العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الفقهي

المنتدى الفقهي المنتدى مخصص للحوزة العلمية والمسائل الفقهية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 1,388
بمعدل : 0.40 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي الإستفتاءات … أسئلة بشأن رؤية الهلال
قديم بتاريخ : 02-03-2025 الساعة : 11:14 AM




أجاب سماحة المرجع الديني الاعلى آية الله العظمى السيد السيستاني حول إستفتاءات رؤية الهلال

السؤال: يفتي معظم الفقهاء بأنّه: (لا عبرة برؤية الهلال بالعين المسلّحة سواء بالنسبة إلى الرائي وغيره)، ويسأل البعض عن وجه هذه الفتوى مع أنّ الرؤية المذكورة في النصوص ـ صُمْ للرؤية وأفطِر للرؤية ـ تعمّ بإطلاقها الرؤية بالعين المجرّدة والعين المسلّحة، ومجرّد عدم كون الرؤية بالعين المسلّحة متيسّرة في عصر المعصومين (عليهم السلام) لا يمنع من شمول الإطلاق لها، فأيّ وجهٍ لعدم الاعتماد على الأجهزة الحديثة في رؤية الهلال مع أنّه تتمّ الاستعانة بها في تشخيص سائر الموضوعات الشرعية؟

الجواب: هذا بحث تخصّصي وليس متاحاً في بعض جوانبه إلّا لأهل الاختصاص، ولكن نذكر ما ربما يسع استيعابه لغيرهم أيضاً.
فنقول: إنّ القرآن الكريم قد دلّ على أنّ أهلّة الشهور إنّما جعلت مواقيت يعتمد عليها الناس في أمور دينهم ودنياهم، قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) وما يصلح أن يكون ميقاتاً لعامّة الناس هو الهلال الذي يظهر على الأفق المحلّي بنحو قابل للرؤية بالعين المجرّدة، وأمّا ما لا يرى إلّا بالأدوات المقرّبة فهو لا يصلح أن يكون ميقاتاً للناس عامّةً.
وبعبارة أخرى: حكم الهلال في الليلة الأولى والليالي اللاحقة من الشهر حكم عقارب الساعة، فكما أنّ عقاربها تحكي بحركتها الدوريّة عن أوقات الليل والنهار كذلك القمر بأوضاعه المختلفة ـ حيث يزداد جزؤه المضيء ليلة بعد أخرى ثمّ يبدأ بالتناقص حتّى يدخل في المحاق ـ تحكي عن عدد الليالي في الشهر القمري، ومعنى جعل الأهلّة مواقيت للناس هو أنّ ظهورها بمراحلها المختلفة بمثابة عدّاد سماوي مشهود لعامّة الناس يمكنهم الرجوع إليه لمعرفة أيّام الشهر القمري لتنظيم شؤون دينهم ودنياهم، وهذا يقتضي أن تكون العبرة في رؤيته بما يتيسّر التأكّد منه لعامّة الناس لا لخصوص من يمتلك جهازاً صناعيّاً يكشف عن وجود الهلال في الأفق في الوقت الذي لا يتيسّر التحقّق من ذلك لغيره، فإنّ هذا لا ينسجم مع كون الأهلّة مواقيت للناس عامّة.
ومن هنا يُعلم أنّ عدم الأخذ بالرؤية بالتلسكوب ونحوه في إثبات الهلال ليس من جهة الإحجام عن الاستعانة بالأجهزة الحديثة في تشخيص موضوع الحكم الشرعي، بل من جهة أنّ ما جُعل موضوعاً له إنّما هو من قبيل ما يعتبر أن يكون قابلاً للتحقّق من وجوده لعامّة الناس ممّن يملك عيناً سليمة حتّى أهل الأرياف وسكنة البراري والجبال ممّن لا طريق لهم للتحقّق من ظهور الهلال في الأفق إلّا أعينهم.
ونظير المقام ـ من وجهٍ ـ أنّ من موجبات الجنابة هو خروج السائل المنوي من الرجل، وعندما تجرى له عملية استئصال غدّة البروستات يؤدّي ذلك عند المقاربة ـ كما يقول أهل الاختصاص ـ إلى رجوع المني إلى المثانة وخروجه مستهلكاً في البول، فإذا أخذت عيّنة من بوله واكتشف في المختبر بالمجهر اشتمالها على بعض الحيوانات المنويّة لم يحكم على صاحبها بوجوب الغُسل، لأنّ ما يوجبه هو خروج المني وهو ما لم يحصل، وأمّا إحراز وجود حيوانات منويّة فيما يخرج من البول بالأجهزة الحديثة فهو ممّا لا أثر له، لعدم تحقّق موضوع وجوب الغُسل بذلك.
ونظيره أيضاً ما إذا خرج من وطنه وابتعد عنه بحيث لا يراه من يسكن فيه إلّا بالمنظار ونحوه، أو لا يسمع هو صوت الأذان المرفوع فيه إلّا ببعض الآلات المعدّة لالتقاط الأصوات من الأمكنة البعيدة، فإنّه لا يتأخّر وصوله إلى حدّ الترخّص بهذا المقدار بل يصل إليه إذا لم يكن يراه أهل بلده بالعين المجرّدة ــ وعلى رأيٍ إذا لم يكن يسمع الأذان المرفوع فيه بأذُنه المتعارفة ــ لأنّ ما هو موضوع الحكم بوجوب التقصير في الصلاة والترخيص في الإفطار في شهر رمضان هو الابتعاد عن الوطن بهذا المقدار وليس عدم الرؤية أو عدم السماع بعنوانهما.
وهكذا أيضاً ما إذا نظّف السمكة ممّا فيها من الدم ــ وهو ما يحرم أكله وإن كان طاهراً ــ ولكن لاحظ بالمجهر بقاء جزيئات صغيرة جدّاً من الدم فيها بحيث لا ترى بالعين المجرّدة، فإنّه لا يضرّ ذلك بجواز أكلها، لأنّ موضوع حرمة الأكل هو ما يعدّ دماً بالنظر العرفي، وتلك الجزيئات لا تعدّ كذلك.
فهذه الموارد تختلف عن موارد أخرى يمكن أن يكون للأجهزة الحديثة دور في تحقّق موضوع الحكم الشرعي أو إحراز تحقّقه، ومن أمثلته:
١ـ ما إذا شكّ في وقوع شيء من النجاسة في كأس من الماء، فنظر بعينه المجرّدة فلم يجد شيئاً ثمّ نظر بالمجهر فوجد فيه ذرّة من النجاسة لا تُرى بالعين المجرّدة، فإنّه يحكم فيه بتنجّس الماء، لأنّ موضوع الحكم بالتنجّس هو الملاقاة مع النجاسة ولو بمقدار ذرّة منها وقد أمكن إحرازها ولو بالمجهر.
٢ـ ما إذا نظر إلى ما يحرم النظر إليه ــ كبدن غير المحارم من النساء ــ بالمنظار أو نحوه، فإنّه يحكم بكونه آثماً، لأنّ موضوع الحرمة هو النظر وقد تحقّق ولو بالآلة.
٣ـ ما إذا تجسّس على الغير بآلات التنصّت الحديثة، فإنّه يكون مرتكباً للحرام، لصدق التجسّس الذي هو موضوع الحكم بالحرمة ولا خصوصية للتنصّت بلا واسطة.
٤ـ ما إذا مات زوج الحامل وأريد تقسيم تركته على سائر الورثة بعد عزل مقدار نصيب الحمل، فإن استعين بالسونار ــ مثلاً ــ للتعرّف على حاله من أنّه واحد أو متعدّد ذكر أو أنثى أخذ بمقتضاه، لأنّ موضوع الحكم بوجوب عزل مقدار نصيب الحمل من تركة المتوفّى قبل تقسيمها هو ما يحتمل أن يكون عليه من الوحدة والتعدّد والذكورة والأنوثة، فإن تيسّر تشخيص ذلك بالأجهزة الحديثة لزم العمل بذلك.
٥ـ ما إذا شُكّ في مولود أنّه ابن فلان أو لا، فأجري عليه فحص الحمض النووي (dna) فكشف عن التطابق بينهما في الجينات الوراثية، فإنّه يؤخذ بمقتضاه، لأنّ موضوع الحكم ببنوّة المولود لرجلٍ هو تكوّنه من حيمنه، وهو ما أمكن إحرازه بالفحص المذكور حسب الفرض، فتترتب عليه أحكامها.
والحاصل: إنّ التفريق بين الموارد بإمكان الاستعانة في بعضها بالأجهزة الحديثة للرؤية أو الاستماع أو نحوها وعدم العبرة بها في البعض الآخر إنّما هو من حيث اختلاف الموارد فيما هو موضوع الحكم الشرعي، وليس للفقيه إلّا التقيّد بذلك حسب ما يستفيده من الأدلّة.
وفي مورد الهلال استفاد معظم الفقهاء من جعل الأهلّة مواقيت للناس ــ كما نصّت عليه الآية المباركة ــ أنّها مقياس زمني يتاح لعامّة الناس الرجوع إليه وتنظيم أمورهم المعيشية والدينية بذلك، لا أنّه مقياس لا يتسنّى إلّا للبعض منهم خاصّةً بحيث لا يستفيد منه الآخرون إلّا بالرجوع إلى ذلك البعض الذي يملك الآلة المقرّبة لرؤية الهلال.
وبذلك يُعرف أنّه لو كان العلماء قد توصّلوا إلى صنع التلسكوبات في عصر المعصومين لما كانوا (عليهم السلام) يأخذون برؤية الهلال بها، ليس استنكافاً عن الاستعانة بالأجهزة الحديثة، بل لأنّ الهلال الذي لا يكون ظاهراً لعامّة الناس لم يجعل ميقاتاً لهم.
وبهذه القرينة يتعيّن أن تكون الرؤية المذكورة في نصوص الصيام والإفطار طريقاً إلى ظهور الهلال في الأفق المحلّي بحيث يكون قابلاً للرؤية بالعين المجرّدة لعامّة الناس، ولا إطلاق لها لتشمل الرؤية بالأدوات المقرّبة.
مضافاً إلى أنّه لو بني على كون المناط في دخول الشهر بظهور الهلال في الأفق بنحو قابل للرؤية ولو بأقوى التلسكوبات والأدوات المقرّبة لاقتضى ذلك أنّ صيام النبي (صلّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وفطرهم وحجّهم وسائر أعمالهم التي لها أيّام خاصّة من الشهور لم تكن تقع في كثير من الحالات في أيّامها الحقيقية، لوضوح أنّهم (عليهم السلام) كانوا يعتمدون على الرؤية المتعارفة في تعيين بدايات الأشهر الهلالية، مع أنّهم ــ وكذلك كثير من أهل النباهة في عصرهم ــ كانوا على علمٍ بأنّه قلّما يُرى الهلال بالعين المجرّدة واضحاً ومرتفعاً في ليلة إلّا ويكون في الليلة السابقة عليها قابلاً للرؤية بأداة مقرّبة قويّة لو كانت متوفّرة، فلماذا لم يعهد منهم ولا من غيرهم التعويل على ذلك في عدّ الهلال لليلتين عندما يرى لأوّل مرّة واضحاً ومرتفعاً؟!

٢السؤال: إنّ ما ذكر ــ من أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) كانوا يعتمدون على الرؤية المتعارفة في تعيين بدايات الأشهر الهلالية مع أنّهم كانوا على علمٍ بأنّ الهلال إذا رُئي بالعين المجرّدة واضحاً ومرتفعاً في ليلة يكون في الليلة السابقة عليها قابلاً للرؤية بأداة مقرّبة قويّة لو كانت متوفّرة ــ وإن كان صحيحاً ولكن لعلّ السبب فيه هو أنّهم (عليهم السلام) كانوا مأمورين بمتابعة الطرق الظاهرية والعمل بما تقتضيه دون العمل بما يعلمونه من واقع الحال، ولذلك ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: (إنّما أقضي بينكم بالأيمان والبيّنات) وكان الأئمة (عليهم السلام) يتعاملون في النسب بما تقتضيه قاعدة الفراش وإن علموا مخالفتها للواقع في بعض الموارد، وأيضاً كانوا يصومون في يوم الشكّ في آخر رمضان إذا كان في السماء غيم أو نحوه ولا يعملون بما يعلمونه من وجود الهلال خلف الغيم، فلماذا لا يكون المقام من هذا القبيل؟

الجواب: يجب التفريق بين العلم بالواقع الذي لا سبيل إلى الوصول إليه إلّا بإفاضة غيبيّة وبين الذي يمكن الوصول إليه بمحاسبة رياضية أو بالتنبّه إلى أمارة خارجية.
والمقام من قبيل الثاني، فإنّه إذا كان الهلال عندما يشاهد لأوّل مرّة واضحاً ومرتفعاً جدّاً فإنّ العلم بكونه في الليلة الماضية موجوداً في الأفق بحيث لو كان هناك تلسكوب ــ مثلاً ــ لأمكن رؤيته من خلاله لا يحتاج إلى علم الغيب، بل إلى مجرّد الالتفات بأنّه كلّما كان حجم الهلال وارتفاعه أكبر دلّ على أنّه ولد منذ وقتٍ أطول ممّا يعني ــ في مفروض الكلام ــ أنّه كان موجوداً في الأفق في الليلة الماضية، أقصى الأمر أنّه لضآلة حجمه أو لقلّة ارتفاعه عند الغروب لم يمكن مشاهدته بالعين المجرّدة، ولو كانت العين مسلّحةً بالتلسكوب لأمكن مشاهدته يقيناً، وليس هذا من العلم المختص بالمعصوم (عليه السلام)، بل هو ــ كما ذكر في جواب السؤال السابق ــ ممّا كان يحصل حتّى للنابهين في عصرهم.
وبذلك يظهر الفرق بينه وبين علم المعصوم (عليه السلام) بالواقع في الأمثلة المذكورة حيث لا يحصل له إلّا بإفاضة غيبية، أي: العلم بكون الحقّ لغير من له البيّنة الشرعية من المتخاصمين، أو كون الولد لغير من ولد على فراشه، أو كون الهلال موجوداً بنحو قابل للرؤية بالعين المجرّدة لو لم يحجبه الغيم، وفي هذه الموارد لو كان يحصل لهم العلم من الأمارات المتعارفة والشواهد الخارجية ــ كما يحصل لغيرهم إذا التفت إليها ــ لعملوا بمقتضاه.


من مواضيع : صدى المهدي 0 فلسفة تشريع الصيام في الإسلام - الشيخ أحمد الوائلي
0 في شهر رمضان: تتحوّل الكلمة إلى حياة
0 6 رمضان ( بايع الناس الإمام الرضا عليه السلام لولاية العهد)
0 نصائح لمرضى السكري ومحبي الكافيين خلال شهر الصوم
0 الإستفتاءات … أسئلة بشأن رؤية الهلال

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 1,388
بمعدل : 0.40 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : صدى المهدي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-03-2025 الساعة : 11:15 AM


السؤال: قد يقال: إنّ في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) كانت قوّة البصر أقوى بمراحل من هذا الزمن وكان صفاء السماء وقلّة التلوّث يسمحان بالرؤية بالعين المجرّدة، أمّا في زماننا هذا فليس الأمر كذلك، فلماذا لا يتمّ البناء على كفاية الرؤية بالأدوات المقرّبة؟

الجواب: لا دليل على أنّ العيون كانت فيما مضى أقوى بمراحل، بل في زماننا هذا يمكن استخدام النظارة الطبية لمن يعاني من قصر النظر حيث لا يرى الأشياء البعيدة بوضوح، ولم يكن هذا متاحاً في الأزمنة السابقة.
وأمّا التلوّث البيئي فيختلف مستواه من منطقة إلى أخرى، فإذا تأكّد المكلّف في مكان معيّن أنّ المانع من رؤية الهلال بالعين المجرّدة الاعتيادية هو وجود الملوّثات الجوّية في ذلك المكان فلا بأس بالبناء على دخول الشهر الجديد فيه، وأمّا جعل ذلك ذريعةً للاعتماد على التلسكوب والمناظير بصورة عامّة ــ وهي التي تفوق إمكانيتها لرؤية الأشياء البعيدة عشرات المرّات ما يتسبّب فيه التلوّث الجوّي من حاجب عن الرؤية البصرية غير المسلّحة ــ فهو ممّا لا مجال له.

٤السؤال: الدين الإسلامي دين متجدّد صالح لكلّ الأزمان، والاعتماد على الرؤية بالعين المجرّدة كان يصلح لزمنٍ لا تتوفّر فيه الأدوات المقرّبة، فلماذا لا يفتى بالاعتماد عليها في هذا الزمان؟

الجواب: نعم، الدين الإسلامي الحنيف يصلح لكلّ زمان، ولكن من قال أنّ الاعتماد على الرؤية المحلّية بالعين المجرّدة لا يصلح لهذا الزمان؟ بل لو كان أهل كلّ منطقة يعتمدون على الرؤية غير المسلّحة فيها فيفطروا إن شاهدوا هلال شوال ويصوموا إن لم يشاهدوه لما حدث هذا الاختلاف والإرباك الذي نشهده في كثير من السنين.
هذا، بالإضافة إلى أنّ الفقيه ليس مشرّعاً، ولا يحقّ له أن يضيف على الأحكام الشرعية شيئاً لا يقوم عليه الدليل من الكتاب والسنّة ــ حسب ما يستفيده منهما ــ بزعم أنّه ممّا يلائم هذا العصر.

٥السؤال: إنّ الآية الكريمة: (يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للناس) لا تدلّ على حصر ما يعرف به دخول الشهر الجديد في الهلال ـ إن سلّم كون المراد به خصوص ما يكون قابلة للرؤية بالعين المجرّدة ـ وعلى ذلك فأيّ مانع من أن يكون الهلال المرئي بالتلسكوب أيضاً ممّا جُعل مؤشّراً إلى بدء الشهر الجديد؟

الجواب: إنّ الآية الكريمة وإن لم تدلّ على حصر المواقيت في الأهلّة ولكن بعد فرض أنّ المراد بالهلال الذي هو مؤشّر إلى حلول أوّل الشهر خصوص ما يكون قابلاً للرؤية بالعين المجرّدة لا يمكن أن يجعل في الوقت نفسه الهلال المرئي بالتلسكوب مؤشّراً إلى ذلك، لحصول التضارب بينهما في تحديد أوّل الشهر.
وببيان آخر: يجوز أن يكون عدّاد الوقت متنوّعاً ولكن لا بدّ من أن تشير الجميع إلى وقت واحد ــ كما في الساعة الميكانيكية والإلكترونية ــ ولا يجوز أن تختلف في ذلك، ومن هنا لا يجوز الجمع بين كون الهلال القابل للرؤية بالعين المجرّدة والهلال الذي يرى بالأجهزة المقرّبة فقط مؤشّراً إلى دخول أوّل الشهر، وإذ دلّت الآية الكريمة على الأوّل فلا مجال للالتزام بالثاني.

٦السؤال: اختلفت الآراء في إثبات الهلال من عدمه وتمّت النيّة على إتمام الشهر الفضيل لعام ١٤٤١هـ، وفي وقتٍ لاحق وبعد صلاة الفجر وصلت بعض الأنباء التصحيحيّة من بعض المشايخ الثقات في مدينة القطيف على أنّه عيد بناءً على ما أثبته بعض المراجع الكرام، وبناءً عليه أفطر جمع كثير من أتباع السيد حفظه الله، بالرغم من ذلك بقي على إتمام الصيام جمع آخر وزاد اللغط بينهم. ما رأي سماحة السيد في هذه المسألة؟ وهل يكفي ثبوت الهلال عند مرجع آخر؟ وماذا يترتب عليه؟

الجواب: من أفطر من مقلّدي سماحة السيد (دام ظله) في يوم الأحد ثقةً ببعض المشايخ ثمّ تبيّن أنّه اعتمد على ثبوت الهلال عند من يكتفي برؤيته في غير المنطقة من المراجع الأعلام (أيّدهم الله) فعليه القضاء، وكذلك يجب القضاء على من أفطر أخذاً بعدد من شهادات الرؤية في المنطقة ثمّ تبيّن أنّها لم تكن جديرة بالاعتماد لمعارضتها الحكميّة بشهادات مَن استهلّوا ولم يروا الهلال ولا سيّما أنّه كان فيهم عدد من أهل الاختصاص مع استعانتهم بالأدوات المقرّبة.
ولا بدّ للمؤمنين (وفّقهم الله تعالى لمراضيه) من أن لا يبادروا إلى الإفطار عند إعلان العيد في المنطقة قبل أن يتأكدوا أنّه وفق المبنى الفقهي لمرجعهم في التقليد لئلّا يقعوا في خلاف ما تقتضيه وظيفتهم الشرعية.
كما نوصيهم بالابتعاد عن إثارة الفرقة والدخول في المهاترات الكلاميّة بسبب الاختلاف في أمر الهلال، بل ليعمل كلّ بوظيفته الشرعية وليحمل فعل الآخرين على الصحّة.

٧السؤال: ذكر سيدنا (دام ظله) أنّ الهلال لا يثبت بإخبار الفلكيين، مع أنّ علم الفلك يقوم على أسس علميّة متينة وحسابات رياضية دقيقة، ونسبة احتمال الخطأ فيها لا تكاد تذكر، ولا يزال الفلكيون يعدّون جداول شروق الشمس والقمر وسائر الكواكب السيّارة المعروفة في المجموعة الشمسيّة، ويلاحظ أنّها في نهاية الدقّة بحيث لم تتخلّف عن الواقع ــ وعلى الأقل خلال هذا القرن ــ ولا مرّة واحدة، وأيضاً أنّ أرصاد علماء الفلك بخصوص وقت دخول القمر في المحاق وخروجه والوقت المحدّد لرؤيته ومقدار بُعده الزاويّ مقاساً بالدرجات القوسيّة عن الشمس ومقدار ارتفاعه فوق الأفق مقاساً بالدرجات القوسيّة ورصد بُعده الأقصى عن الأرض وبُعده الأدنى عنها كلّها معلومات دقيقة يقينية معروفة لعلماء وطلاب علم الفلك وليست من قبيل الظنيّات.
وعلى ذلك، فلماذا لا يتمّ الاعتماد على إخبار الفلكيين الثقات عن ولادة الهلال للحكم بدخول الشهر الجديد؟

الجواب: إنّ المستفاد من الأدلّة الشرعية كون العبرة في بداية الشهر القمري بظهور الهلال على الأفق بنحوٍ قابل للرؤية بالعين المجرّدة لولا الغيم ونحوه من الموانع الخارجية، فلا تكفي ولادة الهلال وكونه موجوداً على الأفق ولكن بنحوٍ غير قابل للرؤية مطلقاً أو بنحوٍ غير قابل للرؤية إلّا بالأدوات المقرّبة والرصد المركّز.
وعلى هذا الأساس فإنّ إخبار الفلكيين عن ولادة الهلال وخروجه عن المحاق ممّا لا ينفع في الحكم بدخول الشهر القمري الجديد وإن كان معتمداً على الحسابات الرياضية القطعية.
وأمّا إخبارهم عن إمكانية رؤية الهلال بالعين المجرّدة في مناطق معيّنة إمّا مطلقاً أو في الأجواء المثالية ــ كما يعبّرون ــ فهو يعتمد على عنصرين:
أحدهما: المحاسبات الفلكيّة الخاصّة بوضع الهلال في تلك المناطق، أي: من حيث عمره ودرجة ارتفاعه عن الأفق ومقدار بُعده الزاويّ عن الشمس ونحو ذلك من العوامل المؤثّرة في الرؤية.
وثانيهما: التجارب الفلكية المعتمدة على رصد الهلال ميدانيّاً للتحقّق من أدنى الشروط المطلوبة لرؤيته بالعين المجرّدة، أي: من حيث العمر والارتفاع والبُعد عن الشمس وغير ذلك.
وهذا ما اختلفت بشأنه آراء الفلكيين، مثلاً بنى بعضهم على إمكانية رؤية الهلال وهو بعمر ١٤ ساعة في حين اشترط آخرون أن يكون في الحدّ الأدنى بعمر ١٦ ساعة، وقال بعضهم ١٨ ساعة وقيل غير ذلك، وأيضاً ادّعى بعضهم إمكانية رؤية الهلال وهو بارتفاع ٤ درجات على الأفق حين غروب الشمس، وقال آخرون أنّ الحدّ الأدنى من الارتفاع المطلوب لرؤيته هو ٥ درجات، وقال جمع أنّه ٦ درجات وقيل غير ذلك، وهكذا الحال في سائر العوامل المؤثّرة في الرؤية.
وعلى ذلك فلا سبيل للمكلّف إلى الأخذ بإخبار الفلكيين من إمكانية رؤية الهلال في منطقة كذا وكذا ممّا لا يتأكّد من ظهور الهلال فيها بنحوٍ قابل للرؤية بالعين المجرّدة، للنصوص الدالّة على النهي عن الاعتماد على الرأي والتظنّي في أمر الهلال، كقول الباقر(عليه السلام): (إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، وليس هو بالرأي ولا بالتظنّي ولكن بالرؤية)(١).
نعم، إذا حصل للمكلّف العلم أو الاطمئنان ــ ولو من خلال التجربة والممارسة ــ بأنّ الهلال الموجود على الأفق المحلّي بحجم كذا وبارتفاع كذا وبسائر الخصوصيّات المؤثرة في الرؤية قابل لأن يُرى بالعين المجرّدة وإنّما لم يُرَ بسبب السحاب أو الضباب أو الغبار أو نحوها يلزمه العمل بموجب ما حصل له من العلم أو الاطمئنان.
———
(١) تهذيب الأحكام: ج٤، ص١٥٦.


من مواضيع : صدى المهدي 0 فلسفة تشريع الصيام في الإسلام - الشيخ أحمد الوائلي
0 في شهر رمضان: تتحوّل الكلمة إلى حياة
0 6 رمضان ( بايع الناس الإمام الرضا عليه السلام لولاية العهد)
0 نصائح لمرضى السكري ومحبي الكافيين خلال شهر الصوم
0 الإستفتاءات … أسئلة بشأن رؤية الهلال
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 01:35 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية