إزهـاق الفتنة العميَّة
ببيان مثالب بني أُميَّـة
(من كتب أهـل السـنة المَـرْضـيَّة)
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين . وأفضل الصلاة وأزكى التسليم، على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين. واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين.. وبعد:
هذه قائمة تحتوي عشرات النقول، منها أحاديث نبوية، ومنها روايات عن صحابة وتابعين، ومنها أقوال لأهل العلم.. جميع ذلك من كتب أهل السنة والجماعة.. وهي جميعها بصدد ذم بني أمية، سواء بعامتهم كما هي الطائفة الأولى، أو بعنوان معاوية كما هي الطائفة الثانية، أو بعنوان يزيد بن معاوية كما هي الطائفة الثالثة، أو بعنوان بني الحكم بن أبي العاص كما هي الطائفة الرابعة.
ومجموع ذلك يورث الاطمئنان بأن بني أمية ليس لهم نصيب في الإسلام، ولا يجوز بحال من الأحوال الترضي عنهم، أو توليهم، أو الثناء عليهم.. بل تجب البراءة منهم، والحيدة عن طريقهم.
وإذا وجدني قارئي الكريم قد صدرت عن مصدر من مصادر غير أهل السنة والجماعة، فإن ذلك في أقل القليل النادر، وليس إلا من باب التعضيد والاستشهاد في محل قد تقدم النقل فيه من مصادر أهل السنة.
فالرجاء من قارئي الكريم أن ينظر إلى هذه المجموعة الثمينة بعين الإنصاف، وأن يتحقق من صحتها بلا اعتساف.. فإنني قد أتعبت نفسي في جمعها، رجاء مثوبة الله في هداية إخواني من هذه الأمَّة.. ومع ذلك لا أجزم بأن مجموعتي هذه قد احتوت على جميع ما ينبغي أن يُذكر في هذا الموضوع.
ولذلك أرجو من أهل الدراية أن يتفضلوا بالنقد والتصحيح، ويتفضلوا بالإضافة والترشيد.
وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
أولاً: ما يرتبط ببني أمية بعامة
(1) قال الحافظ السيوطي في الدر المنثور:
أخرج ابن أبي حاتم، عن يعلى بن مرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أريت بني أمية على منابر الأرض، وسيتملكونكم، فتجدونهم أرباب سوء" واهتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لذلك، فأنزل الله (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) .
(2) وقال الحافظ السيوطي في الدر المنثور:
أخرج ابن مردويه، عن الحسين بن علي رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أصبح وهو مهموم، فقيل: مالك يا رسول الله؟ فقال: "إني رأيت في المنام كأن بني أمية يتعاورون منبري هذا" . فقيل: يا رسول الله ؛ لا تهتهم فإنها دنيا تنالهم . فأنزل الله: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) .
(3) وقال الحافظ السيوطي في الدر المنثور:
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر، عن سعيد بن المسيب - رضي الله عنه - قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية على المنابر، فساءه ذلك، فأوحى الله إليه: "إنما هي دنيا أعطوها" ، فقرت عينه، وهي قوله: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) يعني بلاء للناس .
(4) أخرج الحافظ أبو يعلي الموصلي في مسنده 13 : 417 برقم 7421 ط. دار المأمون للتراث، ما نصه:
حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثني حجاج بن محمد، حدثنا شعبة، عن أبي حمزة جارهم، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن مطرف، عن أبي برزة، قال: كان أبغض الأحياء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: بنو أمية وثقيف وبنو حنيفة.
وأخرجه الحاكم في المستدرك 4 : 528 برقم 8482 ط. دار الكتب العلمية - بيروت، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
وقال الحافظ الذهبي في تلخيص المستدرك: "على شرط البخاري ومسلم".
وقال الحافظ الهيثمي (مجمع الزوائد 10 : 71) إنَّ رجاله رجال الصحيح ما عدا عبد الله بن مطرف وهو ثقة.
(5) قال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية، برقم 4583 :
قال إسحاق، أنا جرير، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن علي بن علقمة، عن عبد الله، قال: لكل شيء آفة، وآفة هذا الدين: بنو أمية.
(6) أخرج الحاكم في في المستدرك على الصحيحين 4 : 525 – 526 ، برقم 8475 ، قال:
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحجازي بحمص، ثنا بقية بن الوليد، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا بلغت بنو أمية أربعين، اتخذوا عباد الله خولاً، ومال الله نحلاً، وكتاب الله دغلاً.
(7) روى الحافظ الطبراني (المعجم الأوسط 1 : 237 دار الحرمين للطباعة) ، قال:
حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني، قال: حدثنا سعيد بن سليمان، عن صالح بن عمر، عن مطرف بن طريف، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مر، عن علي، في قوله (الذين بدَّلوا نعمة الله كفراً وأحلُّوا قومهم دار البوار) الآية، قال: نزلت في الأفخرين من قريش: بني مخزوم وبني أمية، فأما بنو مخزوم فقطع الله دابرهم يوم بدر، وأمَّا بنو أمية فمُتِّعوا إلى حين
وقال الحافظ الهيثمي (مجمع الزوائد 7 : 44) : رواه الطبراني في الأوسط وفيه عمرو ذو مر ولم يرو عنه غير أبي إسحاق السبيعي ، وبقية رجاله ثقات
ورواه الحاكم (المستدرك على الصحيحين 2 : 383 دار الكتب العلمية) ، قال:
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن علي بن ميمون الرقي، ثنا محمد بن يوسف الفريابي، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مر، عن علي رضي الله عنه، في قوله عز وجل (وأحلوا قومهم دار البوار) قال: هم الأفجران من قريش، بنو أمية وبنو المغيرة، فأما بنو المغيرة فقد قطع الله دابرهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال الحافظ الذهبي في التلخيص: صحيح.
(8) روى الحافظ ابن أبي شيبة (المصنف 8 : 355 دار الفكر – بيروت) ، قال:
حدثنا الفضل [ابن دكين: ثقة حافظ]، حدثنا حشرج بن نباته [صدوق يهم]، قال: حدثني سعيد بن جمهان [صدوق له أوهام] ، قلت لسفينة [صحابي] : إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم، قال: كذب بنو الزرقاء، بل هم ملوك من شر الملوك، وأول الملوك
(9) حديث وصف معاوية وحزبه بالقاسطين، أي الجائرين الظالمين، على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقد روي من طرُق عن أبي أيوب الأنصاري، والإمام علي، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخدري.
أولاً: رواية أبي أيوب الأنصاري
روى الحاكم في المستدرك 3 : 150 برقم 4674 و 4675 ، قال:
حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، ثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، ثنا محمد بن حميد، ثنا سلمة بن الفضل، حدثني أبو زيد الأحول، عن عقاب بن ثعلبة، حدثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وآله - عليَّ بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
حدثناه أبو بكر بن بالويه، ثنا محمد بن يونس القرشي، ثنا عبد العزيز بن الخطاب، ثنا علي بن غراب بن أبي فاطمة، عن الإصبع بن نباتة، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول لعلي بن أبي طالب: تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات والنهروانات وبالشعفات قال أبو أيوب قلت يا رسول الله مع من تقاتل هؤلاء الأقوام قال مع علي بن أبي طالب.
وقال الذهبي في التلخيص: لم يصح، وساقه الحاكم بإسنادين مختلفين إلى أبي أيوب ضعيفين.
ثانياً: رواية الإمام علي عليه عليه السلام
ورواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده 1 : 397 ، برقم 519، عن علي عليه السلام، قال:
حدثنا إسماعيل بن موسى، حدثنا الربيع بن سهل، عن سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة، قال: سمعت علياً على منبركم هذا يقول: عهد إليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
قال الحافظ نور الدين الهيثمي (مجمع الزوائد 5 : 186) : رواه أبو يعلي وفيه الربيع بن سهل ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط 8 : 223 ، قال:
حدثنا موسى بن أبي حصين، قال: نا جعفر بن مروان السمري، قال: نا حفص بن راشد، عن يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجد، قال: سمعت علياً يقول: أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
وأخرجه البزار في مسنده، قال:
حدثنا علي بن المنذر، قال: نا عبد الله بن نمير، قال: نا فطر بن خليفة، قال: سمعت حكيم بن جبير، يقول: سمعت إبراهيم، يقول: سمعت علقمة، يقول: سمعت عليًّا - رضي الله عنه - يقول: أُمِرتُ بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين.
وفي مسند البزار أيضاً:
حدثنا عباد بن يعقوب، قال: نا الربيع بن سعد، قال: نا سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة، عن علي، قال: عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، في قتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين.
وقال الحافظ الهيثمي (مجمع الزوائد 7 : 238) : رواه البزار والطبراني في الأوسط وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعيد ووثقه ابن حبان.
ورواه الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد 8 : 336) من طريق أخرى، قال:
أخبرني الأزهري، حدثنا محمد بن المظفر، حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت، قال: وجدت في كتاب جدي محمد بن ثابت، حدثنا أشعث بن الحسن السلمي، عن جعفر الأحمر، عن يونس بن أرقم، عن أبان، عن خليفة العصري، قال: سمعت أمير المؤمنين عليًّا يقول يوم النهروان: أَمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتال الناكثين، والمارقين، والقاسطين.
ورواه الحافظ ابن عساكر (تاريخ مدينة دمشق 42 : 468) قال:
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو سعد الأديب، أنا السيد أبو الحسن محمد بن علي بن الحسين، نا محمد بن أحمد الصوفي، نا محمد بن عمرو الباهلي، نا كثير بن يحيى، نا أبو عوانة، عن أبي الجارود، عن زيد بن علي بن الحسين بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي، قال: أمرني الله رسول - صلى الله عليه وسلم - بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين.
ورواه الموفق بن أحمد الخوارزمي (المناقب ص175 برقم212) قال:
وبِهذا الاسناد، عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا، حدثنا محمد بن علي بن دحيم، حدثنا أحمد بن حازم، حدثنا عثمان بن محمد، حدثنا يونس بن أبي يعقوب، حدثنا حماد بن عبد الرحمان الأنصاري، عن أبي سعيد التميمي، عن علي عليه السلام، قال: عهد إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وآله - أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين . فقيل له: يا أمير المؤمنين من الناكثون؟ قال: الناكثون أصحاب الجمل، والمارقون الخوارج، والقاسطون أهل الشام.
ثالثاً: رواية عمار بن ياسر
ورواه أبو يعلى في مسنده 3 : 194 ، برقم 1623 ، عن عمار بن ياسر، قال:
حدثنا الصلت بن مسعود الجحدري، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا الخليل بن مرة، عن القاسم بن سليمان، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت عمار بن ياسر يقول: أُمرتُ أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
رابعاً: رواية عبد الله بن مسعود
ورواه الطبراني في الأوسط 9 : 165 ، عن عبد الله بن مسعود، قال:
حدثنا هيثم، نا محمد بن عبيد المحاربي، ثنا الوليد، عن أبي عبد الرحمن الحارثي، عن مسلم الملائي، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: أُمر عليٌّ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
ورواه في المعجم الكبير 10 : 92 ، من وجه آخر، قال:
حدثنا محمد بن هشام المستملي ثنا عبد الرحمن بن صالح ثنا عائذ بن حبيب ثنا بكير بن ربيعة ثنا يزيد بن قيس عن إبراهيم، به.
وأوردها الحافظ ابنُ كثير (البداية والنهاية 7 : 339) بإسناد ولفظ آخر، قال:
قال الحافظ: حدثنا الإمام أبو بكر أحمد بن الحسن الفقيه، أنا الحسن بن علي، ثنا زكريا بن يحيى الخراز المقرئ، ثنا إسماعيل بن عباد المقرئ، ثنا شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى منزل أم سلمة، فجاء عليٌّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أم سلمة ؛ هذا والله قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي.
خامساً: رواية أبي سعيد الخُدري
قال الحافظ ابن كثير (البداية والنهاية 7 : 339) :
قال الحاكم: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني، ثنا الحسين بن الحكم الحيري، ثنا إسماعيل بن أبان، ثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: أَمَرَنَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، فقلت: يا رسول الله! أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من؟ فقال: مع عليِّ بن أبي طالب، معه يُقتل عمَّارُ بنُ ياسر.
وقال الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتابه "مع الشيخ عبد الله السعد": الحديث صحيح الإسناد وقد صححه ابن حجر والألباني وغيرهم، ومعاوية كان رأس القاسطين.
(10) روى علماء أهل السنة (مسند أحمد بن حنبل 5 : 325 ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم 3 : 356 ـ 357 ، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 26 : 197 ... وغيرها) أنَّ معاوية كان يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف.
أقول: قال الله تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ...) التوبة : 67.
(11) روى علماء أهل السنة (صحيح مسلم 6 : 18 كتاب الإمارة ، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول ، ومسند أحمد 2 : 161) أنَّ معاوية كان يأمر بأكل المال بالباطل وقتل النفس .
(12) روى علماء أهل السنة (سنن ابن ماجة 1 : 45 برقم 121) أن معاوية نال أي سبّ وانتقص من الإمام علي، ورووا
(صحيح مسلم 7 : 120 ، وسنن الترمذي 5 : 301) أنه أمرَ بسب الإمام عليٍّ، ونص رواية مسلم: "أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ؟ فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ..." الرواية. هذا مع أنه قد روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من سبَّ علياً فقد سبَّني) .
وأورد ابن أبي الحديد (شرح نهج البلاغة 16 : 47) الرواية التالية:
قال أبو الفرج: وحدثني أبو عبيد محمد بن أحمد، قال: حدثني الفضل بن الحسن البصري، قال: حدثني يحيى بن معين، قال: حدثني أبو حفص اللبان، عن عبد الرحمن بن شريك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: خطب معاوية بالكوفة حين دخلها، والحسن والحسين عليهما السلام جالسان تحت المنبر، فذكر علياً عليه السلام فنال منه، ثم نال من الحسن، فقام الحسين عليه السلام ليرد عليه، فأخذه الحسن بيده فأجلسه، ثم قام فقال: أيها الذاكر علياً، أنا الحسن، وأبي علي، وأنت معاوية وأبوك صخر، وأمي فاطمة وأمك هند، وجدي رسول الله، وجدك عتبة بن ربيعة، وجدتي خديجة، وجدتك قتيلة، فلعن الله أخملنا ذكراً، وألأمنا حسباً، وشرنا قديماً وحديثاً، وأقدمنا كفراً ونفاقاً ! فقال طوائف من أهل المسجد: آمين. قال الفضل: قال يحيى بن معين: وأنا أقول: آمين. قال أبو الفرج: قال أبو عبيد: قال الفضل: وأنا أقول: آمين، ويقول علي بن الحسين الأصفهاني: آمين. قلت: ويقول عبد الحميد بن أبي الحديد مصنف هذا الكتاب: آمين.
(13) روى أحمد بن حنبل في مسنده 5 : 347 دار صادر – بيروت، رواية تدل على شرب معاوية للمسكر، ونص الرواية:
"ثنا زيد بن الحباب، حدثني حسين، ثنا عبد الله بن بريدة، قال: دخلت أنا وأبي على معاوية، فأجلسنا على الفرش، ثم أتينا بالطعام، فأكلنا، ثم أتينا بالشراب، فشرب معاوية، ثم ناول أبي، ثم قال: ما شربته منذ حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم...".
قال السيد السقاف في حاشية "دفع شُبَه التشبيه": رجاله رجال مسلم.
(14) ذكر ابن عبد البر القرطبي (الاستيعاب لابن عبد البر 2 : 830)
أنَّ معاوية تآمر مع طبيب يهوديٍّ ؛ بهدف قتل عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بالسم. والأخير مذكور ضمن الصحابة.
(15) ذكر علماء أهل السنة (أُسد الغابة 1 : 385 ـ 386 ، و سير أعلام النبلاء 3 : 462)
أنَّ معاوية أمر بقتل الصحابي الجليل حُجر بن عدي بغير ذنب.
(16) عند غير واحد من علماء أهل السنة أنَّ مقتل الإمام الحسـن - عليه السلام - كان بالسُّـمِّ الذي دسَّـه معاويةُ عبر زوجة الإمام: جعدة بنت الأشعث.
انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر 1 : 389 . ونصُّ ما في المصدر: وقال قتادة وأبو بكر بن حفص: سُمَّ الحسن بن عليٍّ . سمَّته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي . وقالت طائفة: كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها، وما بذل لها من ذلك . وحكاه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص (ص181) عن الشعبي، وكذا عن ابن سعد في الطبقات. وحكاه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 16 : 11 عن الحافظ المدائني.
(17) روي عن عدد من الصحابة بطرق لا ينزل مجموعها عن الصحيح، أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – قال: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه. ولهذه الرواية العديد من المصادر، فقد رواها ابن عدي في الكامل 7 : 83 عن أبي سعيد الخدري، وسنده فيه ضعف يسير، ولكنه يرتفع إلى درجة الحسن برواية البلاذري في أنساب الأشراف 5 : 130 ، برقم (378) عن عبد الله بن مسعود. وقد صح السند عن الحسن البصري برواية البلاذري في أنساب الأشراف 5 : 128 ـ 129 ، ورواية ابن عدي في الكامل 5 : 103 . فالرواية صحيحةٌ بمجموع طرقُها.
وقد تصدَّى الباحث السعودي الدكتور حسن بن فرحان المالكي لدراسة أسانيد هذا الحديث، فأثبت صحته في كتابه مع الشيخ عبد الله السعد.
(18) روى الحافظ الطبراني (المعجم الكبير 3 : 71) بسند رجاله ثقات، أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قال: لَعَنَ اللَّهُ السَّائِقَ وَالرَّاكِبَ. والمقصود بِهم: معاوية وأبوه وأحد إخوة معاوية. وانظُر: كتاب وقعة صفين ص220 ، والطبقات الكبرى لابن سعد 7 : 78 .
وقد قام الدكتور حسن بن فرحان المالكي بدراسة الحديث في كتابه مع الشيخ عبد الله السعد، وأثبت صحة الحديث.
(19) قال الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتابه مع الشيخ عبد الله السعد، ما نصه:
روى البلاذري بسند صحيح عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت على غير ملتي، قال: وكنت تركت أبي قد وضع له وضوء، فكنت كحابس البول، مخافة أن يجيء، قال: فطلع معاوية فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هذا هو.
وساق الدكتور المالكي لهذه الرواية شواهد تقويه وترفع قيمته الثبوتية.
(20) قال الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتابه مع الشيخ عبد الله السعد، ما نصه:
حديث عبادة بن الصامت سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: سيلي أموركم بعدي أمراء يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فلا تضلوا بربكم . وفي لفظ: فلا تعتلوا بربكم. قال عبادة: ووالله إن معاوية لمن أولئك، والحديث حسن الإسناد.
(21) قال الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتابه مع الشيخ عبد الله السعد، ما نصه:
حديث حذيفة وعمار بن ياسر: في أصحابي اثنا عشر منافقاً لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط. الحديث في مسلم، ومناسبته في مسلم تدل على أن عماراً وحذيفة يريان أن معاوية من هؤلاء خاصة. قلنا هذا بقرائن منها: أن عمار قاله جواباً على القتال مع علي، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعمار لا يقصد أهل الجمل ولم يدرك الخوارج، والحديث فيه الإخبار أن ثمانية منهم يموتون بمرض الدبيلة، وهي قرحة تظهر في الأكتاف، وقد مات منها معاوية.
(22) قال الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتابه مع الشيخ عبد الله السعد، ما نصه:
حديث: قاتل عمار وسالبه في النار . صححه الألباني وغيره، وقال ابن تيمية: من رضي بقتل عمار كان حكمه حكم قاتل عمار، وقد تنازع قتلة عمار في رأس عمار بين يدي معاوية كلٌ يرجو الجائزة من معاوية، وهذا دليل على رضى معاوية بقتل عمار.
(23) قال الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتابه مع الشيخ عبد الله السعد، ما نصه:
حديث علي وأم سلمة: لا يحب علي إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق. الحديث في مسلم، ولا ريب أن معاوية كان من مبغضي علي بن أبي طالب، وإن لم يكن القتال واللعن على المنابر دليلاً على البغض، فلا أدري ما هو البغض إذن؟
(24) قال الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتابه مع الشيخ عبد الله السعد، ما نصه:
حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وآل من والاه وعاد من عاداه . الحديث شطره الأول متواتر، والزيادة صحيحة، وقد كان معاوية من أعداء علي الكبار.
(25) قال الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتابه مع الشيخ عبد الله السعد، ما نصه:
حديث: (إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون) ، الحديث صحيح، وقد كان علي وعمار وعبادة وخزيمة بن ثابت ومن معهم يرون أن معاوية من هؤلاء، ومن ذلك قول علي - لما طلبوا منه أن يبقي معاوية على الشام - فتلا الآية الكريمة: (وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا) [الكهف:51]، وكان عبادة يحلف أن معاوية من أمراء السوء، وأما عمار فرأيه في معاوية أشهر، وأما خزيمة ذو الشهادتين فهو القائل: (بانت لي الضلالة).
(26) قال الحافظ الذهبي (سير أعلام النبلاء 3 : 128) ما نصه:
"وخَلَفَ معاويةَ خلقٌ كثير يحبونه، ويتغالون فيه، ويفضلونه، إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء، وإما قد ولدوا في الشام على حبه، وتربى أولادهم على ذلك. وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة، وعدد كثير من التابعين والفضلاء، وحاربوا معه أهل العراق، ونشأوا على النصب، نعوذ بالله من الهوى"انتهى.
فهذا تصريح من الذهبي يفيد أن معاوية وحزبه عملوا على زرع بغض الإمام علي عليه السلام، حتى فشا النصب في صغيرهم وكبيرهم، ولم ينجُ بعض الصحابة وكثير من التابعين والفضلاء من هذا الانحراف الخطير.
(27) روى الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 46 : 166 – 167 ، أن عمرو بن العاص قال لمعاوية:
"أترى إذا خالفنا علياً لفضل منا عليه، لا والله إن هي إلاَّ الدنيا نتكالب عليها، وأيم الله لتقطعن لي قطعة من دنياك، أو لأنابذنك، فقال فأعطاه مصر".
وعنه الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء 3 : 72 .
فهذه الرواية تدل على أن مجابهة عمرو ومعاوية لعلي عليه السلام، إنما كانت من أجل حُطام الدنيا الفانية.
(28) في كتاب (تاريخ المدينة المنورة لابن شُبَّة: 2/211 دار الكتب العلمية - بيروت)
أنَّ الصحابي: عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب القرشي، كان يعتقد أنَّ معاوية كان يميل إلى قتل الخليفة عثمان!
(29) في كتاب (الكامل في اللغة والأدب للمُبَرّد : 1/301 مكتبة المعارف بيروت)
أنَّ الصحابي قيس بن سعد بن أبي عبادة كفَّر معاويةَ بنَ أبي سفيان، فكان ممَّا قاله: "فإنَّك وثنٌ ابنُ وَثَنٍ، لَمْ يَقدُم إيمانُك، ولَم يَحدُثْ نِفاقُك، دخلتَ في الدين كرهًا، وخرجتَ منه طوعًا...".
ومن مصادر هذا المتن: المناقب للموفق بن أحمد ص258 ، شرح النهج لابن أبي الحديد 16 : 43 ، مقاتل الطالبيين للإصبهاني ص43 .
(30) في كتاب (الإمام علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين، لمحمد رضا، ص213 ط. دار الكتب العلمية – بيروت)
أنَّ الإمام عليًّا عليه السلام وصف معاوية وعمرو بن العاص بما يلي نصه:
"عباد الله أمضوا على حقكم وصدقكم قتالَ عدوكم فإن معاوية، وعمرو بن العاص، وابن أبي معيط، وحبيب بن مسلمة، وابن أبي سرح، والضحاك بن قيس ليسوا بأصحاب دين، ولا قرآن. أنا أعرف بهم منكم. قد صحبتهم أطفالاً وصحبتهم رجالاً فكانوا شرَّ أطفال، وشرَّ رجال. ويحكم إنَّهم ما رفعوها ثم لا يرفعونها ولا يعلمون بما فيها وما رفعوا إلا خديعة، ودهناً، ومكيدة".
ومن مصادر هذا المتن في كتب أهل السنة: تاريخ الطبري 4 : 34 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير 3 : 316 ، البداية والنهاية لابن كثير 7 : 303 ، وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص489 .
(31) قال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية، برقم 4584 :
قال أبو بكر، حدثنا هوذة بن خليفة، عن عوف، عن أبي مجلز، عن أبي حرب، عن أبي العالية، قال: لما كان يزيد بن أبي سفيان أميراً بالشام، غزا المسلمون، فسلموا وغنموا، وكان في غنيمتهم جارية نفيسة، فصارت لرجل من المسلمين، فأرسل إليه يزيد، فانتزعها منه، وأبو ذر يومئذ بالشام، فاستعان الرجل بأبي ذر على يزيد، فانطلق معه، فقال ليزيد: رد عليه جاريته، فتلكأ، ثلاث مرات، فقال أبو ذر: أما والله لئن فعلت، لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن أول من يبدل سنتي لرجل من بني أمية. ثم ولى عنه، فلحقه يزيد، فقال: أذكرك بالله، أنا هو؟ قال: اللهم لا، ورد على الرجل جاريته. وقال أبو يعلى، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة، حدثنا عبد الوهاب، عن عوف، عن المهاجر أبي مخلد، عن أبي العالية، حدثنا أبو مسلم، قال: كان أبو ذر بالشام زمن يزيد بن أبي سفيان، فغزا المسلمون، فغنموا وأصابوا جارية نفيسة، فصارت لرجل من المسلمين في سهمه. فذكر نحوه.
وقال الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتاب "مع الشيخ عبد الله السعد":
حديث أبي ذر وغيره: "أول من يغير سنتي رجل من بني أمية"، الحديث صحيح الإسناد، وقد صححه الألباني وألمح إلى أنه معاوية.
أقول: ما أفاده الدكتور السعودي صحيح، فانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني، برقم 1749 .
(32) قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 8 : 61 ، دار المعرفة – بيروت:
الحديث الذي أخرجه أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن حبان وغيره من حديث سفينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكا عضوضاً.
انتهى كلام ابن حجر، ويظهر منه موافقة ابن حجر على تصحيح ابن حبان وغيره.
وقد حسَّنه محقِّقُ كتاب سير أعلام النبلاء 3 : 157 ، وقام بتخريجه على النحو التالي:
أخرجه أحمد 5 / 220 و 221 ، والطيالسي 2 / 163 ، وأبو داود ( 4646 ) ، و ( 4647 ) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" 4 / 313 ، والطبراني رقم ( 13 ) ، والترمذي ( 2226 ) من طرق عن سعيد بن جمهان، عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكا، قال سعيد: قال لي سفينة: أمسك خلافة أبي بكر سنتين، وعمر عشر، وعثمان ثنتي عشرة، وعلي ست. قال سعيد: قلت لسفينة: إن هؤلاء يزعمون أن علياً عليه السلام لم يكن بخليفة، قال : كذبت أستهاه بني الزرقاء. يعني مروان. وسنده حسن، وصححه ابن حبان ( 1534 ) و ( 1535 ) ، والحاكم 3 / 71 و 145 ، ووافقه الذهبي ، وله شاهد من حديث أبي بكره عند البيهقي في " الدلائل " وآخر من حديث جابر عند الواحدي في " الوسيط " 3 / 126 / 2 .
أقول: والحديث في صحيح ابن حبان 15 : 392 .
وصححه الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتابه "مع الشيخ عبد الله السعد"، تحت عنوان: الأحاديث الواردة في ذم معاوية.
وقد طبَّق الحافظ ابن حجر (فتح الباري 12 : 346) الحديث على معاوية ومن بعده قائلاً:
"وأمّا معاوية ومن بعده، فكان أكثرهم على طريقة الملوك".
والأشدُّ وطأةً على قلوب شيعة بني أمية: ما قاله المناوي في فيض القدير 3 : 679 ، حيث قال:
"لأن اسم الخلافة إنما هو لمن صدق عليه هذا الاسم بعمله للسنة، والمخالفون ملوك وإن تسموا بالخلفاء. وأخرج البيهقي في المدخل عن سفينة: أن أول الملوك معاوية. وقال الزمخشري: قد افتتحوا - يعني خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم - بعده المشرق والمغرب، ومزقوا مُلك الأكاسرة، وملكوا خزائنهم، واستولوا على الدنيا.. ثم خرج الذين على خلاف سيرتهم، فكفروا بتلك الأنعم، ففسقوا، وذلك قوله الخلافة بعدي ثلاثون إلخ. وقيل لسعيد بن الجبهان: إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم. فقال: كذب بنو الزرقاء، بل هم ملوك من شر الملوك". انتهى كلام المناوي.
وهو واضح في تبنِّيه ما حكاه عن الزمخشري وابن جمهان. فيكون حاصل كلامه: أن معاوية فمن يليه من ملوك بني أمية كانوا ملوكاً مخالفين للسنة، مخالفين لسيرة الخلفاء الراشدين، فاسقين وكافرين بنعم الله.
والعَُضوض: يكون بمعنى العَسف والظُّلم، أو بمعنى الخبيث الشرس. انظر: النهاية في غريب الحديث. فعلى كلا المعنيين: الحديث في مقام الذم الشديد للملوك من معاوية فنازلاً.
(33) في صحيح البخاري 1 : 115 و 3 : 204 ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ.
والذين قتلوه هم معاوية وحزبه، فهم الفئة الباغية، وهم الفئة الداعية إلى نار جهنم، فمعاوية من الأئمة الذي يدعون إلى النار.
ومن أبشع صور الإصرار على الباطل: أن عماراً حين سقط شهيداً في معركة صفين وهو يقاتل معاويةَ وحزبَه، وتم إخبار معاوية بمقتله والحديث الذي فيه، أجاب معاويةُ: أن الذي قتله هم عليٌّ عليه السلام وحزبه؛ لأنهم جاءوا به، ورموه بين سيوف ورماح معاوية وحزبه!
وإليك الرواية:
المستدرك على الصحيحين للحاكم 3 : 436 ، برقم 5659 :
أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصنعاني، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، أنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، أخبره، قال: لما قتل عمار بن ياسر: دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص، فقال: قُتل عمار وقد سمعت، رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية . فقام عمرو فزعاً حتى دخل على معاوية، فقال له معاوية: ما شأنك؟ فقال: قُتل عمار بن ياسر، فقال: قُتل عمار، فماذا؟ قال عمرو: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: تقتله الفئة الباغية. فقال له معاوية: أنحن قتلناه؟ إنما قتله عليٌّ وأصحابه؛ جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا، أو قال: سيوفنا .
قال الحاكم: صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه بهذه السياقة.
وقال الحافظ الذهبي في تلخيص المستدرك: على شرط البخاري ومسلم.
وروى مثله: أحمد بن حنبل في المسند 2 : 161 ، 260 و 4 : 199 .. وغيره.
وهذا المنطق المكابر يُشبه أن يُقال: إن الذي قتل حمزة (سيد الشهداء) في أُحد، ليسوا كفَّار قريش وعُتاتهم، بل قتله رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنه هو الذي جاء بحمزة فرماه بين أسنَّة الكفار..!
(34) أخرج البخاري في صحيحه 8 : 88 ، دار الفكر - بيروت ، ما نصه:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَدِّي قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ هَلَكَةُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ مَرْوَانُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ لَفَعَلْتُ فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّي إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مُلِّكُوا بِالشَّأْمِ فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا قَالَ لَنَا عَسَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ قُلْنَا أَنْتَ أَعْلَمُ.
وقال الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتابه "مع الشيخ عبد الله السعد":
"قد جاء تفسير هؤلاء السفهاء في حديث أبي هريرة نفسه بأنهم: (بنو حرب وبنو مروان) وأول بني حرب هو معاوية".
والذي تبناه الحافظ ابن حجر (فتح الباري 13 : 8) : أن الحديث ينطبق على يزيد بن معاوية فمن يليه.
(35) قال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية، برقم 4587 :
وقال الحارث وأبو يعلى جميعاً: حدثنا الحكم بن موسى، قال: حدثنا يحيى بن حمزة، عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي عبيدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا يزال هذا الأمر قائماً بالقسط، حتى يثلمه رجل من بني أمية.
رجاله ثقات، إلاَّ أنه منقطع.
وقال أبو يعلى، حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا الوليد، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن أبي عبيدة نحوه، وزاد: يقال له: يزيد.
(36) روى الطبري في تاريخه (تاريخ الأمم والملوك 4 : 208) ، عن الحسن البصري أنه قال:
أربع خصال كن في معاوية، لو لم يكن فيه منهن إلاَّ واحدة، لكانت موبقة، انتزاؤه على هذه الأمَّة بالسفهاء، حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة، واستخلافُه ابنَهُ بعده سِكِّيراً خِمِّيراً، يلبس الحرير ويضرب بالطنابير، وادعاؤُه زياداً وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش، وللعاهر الحجر، وقتلُهُ حُجراً، ويلاً له من حُجر وأصحاب حجر (مرتين) .
وذكره ابن الأثير (الكامل في التاريخ 3 : 487 دار صادر - بيروت) ، مرسلاً إياه إرسالَ المسلَّمات.
وقال المؤرخ الفاضل ابن أبي الحديد (شرح النهج 2 : 262) ما نصه: وروى الزبير بن بكار في الموفقيات، ورواه جميع الناس ممن عنى بنقل الآثار والسير، عن الحسن البصري... فذكر الخبر.
(37) كلام العلامة التفتازاني في يزيد بن معاوية:
قال العلامة التفتازاني (ت 792 هـ)، واسمه مسعود بن عمر - فيما نقله عنه المناوي في فيض القدير - :
"الحق أنَّ رضى يزيد بقتل الحسين وإهانته أهل البيت مما تواتر معناه، وإن كان تفاصيله آحاداً، فنحن لا نتوقّف في شأنه، بل في إيمانه، لعنةُ الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه".
انظر: فيض القدير 3 : 109 ، دار الكتب العلمية - بيروت.
(38) كلام الحافظ الذهبي في يزيد بن معاوية:
قال في كتابه تاريخ الإسلام 5 : 30 دار الكتاب العربي - بيروت:
"ولما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل ، وقتل الحسين وإخوته وآله ، وشرب يزيد الخمر ، وارتكب أشياء منكرة ، بغضه الناس ، وخرج عليه غير واحد ، ولم يبارك الله في عمره...".
وقال يصفه في في كتابه سير أعلام النبلاء 4 : 37 ـ 38 مؤسسة الرسالة - بيروت:
"وكان ناصبياً، فظاً، غليظاً، جلفاً. يتناول المُسكر، ويفعل المنكر. افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين، واختتمها بواقعة الحرة، فمقته الناس. ولم يبارك في عمره. وخرج عليه غير واحد بعد الحسين. كأهل المدينة قاموا لله، وكمرداس بن أدية الحنظلي البصري، ونافع بن الأزرق، وطواف بن معلى السدوسي، وابن الزبير بمكة".
(39) كلام العظيم آبادي شارح سنن أبي داود:
قال في كتابه عون المعبود شرح سنن أبي داود 11 : 127 دار الكتب العلمية ـ بيروت:
"وكان وفاة الحسن رضي الله عنه مسموماً، سمَّته زوجته جعدة بإشارة يزيد بن معاوية...".
(40) كلام الحافظ ابن كثير:
قال في كتابه البداية والنهاية 8 : 243 دار إحياء التراث العربي ـ بيروت:
"وقد أخطأ يزيد خطأ فاحشاً في قوله لمسلم بن عقبة أن يبيح المدينة ثلاثة أيام، وهذا خطأ كبير فاحش، مع ما انضم إلى ذلك من قتل خلق من الصحابة وأبنائهم، وقد تقدم أنه قتل الحسين وأصحابه على يدي عبيد الله بن زياد".
(41) كلام الحافظ السيوطي:
قال في كتابه تاريخ الخلفاء ص208 دار العلوم - بيروت:
"ولما قُتل الحسين وبنو أبيه، بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد، فسُرَّ بقتلهم أولاً، ثمَّ ندم لمَّا مقته المسلمون على ذلك، وأبغضه الناس، وحُقَّ لهم أن يُبغضوه".
وقال في منظومته التي في آخر كتاب تاريخ الخلفاء، ص518 ما نصه:
ثمَّ اليزيدُ ابنُه أخبِثْ به ولداً ..... في أربع بعدها ستون قد قُبِرا
(42) كلام الشوكاني في نيل الأوطار:
قال في كتابه المذكور 7 : 362 دار الجيل - بيروت:
"لا ينبغي لمسلم أن يحط على من خرج من السلف الصالح من العترة وغيرهم على أئمة الجور، فإنهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم، وهم أتقى لله وأطوع لسنة رسول الله من جماعة ممن جاء بعدهم من أهل العلم، ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب حتى حكموا بأن الحسين السبط رضي الله عنه وأرضاه باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية لعنهم الله، فيالله العجب من مقالات تقشعر منها الجلود ويتصدع من سماعها كل جلمود".
(43) كلام ابن تيمية في الوصية الكبرى، وهي الرسالة السابعة من "مجموعة الرسائل الكبرى" له:
قال في ص307 من الرسالة المذكورة:
"وأمَّا الأمر الثاني: فإنَّ أهل المدينة النبوية نقضوا بيعته [يقصد يزيد بن معاوية] ، وأخرجوا نوابه وأهله، فبعث إليهم جيشاً، وأمره إذا لم يطيعوه بعد ثلاث أن يدخلها بالسيف ويبيحها ثلاثاً، فصار عسكره في المدينة النبوية ثلاثاً يقتلون وينهبون ويفتضون الفروج المحرَّمة، ثم أرسل جيشاً إلى مكَّة، وتوفِّي يزيد وهم محاصرون مكة، وهذا من العدوان والظلم الذي فُعل بأمره".
وبالرغم من هذا الاعتراف الصريح، لم يستحي ابن تيمية أن يقول في ص308 ما نصُّه:
"ومع هذا فإن كان فاسقاً أو ظالماً، فالله يغفر للفاسق والظالم، لا سيما إذا أتى بحسنات عظيمة".
فانظر إلى هذه المحاولة المشبوهة في التشكيك في فسق يزيد عليه لعائن الله، وانظر إلى محاولته المشؤومة لطرح احتمال أنَّ يزيدَ مغفورٌ له..!!!
(44) حُكي عن محمد بن إبراهيم الوزير أنه قال عن يزيد:
فإنه فاسقٌ متواترُ الفسق والظلم, شرِّيب الخمر, وهذا يبيحُ سبّه ويُغضب ربّه، ولو لم يكن له إلا بغضُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام, لكفاه فسوقاً ومقتاً عند الله وعند الصالحين من عباده, ففي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنه لا يبغض علياً إلا منافقٌ . انتهى
وقال ابن الوزير أيضاً: فيزيد ناصبيٌّ عدو لعلي وأولاده عليهم السلام, مظهرٌ لعداوتهم, مظهرٌ لسبِّهم ولعنهم من على رؤوس المنابر، ناصبٌ للحـرب بينه وبين مَن عاصره منهم, ومن جهل هذا فهو معدودٌ من جُملة العامة الذين لم يعـرفوا أخبار النـاس, ولا طالعوا تواريخ الإسـلام، وما أحسن البيت:
والشمس إن خفيت على ذي مقلةٍ *** نِصفَ النهار فذاك محصولُ العمى. انتهى
رابعاً: ما يرتبط ببني الحكم بن أبي العاص
(45) أخرج الطبري في تفسيره 15 : 141 ط. دار الفكر – بيروت، هو:
"حُدِّثتُ عن محمد بن الحسن بن زبالة، قال: ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد، قال: ثني أبي، عن جدّي، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القردة، فساءه ذلك، فما استجمع ضاحكاً حتى مات، قال: وأنزل الله عزّ وجلّ في ذلك (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ).... الآية".
(46) قال الحافظ السيوطي في الدر المنثور:
أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عمر رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنهم القردة، وأنزل الله في ذلك (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة) يعني الحكم وولده" .
(47) وقال الحافظ السيوطي في الدر المنثور:
أخرج ابن مردويه، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت لمروان بن الحكم: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأبيك وجدك: "إنكم الشجرة الملعونة في القرآن".
(48) أخرج الحافظ أبو يعلي الموصلي في مسنده 11 : 348 برقم 6461 ط. دار المأمون للتراث، ما نصه:
"حدثنا مصعب بن عبد الله، قال: حدثني ابن أبي حازم، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام كأن بني الحكم ينزون على منبره وينزلون، فأصبح كالمتغيظ، وقال: ما لي رأيت بني الحكم ينزون على منبري نزو القردة، قال: فما رُئيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمعاً ضاحكاً بعد ذلك حتى مات صلى الله عليه وسلم". انتهى بنصه من مسند أبي يعلى.
وقال الحافظ البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة [نسخة المكتبة الشاملة] :
"رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ".
وقال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 5 : 244 دار الكتب العلمية – بيروت، ما نصه:
"رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح، غير مصعب بن عبد الله بن الزبير، وهو ثقة".
وأورده الألباني في السلسة الصحيحة برقم 3448 (المختصرة) وبرقم 3940 (الكاملة) .
وأخرجه الحاكم في المستدرك 3 : 527 برقم 8481 ط. دار الكتب العلمية – بيروت، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
وقال الحافظ الذهبي في تلخيص المستدرك: "على شرط مسلم".
(49) قال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية، برقم 4579 :
"قال إسحاق، أنا سليمان بن حرب، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي يحيى، قال: كنت بين الحسن، والحسين، ومروان يشتم الحسين، والحسن ينهى الحسين، إذ غضب مروان فقال: أهل بيت ملعونون، فغضب الحسن، وقال: أقلت: أهل بيت ملعونون؟ فوالله لقد لعنك الله، وأنت في صلب أبيك.
وقال أبو يعلى ، حدثنا إبراهيم بن الحجاج ، حدثنا حماد به. انتهى
أخرجه أبو يعلى في مسنده 12 : 135 برقم 6764 .
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير 3 : 85 برقم 2740 .
(50) قال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية، برقم 4582 :
"قال إسحاق، أنا عبد الرزاق، حدثنا سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد ومجالد، عن الشعبي، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم ومن يخرج من صلبه . رواه أحمد، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، ومجالد ، عن الشعبي قال سمعت ابن الزبير وهو مستند إلى الكعبة، وهو يقول: ورب هذه الكعبة. فذكره". انتهى
(51) روى الحاكم في المستدرك 4 : 528 برقم 8484 ط. دار الكتب العلمية – بيروت، قال:
"حدثني محمد بن صالح بن هانئ، ثنا الحسين بن الفضل، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، ثنا علي بن الحكم البناني، عن أبي الحسن الجزري، عن عمرو بن مرة الجهني، وكانت له صحبة، أن الحكم بن أبي العاص استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته وكلامه، فقال: ائذنوا له، عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه، إلا المؤمن منهم، وقليل ما هم، يشرفون في الدنيا، ويضعون في الآخرة، ذوو مكر وخديعة، يعطون في الدنيا، وما لهم في الآخرة من خلاق". قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". ولم يوافقه الذهبي.
وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة برقم 2873 ، قال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، في صفر سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، حدثنا علي بن حمشاذ العدل، حدثنا محمد بن نعيم بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي الشيخ الفاضل، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد، عن علي بن الحكم البناني، به.
وقال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 5 : 243 : "رواه الطبراني..... وفيه أبو الحسن الجزري وهو مستور، وبقية رجاله ثقات".
وأورده الحافظ ابن حجر في المطالب العالية برقم 4588 .
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 13 : 9 ، ما نصه:
"قد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان وما ولد، أخرجها الطبراني وغيره، غالبها فيه مقال، وبعضُها جيِّد".
(52) قال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية، برقم 4586 :
وقال: حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا إسماعيل هو ابن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين، كان دين الله دغلاً [أي الفساد والخداع والريبة] ، ومال الله دُولاً، وعباد الله خولاً [أي الخدم والعبيد] .
وقال الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام
قال سليمان بن بلال: عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا بلغ بنو أبي العاص أربعين رجلاً، اتخذوا دين الله دغلاً، وعبادَ الله خولاً، ومال الله دولاً . غريب ورواته ثقات . وقد روى الأعمش عن عطية عن أبي سعيد مرفوعاً مثله لكنه قال: ثلاثين رجلاً.
أقول: رواية أبي سعيد هي عند إسحاق بن راهويه، وهي التي نوردها بالرقم التالي.
(53) قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 6 : 271 ، ما نصه:
قال إسحاق بن راهويه: أنا جرير، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً، اتخذوا دين الله دغلاً، ومال الله دولاً، وعبادَ الله خولاً.
قال ابن كثير: ورواه أحمد عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير به.
(54) قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 6 : 271 - 272 ، ما نصه:
قال البيهقي: أنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا بسام - وهو محمد بن غالب - ، ثنا كامل بن طلحة، ثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل: أن ابن وهب أخبره أنه كان عند معاوية بن أبي سفيان، فدخل عليه مروان، فكلمه في حاجته، فقال: اقض حاجتي يا أمير المؤمنين، فوالله إن مؤنتي لعظيمة، وإني لأبو عشرة، وعم عشرة، وأخو عشرة، فلما أدبر مروان - وابن عباس جالس مع معاوية على السرير - قال معاوية: أنشدك بالله يا ابن عباس، أما تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين رجلاً، اتخذوا مال الله بينهم دولاً، وعباد الله خولاً، وكتاب الله دغلاً؟ فإذا بلغوا سبعة وتسعين وأربعمائة، كان هلاكهم أسرع من لوك تمرة؟ فقال ابن عباس: اللهم نعم. قال: وذكر مروان حاجة له فرد مروان عبد الملك إلى معاوية فكلمه فيها، فلما أدبر عبد الملك، قال معاوية: أنشدك بالله يا ابن عباس، أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر هذا فقال: أبو الجبابرة الأربعة؟ فقال ابن عباس: اللهم نعم.
قال ابن كثير معلقاً على هذا الخبر: هذا الحديث فيه غرابة ونكارة شديدة، وابن لهيعة ضعيف.
(55) قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 6 : 272 ، ما نصه:
قال نعيم بن حماد في الفتن والملاحم: ثنا عبد الله بن مروان المرواني، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد: أن مروان بن الحكم لما ولد، دفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو له، فأبى أن يفعل، ثم قال: ابن الزرقاء، هلاك أمتي على يديه ويدي ذريته.
قال ابن كثير معلقاً على هذا الخبر: هذا حديث مرسل.
وفي الفتن لنعيم بن حماد (ص72 دار الفكر - بيروت) :
حدثنا أبو المغيرة، عن ابن عياش، عن عبيد الله بن عبيد القلاعي، قال: حدثنا بعض أشياخنا أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نظر إليه ليدعو له قال : لعن الله هذا وما في صلبه، إلاَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وقليلٌ ما هم.
وأخرج الحاكم في المستدرك 4 : 526 برقم 8466 ، قال:
ما حدثناه أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة حرسها الله تعالى، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، أنبأ عبد الرزاق. وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا محمد بن عبد السلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، ومحمد بن رافع القشيري، وسلمة بن شبيب المستملي، قالوا: ثنا عبد الرزاق بن همام الإمام، قال: حدثني أبي، عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتي به النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا له، فأُدخل عليه مروان بن الحكم، فقال: هو الوزغ بن الوزغ الملعون ابن الملعون .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وأقره الحافظ المناوي في فيض القدير.
وقال الذهبي: لا والله، وميناء كذبه أبو حاتم.
أقول: ذكره ابن حبان في الثقات. وتكذيبهم وتضعيفهم له، مبني على انحرافه عن مذهبهم؛ فهو عندهم متهم بالتشيع، وكذا لروايته مثالب بعض سلفهم من الصحابة، ليس إلاَّ.
(56) روى الحاكم في المستدرك 4 : 528 ، برقم 8483 ، قال:
حدثنا علي بن محمد بن عقبة الشيباني، ثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي الحافظ، ثنا علي بن الحسين الدرهمي، ثنا أمية بن خالد، عن شعبة، عن محمد بن زياد، قال: لما بايع معاوية لابنه يزيد، قال مروان: سنة أبي بكر، وعمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سنة هرقل وقيصر، فقال: أنزل الله فيك: (والذي قال لوالديه أف لكما) الآية [الأحقاف : 17] ، قال: فبلغ عائشة رضي الله عنها، فقالت: كذب والله ما هو به، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن أبا مروان ومروان في صلبه . فمروان قصص من لعنة الله عز وجل .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه .
وقال الحافظ الذهبي: فيه انقطاع، محمد لم يسمع من عائشة.
محل هذا المتن المستدرك هو الطائفة الأولى، ما بين المورد السابع والثامن، ويكون المجموع بهذا 57 مورداً، ما بين حديث ورواية وتصريح.
(8) روى الحاكم (المستدرك على الصحيحين 3 : 186 – 187 ، برقم 4796 دار الكتب العلمية – بيروت) ، قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمرويه الصفار ببغداد، ثنا أحمد بن زهير بن حرب، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا القاسم بن الفضل الحداني. (وأخبرني) أبو الحسن اليعمري، ثنا محمد بن إسحاق الإمام، ثنا أبو طالب زيد بن أخزم الطائي، ثنا أبو داود، ثنا القاسم بن الفضل، ثنا يوسف بن مازن الراسبي، قال: قام رجل إلى الحسن بن علي، فقال: يا مسوِّد وجوه المؤمنين. فقال الحسن: لا تؤنِّبني رحمك الله؛ فإنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رأى بنى أمية يخطبون على منبره رجلاً رجلاً، فساءه ذلك، فنزلت: (إنا أعطيناك الكوثر) نَهر في الجنة، ونزلت: (إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر) تملكها بنو أمية. فحسبنا ذلك، فإذا هو لا يزيد ولا ينقص.
قال الحاكم: هذا إسناد صحيح.
وقال السيد حسن بن علي السقاف (صحيح شرح العقيدة الطحاوية، ص665، الهامش: 403) :
وقد جهد الذهبي أن يطعن في هذا الحديث، فوجد أنَّ طرقه الثلاثة صحيحة، فقال: ما أدري آفته من أين؟ والصواب - إن شاء الله - أنَّ المصاب بالآفة التي هي مُوالاة الجبابرة من بني أمية، هو الذهبي نفسه، وأمَّا الحديث فصحيح لا آفة به، وكيف لا وشاهده الصحيح الذي صححه الذهبي نفسه والحاكم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني رأيت في منامي كأن بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة . قال فما رؤى النبي صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكا حتى توفي.
اســتـدراك
محل هذا المتن المستدرك هو الطائفة الأولى، ما بين المورد السابع والثامن، ويكون المجموع بهذا 57 مورداً، ما بين حديث ورواية وتصريح.
(8) روى الحاكم (المستدرك على الصحيحين 3 : 186 – 187 ، برقم 4796 دار الكتب العلمية – بيروت) ، قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمرويه الصفار ببغداد، ثنا أحمد بن زهير بن حرب، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا القاسم بن الفضل الحداني. (وأخبرني) أبو الحسن اليعمري، ثنا محمد بن إسحاق الإمام، ثنا أبو طالب زيد بن أخزم الطائي، ثنا أبو داود، ثنا القاسم بن الفضل، ثنا يوسف بن مازن الراسبي، قال: قام رجل إلى الحسن بن علي، فقال: يا مسوِّد وجوه المؤمنين. فقال الحسن: لا تؤنِّبني رحمك الله؛ فإنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رأى بنى أمية يخطبون على منبره رجلاً رجلاً، فساءه ذلك، فنزلت: (إنا أعطيناك الكوثر) نَهر في الجنة، ونزلت: (إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر) تملكها بنو أمية. فحسبنا ذلك، فإذا هو لا يزيد ولا ينقص.
قال الحاكم: هذا إسناد صحيح.
وقال السيد حسن بن علي السقاف (صحيح شرح العقيدة الطحاوية، ص665، الهامش: 403) :
وقد جهد الذهبي أن يطعن في هذا الحديث، فوجد أنَّ طرقه الثلاثة صحيحة، فقال: ما أدري آفته من أين؟ والصواب - إن شاء الله - أنَّ المصاب بالآفة التي هي مُوالاة الجبابرة من بني أمية، هو الذهبي نفسه، وأمَّا الحديث فصحيح لا آفة به، وكيف لا وشاهده الصحيح الذي صححه الذهبي نفسه والحاكم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني رأيت في منامي كأن بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة . قال فما رؤى النبي صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكا حتى توفي.