لم تجتمع في شريحة عراقية حزمة من النكبات والكوارث والتعديات والتنكيلات مثلما تجتمع في الكرد الفيلية، ولم يلتصق عراقيون جرى تهميشهم
والطعن بمواطنتهم وانتمائهم واجلوا عن منازلهم وبلداتهم كسبايا، مثلما التصق الكرد الفيلية بوطنهم العراق، وحافظوا عليه في افئدتهم على الرغم من الجور الذي تعرضوا له باسم الوطن، ولم يتشبث مواطنون عراقيون بقوانين بلادهم وامنها وسلامتها مثلما يتشبث الكرد الفيلية بها على الرغم من انهم ضحايا للتطبيقات القهرية للقوانين والعدالة والمواطنة في العراق، في عهد الدكتاتورية وفي عهد التغيير على حد سواء.
اما القول الذي نسمعه ، ويسمعه الكرد الفيلية على مدار الساعة، من ان الشرائح العراقية جميعا قد عانت على يد النظام السابق الذي، حسبهم، لم ينصف احدا، ولم تفلت شريحة من عقابه، فهو قول يحمل نصف الحقيقة، ونصف الشفقة، ويستخدمه البعض من السياسيين واصحاب النفوذ في محاولة لتعويم قضية الكرد الفيلية الصارخة في قضايا اخرى، والادق، يستخدمونه معبرا للهروب من المسؤولية حيال جريمة مروعة لا يزال ضحاياها احياء ويدفعون ضريبتها الباهضةز
والغريب ان الذين يشتمون ويدينون نظام صدام حسين، صباح مساء، يتمسكون بواحدة من افظع قراراته التي اصدرها من مجلس قيادة القورة برقم 666 في السابع من ايار 1980 ويقضي بتقنين وترخيص شطب مصالح وحقوق الفيلية، ويأذن بتصفية المئات من شبيبتهم الذين احتجزوا في اقبية الامن، والقاء الالاف منهم الى ما وراء الحدود في حالة من الوحشية، وعرضت الكثيرين منهم الى الموت واشرف نسائهم وبناتهم الى اعتداءات ذئاب النظام، في حملة منهجية للتطهير العرقي وقهر الانسان واذلاله، ما تحتفظ الامم المتحدة بواقع له جنب وقائع نادرة للوحشية ارتكبت في عصر التنوير.
تصوروا ان مطالب الكرد الفيلية، من ابناء واشقاء واقارب الضحايا قبلوا ان يخففوا صرختهم وويلاتهم حيال فقدان اعز ابنائهم ويجعلون منها عبارات مهذبة بالدعوة "الى الجدية لكشف حقيقة مصير المغيبين من ابنائنا وتشخيص مقابرهم ، فلا زال رفاة ومصير الكثير منهم مجهولاً ليومنا هذا" كما جاء في بيان نشر هذا الاسبوع، بل لم يشأوا ان يخدشوا اسماع مسؤولي الدولة ورعاة الدستور والقانون بمطاليبهم بالتكريم والاوسمة والامتيازات بل اكتفوا بتذكير المعنيين "بالنظر بعين العطف" الى حل مشكلات عقود الزواج لابنائهم في المهجر (لا يعترف بها في العراق) وارجاع اموال وبيوت وعقارات الكورد الفيليين التي شغلها المستفيدون من مكرمات النظام البائد اسوة ببيوت وعقارات غيرهم التي استيعدت بالدبابات وفيالق الشرطة وانذارات الاجلاء خلال 72 ساعة ، وجاء في البيان "ندعوكم الى إعادة الممتلكات المنقولة وغير المنقولة التي سلبها منا النظام المباد دون وجه حق، وتأمين الحياة الكريمة لعائلاتنا أسوة ببقية العراقيين"
وفيما يتاجر ساسة ودعاة ومتحدرون من قبائل بجنسية العراق في سوق النخاسة ويرمونها في مزابل دول الجوار فان الكرد الفيلية يطالبون " بتعديل قانون الجنسية العراقية، وإلغاء أي تمييز بين المواطنين العراقيين، وإعادة حقوق المواطنة لنا".
اما المعنيون بالامر فاذن من طين.. واخرى من عجين.
ـــــــــــــــــ
كلام مفيد:
" الناس المستيقظون، ليس لهم إلا عالم واحد. أما النائمون، فلكل واحد عالمه".
"هيراقليطس
الاخوة الكورد الفيلية اول المضطهدين من الطاغية المقبور ولا احد ينصفهم بينما نرى حكومة المستشارين تسارع الى ترضية الجلاد
ومصالحته بالاموال والمناصب
شكرا لبنت الهدى على الموضوع