِحُ عن تبشير الأنبياء وغبطتهم بالنبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)... ولأنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ( حسينٌ مني وأنا من حسين) ، ولأن الأئمةَ (عليهم السلام جميعًا) هم سلسلةُ الذهب ، وهم حَمَلةُ الرسالةِ تأويلًا وتعليمًا ، وهم النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسُه ، وخاتمُهم الإمام المنتظر (عجّل الله فرجَه) ، كان الأوضح أن الإمام صاحب الزمان (عجّل الله فرجَه) هو (الأجدرَُ) و (الأولى) و (الأفضلُ) ليَؤُمَّ المصلين ومنهم عيسى (عليه السلام)... رزقنا الله رؤيتَهم فهي (الأسمى)...