خلال قراءتي لباب الفتن في كتاب البخاري مرّ علي الحديث الآتي :
7069- حدّثنا أبو اليمان , أخبرنا شعيب , عن الزهري ح و حدّثنا اسماعيل , حدّثني أخي , عن سليمان بن بلال , عن محمد بن أبي عتيق , عن ابن شهاب , عن هند بنت الحارث الفراسيّة أنّ أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه و سلّم ليلة فزعا , يقول : " سبحان الله ماذا أنزل الله من الخزائن ؟! و ماذا أُنزل من الفتن ؟! من يوقظ صواحب الحجرات - يريد أزواجه - لكي يصلّين - ربّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة "
* صحيح البخاري ... كتاب الفتن ... المجلّد الرابع ... ص 505
هل فعلا كان رسول الله ( عليه و على آله اشرف الصلاة و السلام ) يقصد أزواجه كما فسّر ذلك البخاري ؟؟؟!!!
لم أفهم قصدك استاذنا عبد ... و هل كان المقصودات هنّ ازواج النبي ( عليه و على آله اشرف الصلاة و السلام ) ؟؟؟ أم أنّه عام لجميع النساء ؟؟؟ و إن كان عاما لماذا خصصّ رسول الله ( عليه و على آله اشرف الصلاة و السلام ) صواحب الحجرات بعد ما رأى ؟؟؟!!!!
لا يوجد اي تعليل حول الإشارة إلى الحجيرات وربما من خلال هذين الحديثين تجدين السبب
عن عطاء بن يسار. إن النبي صلى الله وسلم قال لأزواجه (أيتكن اتقت الله ولم تأت بفاحشة مبينة ولزمت ظهر مصيرها فهي زوجتي في الآخرة) (2)
وأخرج ابن سعد عن عروة عن عائشة أنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة إن أردت اللحوق بي فليكفيك من الدنيا كزاد الراكب. وإياك ومجالسة الأغنياء. ولا تستخلفي ثوباً حتى ترقعيه (3).
(2) ابن سعد (كنز العمال 142 / 12).
(3) الطبقات الكبرى 76 / 7.
من خلال الحديثين نرى التاكيد على عائشة دون غيرها
لعمه بما سوف تفعله عائشة من مخالفات لأمر الرسول ص
فلا يستبعد أن حديث كاسيات فى الدنيا عاريات في الآخرة
أوافقك الرأي اخي عبدمحمد ولا نستبعد هذا ابدا خصوصا ان الروايات الواردة عن النبي الاعظم في تنبيه وتحذير عائشه وحثها على عدم مخالفه امام زمانها كثيرة في هذا المجال .. وقد كان عليه الصلاة والسلام يستبق الاحداث ويحذرها حتى لا تبق لها حجة في عدم المعرفه ..
حتى الايات التي كانت ينزل فيها وعيد لنساء النبي كانت حصة عائشه منها اكبر لانها من اكثرهن ايذاء للنبي الاعظم ..
وفيه أيضا اشارة الى حقيقة اراد ان يعلنها النبي الاعظم وهي انه ليس لمقام الزوجية مع رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أي اعتبار إلا إذا كان مقترنا بالتقوى والإحسان والإلتزام الكامل بأوامر الله ورسوله من قبلهن، فمن خالفت منهن ذلك فإن العذاب مضاعف عليها ...
لكن ألا يوجد من هو من أصحاب البخاري ليخبرنا لماذا استيقظ الرسول الأعظم من حلمه فزعا ... ثمّ تكلّم عن صواحب الحجرات ... و فسّر البخاري ذلك بأزواج النبي الأعظم ( عليه و على آله اشرف الصلاة و السلام ) ... ثمّ وضع الحديث في باب الفتن !!!!!!!!!!!!!!!!
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيه بعده وعلى اله وصحبه أجمعين
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قوله : ( حدثنا سويد بن نصر )
بن سويد المروزي لقبه الشاه ثقة من العاشرة
( عن هند بنت الحارث )
الفراسية ويقال القرشية , ثقة من الثالثة .
قوله : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة )
زاد البخاري في رواية فزعا
( فقال سبحان الله )
بالنصب بفعل لازم الحذف , قاله تعجبا واستعظاما
( ماذا )
ما استفهامية متضمنة لمعنى التعجب والتعظيم
( أنزل )
بصيغة المجهول , وفي رواية للبخاري أنزل الله بإظهار الفاعل والمراد بالإنزال إعلام الملائكة بالأمر المقدور . أو أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحى إليه في نومه ذاك بما سيقع بعده من الفتن , فعبر عنه بالإنزال . قاله الحافظ
( الليلة من الفتنة ؟ ماذا أنزل من الخزائن ؟ )
عبر عن الرحمة بالخزائن كقوله تعالى : { خزائن رحمة ربك } وعن العذاب بالفتنة لأنها أسبابه قاله الكرماني
( من يوقظ )
استفهام أي هل أحد يوقظ قال الحافظ أراد بقوله " من يوقظ بعض خدمه " كما قال يوم الخندق : " من يأتيني بخبر القوم ؟ " وأراد أصحابه . لكن هناك عرف الذي انتدب كما تقدم وهنا لم يذكر
( صواحب الحجرات ؟ )
جمع حجرة .
قال في الصراح : حجرة حظيرة شتروخانة خورد , والجمع حجر , مثل غرفة وغرف وحجرات بضم الجيم انتهى يعني صلى الله عليه وسلم بصواحب الحجرات أزواجه وإنما خصهن بالإيقاظ لأنهن الحاضرات أو من باب ابدأ بنفسك ثم بمن تعول
( يا رب كاسية )
قيل المنادى فيه محذوف والتقدير يا سامعين ورب للتكثير
( عارية في الآخرة )
قال عياض : الأكثر بالخفض على الوصف للمجرور برب , وقال غيره : الأولى الرفع على إضمار مبتدأ والجملة في موضع النعت أي هي عارية والفعل الذي يتعلق به رب محذوف . وقال السهيلي : الأحسن الخفض على النعت لأن رب حرف جر يلزم صدر الكلام , وهذا رأي سيبويه . وعند الكسائي هو اسم مبتدأ والمرفوع خبره وإليه كان يذهب بعض شيوخنا انتهى . وأشار صلى الله عليه وسلم بذلك إلى موجب استيقاظ أزواجه , أي ينبغي لهن أن لا يتغافلن عن العبادة ويعتمدن على كونهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الحافظ : واختلف في المراد بقوله كاسية وعارية على أوجه :
أحدها كاسية في الدنيا بالثياب لوجود الغنى , عارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل في الدنيا .
ثانيها كاسية بالثياب لكنها شفافة لا تستر عورتها فتعاقب في الآخرة بالعري جزاء على ذلك .
ثالثها كاسية من نعم الله , عارية من الشكل الذي تظهر ثمرته في الآخرة بالثواب .
رابعها كاسية جسدها لكنها تشد خمارها من ورائها فيبدو صدرها فتصير عارية , فتعاقب في الآخرة .
خامسها كاسية من خلعة التزوج بالرجل الصالح , عارية في الآخرة من العمل , فلا ينفعها صلاح زوجها , كما قال تعالى : { فلا أنساب بينهم } ذكر هذا الأخير الطيبي ورجحه لمناسبة المقام , واللفظة وإن وردت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لكن العبرة بعموم اللفظ . قال ابن بطال في هذا الحديث : إن المفتوح في الخزائن تنشأ عنه فتنة المال بأن يتنافس فيه فيقع القتال بسببه وأن يبخل به فيمنع الحق , أو يبطر فيسرف فأراد صلى الله عليه وسلم تحذير أزواجه من ذلك كله , وكذا غيرهن ممن بلغه ذلك , وفي الحديث الندب إلى الدعاء والتضرع عند نزول الفتنة , ولا سيما في الليل لرجاء وقت الإجابة لتكشف أو يسلم الداعي , ومن دعا له انتهى كلام الحافظ .